قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 17 أيار 2015 06:32

هدي و الزواج الثاني

كتبه  عفاف عنيبة

 

كنت أتأمل حافظة نقود أعجبتني في محل بيع حقائب يد، نسيت للحظات نفسي و بقيت أشاورها :"هل أنا في حاجة إلي حافظة نقود جديدة؟" هذا و أنامل أصابعي كانت تلح علي في العودة إلي البيت لإكمال فصول قصة باللغة الفرنسية، بدأتها من أيام ثم توقفت فجأة هكذا بدون مقدمات.

بغتة، إهتز نقالي في حقيبة يدي، نظرت إلي الرسالة الهاتفية التي وصلتني للتو، فإذا بها نداء من صديقة مقربة: "عودي إلي بيتك فورا، فأنا أنتظرك هناك و لا بد من تحدثي معك في أمر جلل!"

فأندهش صاحب المحل حينما رآني ألتقط حافظة النقود من قماش قطيفة لونه زهري، أدفع له مسرعة ثمنها و أغادر المكان علي عجل.

عند وصولي إلي البيت بعدما صارعت إزدحام الطرقات الشديد بسيارات من كل نوع و يقولون عن الشعب الجزائري بأنه شعب فقير! لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.

عند فتحي لباب بيتي، وجدت علي الرصيف سيارة صديقتي، نزلت مهرولة:

-و أخيرا عفاف حضرت!

نظرت لها مبتسمة، إبتسامة فيها قدر من التهكم:

-أراك سالمة غانمة! قلت لها، خير إن شاء الله ما هو هذا الأمر الجلل الذي أعادني علي وجه السرعة إلي بيتي و أنا أظنك بين الحياة و الموت؟

فضحكت، ثم إستعادت جدها لتقول لي :

-لندخل أولا و نجلس ثم سأطلب منك الإستماع إلي و نصحي.

في غرفة الإستقبال، فتحت الشبابيك، نزعت خماري، توجهت إلي المطبخ لأحضر فنجانين شاي و قد تبعتني إلي هناك هدي:

-أخرجي علبة الشوكولاتة التركية من الثلاجة من فضلك و ضعيها علي الطبق الذي هو أمامك، قلت لها.

ربع ساعة بعد ذلك، جلسنا في غرفة الإستقبال و النافذة البابية للمكان مفتوحة علي الحديقة الصغيرة التي كانت مزهوة بمقدم الربيع، فأريج الورد و الياسمين كان يداعب أنوفنا بقوة.

-طيب هدي، تكلمي، إنني كلي آذان صاغية.

نظرت إلي نظرة أسي عميق ثم تنهدت و سكتت.

-هدي أرجوك، قولي لي ما يحدث. أتيت في حالة قلق كبيرة عليك! لم تفعلي هذا أبدا معي. أن تأتي بي علي هذا المنوال و أنا خارج البيت، فلا بد أن شيء ما خطير قد حصل هل زوجك و إبنيك، و والديك الكرام بخير؟ قلت لها مستفسرة.

تنهدت مرة أخري لتصرح بصوت خفيض:

-نحن كلنا بخير و لله الحمد.

-إذن ما الذي جري ؟

هربت عيناها و بحركة عصبية من يديها، أعلنت:

-يعتزم زوجي الزواج مرة ثانية!

يشهد الله أنني شعرت بصاعقة تنزل علي رأسي عند سماعي لهذا الخبر!! من شدة صدمتي، فتحت فمي و أغلقته. نهضت من مقعدي الوثير و مشيت خطوات لأخرج إلي الحديقة، كنت أري الجمال حيث تقع عيناي، في نفس الوقت كنت أمني نفسي بأنني لم أسمع شيء من هدي و ما قالته غير صحيح أو أسئت فهمه لكنها إلتحقت بي قائلة:

-بلي ما قلته صحيح، عصام ينوي الزواج مرة ثانية.

فأستدرت إليها، قائلة:

-هل يعقل ما تقولينه ؟ ما الذي حدث كي يتخذ مثل هذا القرار السيد عصام؟  فأنا كما أعرفه هو رجل جد متزن عاقل و الأهم من كل ذلك، هو سعيد بزواجه منك.

مرة أخري ساد الصمت بيننا:

-من فضلك هدي تكلمي، أنت هنا لأسمعك أليس كذلك؟

-بلي.

-إذن؟ كررت سؤالي.

-ماذا أقول لك عفاف ؟ عصام، نعم رجل سعيد معي و قراره بالزواج ثانية لا علاقة له بطبيعة ما بيننا، شرحت لي هدي.

-كيف زواجه الثاني لا علاقة له بك؟ إنني أشعر بالدوار من جراء ما قلتيه للتو، الرجل عادة ما يتزوج مرة ثانية لسبب وجيه، فكيف تقولين أن الأمر لا يتعلق بكما ؟

-عفاف، أنا شخصيا لم أفهم لماذا قرر الزواج ثانية و حينما حاولت أن أفهم منه حقيقة الأمر قال لي ما يلي:

"لا تحملي هم هدي! زواجي الثاني ليس لأنك قصرت معي، فقد إتخذته لأنه كان يتعين علي إتخاذه نقطة إلي السطر."

الرد الأخير لزوج هدي أصابني بصدمة ثانية، فغضبت من نفسي كيف أصدم و ماذا أقول عن هدي الصديقة الوفية المخلصة؟ هل بهذه الطريقة أواسيها إلا أنني  بقيت متشككة، مرتابة من دوافع زوجها:

-أنت أدري الناس بطبيعة السيد زوجك، هدي، هو أعلن لك هذا الخبر هكذا دون مقدمات ؟ ألم يقع بينكم أمر، مثل الخلاف أو شيء من هذا القبيل ليذهب إلي التفكير جديا في الزواج مرة ثانية؟

أطرقت برهة من الزمن هدي و عادت لتقول بهدوء حزين:

-كانت هناك فيه مقدمات لكنني لم أعبأ بها، و هذا من فرط ثقتي في عصام. عفاف سأبدو لك ساذجة لكنني أشعر و العلم لله أن المرأة التي سيتزوجها تعاني مأساة و أراد أن يظهر لها شهامته، بزواجه منها.

مرة أخري أحسست أن عصام عبد الله، بزواجه الثاني يخفي شيء ما، ما هو ؟ لم يكن بوسعي أن أعرفه مادامت زوجته الأولي تجهل تقريبا كل شيء عن حيثيات قراره.

فجأة، قلت لها:

-هدي هل في عصرنا الحالي تظني أن الشفقة كافية بالنسبة لرجل سعيد كي يعاود الزواج ثانية؟

لم تجبني في باديء الأمر ثم قالت بصوت فيه إذعان:

-عفاف، أي كان مبرره، ما أفكر فيه الآن هو أنا و إبنيه .

-طيب، هذا معناه أنك تقبلت الأمر.

-ليس لدي خيار، فعصام زوج صالح و أعلم أنه سيعمل علي إنصافي في تعامله معي و معها هي.

-جميل، أين هي المشكلة إذن ؟

-عجبت لموقفك عفاف.

نظرت لها نظرة إستنكار:

-موقفي أنا و ممن ؟

-من خبر زواج عصام.

-هدي تعرفيني صريحة، إنني إلي حد الساعة لست مصدقة لكن ما بيدي أن أفعل شيء ذات بال، هذه حياة زوجك الكريم التي لا دخل لي فيها. أنت حتما تفكرين في ردة فعل وائل و ياسين عندما يصلهم خبر زواج أبيهم ثانية، أليس كذلك ؟

-نعم، تماما.

سأقول لك شيء، أتركي الأمر لأبيهم، فهو الأدري بهما و بنفسيتهما.-

نزل الصمت بيننا، "لماذا هذا القرار ؟ و من هي هذه المرأة التي جعلت من رجل عاقل مثل السيد عصام يفكر جديا بفتح بيت ثاني ثم هل هو قادر علي ذلك ماديا ؟ فهو و زوجته إشتروا الشقة التي يقطنون بها بالتقسيط الشرعي فمن أين له تكاليف بيت ثاني ؟"

كأن هدي قرأت في أفكاري، فلاحظت بصوت حيادي:

-زوجته المستقبلية الثانية لها القدرة في كراء بيت، و كل ما تريده أن يتزوجها و يقسم وقته بينها و بيننا.

تذكرت ما طلبته مني صديقتي عند بداية الزيارة:

-و ما هي النصيحة التي تتوقعيها مني هدي؟

-أنظري ماذا تريدين قوله لي و أنا علي هذا الحال؟

-هدي أنت إنسانة مؤمنة لست من صنف النساء المتذمرات و قليلات الإيمان التي يعج بهم مجتمعنا، لهذا سأوصيك بأمر و هو الصبر الصبر ثم الصبر و لدي إحساس بأن الله سيقف معك و سيثبتك في إدامتك لزواجك. قلت لها حينها بكل حنان.

لم تعقب و بقينا صامتات لزمن ثم غادرت.

رافقت صديقتي هدي في الشهور الأولي من الزواج الثاني للسيد عصام، حاولت قدر المستطاع أن تبدو صبورة و غير مبالية بوجود إمرأة أخري في حياة زوجها، وائل و ياسين لم يتقبلا الحدث في البداية، شيئا فشيئا إعتادا علي غياب أبيهم المنتظم فهو الآخر كان يجتهد في التوفيق بين زوجتيه و لم يهمل أبدا إبنيه و ذات صبيحة بعد عامين  من زواجه الثاني، جائتني هدي فوجدتني أعارك قطتي "شيشو" و طير الحمام، كنت منشفلة بتوفير لهم غداءهم الأول في الصبيحة!

-صدقا عفاف كم بالك كبير! أن تبذلي كل هذا الجهد لتتصالح قطتك مع سرب الحمام الذي يزورك كل صباح فهذا ينم عن روحك الكبري، علقت هدي.

-لا روح كبري و لا سعة خاطر! كل ما في الأمر أنني لازلت طفلة صغيرة تؤمن بأن الحياة بدون رفقة الحيوانات لا طعم لها و لا حلاوة، رددت عليها و أنا احمل قطتي "شيشو"، متمتمة في أذنها:

"أرجوك "شيشو"، إبقي هادئة و لا تطاردي الحمام فهم قطط السماء."

علت ملامحي مسحة فضول، سرعان ما فهمتها هدي:

-حضرت لأقول لك خبر غير متوقع.

-ما هو ؟ سألتها و أنا أجلس في مقعدي في ساحة الحديقة، فقد كان موسم صيف حار و ظل الأشجار حولنا خفف عنا حدة الحر.

-أولا سأغيب عنك لشهر، فنحن غدا نتوجه إلي مسقط رأس زوجي في ولاية سطيف و ثانيا عصام طلق زوجته الثانية.

لم أرد الفعل هذه المرة، إنما قلت:

-هل تم الطلاق فعليا ؟

-نعم، فهو لم يخبرني إلا بعد ما أتم كل الإجراءات القانونية و صدر الحكم.

سكتت هدي هنيهات، لتقول :

-عصام هذه المرة شعر بإحراج و هو يقول لي إرتكبت حماقة بزواجي الثاني، في مرحلة ما ظننت أن مليكة في حاجة إلي زوج و بعد عامين، أدركت أنها كانت تريد بزواجها مني أن يقال عنها فقط أنها متزوجة ليس أكثر و أما أن تضطلع بواجباتها كزوجة فهذا آخر ما كانت تفكر فيه. عفاف كوني طيلة عامين لم أحتك بها كثيرا إلا أنني أحيانا واجهت في صمت مواقف غير معقولة سلمت أمري لله و ها أن الله أنصفني.

فأبتسمت لها إبتسامة ساحرة:

-يا إلهي هدي! كم أنت إمرأة حكيمة و إنني محظوظة حقا بصداقتك و الحمد لله أن السيد عصام وعي فداحة خطأه و أصلحه بشكل سليم.

إرتسمت معالم إبتسامة مشرقة علي وجه صديقتي:

-آه عفاف كم أنا سعيدة ! اللهم يديم علينا الهناء،  يا رب.

-آمين.

بعد إنتهاء زيارة هدي عدت لقطتي، فوجدتها جلست بجنب إناء الماء العريض الذي خصصته للحمام، تترقب نزول أحد الطيور لتنقض عليه.

""شيشو" يا إلهي كم أنت عنيدة! لماذا كل هذا الحقد علي الحمام و أنت تعيشين كالملكة المتوجة في بيتي؟" وبختها.

فنظرت لي بعينيها الخضروايين و أطلقت مواءا طويلا، لتقول لي بكل ثقة:

 "لا أريد لأحد أن يزاحمني في قلبك!"

نهاية

 

 

قراءة 1769 مرات آخر تعديل على الإثنين, 07 كانون1/ديسمبر 2015 08:06

أضف تعليق


كود امني
تحديث