قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 19 آب/أغسطس 2012 10:39

الأخوة الإنسانية أنقذتني

كتبه 

 

حينما أطبق الشر علي الجزائر في التسعينيات لم أجد إلا عقيدتي و الأخوة الإنسانية لأحافظ علي تماسكي و توازني طيلة عشرية دموية مجنونة.

كنت حديثة العهد بالجزائر، عدت إليها في 3 جويلية 1987 و عام بعد ذلك وقعت إنتفاضة 5 أكتوبر 1988، لم أفهم حينها أسباب تلك الإنتفاضة بإعتبار أنني كنت أنظر إلي الأوضاع الداخلية للجزائر أقل تأزما و ظلما من الدولة العربية التي كنت أعيش فيها و عائدة منها.

فرغم سيطرة حزب واحد علي حياة الجزائريين لعقود و منذ الإستقلال كانت هناك حرية تعبير نسبية تسمح حتي لمناضلي هذا الحزب الأوحد من إبداء رأيهم المعارض لسياسات الدولة علنا و هذا ما كان غير مسموحا به في دول عربية تتمتع بديمقراطية الواجهة آنذاك.

نعم كان هناك ظلم في بلدي و كانت شرائح واسعة من الشعب متذمرة من الفساد و من صعوبة الحصول علي الخدمات العامة الأولية إلا أن الأمر كان قابل للإصلاح بالنضال السياسي السلمي و بعد 5 أكتوبر و صدور دستور 1989 و إطلاعي علي بعض بنوده أدركت أن البلاد مقبلة علي كارثة، فذلك الدستور فتح الباب علي مصراعيه لكل التيارات البناءة و الهدامة علي السواء لتحتل الساحة و تثبت للمواطن المسكين أنها الأجدر بحكمه.

خاصة أن هذا الدستور لم يهيأ الظروف التي تسمح للمواطن الجزائري بالإنتقال من مرحلة الحزب الواحد و التسيير الواحد و الرأي الواحد إلي مرحلة تقبل الإختلاف و الرأي المخالف و التعددية السياسية بشقيها الفكري و العلمي، فوجد نفسه المواطن الجزائري فجأة أمام أكثر من 70 حزب و أكثر من 40 جريدة و حصص تلفزيونية علي قناة عمومية تعطي الكلمة لجزائريين متنافرين مختلفين في تصورهم لم يجب أن يكون عليه المجتمع و عند وقف المسار الإنتخابي و إغتيال الرئيس بوضياف رحمه الله، حصل المحظور و إنتقل عمليا الخلاف السياسي البحت إلي ساحة القتال و إزهاق الأرواح من أجل الحصول علي فتات الدنيا.

بداية من تلك الحقبة، كنت قد بدأت نشاطي في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان المسلم و التوثيق لرواياتي التي كنت مصرة علي كتابتها بعيدا عن أجواء التناحر و النزاع بين أطراف جزائرية متهورة.

فوجدت نفسي أقوم بإتصالات بأشخاص من أهل الكتاب أجانب يعيشون في الجزائر و هم فعلا قدموا لي بالإضافة إلي العون المهني دعما معنويا كبيرا لأواصل وتيرة حياتي كما لم يكن هناك شيء من حولي.

فقد وصلت المجازر و المذابح إلي الحي المجاور لحي و وقع إستنفار القوي الذاتية لحينا للدفاع عن أرواحنا طبعا بالتنسيق الكامل مع الأجهزة الأمنية الجزائرية التي لم تبخل بدوريات المراقبة و تقديم النصح.

أذكر أن صديقاتي العربيات إنسحبن الواحدة تلو الأخري و تركنني أعيش علي أعصابي جنون الرصاص و الذبح، و كل واحدة منهن تحججت بظروف خاصة بها. فإذا بي أتفاجئ ذات يوم بطرق علي باب بيتي و عندما خرجت، وجدت أحد سكان حي يخبرني بأنه وصل في محله فاكس بإسمي و الرجل كان يدير محل لهاتف عمومي و خدمات أخري و عند تسلمي للفاكس بكيت بمرارة! كان الفاكس من صديقتي الأمريكية التي غامرت بحياتها لتواجه عاصفة ثلجية كي تتجه إلي أقرب مدينة من مزرعتها لترسل لي فاكس تضامن بعد ما سمعت في نشرات الأخبار أن المذابح وصلت إلي ضواحي العاصمة الجزائرية!!

كتبت لي صديقتي جودي كوري ما يلي :

"عفاف إعلمي أنني و زوجي ذهبنا إلي الكنيسة و صلينا صلاة خاصة بك و بعائلتك لينقذكم الرب و يعيد السلام إلي ربوع الجزائر الجميلة!!"

فتمتمت بين نفسي يا إلهي مشركة بالله تغامر بحياتها و تصلي من أجلي و أخواتي في العقيدة و العروبة تتخلين عني.!!!! سبحانك يا رب.

أما عن دعم بعض أهل الكتاب ممن تعرفت عليهم بحكم المهنة في الجزائر، فهم كانوا في مستوي إنساني راق  جدا. أحدهم قال لي و هو يستقبلني : ثقي بأن كل ما تعيشونه من مآسي له نهاية و ستخرج الجزائر أقوي مما كانت.

-هل تعتقد ذلك ؟ سألته.

-طبعا تصوري سيدتي بلدك يمر بأصعب مرحلة من إستقلاله و رغم كل شيء فالصحافة في بلادك تتمتع بقدر من الحرية تحسدها وسائل الإعلام في بلدي، فدولتكم بغض النظر عن الظروف العصيبة التي تمر بها لم تقيد حرية التعبير. فعلا أنتم تدهشوننا!

و آخر قال لي :

-       هذه المحنة المريعة ستعلم الجزائري أن يفرق بين النضال السياسي السلمي من أجل مواجهة ظلم السلطة و فسادها و بين إشعال فتيل حرب تقضي علي الأخضر و اليابس، فالجزائريين محكوم عليهم بأن ينضجوا !! فالتغيير الذي يأتي عبر القوة المسلحة ليس تغييرا بل تهديما و قد كان من المفروض أن تطول المرحلة الإنتقالية ليتمكن الجزائري من الفرز بين الغث و السمين الذي تطرحه الديمقراطية.

-       -أوافقك في أن الدولة تسرعت في تنظيم إنتخابات بلدية و تشريعية، تسرع الجميع و الجميع أراد قطف الثمار قبل الآوان.

-       -و هذا التسرع كلفكم غاليا، نحن في بلدي علي يقين بأن الجزائر قادرة علي تجاوز هذه المحنة و ما يهمنا هو ما سيلي سنوات القتل و التدمير.

-       -و ماذا تتوقع ؟ قلت له لا تقل لي بأن كل شيء سيكون علي ما يرام، إنني جزائرية و أجزم بأنني أعرف أبناء بلدي،  و ما أعرفه أن هذا القتل الهمجي سيولد أحقادا و يا  ويلنا من الجزائري الذي يكره و يحقد!! حقد مواطننا مميت سيأتي جيل مهزوم ضعيف لأبعد الحدود أخلاقيا و أما مشاكل الفساد و الإستبداد لن تحل بضربة عصا.

فرد علي الرجل:

- لا لن أقول لك ذلك. ستهدأ الخواطر سيحقن الدم البريء و لعلكم تعرفون فترة إستقرار نسبية و أما الملفات الكبري التي ذكرتيها يتوقف حلها علي مدي نضج الطبقة السياسية و النخبة و المجتمع المدني و طبعا الشعب الجزائري.

أما رجل كتاب آخر فكان دعمه من نوع آخر"من المهم جدا أن تصمدي."

-طيب، لماذا ؟ سألته.

-لأنك شاهد حيادي لم جري في بلدك و أنت قادرة علي تقديم شهادتك في الوقت المناسب. ثم إنك سيدة ذكية يستحيل عليك أن تستسلمي لهواجس الخوف و الإنهزام.

لم أقل للرجل الكتابي أن السيدة الذكية أصبحت لا تنام من شدة سيطرة الكوابيس علي نومها، فصور الرؤوس المقطوعة و الجرحي و الأيتام من الأطفال و المعتقلات و التجاوزات الأمنية و التعذيب و التعسف الإداري و التفجيرات و القبور التي كانت تنتشر بسرعة البرق و الخوف الذي كان يمتلكنا و نحن نستقل وسائل النقل العمومية، و قد فقدت أقرباء و أناس أعزاء، ماتوا مقتولين!! و البعض منهم لم أجد حتي الشجاعة لتخطي حاجز أمني، لأقوم بواجب العزاء مخافة أن يكون الحاجز الأمني مزيف!

لا أنسي دعم أعاجم المسلمين لي ، فذلك الأخ البوسني الذي إستغرب إهتمامي بقضية بلاده و الذي إستقبلته في بيتي رفقة والدي رحمه الله:

 -كيف تهتمين بالبوسنة و الهرسك و بلدك يشتعل نار ؟

-أعتقد بأن رابط العقيدة أقوي من أي إعتبار آخر، نحن لا نتعرض لحرب إبادة في الجزائر كما يقع في بلدكم، نحن نتقاتل من أجل خلاف سياسي.

و أذكر أن أحد رجال الكتاب ذهب به الأمر للإقتراح علي زيارة بلاده لبعض الوقت، فرفضت من منطلق أنه كان يتعين علي البقاء إلي جنب أهلي و في أرضي في ذلك التوقيت الزمني بالذات.

كيف أعبر عن إمتناني لكل هؤلاء و قد فرقت بيننا السنين، فمعظم من عرفتهم في إطار مهني غادروا الجزائر و بعضهم أبقي علي تواصله معي و البعض الآخر إعتذر لكثرة إلتزاماته و لكنهم كلهم بدون إستثناء لحظة توديعي لهم قالوا لي : سيدة عفاف إن إحتجت لنا في يوم من الأيام، لا تترددي لحظة واحدة لتتصلي بنا !

كم كانوا نبلاء و كم كانوا إنسانيين، كنت أحاول أن أرد جميلهم بالسؤال عنهم و قد كنت أسئل عن أحدهم و زوجته، لأنه كان مسجونا داخل مقر عمله لظروف أمنية مشددة.

في مرة من المرات إتصلت به، فسألني :

-خير ؟ هل كل شيء علي ما يرام ؟

-نعم، إتصلت فقط لأسئل عنك و زوجتك الكريمة. أتصور معاناتكم و أنتم المشهورون عبر العالم بحركيتكم و حبكم للحرية.

-أشكرك جزيل الشكر، بالفعل أكاد لا أطيق حالة الحبس المستمر التي نعيشها لكنها أيام و تمضي.

لكل هؤلاء أبقي ممنونة و وفية و الله عز و جل في حكمته الغالية و الرفيعة خلق الكافر و المؤمن و المسلم و الكتابي و الجبان و الشجاع و الطيب و الشرير و أوصانا خيرا بأهل الكتاب ممن لم يقاتلونا و لم يعتدوا علينا، و الآية القرآنية 13 من سورة الحجرات تعبر بحق و بإيجاز إعجازي عما أريد إيصاله للقاري الكريم :

 (يا أيها الناس إنا قد خلقناكم من ذكر و أنثي و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير)

قراءة 2496 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 07 تشرين2/نوفمبر 2018 14:53
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث