لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار
حان وقت عودتنا و إن كانت مبرمجة لنا زيارة أخري لجامعة الفردوسي الطوسي. أول ما وصلنا إلي إقامتنا، نبهتنا أختنا أمينة إسلامي :
-غدا إن شاء الله علينا بالإنطلاق علي الساعة الثامنة صباحا لضريح الإمام الرضا*، فنرجو منكن أن تتناولن فطور الصباح باكرا.
سمعت إحدي الأخوات المشاركات تسأل عن برنامج الغد، فتمتمت بين نفسي سأعرفه غدا إن شاء الله و المهم أن أسرع في تناول العشاء و الإنسحاب إلي غرفتي، فالسفر كان مرهقا للغاية.
وافقتني أمال و تفاهمنا أن الأولي التي تبكر توقظ الأخري و هذا ما كان.
في فطور الصباح، فكرت في إخبار عائلتي بأنني وصلت إلي إيران و لم يكن بإمكاني مراسلتهم عبر نقالي إلكترونيا لعطب فيه، ساعدتني الدكتورة أمال مشكورة و أستعملت نقالها.
-كيف هو الجو ؟
إبتسمت أختا لي تونسية إلتقيتها في المصعد :
-الحمد لله الشمس ساطعة و لا سحب في الأفق.-
تأخرنا قليلا عن الحافلة، فقد كان لزاما علينا الإجتماع كلنا في البهو. و نحن نعبر الطرقات، نسيت السؤال عن البرنامج و أستدرت لأمال التي بدت لي محمومة قليلا :
-كيف هي حرارتك ؟
-مرتفعة و إن لم أتحسن الليلة، فعلي بمراجعة طبيب.
-إن شاء الله طهور.
مرة أخري لاحظنا النظافة المبهرة حيث تقع أعيننا و قد لفت في البلاستيك أزهار ذات حجم كبير مخافة ان تتضرر بفعل الجليد.
-أري صور لشباب علي طول وسط الطريق السيار، لمن هي ؟ سألت أختي منال.
-لشهداء الثورة الإسلامية، ممن وقعوا ضحية الإجرام الشاهنشاهي. أجابتني أختي منال.
أخذنا شارع شيرازي إلي مقدمة ساحة مدخل مقام ضريح الإمام رضا. في يوم إحتفالي مثل هذا، كان المكان الشاسع غاصا بالناس و الحافلات و السيارات. بدأنا بإلتقاط الصور و نحن بعد في الحافلة. سلسلة من الأقواس يتوسطها الباب الرئيسي مغطي بزليج ذات زخرفة تتشابك فيها أغصان الأشجار.
أكثر ما يرتاح إليه المرء في إيران ظاهرة الستر، فلا نري سفور أو تبرج و إن كانت الكثيرات من النسوة خاصة فئة الشباب تترك خصلات من شعرها ظاهر، و نحن نسير نحو بوابة الدخول، قالت لنا الأخت أم أحمد :
- هناك لباس خاص يوزع علي بعضكن لعدم السماح بظهور السروال.
- فكان ذلك، كان لا بد من الخضوع لعملية تفتيش الحقائب و تركها و الأحذية في ركن خاص.
- كنت أنظر إلي الباحة و أمامي عدد كبير جدا من الناس، هذا لم يمنعنا من أخذ بعض الصور و تأمل اللوحات الجدارية التي كان يطغي عليها اللون الأزرق، فذلك التداخل في الأشكال حيث يعانق الأخضر الأزرق و الذهبي و تتمدد أحرف الخط العربي تارة و تارة تلتف حول بعضها البعض لتنتثر مثلثات و معينات عريضة تقلد في تناغم جميل عناقيد متدلية من عل.
- بين السير خلف مجموعتي و مراقبة ما بحولي، فقد كان هناك حراس يفسحون لنا الطريق نحو قاعة المحاضرات و الإحتفالات بمركز يتسع لعدد الكبير من الضيوف. الأعناق مشرئبة و السؤال يطاردني " يا سبحان الله من قبر عادي لأحد أحفاد سيدة العالمين فاطمة الزهراء رضوان الله عليها تحول إلي أضخم مجمع رأيته عيني، مكتبة، مطعم، مستشفي، الجامعة الرضوية 1 و 2، قاعات تدريس فن الخط العربي، متحف و لا كل المتاحف، إستراحة الزوار، باحات تتوسطها نافورات فائقة الجمال، حدائق و ...و...و كل هذا تموله الأوقاف بما فيها معونة اليتامي و لنتصور عدد العقارات الموقوفة فقط لصالح مقام الإمام الرضا رضوان الله عليه 1800 عقار. "
*هو:علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
