قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الثلاثاء, 06 آذار/مارس 2012 16:11

كيف قرأت "جول فيرن" ؟

كتبه 

 

قبل سفري إلي أندونيسيا في سن التاسعة، كنت كثيرة المطالعة، كانت المطالعة هواية محببة و رياضة و عند إقامتنا في جاكرطا، سجلني والدي في المركز الثقافي الفرنسي. هناك، كنت أستعير أسبوعيا سبعة كتب و أحيانا الضعف. هكذا تعرفت علي سلسلة "جول فرن" للمغامرات.

كوني كنت مواظبة علي القراءة، كنت أجد متعة كبيرة و أنا أتابع مغامرات أبطال الكاتب الفرنسي"جول فرن" و في نفس الوقت كنت أتعاطي بحذر مع الأحكام المسبقة للكاتب. بالإضافة إلي أسلوبه الرصين، كان يتمتع بخيال واسع و ثقافة جد غنية، كنت أتسلي و أتعلم في آن.

ما كان يشدني إلي قصص "فرن" كان وصفه الدقيق للأماكن و الأشخاص، و قد كان يراهن علي عنصر التشويق بشكل كبير، فلا تملك إلا إنهاء الكتاب في أقصر مدة ممكنة. و كانت الحبكة القصصية التي ينسجها ببراعة شديدة، تأخذ القاريء الصغير و الكبير علي السواء إلي عوالم مختلفة. و المزج بين السرد العادي و االخيال العلمي، أعده إحدي مميزات تلك القصص.

فالكاتب الفرنسي كان يسعي في كتاباته إلي ترسيخ في ذهن الطفل، ضرورة الربط بين الواقع و التاريخ و العلم و صفات كالشجاعة و الجرأة و الإقدام و الصبر عند الشدائد. فتتكون لدي القاريء الصغير معطيات بسيطة ذات مغزي عميق، مع مرور الزمن سيحسن فهمها و إستغلالها. فقد كنت أحرص في مطالعاتي علي القراءة كوسيلة تثقيف عظيمة. فما غنمته من معلومات علي حياة البحر و مخلوقاته، و كيف يقود القبطان الباخرة الشراعية أو باخرة تمخر عباب البحر بالبخار. فمتابعة تفاصيل قصة و التركيز علي بطل أو بطلين، يمكن القاريء من إحاطة عامة بالموضوع الرئيسي و هذا تعلمته مع قصص "جول فيرن".

و في سياق الرواية، يضيف الكاتب بعض آراءه الغير المنصفة بشكل غير مباشر في أقوام و حضارات، بإمكاننا غربلة ما نتلقاه. و إن كنا نستغرب بعض الشيء هذا المنحي من "جول فيرن"، غير أن آراء و مواقف بعض الكتاب الغربيين، فيها دلالة كبيرة حول قضايا إنسانية كالرق و الإستدمار و حقوق الإنسان، فالنظرة الإستعلائية تطبع حتي أولئك الذين يصنفون أنفسهم من كبار الإنسانيين !

فقد كان عقلي يتعامل بحماس مع قصص "جول فيرن" و بتحفظ شديد مع مشاهد فيها الكثير من العنصرية، فقد كان وصفه للعرب جد مهين و أما سكان إفريقيا فهم من آكلوا لحم البشر و الرجل الأوروبي هو الآت بالحضارة و القيم و المنقذ !

إذا ما كان يري الشاعر "فيكتور هوغو" مهمة العساكر الفرنسية في الجزائر مهمة حضارية لتطهير أرضها من القرصان، فكيف ب"جول فيرن" ؟

والدي الكريمين كانا حريصين علي تنويع مصادر ثقافتي، فعرفت باكرا أدب الأطفال الأمريكي، مع مطالعتي لمجلات الأطفال العراقية و أما مطالعتي للقصص باللغة الفرنسية، فقد كان الغرض الأساسي منها تعليمي بحت. كنا في بلد أنجلوفوني و كان أمامي برنامج جزائري بعد ما تقرر عدم تسجيلي في المدرسة الفرنسية و هكذا إغتنمت الفرص المتاحة لأجمع جل عناوين "جول فيرن" و الإستفادة منها. لغته غنية بالتراكيب البديعة و كان علي بالمناسبة أن أثري زادي اللغوي في الإنشاء بالفرنسية و الذي كان يسهر علي التصحيح والدتي الكريمة، فهي لم تتركني كلية للأستاذة الأندونيسية التي كانت تلقنني دروس الفرنسية طبقا للبرنامج الجزائري.

مع مرور الأيام، صرت أميل لتدوين إنطباعاتي و قصص قصيرة أتخيلها، أرويها في المرحلة الأولي ثم أدونها و أضعها جانبا. بفضل مطالعة مكثفة، تمكنت من التعبير الحسن باللغة الفرنسية و قد قمت بمقارنة بين أسلوب "جول فيرن" و كاتب فرنسي حديث مثل "جورج بايار" و فهمت أن ملكة الأول في الكتابة القصصية مبنية أكثر علي التثقيف من الثاني و هذا الأخير إعتمد عنصر التشويق أكثر من شيء آخر لجذب القراء.

و صلابة اللغة عند كتاب القرن التاسع عشر أفضل بكثير من تابعيهم. فالطريقة التي إتبعتها، جعلتني لا أقف عند مشاهد مغلفة بلهجة الإحتقار و الإزدراء. بصراحة، لم أكن اشعر أنني معنية، و لم أحاكم "فيرن" علي نواياه، فقط كنت أرثي لحال القاريء الغربي، فالصغير الأوروبي سيتأثر حتما بالنظرة الإستعلائية للكاتب الذي كان فاقدا لإحدي مقومات الحضارة : الموضوعية.  فتحامل أمثال "جول فيرن" علي الشعوب العربية و الإفريقية غيب عنهم مساويء الشعوب الأوروبية و حركة الإستدمار التي خلفتها نهضتهم الحضارية.

فالجشع الغربي أهلك الحرث و النسل و استعبد شعوب كاملة بإسم المهمة الحضارية، حاولوا أن يجملوا دورهم القبيح و ما استطاعوا إلي ذلك سبيل.

عندما كنت أقرأ علي ألسنة بعض أبطال "فيرن" إستهجانهم للرق، كنت أتساءل، لماذا يستنكرون ذلك و هم أول من قنن لهذه الظاهرة اللاإنسانية و حتي بعد ما حرروا علي الورق الأفارقة لم ينل هؤلاء حريتهم إلا بشق الأنفس. لم ينجح " فيرن" في إخفاء النفاق و الكيل بمكيالين و كوني كنت مطلعة علي تاريخ فرنسا، كنت أعلم بأن الثورة الفرنسية رافقتها إنتهاكات خطيرة جدا لحقوق الإنسان !

كنت أحدث والدتي الكريمة عما أقرأه و كانت تصحح نطقي لبعض الألفاظ و تجيب عن أسئلتي الكثيرة :

-لماذا يبدو قاسيا "فيرن" مع العرب ؟

- إنه ليس قاسيا عفاف، بل متحاملا و الفرق ظاهر.

-طيب، أليس عجيبا مثل هذا الموقف من شخص زار الدول العربية و خالط ناسها ؟

-بلي، لكن ما الذي تنتظرينه من كاتب يري في حضارته القدوة و المثل الأعلي و ما سواها دونها ؟ كانت ردود والدتي الفاضلة مقنعة. و عند الكبر، أصبحت أنظر إلي تلك القصص بكثير من المرح، كم سلتني و كم تعلمت منها و كم عجبت لتعالي كاتبها !

هذا بعض ما عرفته من خلال مطالعتي لقصص "جول فيرن"، طبعا أنتم بدوركم تكونوا قد قرأتم له و لكم حكمكم الخاص الذي أحترمه. 

قراءة 3096 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 31 تشرين1/أكتوير 2018 14:42
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث