لنفترض أننا كمسلمين واصلنا وتيرة النمو و التطور العلمي الذي شهدناه ايام إزدهار الحضارة الإسلامية، هل كنا نولي للصورة المتحركة الأهمية القصوي التي تتمتع بها حاليا ؟
يدعو بعض نخبنا إلي الإستغلال الحسن لتكنولوجيا غربية وافدة، فيا تري هل هذا الإستغلال الحسن يلغي المضامين الضارة لهذه التكنولوجيا ؟
فالذي يجب أن لا يغيب عنا، أن وسائل التكنولوجيا تساهم بقدر كبير في تشكيل ذهنيات مستعمليها و تعاطي المسلمين، تعاطي المغلوب مع الغالب، فهم لا يعدو أن يكونوا مجرد مستهلكين سلبيين لثمرات العلم الغربي.
حافظ الإسلام في حثه علي طلب العلم الدنيوي علي مقاصد الشريعة من حياة و نسل و مال و عقل و دين، هذا ما لم يذهب إليه علماء الغرب في نهضتهم، فهل كان سيطور العلماء المسلمين السلاح النووي مثلا ؟
العلم من منظور الإسلام يفيد البشرية بتحقيقه لمصالح الناس و إحترام ملكوت الله من بيئة و طبيعة، في الجهة المقابلة و بإعتراف احد الخبراء الإقتصاديين الأمريكيين جيريمي ريفكين فقد ارسي الغرب معالم رأسمالية جشعة كل همها منصب علي الربح بأي ثمن حتي و إن أدي الأمر إلي إستغلال البشر في بنغلاديش و الهند و إيذاء التوازن البيئي، و النتيجة نلمسها في تدهور اوضاع المعيشة لملايير من الناس و تقلبات مناخية عنيفة.
فنحن لم نبارح موقف المنبهر بعجلة التطور العلمي في الغرب دون غربلة منا و دون تمييز، فليس كل ما تفتق عنه عقل العالم الغربي نأخذه كما هو و نهلل له، نحن كمسلمين لنا خصوصيتنا و أي تطور علمي لا بد أن يقترن بإطار أخلاقي صارم و واقعنا اليوم حزين، فنحن في تبعية ذليلة لشركات و مصانع و مراكز البحث الغربية و لا نملك إستراتيجية تسمح لنا بكسر هذه التبعية و النهوض ثانية بعد ركود حضاري طويل و طال مداه.
وفق منظور الإسلام، يحقق العلم مناعة المجتمع المسلم قبل كل شيء بينما ما نراه يوميا في تعامل الناس مع أدوات التكنولوجيا الغربية تعامل قائم علي مركب النقص و علي إحتقار الذات، فلا سبيل لنضهة علمية إسلامية من دون إستقلال فكري روحي و رغبة صادقة في إفادة البشرية ...