قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 11 شباط/فبراير 2018 11:29

تجارب مشرقية في التعايش

كتبه  الأستاذ مصطفي عاشور
قيم الموضوع
(0 أصوات)

المجتمعات المتنوعة أفضل للإنسان الحضارة من المجتمعات ذات التكوين الواحد و المتشابه، و إذا كان الغرب يحتفي بأن مدنه الحالية تحتفي بالتعايش بين الأعرق و الأجناس و الأديان في ظل هامش عال من المساواة و سيادة القانون، فالحقيقة أن الشرق سبق الغرب في الاحتفاء بالتعايش، رغم أن تجربة الشرق جاءت في قرون كانت الحروب و الصراعات تنشب لتكوين مجتمعات تنطبق فيها حدود الجغرافيا على الدين و المذهب و العرق، فأوروبا عاشت لقرون طويلة و هي تغلق أبوابها أمام أي تنوع، فلم تعرف الآخر الديني.

كان التنوع في الرؤية الأوروبية في ذلك الزمان لا يعني إلا الإضرار بالأمن القومي للدولة، و كانت المناداة بالتنوع لا تعني إلا الخيانة السياسية، فالكاثوليك في بريطانيا ظلوا يمارسون عباداتهم داخل كنائس السفارات الأجنبية من العام (1559م) و حتى منتصف القرن التاسع عشر، و في فرنسا مُنع البروتستانت من العبادة ما يقرب القرنين بدءا من العام (1685م)، لكن المفارقة أن الغربيين أقاموا في المدن المشرقية في تلك الفترة للتجارة و السياحة و الدراسة.

يحكي كتاب “ثلاث مدن مشرقية: سواحل البحر المتوسط بين التألق و الهاوية”  للمؤرخ “فيليب مانسيل”،  و ترجمة مصطفى قاسم، و الصادر عن عالم المعرفة بالكويت في نوفمبر 2017 في 365 صفحة، قصة التعايش في الشرق متجاوزا السرد التقليدي إلى محاولة نقل صورة واضحة عن المجتمع و السلطة و الأحداث كأنك تراها بعينك، و مع السرد المكتظ بالمعلومات، و التفاصيل تقف على عبرة التاريخ متجلية أمامك، إذ يفسر كثيرا من الأحداث الغامضة، و ينقض كثيرا من الأوهام المتداولة.

يطرح “فيليب مانسيل”  قضية مهمة للغاية و هي قضية التعايش بين البشر في ظل التنوع و الاختلاف، تلك القضية التي كانت كابوسا في تاريخ الإنسان سفكت فيها الدماء، و شنت فيها الحروب، في محاولات يائسة لتكون حدود الجغرافيا متطابقة مع حدود الدين و المذهب و اللون و القومية، و لعل اليأس يرجع إلى إن إرادة السماء قدرت الاختلاف و أوجدت له التشريعات، و فرضت علي الإنسان احترام قدر السماء في التاريخ، رغم أن تجربة الإنسان مع التنوع كانت دامية و قاتلة.

و في “ثلاث مدن مشرقية” يحكي المؤلف حالة التنوع التي شهدتها ثلاثة مدن في الشرق تجاورت فيها الأديان بمعابدها و كنائسها و مساجدها، و تجاور فيها البشر على اختلاف عقائدهم و ألوانهم، الكتاب يجعل فكرة التعايش في الشرق أكثر وضوحا و إقناعا، فهو يحكي المتحف البشري المتنوع الذي احتفظ به الشرق و الذي كان الإسلام عاملا مهما في إثراء التنوع و رعايته و إحاطته بتعاليمه السماوية، التي حرمت الاعتداء، و شرعت حرية الاعتقاد، معلنة ذلك في مبدأ صريح “لا إكراه في الدين”.

الكتاب يحكي قصة مدينة “سميرنا” التركية التي تم تغيير أسمها إلى مدينة “أزمير” في العام 1926، و مدينة الإسكندرية، و مدينة بيروت، تلك المدن التي كانت مثالا للتنوع الديني و المذهبي و العرقي و اللوني، و رغم اختلاف خصوصيات المدن الثلاثة في التعايش و ضروراته، إلا أنه كانت لكل مدينة مسبباتها في التعايش و مبرراتها في الأزمات و العوارض التي أصابت التعايش.

هل كان الشرق جنة؟

يطرح الكتاب عدة إشكاليات حتى تُقرأ تجربة التعايش في الشرق قراءة منصفة بعيدا عن السرديات المتداولة و التي تنحرف عن الفهم الصحيح للحدث التاريخي، و من تلك الإشكاليات، هل كان المشرق فعلا جنة للتعايش بين المختلفين دينيا و عرقيا و مذهبيا؟ و هل كان المشرق ذلك المجتمع المتحاب الذي تصوره أفلام السينما المصرية؟ و هل كان من الممكن في هذا الجو المشحون بالصراع المستند إلى أسس دينية إبان الحروب الصليبية ثم الفترة الاستعمارية أن يوجد تعايش حقيقي؟

و بالرغم من أن الكتاب يذرف الدموع على الشرق في تعايشه في القرون السابقة، إلا أنه يكشف أن ذلك التعايش كان أقرب إلى التجاور منه إلى التعايش، إذ ظلت الأديان و الأعراق و المذاهب تُقيم الحدود بينها، و لا تسمح لأحد بأن ينفذ إليها أو يندمج فيها، لذا لم تُنتج ثقافة واحدة مشتركة، بل كان الساعون إلى تعلم لغة المجاورين لهم محدودا للغاية، و لا تفرضه إلا ضرورات المصلحة الشخصية، و يذهب الكتاب أبعد من ذلك ليؤكد أن العلاقة التي سادت بين الجماعات المختلفة كانت تقوم على الاستغلال الاقتصادي، و الاحتقار القومي و الديني، و هو ما جعل الجماعات المختلفة تعيش في  “جيتوهات” أو “كنتونات” منعزلة تقيم فيها الأسوار حول رعاياها و المنتمين إليها.

و في حالة المدن الثلاث التي استعرض الكتاب تجربتها يؤكد “فيليب مانسيل” أن “سميرنا” و”الإسكندرية” كانتا ميناءين و مدينتين تجاريتين سيطر فيها الغربيون على عصب المال و التجارة و المهن المرتبطة بهما، و هو ما جعل أولئك الغربيين الذي يقطنون في المدينتين طبقة مستغلة تحميها الامتيازات التي منحتها لها الدولة العثمانية، إلا أن “سميرنا” تميزت بأن الطبقة الحاكمة و الشعب كانا تركيين، و هو ما منع استغلال الأجانب للمواطنين، بل كان المواطنون ينتقمون من الأجانب مع شعورهم بالاستغلال أو الإذلال، أما الإسكندرية فكانت الطبقة الحاكمة عثمانية، و تختلف عن عموم سكان الإسكندرية من المصريين، و هو سمح بمساحات واسعة من الاستغلال من الأجانب للمصريين.

أما مدينة “بيروت” فنظرا لتعدد طوائفها، و قوة الجانب المسيحي سيطرت العائلات البيروتية على التجارة و المال، و هو ما جعلهم ينافسون التجار الأجانب، كذلك استطاع مسيحيو بيروت أن يدمجوا اليونانيين و الإيطاليين في تكوينهم لتزداد أعداد الطائفية المسيحية مقابل الطوائف الأخرى خاصة المسلمة غير أن بيروت كانت عرضة للصراع و الاقتتال الطائفي، كذلك سعت الطوائف لحماية نفسها من خلال استدعاء الدول الأجنبية لحمايتهم من نظرائهم في الوطن، و تأسيسا على ذلك يصبح الشرق أمام تواريخ متعددة بها بعض القسمات المشتركة، و ليس تاريخا واحدا.

من أين جاءت المثالية؟

و لكن من أين نشأت الصورة المثالية عن التعايش في الشرق؟ رغم أن ذلك التعايش كان جوارا قلقا في كثير من الأحيان؟ يذكر الكتاب أن تلك الحالة المثالية العالقة في الأذهان عن التعايش، إنما تعود إلى العقدين الأخيرين من عمر المشرق، و في مدينة مثل الإسكندرية تعود تلك الحقبة إلى الفترة الواقعة ما بين (1936 حتى 1952م) حيث وجد تنوع و تعايش رصدته السينما المصرية في أفلامها القديمة، و لعل ذلك يعود تنامي قوة الدولة المصرية بعد إلغاء الامتيازات الأجنبية و المحاكم المختلطة التي كانت تميز الأجانب على المصريين، فعندما وقف الجميع أمام قاض واحد و قانون واحد بدأ التعايش ينسج خيوطه في الإسكندرية، فتحسن الإحساس بالعدل كان المعول الذي كسر الحواجز بين الجاليات و بين المصريين، و لم يعد الأجانب يشعرون بأنهم مميزون و رابحون دائما.

و هناك حقيقة أخرى مفادها أن حالة الاختلال الطبقي في تلك المدن التي تناول الكتاب سيرتها إنما تحكي التعايش بين الطبقة الرأسمالية في تلك المدن، أما بقية الطبقات الأخرى فكانت تعاني من علاقة استغلالية حالت دون تحقيق التعايش، و المال رحم بين أهله حتى إن اختلفت دياناتهم و مذاهبهم و ألوانهم.

و هناك أمر مهم في التعايش و هو أن الأجانب عندما أتوا إلى الشرق لم يأتوا باحثين عن تعايش إنساني أو فردوس أخلاقي و روحي، و إنما جاءوا رغبة في الثراء السريع و المريح بسبب الامتيازات المجحفة التي منحتها الدولة العثمانية للأجانب، لذا كان الحديث عن تحقيق المساواة في الشرق لا يعني من وجهة نظر الأجانب إلا انهيار مصالحهم، لذا كانوا يسعون لاستدامة الإجحاف و الظلم الاقتصادي و الاجتماعي.

الرابط : https://islamonline.net/24200

قراءة 2159 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 21 شباط/فبراير 2018 09:51

أضف تعليق


كود امني
تحديث