عشت سنين في أندونيسيا و عند زيارتنا للجزائر نمر علي سنغافورة و هناك لاحظت ما يلي :
هم تفننوا في ضمان عمل من خلال تجاوبهم مع هبات الطبيعة مثل خشب الخيزران...لازال بين عيناي صانع المظلات المزركشة من خشب الخيزران و التي تقي مواطنيه من حر الشمس في عز النهار. فأكثر ما سحرني في شعوب آسيا، أنهم لا يبقون مكتوفي الأيدي ابدا و حتي حالة البطالة لا يعرفونها كما يعرفها ابناءنا في عالمنا العربي...هم يحولون كل شيء إلي عمل يدر عليهم روبيات كثيرة أو قليلة لا يهم...المهم و الأهم أنهم لا يكتئبون و لا ينتحرون و لا ييأسوا من رحمة الله....بل علي خلاف ذلك يبحثون عن سبل العيش الكريم، فنجدهم يتوسدون الخشب و ينامون هانئي البال ليستيقظوا في الصباح الباكر متوضئين متجهين إلي المساجد أو ورشاتهم الصغيرة و السنتهم تلهج بالحمد و الشكر....
كلما أتذكر أولئك الحمالين علي أكتافهم السلع من خلال قفف مصنوعة من ورق الخيزران و كيف أنهم يحولون الأرز إلي كعك لذيذ و السمك إلي وجبة غنية تصبر لأيام.
كلما أتذكر كيف أنهم فرضوا أنفسهم و هم يتسلقون مرايا عماراتهم الشاهقة لتنظيفها بهمة و نشاط و كيف ينشطون تحت امطار الغيث و يعملون بجد....و من لا شيء يحصلون بفعل إجتهادهم علي سلعة قابلة للبيع و الإستهلاك.
في كل دولة زرتها، أول ما أنتبه إليه : كيف أقوام تلك البلاد يتعاطون مع كل الثروات الظاهرة و الباطنة لبلادهم و كيف يؤسسون لتقاليد عمل و إستغلال لوقتهم و إمكاناتهم مكرسين نمط عيش فريد غير قابل للنسخ.
إلهي آه علي عبقيريتهم، فما مشكلتنا نحن ؟