قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 18 حزيران/يونيو 2014 11:55

الهوس الغربي بالسيطرة على الإنسان (عرض ومناقشة كتاب: الذرة الاجتماعية – مارك بوكانان)

كتبه  الأستاذ محمد إلهامي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

يحاول الكتاب تقديم تفسير جديد للسلوك الإنساني من خلال النظر إلى البشر من "زاوية أخرى"، إن هذا هو ما يجعل الكتاب يبدو شائقا مثيرا و مهما في أوله، و لكن ما يلبث سقف الطموحات أن ينخفض كلما توالت صفحات الكتاب حتى يتمخض الكتاب عن فكرة تبدو للقارئ الشرقي سطحية و بسيطة و ربما تافهة.

ربما لو كنتُ غربيًّا لاعتبرتُ هذا الكتاب عظيما، و في ظني أن هذه هي قيمة الكتاب الحقيقية: خروجه من الغرب و انطلاقه من أرضية فكرية غربية ليهدم فكرة غربية شائعة ثم ليبني غيرها، و لكنه يبنيها على نفس الأرضية الفكرية الغربية.. أما في أرضنا و عالمنا الشرقي (العربي و الهندي و الصيني و سائر الشرق) فلا يبدو الكتاب ذا قيمة كبيرة.

***

فكرة الكتاب متمثلة في أن الناس إذا نُظِر إليهم مثلما ينظر علماء الفيزياء إلى الذرات فإن كثيرا من السلوك البشري سيتم تفسيره بسهولة، مما يجعلنا على أعتاب علم جديد هو "الفيزياء الاجتماعية"، و هو علم سيُحْدث في الاجتماع طفرة تشبه ما صنعته ثورة "الكم" في الفيزياء.

لقد لوحظ أن الناس يتحركون جماعيا في "أنماط"، حتى مع اختلافهم في الأهواء و الرغبات و الميول، إلا أن ثمة مايجعلهم يتحركون في لحظة معينة تجاه موقف معين بسلوك واحد، هذه الحركة نفسها ما تلبث أن تؤثر على آخرين فتجذبهم إلى فعل نفس السلوك مما يزيد من قوة و عمق هذا السلوك، بهذا يمكن تفسير انقلاب كثيرين في لحظات معينة إلى طائفيين و عنصريين و دمويين، كما يمكن تفسير تطور مدينة بعينها من التخلف إلى التقدم بدون عامل استثنائي ظاهري، كما يمكن تفسير نجاح الشركات و المناطق الاقتصادية و غيرها.

لهذا ينبغي أن نبتعد عن محاولة دراسة السلوك الفردي لكل شخص على حدة في مثل هذه الظواهر، و الاتجاه إلى دراسة "الأنماط"، لأن الخلافات بين الأفراد واسعة و مليئة بالتفاصيل و كثيرة التعقيد بينما دراسة الأنماط ستوفر كثيرا من التفاصيل غير المهمة و لا الضرورية لترصد كيف تتفاعل هذه المكونات البشرية الشديدة الاختلاف و المليئة بالتفاصيل حين تلتقي في جماعات، و حين تواجه –كجماعة- نفس المواقف.

إن هذا شبيه جدا بما تم في عالم الفيزياء، حيث إن نفس الذرات يمكنها أن تتجمع في أشكال متعددة، و يعتمد تكون المادة المتكونة من هذه الذرات على طريقة تفاعلها مع بعضها، فلهذا تختلف المواد النهائية و خصائصها باختلاف "سلوك" أو "نمط" الذرات في تفاعلها.

هذه هي الفكرة الرئيسية في الكتاب، و التي خصص لها المؤلف الفصل الأول.. ثم حاول في الفصول التالية أن يقدم ملامح الأنماط البشرية.

في الفصل الثاني وضع المؤلف عددا من حالات التحول الاجتماعي و الاقتصادي التي تبدو غريبة، و تبدو أسباب نجاحها غير مفهومة، وضعها ليثبت فكرته القائلة بأنه لا تفسير لمثل هذه التحولات إلا بالنظر إلى "الأنماط"، و باعتماد نظرية "الذرة الاجتماعية" التي هي المدخل لعلم "الفيزياء الاجتماعية" في تحليل السلوك الإنساني.

حاول المؤلف في هذا الفصل أن يثبت أن الإنسان يخضع لقوانين علمية صارمة مثل التي تخضع لها الذرات في الفيزياء، و أن يرد على الاعتراضات التي قد يواجهه بها القاريء مثل: اختلاف الإنسان عن المادة، أو مثل وقائع تاريخية تثبت أن التاريخ –باعتباره حقل التجربة الإنسانية- لا يُتَنَبَّأ به كما يمكن التنبؤ بالتجربة في المعمل، و هكذا [و الحقيقة أن هذا الجزء هو الأكثر تخبطا و اضطرابا في كتاب المؤلف، و لكن سنمضي في العرض الآن و نؤجل النقاش و النقد بعد قليل]

و في الفصل الثالث اهتم المؤلف بهدم الفكرة القائلة بأن الإنسان كائن عقلاني، أي يتصرف في كل أموره بعقلانية واضحة و يستطيع أن يحدد –بقرار عقلي بحت- أين تكمن المصلحة، و هي الفكرة المركزية في الفكر الغربي، و بنيت عليها كثير من الفلسفات و النظريات و لا سيما النظريات الاقتصادية، لقد استطاع المؤلف من خلال تحليل كثير من الحالات أن يهدم هذه الفكرة، مع التركيز على الحالات الاقتصادية باعتبار الاقتصاد هو النشاط الأبرز للحالة العقلانية.. يخرج القاريء من هذا الفصل و قد اقتنع أن الإنسان ليس عقلا فحسب.

و في الفصل الرابع عرض المؤلف لفكرة "الذرة المُتَكَيِّفة"، و فيها يقول بأن الإنسان لديه القدرة على التكيُّف و استيعاب المستجدات، و ناقش كيف أن هذا التكيف كفيل وحده بتدمير التنبؤات التي تُبنى على "العقلانية" وحدها، ثم كيف يكون هذا التكيف سبيلا لتفسير العديد من حالات التحول.

و في الفصل الخامس عرض لفكرة "الذرة المُقَلِّدة" على أساس أن الإنسان يحاكي غيره في كثير من الأفعال و ليس متخذا للقرار بعقلانية كما يتوقع المفكرون و علماء الاقتصاد، و أن هذا التقليد يفسر كثيرا من السلوك الإنساني، فانتشار الشائعات –مثلا- هو أبسط تعبير عن هذه الخاصية الإنسانية، إذ يتناقل الناس بالتقليد أمورا لم يروها و لم تقم عليها دلائل، كذلك فإن الغريزة المقلدة هي التي تدفع لانتشار الاحتجاجات و اتساعها حتى لو لم يكن المفجر لها قويا، فالإنسان بطبيعته يميل إلى الانسجام مع من حوله و قليل هم من يبذلون مجهودا لمخالفة التيار و التعرف على الحقائق بأنفسهم.

و في الفصل السادس عرض المؤلف لفكرة "الذرة التعاونية" مثبتا أن الإنسان يميل إلى التعاون مع غيره من بني البشر حتى لو لم يكن يعرفهم، و حتى لو لم يكن هذا يعود عليه بالنفع، هذه المخالفة الصريحة للعقلانية المادية التبادلية التي تقوم عليها النظريات الاجتماعية الغربية و تظهر بوضوح في النظريات الاقتصادية ربما –كما يقول المؤلف- تكون من ميراث أجدادنا القدماء، لقد تأصلت فينا هذه الصفة حتى لو لم يعد لها مردود مادي.

و في الفصل السابع يناقش المؤلف كيف أن الإنسان بطبعه ميال إلى التحيز و التميز و الالتصاق بمجموعته، و بالتالي فإن لديه بذورا عدائية ضد "الآخر"، و لربما –كما يقول- كان هذا ميراثا من أجدادنا القدماء الذين اعتادوا على العيش في قبائل و جماعات متفرقة تعرف نفسها بالتميز عن غيرها و معاداة هذا الغير، و بهذا يفسر المؤلف اندلاع النزاعات العرقية فجأة بعدما بدا أن الناس قد اعتادوا العيش في سلام، أو كيف ارتفعت شعبية بوش فجأة من الحضيض بعد هجمات سبتمبر، و بالتالي فإن القائد أو الزعيم السياسي ليس بالضرورة ممتلكا لمواهب فائقة و لكن هو ذلك الإنسان الذي لديه القدرة على اكتشاف و توجيه طاقة العداء في قومه، فالسياسة هي "التنظيم المتوالي للأحقاد" كما يقول المؤرخ الأمريكي هنري بروكس آدامز.

و في الفصل الثامن يأخذ موضوع الثروة كتطبيق لفكرة الأنماط، و كمثال ناجح لاستعمال علم "الفيزياء الاجتماعية" إذ سيَثْبُتُ أن ثمة قانونا كونيا ينظم توزيع السلطة بين الناس، هذا القانون الذي تفرزه الحضارات جميعا و الشعوب جميعا هو الذي يجعل الأغنياء يزدادون غنىً و الفقراء يزدادون فقرًا.

و في الفصل التاسع أخذ موضوع المنافسة و نمط العمل في الشركات كتطبيق آخر لفكرة الأنماط، و خلص إلى أن حركة التاريخ تتكرر لأن القوانين تعمل و تعمل وتعمل ثم تعمل ثم تعمل حتى تعيد ترسخ أنماطا معينة إلى حد معين ثم يبلغ الأمر مداه النهائي فيتم الانقلاب لتعود الأمور سيرتها الأولى.

***

كان ما سبق هو العرض، و ما يأتي هو المناقشة و النقد:

بداية ينبغي التنبيه على أن الكتاب يمثل مراجعة جديدة للأفكار الغربية بخصوص الإنسان، و هو على هذا المستوى مفيد، إلا أن مشكلته الرئيسة أنه ينطلق من نفس الأرضية الغربية التي تجعل الإنسان جزءا من الطبيعة المادية، و على هذا فهو محكوم بقوانين مادية صارمة نحتاج إلى اكتشافها لكي نتحكم في الإنسان و نستثمره كما فعلنا مع الطبيعة.. لا وجود لاحتمال أن يكون الإنسان متفوقا على الطبيعة و متجاوزا لها، إذ أن مجرد ورود هذا الاحتمال يدفع إلى الإيمان بالخالق الذي خلق الطبيعة و خلق الإنسان، و جعل هذه على طبيعتها المادية و منح للإنسان طبيعة أخرى.

و المؤلف غير مستعد لمثل هذه الأفكار فهو مؤمن بالتطور و بالنظرية الداروينية لأصل الإنسان، و على رغم أن بحثه هذا قد أثبت له أن ثمة خصائص "إنسانية" لا توجد في المادة كالأخلاق التعاونية، أو التقليد و المحاكاة، إلا أنه عزا هذا سريعا إلى الميراث القديم الذي ترسخ فينا و وصل إلينا عبر أجدادنا الذين كانوا مضطرين للتعاون في ظروف تفرض عليهم أن يكونوا متعاونين و إلا خسروا جميعا. لقد أطال المؤلف في هدم "العقلانية المادية" التي تسيطر على الفكر الغربي، لا سيما الفكر الاقتصادي، حتى لقد قاربنا منتصف الكتاب و هو ما يزال يشبع هذه الفكرة هجوما، و كان حريا به بعد هذه الإطالة أن يفكر في التجاوز الإنساني للمادية الموجودة في قوانين الطبيعة، لا سيما بعد أن أتحفنا كثيرا بخصائص إنسانية بحتة.. إلا أنه لم يفعل، و ذلك لفساد الأساس أصلا.

لهذا قد يكون الكتاب عظيما في بيئته الغربية، ربما يكون مفاجئا للغربيين اكتشاف هذه الغرائز إلا أنه على الأقل غير مفاجيء لنا نحن، فنحن الشرقيون (بمعنى الحضارات الشرقية) ما زالت تهيمن علينا عقائدنا التي تصرح بأننا شيء و الطبيعة شيء آخر، و أننا متميزون بهذه الأخلاق التراحمية، و المؤمنون بالأديان السماوية يعلمون أن هذه الغرائز ليست لأننا ورثناها من أجدادنا القدماء، بل لأن فينا روحا من الله تجعلنا أسمى و أوسع من أن نكون ذرات مادية. و لقد أدى هذا إلى أن الشرق ما زال متحفا حافلا بالعديد من الأجناس و الألوان و الحضارات و العادات فيما تم تنميط المجتمعات الغربية تماما، و يمكن العودة في هذه النقطة لكتابات الفيلسوف الراحل د. عبد الوهاب المسيري، و من ثم فلا أظن أن الكتاب مفيد للشرقيين إلا على مستوى معرفة الأفكار السائدة و مسار الفكر في الغرب.

كان أكثر الأجزاء تخبطا و اضطرابا في الكتاب محاولته إثبات أن هذا العلم يمكن به السيطرة على السلوك الإنساني و التنبؤ به كما أمكن هذا بالنسبة للفيزياء في المعمل، لقد بدا مضطربا في الرد على الفوارق بين الإنسان و المادة و بين التنبؤ بالتاريخ و التنبؤ بالتجربة، و مارس نقضا لأقوال غيره بأكثر مما مارس إثباتا لأقواله، و بدا منشغلا بإسقاط نظرياتهم على رغم أن سقوطها لا يعني أن نظريته هي البديل الصالح.

و ملحوظة أخرى تنتشر في الكتاب و لا تفلتها العين، تلك هي الغموض الذي يحيط بالتجارب التي تمت على الكمبيوتر، فالمؤلف يحكي كثيرا عن أمثلة قام بها العلماء في محاولة استكشاف السلوك البشري، فيذكر مثلا كيف تمت التجربة و كيف كانت نتائجها، إلا أن كثيرا من هذه التجارب لم يذكرها و اكتفى بالقول بأنه بوضع هذه البيانات على الكمبيوتر أخرج لنا الكمبيوتر النتيجة التي تقول كذا، و لسنا نعلم كيف تمت "برمجة" هذا الكمبيوتر ليكتشف سلوكا إنسانيا؟!! و لهذا فإني من هذه التجارب و النتائج على شك.

***

إنها محاولة غربية أخرى للسيطرة على الإنسان و على التاريخ و تكريس التفوق الغربي من خلال التنبؤ بالمسارات الممكنة و توجيهها أو الاستفادة منها، و هي في تقديري محاولة فاشلة أخرى، لأنها طلب ما لا يُدرك.


[1]باحث في التاريخ والحضارة الإسلامية، صاحب مدونة المؤرخ (http://melhamy.blogspot.com)

الرابط:

http://www.fustat.com/book_rev/ilhamy_5-11.shtml

 

 

 

قراءة 2041 مرات آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 15:21

أضف تعليق


كود امني
تحديث