قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 23 آب/أغسطس 2012 16:40

بدون نقاب بدون ندم

كتبه 
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إستوقفني الكتاب الأخير للأستاذة السيدة القاضية و الوزيرة السابقة ليلي عسلاوي حمادي في ربيع 1433 الموافق ل 2012 في المكتبة العامة في حي الأبيار، ساحة الرئيس جون فيتزجيرالد كنيدي.

بمجرد ما إجتزت باب المكتبة صفعني عنوان هذا الكتاب، علي الفور أخذت الكتاب بين يداي و تصفحته ثم قرأت ما هو مكتوب في الصفحة الرابعة من الغلاف، و قد شدتني الفقرة الأخيرة، أترجمها للقراء الكرام باللغة العربية

 

 :

"التسامح وحده قادر علي مقاومة محاكم التفتيش و الخطب الأخلاقية التي تجعل منا متهمين محكوم عليهم بالمقصلة أو الحرق، هذا هو كل معني"بدون نقاب، بدون ندم"

إشتريت الكتاب و عدت به إلي المنزل و بدأت قراءته في نفس اليوم. بعد إنتهائي من الكتاب، دعوت الله أن يضع في طريقي السيدة القاضية عسلاوي و بدأت أبحث عن رقم هاتفها، فإذا بي في يوم من الأيام أعود إلي المكتبة العامة و أسئل أحد القائمين علي المكتبة في كيفية التواصل معها، فقال لي:

-السبت المقبل ستكون الأستاذة عسلاوي ضيفة المكتبة في عملية بيع الإهداء، تعالي و قابليها.


شكرته الشكر الجزيل و بالفعل عدت يوم السبت و أراد الله لي أن ألتقي بها في مدخل المكتبة.  طلبت منها إهدائي كتابها و إن أمكنها ذلك مقابلتها علي حدة في المستقبل القريب. قبلت و رحبت بالأمر.


لماذا بحثت عن مقابلتها ؟


لأنني ببساطة قرأت كتابها في نفس التوقيت الذي بدأت فيه بحث عن وضع المرأة المسلمة من منظور خاص نوع ما. لم أناقش هذه المرة في البحث حقوقها أو واجباتها و إنما أردت إثارة موضوع في غاية الحساسية ألا و هو :

لماذا إلي حد الساعة لازالت مجتمعاتنا تمارس وصاية غير شرعية علي عقل المرأة ؟ فدائما ما ينظر إلي مستواها العلمي علي أنه لا يحجب حقيقة أنها إمرأة و كأن أنوثتها تهمة و أي إحتقار لكيانها هذا الحكم القاس!

 

فالرجل الذكي لا نقول له بشيء من الإحتقار: نعم أنت ذكي لكن يبقي أنك رجل!!! لماذا نوجه  نفس الكلام للمرأة و قد لمست معاناة المرأة المسلمة الجزائرية في حالات لا تعد و لا تحصي :"كأنه عيب أن أكون إمرأة ذكية." هذا ما قالته لي سيدة جزائرية

و كتاب الأستاذة السيدة عسلاوي أتي في التوقيت المناسب ليزودني ببعض المعلومات المفيدة و  من خلال رؤية سيدة كانت قاضية و وزيرة و لها باع في المجال القانوني و السياسي، كان يهمني جدا أن أستمع إلي شهادتها.

فإذا بالكتاب أصدق تعبير لم أرادت أن توصله إلي القراء الكرام. ما جاء في كتابها تصوير حي لنهايات حرب التحرير الجزائرية و بدايات الإستقلال و مختلف أطواره من خلال يوميات عائلات و بطلة كانت الضحية الرئيسية لذهنية متحجرة، تنظر إلي الأمور من منظار ضيق حرم البطلة من حقها في التعليم لمجرد أن مديرها الفرنسي كلمها في الأيام الأولي من الإستقلال علي الرصيف غير بعيد عن ثانويتها!!

تحرم من العيش مع أختها الكبري التي ربتها لمجرد أنها تزوجت جندي فرنسي أسلم و أنقذها من براثن الإحتلال الغاشم!


تحرم من رؤية إبن اختها و تعيش كابوس تشتت عائلتها مع زوج ثري لا يهمه من يحكم الجزائر ما دام إسترضي القوي النافذة بضريبة غير شرعية و بإبن سيقع ضحية عملية غسل دماغ فيتولي ببرودة دم قتل أبيه، جدته 

من أمه خالته و زوجها و كاد يقضي علي حياة أمه و بنت تزوجت فرنسي  نطق الشهادة قبل الزواج!

بطلة تهيم في الشوارع طيلة النصف الثاني من التسعينيات بالنقاب لئلا يتعرف عليها أحد، الأم التي أباد إبنها عائلة بأكملها!


كثيرة هي القضايا التي أثارتها بذكاء و حساسية كبيرة الأستاذة عسلاوي، أحاول أن ألخص أهمها:

الوضع في جزائر التسعينيات كان وليد سياق تاريخي و سياسي و إجتماعي و المرأة أضعف حلقة في المجتمع دفعت الثمن غاليا، فأي كان نموذج المرأة الثائرة نوارة أو بهيجة الساكنة لم يشفع لهما كونهما إمرأتان أن 

تعيشا حياة عادية في كنف الإحترام و الآمان في أرضهم وسط أحباءهم.

و قد كانت أم البطلتين و هي إبنة أحد الأقدام السوداء و بقيت علي دينها المسيحي ممزقة بين هويتها الجزائرية التي تحصلت عليها بمقتضي زواجها من جزائري و قد دفعت أبناءها الذكور إلي ساحات الوغي عن قناعة تامة إلا أن موقفها الغامض من إبنتها بهيجة و إخفاءها عنها حقيقة مصير نوارة لعقود، و تلك القسوة التي نستشفها من خلال سلوكها ناحيتها بإنحيازها إلي مواقف إبنها و لا مبالاة الإبن الآخر. و ذلك الموت المفجع علي أيدي الحفيد الذي كان مفضل لديها!!

قضية أخري أزمة المجتمع الجزائري و التي كانت متشعبة لأبعد الحدود و لازالت، فنحن كثيرا ما ننظر إلي تقلبات الحياة بإحدي النظارتين إما سوداء و إما بيضاء، مجتمع لا يستطيع أن يتقبل الرأي الآخر  و يرفض التعايش وفق قيم التسامح، كيف نقتل مناضل فرنسي أسلم و حارب من أجل إستقلال الجزائر ؟

هل مجرد وضع شجرة صنوبر في ذكري ميلاد سيدنا المسيح و الإجتماع حول وجبة غداء أو عشاء تستدعي أن نبيد عائلة كاملة ؟

ما فعلته الجدة في ذلك اليوم الأسود لم تفعله طيلة حياتها، فهي لم تكن تحتفل بالطقوس المعهودة بأعياد الميلاد سوي صلاة يتيمة في الليل و أرادت بمجيء إبنتها نوارة بعد طول غياب عن الجزائر رفقة زوجها و قدر الله أن توافق زيارتها للجزائر تاريخ أعياد الميلاد، أرادت الجدة أقول أن تحتفي بنوارة و أفراد العائلة مجتمعين، فإذا بالموت تحصدهم مجتمعين.


كابوس التسعينيات هل علم الناس قبول الإختلاف ؟ هل علمهم أن الدين معاملة و أن الحاكم الأوحد و المطلق هو الله و أما عباده هم من و إلي تراب و أن الخلاف السياسي ليس رخصة لإستباحة الأرواح ؟

ثم هل فتحنا سجلات التسعينيات لنتبين ما جري و نعالج الأنفس المصدومة و المريضة علي السواء ؟ كيف نفتح سجلات التسعينيات و  سجلات الثورة لم نفتحها بالصدق و الموضوعية المطلوبة ؟

كنت أقرأ و أتمثل شخصيات الرواية حية أمامي، أتفاعل كلية مع الأحداث و السؤال الذي إنتهيت إليه، هو :

هل التسامح لوحده يكفي ؟ أم أنه يتوجب علينا، النظر بشجاعة إلي ما وقع و كشف الحقائق و سماع الشهود و معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء كل ما جري علي مدي أكثر من عقد من الزمان ؟

طي الصفحة كأن شيء لم يحدث عار علينا و تنكر لذاكرة الأموات، أولئك الذين دفعوا ثمن همجية بشر شاءوا أم أبوا التاريخ قاضيهم.

الإنطلاقة من 1962 كانت خاطئة، لم يقع تخيير الشعب و الشرعية الثورية بررت الكثير من التجاوزات و الإنحرافات و دستور 1989 لم يراع سنة التدرج و كلنا أمام الله  مسؤولين.

و أهم ما أوليته إهتمامي في الكتاب وضعية المرأة في مجتمعنا الجزائري المريض بموروث وثني و سوء فهم فظيع للإسلام و الثقل النفسي الذي تركه الإستدمار الفرنسي، فالبطلة بهيجة و إن كان يري البعض أنها عاشت حياة نوع ما محمية إلا أنها النموذج الحي للظلم الذي تبتلي به إمرأتنا الجزائرية، لا تخير في مصيرها، كيف يعقل هذا و هي التي جاهدت في عهد الإستدمار لتكمل دراستها ؟

كيف نسمح للأحكام المسبقة أن تدمر إرادة و مسار حياة ؟ كيف نمارس وصاية علي عقل لمجرد أنه عقل إمرأة ؟ لا أحد ينكر علي أولياء الأمور دور الناصح و المرشد لكن يبقي قرار تقرير المصير في يد المعني أو المعنية، كيف نبرر ما لا يحتمل تبريره ؟ و لماذا نسقط حالة فرد في العائلة علي فرد آخر ؟ نخرت مجتمعنا الجزائري آفات الفقر و الجهل و الأمية و التخلف و الإستبداد و العادات البالية و سوء فهم فظيع لتعاليم الدين الحنيف، و من الغير المعقول أن ينهض مجتمع مثل هذا بدون غربلة جدية للمفاهيم و كسر طوق الجهل و محاربة الأهواء، لا تكفي النوايا الطيبة لوحدها و المطلوب أن نقرأ كتاب السيدة القاضية ليلي عسلاوي بتمعن، و أن نبتعد عن الذاتية في حكمنا علي محتواه و أن نعترف للكاتبة الفاضلة أنها أبلت البلاء الحسن في نقل معاناة بهيجة إلي مواطنيها و هي قصة حقيقية و ليست علي الإطلاق من وحي الخيال.

الأسلوب الذي إعتمدته السيدة القاضية عسلاوي راق و ملامس للواقع دون كبير تعقيد و دون تزويق. كانت كلماتها صادقة نابعة من قلب حساس، قلب البطلة بهيجة، و قد كانت تحكي بضمير الأنا لهذا بدي السرد ملاصقا تماما ليوميات من دموع، دم، حسرة و فرحة. و قلم السيدة القاضية ينم عن ذكاء في مزج بين أمكنة و أزمنة و ظروف متداخلة، فقد كنت مشدودة لإنهاء الكتاب دفعة واحدة و هنا علي بتسجيل نقطة لصالح السيدة الفاضلة عسلاوي عنصر التشويق كان أهم عنصر في نجاح الرواية و مرة أخري هذا الجنس من الأدب فرصة لإيصال رسالة واضحة المعالم للقراء الكرام :

نستطيع أن نقوم بمراجعات دقيقة لمسارات معينة و نمكن القاريء من الإطلاع عليها و التعقيب عليها، فالأدب سيبقي الوسيلة المثلي لمد الجسور بين شرائح المجتمع و فتح قنوات تواصل بينها و إستعادة أجزاء كاملة من الذاكرة التي يريد لها البعض الإندثار في أدراج منسية.

يقع الكتاب في 204 صفحة دار نشر داليمان طبعة 2012

Sans Voile, sans Remords Leïla Aslaoui Hemmadi Editions Dalimen  Alger 2012

قراءة 3097 مرات آخر تعديل على الخميس, 08 تشرين2/نوفمبر 2018 15:20
عفــــاف عنيبـــــة

أديبة روائية إسلامية أحرر ركنا قارا في الصحافة المستقلة منذ 1994 في الصحف التالية: أسبوعية الوجه الآخر، الحقيقة، العالم السياسي، كواليس و أخيرا البصائر لسان "حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين."

أضف تعليق


كود امني
تحديث