قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 09 تموز/يوليو 2022 23:00

قراءة تحليلية لرواية "رضى أمي بأي ثمن" 6/3

كتبه  عفاف عنيبة

 

10b674233689fc3aabe5b88984a884b2

 

 

المشهد السابع

بعد تعرضها لعملية إغتصاب وحشية علي يد صديقها، تصاب غابريلا بإنهيار عصبي. ردة فعل عمها و عائلتها تكون بمواستها و بإتخاذ مجموعة تدابير قانونية للإلقاء القبض علي المجرم و عندما يصرح رئيس مركز الشرطة حيث أودعت غابريلا شكواها :

-الآنسة غابريلا دي سينارو ليس لديها شهود سوي الشهادة الطبية.

فقام عمها بتوجيه نداء لكل من تعرضت إلي إغتصاب علي يد المجرم و لبت النداء العديد من الفتيات بأدلة قاطعة و أستعمل عم غابريلا بيار لويجي نفوذه المالي و السياسي لينزل القضاء الإيطالي أقسي عقوبة علي المجرم.

إلا أن محامي غابريلا و عند صدور الحكم القاضي بالسجن ثماني سنوات نافذة كان صريحا :

-لا بد لك أن تعلمي آنسة غابريلا أن هذا المجرم بإمكانه أن يغادر السجن قبل نفاذ المدة القانونية و حينها سيضعك علي رأس قائمة من سينتقم منهن.

شعرت حينها غابريلا بمرارة أن القانون الإيطالي لا يحمي المرأة، هذا و كانت تتجرع آلام النكسة النفسية التي تعرضت لها، أصبحت تكره جسمها و ذاتها و تشعر بأنها وسخة و باتت تنفر من كلمة رجل.

و لم تجد ملاذ ليخفف عنها إلا أمها، بكت بين أحضانها بحرارة :

-أمي سامحيني ! يا ليتني سمعت كلامك و كلام عمي بيار لويجي.

هل ينفع الندم ؟ و ها أن القانون الوضعي لا يحمي الضحية و لا يردع المدان، و ها أن تعامل عم غابريلا كان لأبعد الحدود عقلانيا و إنسانيا، فهو و بالرغم من موقفه السلبي من العلاقة الآثمة بين إبنة أخيه و المجرم، عبر لها عن كامل تضامنه معها و وقف إلي جنبها و أستغل كل نفوذه ليلاحق و يدان قضائيا المجرم بل لاحقا سيتخذ إجراءات أكثر ردعا ضد المجرم عند خروجه من السجن.

و هنا أغتنم فرصة لأوضح بعض النقاط :

الفتاة التي تتعرض لجريمة الإغتصاب تنتظر منا دعم نفسي و عاطفي و معنوي و لا يجوز لنا تعنيفها أو لومها بل لنلوم أنفسنا، لماذا تعرضت إبنتك للإغتصاب ؟ إسئل نفسك يا ولي أمرها و لماذا عليها أن تحمل وزرك ؟ ثم الا تكفيها صدمة الإغتصاب و عواقبها الوخيمة علي نفسيتها و علي حياتها بأكملها ؟ فالمطلوب المعاملة الإنسانية الأخلاقية الراقية مع فتاة أو إمرأة ذهبت ضحية إغتصاب و لا أريد سماع كلام عن تحميلها مسؤولية ما وقع لها و أنها هي من شجعت المجرم علي إرتكاب فعلته الشنيعةمثل هذا المنطق الذي يبرر الجريمة أكثر إجرامية من فعل الإغتصاب نفسه.  و هنا طبعا أتحدث عن المراة العفيفة التي تتعرض لفعل الإغتصاب و أما غابريلا فقد تصرفت خطأ عندما إختلت برجل و صاحبته و ليس بينها و بينه عقد زواج غير أنها حرصت علي عدم السماح له بالجماع برغبتها فهي ظنت خطأ مرة أخري بأن الرجل الذي تصاحبه سيحترم رغبتها في عدم ممارسة الجنس إلا بعقد زواج شرعي و تناست ان الشيطان يستبد بالرجل و يعمي بصيرته. 

 

 

المشهد الثامن

 

 

توماس سورين شاب فرنسي سليل عائلة فرنسية بورجوازية، أمه إيطالية و هو وحيد أبويه بعد موت أخته صغيرة علي إثر مرض مفاجيء و وفاة أخيه الأكبر في حادث تزلج علي الثلج. هو قرة عيني والديه و برغم نجاحه في مشواره الدراسي و خوضه غمار الأعمال الحرة كمهندس معماري و عيشه منفصلا عنهما، و هذا بسبب إشرافه المباشر علي مشاريعه، فقد كان خير الإبن.

. كلما كان يستدعيه أحد والديه، يستجيب و يستقبل مكالماتهم في كل وقت و في أي مكان و طلباتهم أوامر و زيارتهم و الإعتناء بهم فرض عليه و هو جد مقرب من أمه ذو الأصول الإيطالية و قد علمته لغتها الإيطالية.

توماس سورين توفرت فيه كل المواصفات لفتي أحلام أي فتاة، إلا أنه عندما خطب فتاة فرنسية قوبل إختياره بالرفض من والديه، فوالدته كانت واضحة معه من أول يوم :

-إنني لا أرتاح لخطيبتك توماس، إنها ليست في مستواك العلمي و الأخلاقي و الإجتماعي، جانيت لن تكون زوجة صالحة.

إلا أن توماس دافع عن خطيبته، طالبا من والديه :

-من أجلي أنا، أرجو منكما أن تمنحوا جانيت فرصة.

نزولا عند رغبة إبنهما و حبا فيه، قبلا الوالدين بالخطيبة.

سبحان الله كم نفتقد هذا النموذج من الشباب الناجح في عمله و المطيع لوالديه. و نسجل لغة الحوار بين الجيلين و كيف أن إختيار توماس خضع للتمحيص من والديه. و عند رفضهم للخطيبة، قبلوا مبدأ منحها فرصة لتقنعهم بأنها المرأة المناسبة لإبنهم.

نحن نملك جيل اليوم يزدري جيل أباءه و لا يعبأ بتوجيهاتهم و لا تعاليمهم هذا و أولياء الأمور مستقيلون، فهم تخلوا عن مهمتهم الأولي التربية و أكتفوا بتوفير المادة دون تزويد أبناءهم بمنظومة قيمية تقيهم شر الإستلاب و الإنسلاخ و الضياع.

 

 

المشهد التاسع

 

أحد غرماء توماس دبر له مكيدة و أنتزع منه خطيبته، و تقع هذه الأخيرة في الفخ و لمجرد شبهة فسخت خطوبتها و لم تمنح أي فرصة لتوماس ليدافع عن نفسه، مصرة علي الفسخ و الخروج بشكل نهائي من حياته.

و هذا سبب صدمة نفسية و عاطفية شديدة لتوماس سورين و بالرغم من دعم والديه و وقوفهما إلي جنبه، إنغلق علي نفسه و تجرع مر الوحدة و الخيبة لوحده بعيدا عن أعين أسرته.

هذا و أصيب بعقدة نفسية ناحية النساء، أصبح يتحاشي التعامل معهن قدر المستطاع، لا يحضر الحفلات المختلطة و يقاوم التحرش الجنسي الذي يتعرض له في محيطه المهني، إلي درجة أنه اشيع عنه أنه لواطي و لم يثبت و لم ينفي الإشاعة.

من جهتها والدته قررت بأنها هي من تختار لإبنها الوحيد زوجة له و أخبرته بالأمر "أمي ارجوك لا أريد حديث عن زواج."رد عليها. فهو أكثر ما عاني منه عدم منحه أي فرصة لشرح الموقف الذي شابه شبهة لخطيبته هذا و لم يستسيغ رفض جانيت للسماع له و بينهما خطوبة دامت سنتين، لم يكن بالرجل الذي ينظر لإمرأة أخري غيرها. هو الذي أقنع والديه بالقبول بها مع علمه بتحفظهم عليها.

شعر بقسوة القطيعة و تخوينه دون أدني إعتبار لأخلاقه و وفاءه و هو الذي كان يحضر حثيثا موعد الزفاف الذي وقع تحديده.

 

هذه مطبات الحياة، و في نفس الوقت درس فهمه جيدا توماس، عدم رضي والديه كان عليه أن يأخذه مأخذ جد. ليس هناك أفضل من الأبوين لتقدير ما يصلح بأبناءهم. و من اللحظة الأولي كان حكم أم توماس سلبيا ناحية جانيت و قد تنفست الصعداء بفسخ الخطوبة و نري قراءنا الكرام أننا كنا مسلمين أو كتابيين رضي الوالدين في الميزان و حرص الوالدين و حبهم لا يقابله أي حرص و لا أي حب آخر. نعمة رضي الوالدين في حياة الإنسان و الزواج بالذات هو إستمرارية للعائلة و إحدي شروط نجاحه رضي الوالدين. كم شقي رجل تزوج خلاف رضي والديه و كم شقت إمرأة تزوجت رجل لم يرضي عنه ولي أمرها و كم هي كبيرة معاناة الرجل حينما يتعثر حظه و يفقد المرأة التي كان يعول عليها لترافقه في بقية مشوار حياته.

 أحيانا يكون فسخ الخطوبة نعمة و هكذا نجنب أنفسنا اللجوء إلي ابغض الحلال و هو الطلاق. في حالة توماس سورين كان الأمر بمثابة قطعة عذاب أرضي، جانيت ملأت عليه الحياة، فإذا به يجد نفسه بين عشية و ضحاها مرفوضا منبوذا وحيدا. هذا و قد تعرضت الكاتبة ماري أش إلي المحيط الإباحي الحيواني الذي يعيش فيه الكتابي الملتزم بحد أدني من الأخلاق و كيف يصبح معرض لغواية النساء و كيف أن حرية الإختلاط و العلاقات الجنسية الحرة كانت بمثابة الطوفان الذي أغرق الجميع.

 

قراءة 1813 مرات آخر تعديل على الإثنين, 18 تموز/يوليو 2022 12:31

أضف تعليق


كود امني
تحديث