قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 02 تموز/يوليو 2012 08:06

هكذا جاء إلي الحكم السيد بن بلة شهادة عبد الرحمان فارس

كتبه  الأستاذ عبد الرحمان فارس رحمه الله
قيم الموضوع
(1 تصويت)

بعد الإحتفال بالإستقلال؛ إنعقدت أول جلسة عمل مع أعضاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، الموجودين بالجزائر، في مقر الولاية، قدمت خلاله عرضا وجيزا أبرزت فيه المشاكل المستعجلة التي بقيت عالقة؛ و إثر ذلك تقرر تعيين الولاة 

 

و نواب الولاة لمباشرة العمل فورا بعد إنهاء مهام زملائهم الفرنسيين في اليوم نفسه. و قبل رفع الجلسة إقترحنا علي الرئيس بن خدة إنهاء

 مهامنا لتمكين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية من أخذ زمام الأمور بيدها وعيا منا بضرورة التعجيل بأخذ هذا القرار.

قال لنا الرئيس بن خدة: هذا موضوع غير وارد في الوقت الراهن فأمامنا مشاكل عويصة تنتظر الحل. أنا متفهم تماما لما يشوب وضعيتكم من إلتباس و لهذا فسوف يتابع كل من بن طوبال و دحلب أشغالكم بإنتظام.

رفعت الجلسة فعدنا إلي، و فور وصولنا عقدنا إجتماعا لتبادل الآراء حول لقاءنا مع الرئيس بن خدة و أعضاء الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. و في مساء نفس اليوم إستقبلت بن طوبال و دحلب علي مائدة العشاء  و أغتنمت هذا الفرصة لأطلب منهما إعداد خطة عمل. فأجابا :


نحن منشغلون بأمور أخري. واصل عملك فأنت علي دراية بالوضع الداخلي للبلاد و سنأتي لزيارتك، من حين لآخر كلما سمحت الظروف بذلك.

و بعد إنصرافهما توجه إلي خميستي، و هو مدير ديواني، قائلا: إنني اخشي أن تواجهنا مشاكل جديدة. فلقد بدأت المخاوف التي ساروتك، منذ سفرك إلي تونس و طرابلس، تتأكد و مما يثير قلقي، في هذه الآونة، أن الأوضاع في الولايات ما فتئت تزداد تدهورا.

أما السيد شنتوف، الذي كان في إتصال مستمر مع الولاة و رؤساء الدوائر، فقد تجاوزته الأحداث. أشرفت معه علي إستقبال الولاة، واحدا بعد واحد، فقدموا لنا نبذة من المشاكل المطروحة و المستعجلة: الإسعافات و الأدوية و الإمكانيات المالية إلخ...

 و لكن أخطر مشكلة واجهتهم هي صعوبة التعامل مع بعض العناصر التي كانت تبادر إلي تجنيد الشباب بدون رخصة بغرض تضخيم أعداد الجند، و كان السكان يسمونهم "قوم مارس"، فنصحناهم بتوخي الحذر نظرا للوضعية الحرجة للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية. كانت تعليماتنا إلي الموظفين، علي إختلاف مواقعهم، أن يلتزموا الصبر و يتحلوا بالدبلوماسية ليتفادوا أية مشاكل مع قادة الولايات. بعد بضعة أيام من هذا الإجتماع؛ زارني والي تلمسان، السيد مدغري، الذي حضر خصيصا ليقول لي ما يلي:

إن بعض القادة العسكريين يتدخلون في مشاكل لا تعنيهم و لا يمكن الإستمرار في العمل بهذه الصفة؛ فكيف أتصرف؟

قلت له: يسعدني سماع هذا منك، بصفتك ضابطا سابقا في صفوف جيش التحرير الوطني، ذلك أن من الضروري التمكين للسلطة المدنية و لكن بلين؛ و أنا أعرف مدي حساسية هذا الأمر. إننا في وضع مزدوج الحساسية: الوضع الحقيقي للبلاد، من جهة، و الوضع السياسي المتأزم، من جهة أخري، فبصفتنا مناضلين واعين بسمؤولياتنا فما علينا سوي التحلي بالصبر، مهما كلفنا ذلك، لنتمكن من الخروج من النفق.

بعد ذلك بأسبوع؛ اخبرني مدغري، هاتفيا، بعودة الأمور إلي نصابها و أنه لم يعد يعاني أية صعوبات من طرف المسؤولين العسكريين. لقد إحتفظت من اللقاء مع السيد مدغري بذكري طيبة؛ و أكثر ما شدني إليه هو إدراكه للواجب و إلتزامه الصرامة في كل ما يتصل بالمصلحة العليا للبلاد.

حاولت السلطات المدنية، التي تم تنصيبها في المناطق الداخلية للبلاد حديثا، أن تبسط سلطتها شيئا فشيئا بفضل المساعدة التي قدمها لهم  أعضاء الهيئة المؤقتة و علي الخصوص حميدو المكلف بالشؤون الإجتماعية علي المستوي الوطني. كانت المصالح التابعة له تعمل ليل نهار لتزويد كل محافظة بالأدوية و المواد الغذائية. و بالرغم من الجهود التي كانت الهيئة التنفيذية تبذلها يوميا، فإنها بعد أن غادرها مصطفاي في 03أوت 1962، بدأ ينتابها الشلل بسبب الأوضاع السياسية.

بن بلة يحل بتلمسان ثم الجزائر العاصمة

واجه الولاة صعوبات جمة في أداء مهامهم، بسبب تدهور الوضع الداخلي للبلاد، و لقد حدث ما كنت أخشاه عندما علمت بوجود بن بلة في تلمسان؛ فوجدنا أنفسنا، زملائي و أنا، أمام أزمة ضمير. إلي أية جهة نمتثل ؟

هل نمتثل للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي كانت في حالة إحتضار أم إلي المكتب السياسي الذي أضحي متنازعا فيه؟ أم ترانا نقدم إستقالتنا لنضع قادتنا أمام مسؤولياتهم؟ أم ينبغي أن نصمد، مهما كان، في سبيل مصلحة البلاد ؟ هذا الحل الأخير هو الذي تم إقراره بالإجماع، فأصبح محتوما علي أن أتحمل المسؤولية بمفردي؛ فقررت إيفاد السيد خميستي إلي تلمسان، يوم 18 جوان 1962، مكلفا بمهمة تنظيم لقاء بيني و بين بن بلة سواء في تلمسان أو في الجزائر العاصمة.

حاول الرئيس بن خدة، بكل نزاهة، أن يواجه الوضعية التي بدأ زمامها يفلت من بين يديه، يوما بعد يوم، رغم إتصاله ببعض قادة الولايات الذين راح بعضهم يتحاشون التعامل معه شيئا فشيئا.

و في تلمسان؛ شرع بن بلة في ترتيب أموره، بطريقة منهجية، فأستنجد بكل من الكولونيل بومدين و فرحات عباس و خيضر و بومنجل و فرنسيس و الكولوينل أوعمران و آخرين.

بعد أن رجع خميستي من مهمته قال لي : إن بن بلة يطلب منك تسليمه 100 مليون لتمكينه من تنظيم أموره و المجيء إلي الجزائر العاصمة.

قررت التصرف حسبما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد؛ فسلمت المبلغ إلي خميستي و كلفته بأن يلح علي بن بلة بالحضور مع أصدقائه إلي الجزائر العاصمة، و إذا تعذر عليه ذلك فليحدد لي موعدا في أقرب وقت ممكن، خاصة و أن تقارير الولاة جعلتني أترقب حدوث ما لا تحمد عقباه. ذلك أن الأوضاع آلت إلي منتهي الخطورة و إذا إستمرت الأمور علي ما هي عليه فإن خطر الفوضي يتهددنا. عندما عاد خميستي يوم 200 جويلية 1962 و قال لي :


: إذهب حالا؛ علي متن طائرة مروحية ضمانا لعدم تسرب الأخبار؛ إن بن بلة متخوف مثلك أيضا.

إنطلقت فورا؛ و أستقبلني كل من بن بلة و خيضر و الوالي مدغري في مطار تلمسان. أخذوني توا إلي فيلا Rivaus

 حيث قدم لي بن بلة الشخصيات المذكورة أعلاه و شخصيات أخري لم يسبق لي التعرف عليها و لم يكونوا يتوقعون مجيئي.

في أمسية نفس اليوم كان لي مع بن بلة و خيضر و عباس لقاء مطول، عرضت عليهم وجهة نظري حول الوضع الحقيقي السائد في البلد و أكدت لهم أنه علي شفا حفرة من الفوضي و أن ليس للهيئة التنفيذية إمكانيات حفظ النظام؛ و حين وعوا خطورة الوضع، قلبوا الموضوع علي شتي وجوهه، ثم قرروا العودة إلي الجزائر العاصمة.

سعيا مني إلي توطيد سلطة الهيئة التنفيذية، بعد الإشاعات التي راجت ضدها بسبب تسوية مشكل منظمة الجيش السري، طلبت من بن بلة التنويه، علي رأس الملأ، بالجهود التي بذلتها الهيئة التفيذية و ذلك ما فعل في تصريح نشرته جريدة Le Monde

بتاريخ 24 جويلية 1962 قال فيه:

"إننا نؤكد ثقتنا و دعمنا للسيد فارس و جميع مساعديه، و علي الأخص أعضاء الهيئة التنفيذية الذين هم من أصل أوروبي، و الذين أبوا إلا أن يواجهوا العراقيل و يضعوا ثقتهم في الجزائر الجديدة. فليثقوا في أننا لن ننساهم."

و بمجرد عودتي؛ عقدت إجتماعا لإطلاع زملائي علي نتائج زيارتي إلي تلمسان فقالوا لي:

أنت، كعادتك، رجل كتوم و مجازف و شجاع؛ و لا يسعنا إلا أ نهنئك علي هذا فلقد تصرفت حسب ما تقتضيه المصلحة العليا للبلاد. إن قادتنا، الآن، أمام مسؤولياتهم و ذلك ما يمكننا من أداء مهامنا في هدوء.


في نفس اليوم أمرت بإخلاء عمارة فيلا "Joly" و كانت مشغولة من طرف إحدي المصالح الإدارية و قررت أن أجعلها مقرا للمكتب السياسي و أمينه العام خيضر. وصل بن بلة إلي الجزائر العاصمة يوم 25 جويلية 1962 مع رفاقه؛ فحظوا، في مطار الدار البيضاء، بإستقبال جماهيري حماسي شبيه بالإستقبال الذي خصص للرئيس بن خدة من قبل. و في أثناء مأدبة العشاء، التي أقيمت في مقر الولاية، قدمت للجماهير بن بلة و كريم بلقاسم اليد في اليد. و عندما علم الرئيس بن خدة بوصول بن بلة أدلي في نفس اليوم بتصريح أعلن فيه إنسحابه من الحياة السياسية في سبيل المصلحة العليا للبلاد. و في اليوم الموالي إستقر بن بلا و خيضر في فيلا"Joly"، فتصورت، حينئذ، أن متاعبي علي وشك الإنتهاء.

عندما حل السفير Jeanneney  بالجزائر، لتقديم أوراق إعتماده، أعرب لي عن قلق الحكومة الفرنسية أمام تدهور الأوضاع؛ فحاولت طمأنته قدر المستطاع متظاهرا بالهدوء رغم القلق الذي كان ينهشني فقلت له:

سبق لفرنسا أن عاشت، بعد تحريرها، أوضاعا أكثر إيلاما من أوضاعنا؛ إطمئن لن تكون هناك إراقة دماء سيفرض الشعب إرادته علي قادتنا.

و بما أنني حملت كلام السيد Jeanneney علي محل الجد، بادرت، حالا، إلي تنظيم مؤدبة عشاء إلتقي خلالها Jeanneney مع بن بلة و حضرت اللقاء أيضا.

حاول بن بلة، بسحره الذي يعرف سره، إقناع Jeanneney  و لكن دون جدوي؛ فلقد كان الرجل، علي ما يبدو، مطلعا علي كل القضايا السياسية المطروحة.

بعد تنصيب المكتب السياسي و رغم الإتصالات التي أجراها خيضر و بن بلة، بقي جيش التحرير الوطني رابضا علي الحدود التونسية؛ كما واصلت الولاية الرابعة معارضتها للمكتب السياسي لدرجة أن كريم بلقاسم توقف، ذات مساء، في Rocher Noir و هو في طريقه إلي تيزي وزو فقال لي بلهجة يشوبها الكثير من الإبهام :

إن واجبي نحوك، كصديق، يملي علي أن أخبرك بأن المشكل السياسي لم يصل بعد إلي الحل بصفة نهائية؛ فأنصحك بإلتزام الحذر . بعد هذه الزيارة، بيومين، إجتازت قوات الولاية الرابعة حدود المنطقة المستقلة بالجزائر العاصمة فأتخذت مقرها بالعاصمة. و علمت في ذلك اليوم أن بن بلة كان موجودا بوهران و أخبرني خيضر، الذي إعتصم بالقصبة، بأنه سيعقد ندوة صحفية في اليوم الموالي إلي الساعة الثالثة بعد الظهر مؤكدا علي ضرورة إبلاغ بن بلة بذلك. قررت إرسال خميستي علي متن طائرة مروحية ليعود و معه بن بلة، في أقرب وقت ممكن، فوصلا في وقت متأخر من الليل. قرر بن بلة التوجه إلي القصبة، في أولي ساعات النهار، بعد أن أخبره خميستي بالأحداث. تنكر بن بلة في ثوب شخص مغربي و ركب سيارتي إلي جانب مؤذن باريس سابقا و إبنته مريم. قادنا سائقي الطاهر الذي كان يعرف كل أزقة الحي معرفة تامة فأوصلنا إلي بغيتنا بدون صعوبة. و هكذ ظهر بن بلة من جديد، في الوقت الذي كان خيضر يستعد لتنظيم ندوته الصحفية فتم تأجيلها في آخر لحظة.

بمجرد أن حلت هذه المشكلة فإذا بأخري تنبري أمامنا. تلقيت مكالمة من صديقي السيد مزوار، رئيس دائرة قصر البخاري، يخبرني فيها بأن قوات الولاية السادسة، المتعاطفة مع المكتب السياسي، غادرت بوسعادة و أنها ستحل بقصر البخاري؛ و الحال أن قوات الولاية الرابعة، التي شرعت في تنظيم المقاومة، عمدت إلي تفجير جميع الجسور الواقعة بين قصر البخاري و مجبر، و من جهة أخري راجت إشاعة تفيد بأن قوات الولاية الثالثة تستعد للتحرك إلي قصر البخاري لتقديم يد المساعدة للولاية السادسة.

 

المصدر :

كتاب عبد الرحمن فارس

الحقيقة المرة دار نشر القصبة بطبعتيه الفرنسية و العربية 

طبعة جوان 2007 

قراءة 5048 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 06 تشرين2/نوفمبر 2018 14:40

أضف تعليق


كود امني
تحديث