قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 15 تشرين1/أكتوير 2015 10:31

أرضية الصفر

كتبه  عفاف عنيبة

في يوم مغادرتي مدينة نيويورك و الولايات المتحدة في ديسمبر 2006 ، قررت القيام بنزهة بمفردي في شبه جزيرة مانهاتن و بمجرد ما خرجت إلي الشارع شعرت بإحساس عميق بالانعتاق أخيرا من عادات و قيود الفريق الذي لازمته لعشرين يوما !

 أين أتجه ؟

 كنت في شارع بيك سليب و الساعة التاسعة صباحا، إنتبهت إلي الشمس الساطعة، فهذا أول يوم يشرق فيه الكوكب الحارق منذ وصولنا إلي المدينة. لمحت في نهاية الشارع ظل الباخرة الشراعية الراسية علي ضفة نهر الهودسون، سأستدل بها في تجوالي. أولي الأشخاص الذين قابلتهم كانوا نساء و رجال يمارسون رياضة الركض و عمال نظافة المؤسسات الخاصة الكبري و بعض المحلات الكبيرة. فأمام كل مبني فريق صغير يشرف علي تلميع الأرضية و الواجهة الزجاجية أما المتاجر فمعظمها مغلقة. تدب حركة الحياة في نيويورك علي الساعة الحادية عشر صباحا !! أليس هذا عجيب ؟؟؟

 لم أكن أتصور أبدا أن المدينة التي لا تنام لا تستيقظ مبكرا ! كنت أمشي و الفضول ينهشني، كنت ألتقط الصور الواحدة تلو الأخري، عجبت لتمثال ثور من البرونز ثم تذكرت أنه رمز فريق نيويورك للبسكيت بول فقد كان منتصبا بين شارعين ضيقين، يحوم حوله سياح آسيويون. مررت بعد قليل بكنسية معمدانية و علي بابها إعلان بنشاطات، فإذا بثلاثة أشخاص يتجاوزنني و يدخلون المكان و هم يتحدثون عن العمل الخيري الذي سيشاركون فعالياته. فإستغربت أمر هؤلاء الأمريكيين، نادرا ما يذهبون للكنيسة للتعبد لكنهم الأوائل في إرتياد نشاطاتها بينما في بلادنا نشاطات المسجد محدودة و هو ينظر له أنه مكان عبادة أكثر منه شيء آخر. لعل من لم يزر نيويورك و شاهدها في صور براقة أو أفلام لن ينتبه إلي مجموعة من الأمور التي إنعكست سلبا في رأي، أكثر ما أثار كآبتي، الأزقة الضيقة القاتمة بين ناطحة سحاب و أخري، لا تكاد تضيئها أشعة الشمس، تعبرها رياح باردة تتسلل إليك بخفة.

و ذلك اللون الرمادي المائل إلي السواد الذي يطبع كل شيء، السيارات، الأرصفة، الجدران، الأبواب و صناديق الصحف. لا أكره شيء مثل أن أمشي في طريق مسدود وهذا هو انطباع الزائر هنا، فالخضرة تلمحها علي طول الرصيف الذي يحد الحديقة المركزية لنيويورك وأما وجوه المارة فهي ساهمة، الخطوات مسرعة و قلما يلتفت إليك أحد. ثم ذلك الشعور بالاختناق، محصور بين مباني شاهقة، لا تري أبعد من أنفك ! إحساس كريه لا يطيقه الإنسان الذي ألف العيش في مساحات مفتوحة و فضاءات رحبة.

كنت أعلم أن جل رفقائي سيقضون الصبيحة في المحلات التجارية الفاخرة، فالهدايا للأهل و الأقارب تقليد في الغرب و الشرق غير أنني و بعد بحث مضني عن محل للهدايا وجدت نفسي وجها لوجه مع الفراغ الهائل الذي أحدثه انهيار البرجين في 11 سبتمبر 2001!!!

 بقيت لهنيهات مشدوهة ! كيف وصلت إلي هذا المكان دون سابق نية ؟ لم أكن أتوقع أبدا وصولي إلي هنا. كان أحد الباعة الجوالة يوقف عربته علي الرصيف، فرآني أنظر إلي أرضية الصفر في حالة من الذهول، فنطق بعفوية مدهشة :

- أترين إنه ماض الآن!

لم أجبه و أكتفيت بتغيير الرصيف. فقد لمحت من الجهة الأخري مساحة بيع كبيرة، فقررت زيارة طوابقها بحثا عن هدايا قيمة. إلا أن قدماي تثاقلتا، كان علي أن أقترب أكثر من مكان البرجين، كنت حقا مترددة. ما الذي سأجنيه من الوقوف علي ورشة ضخمة مفتوحة علي الهواء ؟ كان المكان محاطا بسياج، و حركة الذهاب و الإياب للمارين و السيارات عادية. لم أري أحدا واقفا هناك. أردت التقرب خطوات، فعلت ذلك و أخذت صور للموقع. كنت أنظر و أستعرض في نفس الوقت صور الأطفال في فلسطين و العراق و أفغانستان، صور الجثث المتفحمة في باكستان و حيثما حلت اللعنة الأمريكية كانت تخلف ركاما من الحجارة و البيوت المهدمة. هنا في هذا المكان في أرضية الصفر تهاوي برجين مطبقان علي ألفين أو ثلاثة آلاف موظف و رجال المطافئ في 11 سبتمبر 2001 و بسقوط البرجين طويت صفحة من تاريخ العالم و فتحت أخري ملأتها الآلة الحربية الأمريكية بالشر و الحداد و القبور.

 ما جري هنا أتخذ ذريعة لتنفيذ خطة كانت جاهزة سنوات قبل 2001، فقط كانوا ينتظرون الفرصة السانحة و أعطاهم إياها رجل و منظمة لا نعلم هل هم من وحي الخيال أم أنهم صنيعة الإمبراطورية الشريرة ؟

كانت أشعة الشمس تلعب علي زجاج المبني المقابل للبرجين، في هذه العمارة في الطابق الثاني و الثالث و الرابع شركات بطاقات التأمين فيزا و أمريكان إكسبرس، فهي التي تحكم جيوب شعوب الغرب المتحضر!

هنا الرأسمالية في أبهي صورها، مكاتب فاخرة و أغلي مكان في كوكب الأرض، أذكر أنني تناولت فيه قطعة خبز مع قليل من الجبنة فدفعت لقاء ذلك ما يساوي ثلاثة آلاف و خمسمائة دينار جزائري !!! هنا قلب النظام الربوي النابض و الذي أصيب بوعكة خطيرة في أيامنا هذه من جراء الأزمة المالية العالمية. لأعد إلي هناك و ألتقط خيط السرد حيث توقفت، كانت قد بدأت تدب الحركة من حولي، و فجأة علي أمتار قريبة مني وقفت مجموعة متكونة من زوجين عجوزين و من شاب و شابة، فإذا بالسيدة المسنة تبتسم لي، فاندهشت لذلك لكنني سارعت في الرد عليها بابتسامة مماثلة. فأشارت لي باليد أن أقترب منهم و خاطبتني كأنني ابنتها :

- أرجوك سيدتي باركي لهذا الشاب و الشابة فهما سيتزوجان غدا، شاركينا سعادتنا.

فعلي الفور ، قمت بتهنأتهما و تمنيت لهما في كنف الزواج كل الخير و الذرية الصالحة. فسعد الجميع بالتهاني و شكروني و بعد تبادل التحية ابتعدوا ماضين في طريقهم و بقيت أنا واقفة واجمة أتساءل بحرقة : "لماذا يا رب هؤلاء الأمريكيون البسطاء طيبون لهذه الدرجة و قد اختاروني من بين المارة لأقاسمهم فرحتهم و هذا علي بعد أمتار فقط من البرجين ؟"

فالأمريكي علي خلاف المسلم يبتسم في وجه الغريب و يتصدق لك بتلك الابتسامة الحارة الإنسانية. فهم أناس مغرر بهم، ضحايا نظام وضع من أجل سعادتهم و ها هم اليوم يدفعون ثمن ثقتهم المفرطة في مؤسسات سياسية استبدادية. فهم يصدقون الوعود الانتخابية و قلما يشككون في صدق المترشحين، لعلهم الآن بدأوا يتحرروا من سذاجتهم كونهم صاروا ينتظرون و يطالبون بالأفعال. كان علي أن أعود أدراجي، لم أشتري بعد الهدايا و لا أدري بعد أين سأتناول فطور الغداء. عثرت في مساحة كبيرة علي إطار جميل مزين برموز نيويورك : وول ستريت و تمثال الحرية. في طريق العودة اشتريت قطعة خبز و جبنة مرققة و برتقالة. و أنا أهم بدخول الرواق الطويل المؤدي إلي مقر إقامتنا سمعت صوتا يخاطبني :

- إذن عفاف كيف كانت جولتك ؟

استدرت، فإذا بسارة تبتسم لي و هي محملة بالأكياس :

- عشت لحظات لن أنساها ! صراحة إنني سعيدة بأننا سنغادر اليوم الولايات المتحدة اشتقت لشمس الجزائر و إلي حلويات الوالدة حفظها الله.

- الظاهر يا عفاف أنك تخبئين الكثير في جعبتك الذي سيتحول إلي آلاف السطور، و أما سعادتي فأنني تعرفت عليك.

شكرتها بحرارة قائلة لها:

- شعور متبادل سارة، فما يربط جزائرية بتونسية مثلك هي علاقة متينة و قوية و صادقة، اللهم يبارك  في صداقتنا و أخوتنا.

قراءة 1669 مرات آخر تعديل على الخميس, 25 أيار 2017 14:00

أضف تعليق


كود امني
تحديث