لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار
بعد ما أنهيت مطالعة "الثورة الصناعية الثالثة"لجيريمي ريفيكن، اخذت كتابه الموالي بعنوان "المجتمع الجديد ذات هامش الربح صفر أنترنت الأشياء و بروز الدوائر التعاونية و إختفاء الرأسمالية..." و غصت فيه. كانت رحلة من أكثر الرحلات إفادة خضتها مع جيريمي ريفكين، أبحر بنا هذا الخبير الإقتصادي الأمريكي عبر مراحل و أطوار نحو عالم جديد تختفي فيه الفوارق الصارخة و تسوده قيم التضامن و التكافل و المشاركة و أكثر ما شدني إلي مبحثه، تفعليه لقيم نبيلة نسيناها في خضم الرأسمالية الوحشية و حب الملكية الفردية و الأنانية المفرطة.
في عالم ما بعد العولمة و نهاية الرأسمالية بمفهومها المتداول من ربح سريع و مراكمة الرأسمال في إتجاه عمودي سننتقل إلي طور جديد حيث تسير العمل و التبادلات البشرية قيم التعاون و التضامن و تقاسم كل شيء من ألعاب الأطفال إلي أدوات بناء البيت إلي ادوات إصلاح السيارات و هذا سيتم عند إنجاز اربعة أنواع من الإنترنت :
/إنترنت المعلومات
/إنترنت الطاقة
/إنترنت الأشياء
/إنترنت اللوجستيك
فنحن نتجه أكثر فأكثر إلي إعتماد حلول تحافظ علي الثروة البشرية و الحيوانية و البيئية و تقود هذا الجهد الجبار جماعات معرفية و علمية في مراكز الأبحاث العامة و الخاصة و المتوزعة من الشمال إلي الجنوب و من الغرب إلي الشرق.
بعد إستعراض تاريخي لنمو و تطور الآلة الصناعية و الإقتصادية و كانت فرصة لإستعراض ما إختصت به فترة العصر الوسيط من إحلال نظام الدوائر التعاونية بحيث يتبادل أفراد مدن و قري صغيرة البضائع و أدوات الإنتاج من قطعان البقر إلي أدوات الحرث إلي وسائل الدفاع عن الوجود الإنساني.
سرد جيريمي ريفكين مشوق لأبعد الحدود، تجد نفسك تلتهم أكثر من 400 صفحة دفعة واحدة بدون أدني ملل. و كوننا معنيين أكثر بأنترنت الطاقة في عصر تدني أسعار النفط و نضوبه بالدول المنتجة الرئيسية لا بد لنا من وقفة :
ماذا أعددنا لم بعد النفط و الغاز ؟ بحسب ريفكين خياراتنا متعددة بين الهيدروجين، الطاقة الشمسية و طاقة الرياح و المائية و كل هذه، ميزتها أنها نظيفة و قابلة للتوزيع بين سكان منطقة ما. فالمبادرة الخاصة إلي جنب الجهد الحكومي وارد و هذا ما نتوقعه من دولتنا في بلد غني بكل أنواع الطاقة من أمواج البحر إلي الرياح إلي الشمس، إلخ...
إلي حد الساعة لم نضبط بعد إستراتيجية طاقة بديلة لا علي المستوي المحلي و لا علي مستوي المغرب الكبير، فكيف بالفضاء العربي و الإسلامي ؟
تتحقق المجانية الموعودة بإعتماد حلول عملية و ذات تكلفة تقارب الصفر، و هذا ممكن و ليس مستحيلا. و نحن في طور يسمح لنا بالإنتقال من الطاقة الأحفورية إلي طاقة غير قابلة للنضوب و وضع منهجية عمل و خطة محكمة في متنوالنا، نحن نملك العقول و الثروات و ما ينقصنا كالعادة الإرادة السياسية.
هذا و علي الجميع أن يفهموا بان مباديء التضامن و التكافل كفيلة بان تضمن لنا إستقلالية و رفاه نرنو إليهما منذ خروج عساكر الإستدمار من بلادنا. و مثل هذه القيم ترسخها و تفعلها في آن هذه المرة التكنولوجيا، فقد أصبحنا ننتج أخبارنا و نهتم بما يعنينا في إنترنت المعلومات و التواصل الحر، حان الوقت لنستغل تجربتنا خير إستغلال في مجالات جديدة و أهمها إنترنت الطاقة.
يسمح لنا إنترنت الطاقة بإحلال نظام جديد من الإنتاج ألا و هو إنترنت الأشياءـ تصوروا هم بصدد إنتاج خلايا بشرية، تقدمت كثيرا عملية الطبع ذات الثلاث أبعاد. مع بيع رخيص للمواد، تكفيك طابعة لإنتاج أكواب و مفاتيح إلخ...
و إحدي أهم القضايا التي ناقشها بإقتدار جيريمي ريفكين، تحول الفرد من مستهلك إلي منتج و كيف تغيرت النزعة التملكية لتتيح فرصة المشاركة و الوصول إلي الآخر بدون الحواجز المعهودة. فالثورة القادمة ليست ثورة علمية تقنية بقدر ما هي ثورة في المفاهيم، لزمن طويل بنينا عالما حول الملكية الفردية و جاء أخيرا الزمن الذي نتشارك فيه في كل شيء و أوله المصير.
نحن في ذيل الركب الحضاري غير أن الأمل وارد ما دامت العزيمة و الرغبة الأكيدة في الخروج من عنق الزجاجة. فما بشرنا به جيريمي ريفكين في كتابه هذا وعد مشفوع بعمل حثيث هائل و صادق، و الخيارات عديدة، يبقي ضبط إستراتيجية نهضة شاملة من إيغور إلي أدغال نيجيريا.
*عنوان الكتاب "المجتمع الجديد ذات هامش الربح صفر أنترنت الأشياء بروز الدوائر التعاونية و إختفاء الرأسمالية"جيريمي ريفكين دار نشر بابل، طبعة 2014.
