قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 16 تموز/يوليو 2022 13:25

قراءة تحليلية لرواية "رضي أمي بأي ثمن"6/6 الحلقة الأخيرة

كتبه  عفاف عنيبة

المشهد السادس عشر

حظيت عائلة توماس بإستقبال الملوك في جنوة، كان حفل العقد المدني بسيطا و لائقا بإبنة دوق دي سينورا. حرص غابريلا علي صحة و راحة والدة توماس زاد في تقدير الخطيب لخطيبته.

العم مع توماس ضبطوا قائمة المصاريف و برنامج الزفاف بين  حفل الإستقبال لتقديم التهاني في إيطاليا و بين الحفل الديني في فرنسا و مأدبة العشاء في المقاطعة التي يقطن بها والدي الشاب الفرنسي.

كان هناك موقف طريف حينما أبدت غابريلا رغبتها في إعطاء تصميم فستان العروس لمصممة أزياء إيطالية :

-إنها غير معروفة و تعاني من إحتقار كبار الأسماء في الأزياء و أريد إنصافها عبر فستاني، قالت لأم توماس.

-رائع، وافقت هذه الأخيرة و وجهت كلامها لإبنها :

-توماس سجل، فستان العروس مصممته، آه ما إسمها غابريلا ؟

-نايرا أديرن.

دون توماس الإسم مبتسما دون أن ينبس بكلمة.

أربعة أيام بعد التوقيع علي العقد المدني إنتقل الجميع إلي فرنسا و قبل حفل الزفاف الديني بأيام إستقبل الأب روجير فونتاني توماس و خطيبته غابريلا في مكتبه بالكنيسة الكاثولوكية للمقاطعة التي يتواجد فيها البيت العائلي.
رحب بهما و هنأهما علي قرار الزواج و بين لكل واحد منهما حقوقهما و واجباتهما كزوج و زوجة، بدأ بغابريلا، بين لها واجباتها أولا ثم حقوقها علي زوجها، أهم نقطة ركز عليها طاعة الزوجة لزوجها :
-آنسة غابريلا زوجك قوام عليك و طاعته من طاعة الأب و الإبن (أستغفر الله) و روح القدس و في طاعتك له سعادتك الأبدية في هذه الحياة و يوم البعث.
و عندما جاء دور توماس أوصاه خيرا بزوجته، قائلا له :
-ليس هناك ألطف و أرق من المرأة و الزوجة الصالحة جنة الزوج، فراعها تراعيك و أحفظها في السر و العلن تحفظك في السر و العلن و أوصيكما الإثنين بخصلة الوفاء و الإخلاص ففي إخلاصكما لبعضكما رضي الرب الأبدي و ستتبعكما حيثما تكونوا و إلي القبر بركة يسوع.
عندما إنتهي اللقاء، أخذ أب الكنيسة روجير، توماس علي إنفراد :
-توماس عمدتك علي يدي، أوصيك خيرا بزوجة المستقبل، فأنت ليس لديك حظ من ذهب فقط بل خصك الرب بحظوة من السماء في شخصها.
فأبتسم توماس و صافح بحرارة الأب روجر :
-أبي إطمئن فقد مررت علي درب الآلام لأفوز بغابريلا و لا معني لوجودي و لحياتي بدونها
.

 

نلاحظ قراءنا الكرام إستقبال أب الكنيسة للخطيب و الخطيبة و توعيتهما بحقوق كل واحد منهما علي الآخر كزوج و زوجة، تري هل هذا ما يلقن الخطيب و الخطيبة الجزائريان ؟ هل يستقبلهما الإمام و يقوم بواجب التوعية و التنبيه و التذكير ؟

هذا و شبابنا شريحة منه تولد و تنمو و تكبر في عائلات لادينية أو أخري تري في الأعراف و التقاليد البالية الدين نفسه.

ماذا نقول لله عز و جل يوم البعث ؟ أننا قصرنا، كيف و لماذا و كل شيء بين ايدينا و لم يودعنا رسول الحق عليه أفضل الصلاة و السلام إلا بعد ما أكمل تبليغ رسالة الإسلام ؟

بماذا نعتذر ؟ ثم ألم نخسر أجيال كاملة بسياسة التجهيل و التقصير و اللامبالاة و حصدنا في المقابل العلقم و لا نزال لجيل آخر، هذا و أصبحت طاعة الزوجة للزوج في خبر كان بموجب تقاسم القوامة بين الزوج و الزوجة و بمقتضي إنفاق الزوجة علي البيت بات مبدأ طاعة الزوج شيء من الماضي البعيد. و بإنحسار دور الزوج في حياة العائلة إختل توازنها و أصبح ما يسمي بالمساواة بين الرجل و المرأة بلاءا و العجيب أن خطاب أب الكنيسة تجاوز المستوي العلمي و المادي لكلا الزوج و الزوجة و طالب غابريلا بطاعة زوجها، فالمركب لا يديره إلا قبطان واحد و هو الزوج و إحدي المسائل التي بينتها بإقتدار  ماري أش مدي الشعور بالثقة و الإطمئنان التي وجدته غابريلا بعد إرتباطها بتوماس، فقد كانت عديدة المواقف التي برهن لها فيها عن كامل شعوره بالمسؤولية ناحيتها.

كانت في وجوده تشعر بالأمان،  الأمان الذي يسمح للفتاة ان تنقاد للزوج. فيا تري وجدت مسلمة هذا العصر الشعور بالأمان و الثقة في زوجها ؟ هل وجدت فيه الرجل المسؤول القادر علي إحتواء ضعفها و قوتها في آن ؟

بالنظر إلي الأجوبة التي حصلت عليها من بعض نساءنا، أرد تعليق إحداهن :"حتي يوجد هذا الرجل الحلم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟"

 ثم ألم يكن تصرف غابريلا في ضبط النفس حكيم. غضبت لعدم مصارحة توماس لها بالحالة الصحية لوالدته إلا أنها مضت في التحضيرات بمطالبته بمزيد من الصبر و الرجل كان مستعدا لذلك و إن كان يساوره شعور بالقلق: فهو لم يعرف بعد حقيقة مشاعر غابريلا ناحيته.

النقطة التي كان تؤرقه أن الظروف في الخطوبة و الزواج كانت ضاغطة بحيث أجبرت الشابة علي الموافقة، لهذا كلاهما كانا غير مرتاحين للأمر.

كان لا بد أن يبدد شكوكه و لم تواتيه الفرصة لفعل ذلك.

 

المشهد السابع عشر

 

جاءت عمة توماس من بريطانيا حيث تقيم لتسهر علي مأدبة العشاء. حضرت غابريلا مع أختها و زوجها و أبناءهم الثلاث، روزانا كانت جد سعيدة لأختها. كانت مقتنعة بأن توماس هو من يصلح بأختها زوجا و لمست ذلك في المقابلات التي حضرتها بنفسها و تأكدت من سعة باله و حلمه.

علي طاولة العشاء، سألت أم توماس إبنها :

-كم ستنجبون من أطفال ؟

إستنكر توماس السؤال :

-أمي هذا أمر بيني و بين زوجتي، لهذا لن أجيب عليه، معذرة.

فنظرت الأم لزوجة إبنها :

-غابريلا هل تحبين الأطفال ؟

كاد توماس يرد مكانها، فلم تترك له الكلمة :

-طبعا سيدتي أحب الأطفال و أنا أفكر في إنجاب الكثير...

فقاطعها زوجها مبتسما :

-لا بد من إستئذاني في العدد بالضبط.

فضحك الجميع.

-يفرح الرب بالكثرة توماس، قالت السيدة سورين.

-مؤكد إنما مهمة التربية ليست بالسهلة و لا أكره شيء مثل أن أفقد السيطرة علي الوضع، أجابها توماس.

-لماذا التخوف مسبقا...

نظرت غابريلا بإلحاح في إتجاه توماس، فهم مرادها فسكت و فضل عدم معاندة والدته و بعد العشاء و الخروج إلي حديقة البيت العائلي لاحظت غابريلا لزوجها :

-تجنب الرد بعصبية علي والدتك، راع صحتها.

-أحاول، أكره التدخل في القرارات الشخصية، هذا و لماذا إستباق الأحداث ؟ قال الشاب الفرنسي.

صمتت غابريلا، كانت متحفظة بإعتبار ان المستقبل ستطويه بعد أربعة و عشرين سنة، و كانت تجهل كل شيء عن الآت سوي أنها ستصبح زوجة توماس سورين دينيا.

 

 

 رغبات الأولياء ليست بالضرورة مراد الأبناء إنما أمنية أم توماس مفهومة و نقدر حرصها علي رؤية بيت إبنها عامر بالذرية و إنشغال كل أب أن يرحل عن الدنيا مخلفا نسلا صالحا و ليس هناك أبهج من رؤية أطفال في بيت. جميل موقف غابريلا التي إنحصر همها في إرضاء أم الزوج مراعاة لها و أما توماس فقد أظهر تبرمه في وقت غير مناسب.

و الحمد لله زوجته إحتوت الموقف. نعم هموم التربية كبيرة و كبيرة جدا في توقيت غاية في الدقة، فكبس علي فأرة يجعل من كل شيء و لا شيء في متناول طفل طالع علي دنيا الفناء. أي كانت هموم الرجل الكتابي فهي ليست بحدة ما نكابده نحن المسلمين، نعيش ضائعين و الضياع يتهدد أبناءنا و أحفادنا و جيل اليوم لا يتمتع بمزايا آباءنا و نحن، متحفز للحصول علي كل شيء في وقت قياسي بينما العش لا يبني بين يوم و آخر و لا يكبر الفرد بين عشية و ضحاها و النهضة جهد جماعي علي مدي مئات السنين و ها أننا عبر رواية "رضي أمي بأي ثمن" نعي عمق التحديات المطروحة و صعوبة المواجهة، ففي غياب منظومة قيم صارمة لا مخرج لنا، لهذا شئنا ذلك أم أبينا محكوم علينا بالعودة إلي الأصول.

فمصير البشرية متوقف علي كيفية تعاطيها الأخلاقي مع كنه وجودها و كمسلمين نحن معنيين  أكثر من الآخرين بتبليغ رسالة الكمال و دون تفعيل القيم و المثل في واقعنا، لا مستقبل لنا.

 

 

المشهد الثامن عشر

 

 

يوم الأحد 15أكتوبر 2010 قرعت أجراس الكنائس في إيطاليا و فرنسا في مسقط رأس توماس و غابريلا إعلانا عن زواجهما و لمدة سبعة أيام اطعمت الكنائس الفقراء و المحتاجين علي حساب توماس الذي بموجب قوامته علي زوجته أنفق كلية علي مراسم الزفاف المدني و الديني.
حاز الخدم في عائلتي توماس و غابريلا علي جوائز مالية و ملابس جديدة.
و زين قطط و كلاب العائلتين بربطات وردية فرحا بالعرس المجيد.
عندما رفع خمار زوجته من علي وجهها امام أب الكنيسة لم يصدق توماس نفسه، لم تضع غابريلا مساحيق و لم تصفف شعرها الأشقر بل أطلقته كشلال ذهبي علي أكتافها و نظرت له بعيناها الخضراويين و إبتسامة مشرقة تعلو وجهها.
وقع تنظيم إستقبال من العروسين للمهنئين من العائلتين و الأقرباء و الأصدقاء و الموظفين الكبار و عائلاتهم في شركات توماس و غابريلا في أوروبا و حضرت سلطات البلديات الفرنسية و الإيطالية و طبعا المصورين.
و كانت لحظة تاريخية بالنسبة لتوماس حينما امسك يد زوجته ليقطع الكعكة، لأول مرة في حياته لمس الملمس الناعم ليد غابريلا.
وقع الإعلان في البلديات حيث تقيم العائلتين عن عقد الزواج المدني و الديني.
وزعت هدايا خاصة ثمينة مرصعة بماسة لكل مدعو حضر حفل التهنئة و تبرعا العروسين بمليون أورو لصالح مؤسسات خيرية.
ليلة الزفاف تمت في بيت والد توماس. 
و سافر يومين بعد ذلك العروسين إلي إحدي الجزر الإيطالية 
و نظم عم غابريلا بقصر أبيها حفل إستقبال المهنئين
و قبل سفرهما إلي جزر الريفيرا، حرصا العروسين علي تقبيل أيادي والد توماس و والدته و حازا هكذا علي مباركة الوالدين الكريمين.

 

لم تلاحظ أم توماس من شدة تعبها، بأن الزوجين الشابين قضي كل واحد منهما ليلتهما الأولي في غرفة منفصلة و عند وصول العروسين إلي جزيرة من جزر سبيزيا، أنفق أيامهما الأولي في التجوال و التعارف.

في بداية الأسبوع الثاني إضطرت غابريلا إستئذان زوجها في العودة إلي جنوة لعمل طاريء، قبل و رافقها إلي مدينتها. هناك قضت اليوم كله في شركتها و قابلت صديقة طفولتها زوجها في شقتهما المشتركة:

-أتمني لكما كل السعادة، أنتما تستحقان كل الخير.

- شكرا لك.

 هيأت الصديقة نفسها للمغادرة، فإذا بتوماس يستوقفها :

-هل حدثتك غابريلا عن مشاعرها ناحيتي ؟

بهتت الصديقة، ثم قالت :

-تأكد من امر إنها تكن لك كل الحب و التقدير، فقط عليك بالصبر، غابريلا ليست بالمرأة التي تعبر بالكلمات، إجلس إليها و أسمع منها مباشرة إن شئت.

و هذا ما فعل في تلك الليلة، فقد عادت غابريلا معتذرة عن إنشغالها ليوم كامل :

-ستعويضيني الآن، تعالي غابريلا، إجلسي هنا.

فعلت، و بقت تترقبه بعينيها :

-و الآن سأريحك. أعلن بجدية كاملة.

-ماذا تعني ؟ سألته.

أمسك بيدها و قال مبتسما :

-هل تعلمي حجم مشاعري ناحيتك ؟

-لا.

-طيب، غابريلا وجودك قلب حياتي رأسا علي عقب، أعدت ثقتي بالبشر و بالوجود ككل، بت أطير بأجنحة و أنت إلي جنبي، إلهي كم هو رائع الزواج و ان نكون إثنين في كل شيء!!!!

فإنفرجت أسارير وجهها علي إبتسامة ساحرة :

-حقا توماس سعيدة بذلك.

-و الآن أريد أن تقولي لي ماذا أمثل لك ؟

ضغط بحنان علي يدها، فصرحت بصدق :

-من الصعب أن أعبر، غير أنني سأثبت لك بالفعل ما يجيش في قلبي ناحيتك.

توردت وجنتيها و هي تتكلم. ففهم عنها و قد غمرته فرحة لا توصف.

 و هكذا تنتهي رواية "رضي أمي بأي ثمن"لماري أش.

 

 

الغني لم ينسيهما المحتاجين و الفقراء و الكنيسة لعبت دورها بإقتدار. و رضي الوالدين كانت الجائزة الكبري و خبر توماس بالفعل نصيحة والده أن أكبر مكسب له كان فوزه بغابريلا الشابة التي لم يغرر بها النسب و الجاه و الثراء و بقت بتواضعها و إنسانيتها تسير بخطي ثابتة و مباركة.

وجدت غابريلا دي سينورا في توماس سورين خير الزوج و خير الصديق و خير السند، في صحبته إرتاحت و في ظله إنتعشت و كانا معا خير أنس لأب الشاب بعد ترمله و وفاة السيدة سورين أشهر بعد زواجهما.

تغلبت علي جراحها و آلامها و أطمئن عمها علي مصيرها و هذه هي النهاية السعيدة لكل من يتمسك بالقيم، فمهما يشتد الإبتلاء، الصبر مفتاح الفرج و الإصرار علي الحق أجره عند الرب الواحد الأحد خير من الدنيا و زخرفها...

قراءة 1611 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 20 تموز/يوليو 2022 15:17

أضف تعليق


كود امني
تحديث