حرص مضيفونا علي إدخال عامل الترفيه بين المحاضرات و هكذا تمكنا من زيارة حديقة عامة في مشهد، جزء منها خاص بالنساء فقط. عندما إستوضحت الأمر من أختنا منال، ردت علي مبتسمة:

-                                                                                      المساحة المخصصة للنساء تسمح لنا بالتنزه بدون خمار.

-                                    لفتة رائعة إستحسناها و عندما وقفنا أمام البوابة المؤدية إلي هذه الحديقة، إلتقطنا صور إلي جنب لافتة مكتوب عليها باللغة العربية و بأحرف كبيرة "ممنوع دخول الرجال".

-                                   أن تتجول المرأة المسلمة لوحدها آمنة علي نفسها، و تستمتع بجمال الطبيعة و تتنسم الهواء العليل، من النعم المغبونة فيها. فالفضاء العام في دولنا لا يزال يحتكره الرجل بغير وجه حق. قابلنا أخوات إيرانيات بدون التشادور الأسود، بعضهن  كنا منهمكات في ممارسة رياضة الركض أو كرة السلة مثلا و أخريات كنا برفقة أبناءهن، و سعدت بمنظر أم تعلم إبنها كيف يطعم قطط فارسية و سرب من الحمام.

-                                   و غير بعيد، جلست أمامنا نساء مسنات، صامتات يتابعن حركة الأحفاد.

-                                   مساحة الحديقة واسعة جدا، و منظر الإخضرار مفرح و مريح جدا و أكثر ما جلب إهتمامي جانب رأيته ممتازا :

-                                   - سبحان الله و لله الحمد، تمتمت لنفسي، فإذا بإحدي الأخوات الشاميات واجهتني ببشاشتها المحببة، سائلة إياي :

-                                   -ما بك أختي عفاف ؟

-                                   -منذ أن وصلنا إلي هذا المكان و مشهد ككل، لم أري أحد يحمل نقال  ملتصق به في عالم آخر إفتراضي  غير عالمنا المحسوس.

-صحيح، قمت بنفس الملاحظة، مع ان الشباب الإيراني شباب يستعمل بكثافة شبكات التواصل الإجتماعي المحلية.

-أعتقد أنهم يتمتعون بمستوي أخلاقي عال في التعامل مع شبكة العنكبوت الإلكترونية، فالشباب الإيراني في الجامعة أو في الشارع يعلم بأنه في أماكن عامة و يحرص علي إحترام الآخر، فهم علي الأقل ينظرون حيث يضعون اقدامهم بينما في بلادنا العربية شبابنا فقدوا حتي القدرة علي المشي بشكل عادي في الشارع.

-ألا تبالغين عفاف ؟

إبتسمت لها.

في رحلة العودة، أخبرونا بأننا في الغد سنزور ثانية جامعة الفردوسي و هذه المرة للتعرف عليها بشكل أوسع و أعمق.

في تلك الصبيحة، حضرنا محاضرة أخري لدكتور علي أكبر رستمي عضو الهيئة العلمية للعلوم الإسلامية لجامعة الإمام الرضا 1 و قد قدم رؤية مختصرة  لمكانة الأسرة من منظار الإمام الرضا بن موسي رضوان الله عليه. و لأغتنم الفرصة لأعطي فكرة للقاريء الكريم عن أداء الأكادميين الإيرانيين علي مستوي التعليم العالي.

كل من شاركوا في الدورة التعليمية شجرة طوبي إحترموا المواقيت المحددة إلا في حالة واحدة فقط، حيث الدكتورة إعتذرت لنا بعد تأخرها قليلا. عامل الإنضباط و إحترام المواعيد تسجل لصالح الجهة المنظمة.

ثانيا، المحاضر الأكاديمي الإيراني كان رجلا أو إمرأة يقدم نفسه و يعطي فكرة  مختصرة عن نشاطه و مهامه.

ثالثا طريقة إلقاء المحاضرة، أولا تكون باللغة العربية إلا في مرة واحدة كان هناك حضور مترجم بيننا و بين الدكتورة و هي مسؤولة سامية في وزارة الخارجية الإيرانية.

رابعا تلقي المحاضرة علي مراحل، أحيانا تكون مرحلة و يفتح باب النقاش و بعدها ننتقل إلي المرحلة الثانية و يليها نقاش و هكذا دواليك و إلا نتبع طريقة الإستماع إلي المحاضرة كاملة ثم يفتح باب الحوار.

خامسا، الأكاديمي الإيراني حينما يكون محاضرا يقوم بإشراك المستمع إليه، بطرح سؤال مباشر عليه و هذا ما لم أشهده من قبل صراحة.

سادسا، نلمس علي الفور تحكم المحاضر في المادة العلمية التي يطرحها علي طلبته، فهو متمرس و حاذق في التعامل مع طلبته.

سابعا و أخيرا، عاينت رحابة صدر الأكاديمي الإيراني و صبره علي بعض الفلتات و أحيانا تحدوه روح الطرفة، فلا يشعر الطالب بالملل.