قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 25 نيسان/أبريل 2019 11:25

نقد الحضارة الغربية بين مالك والمسيري

كتبه  الأستاذ مصطفي عاشور
قيم الموضوع
(0 أصوات)

“الحضارة الغربية لا تجحد الله في شدة و صراحة، و لكن ليس في نظامها الفكري موضع لله، و لا تعرف له فائدة، و لا تشعر بحاجة إليه” ربما كانت كلمات المفكر النمساوي المسلم محمد أسد من أقوى الكلمات في نقد الحضارة الغربية، لأنها حددت طبيعتها، و طبيعة الطريق الذي يسير فيه إنجازها، فقد صممت ألا يكون للخالق-سبحانه و تعالى- موضوع فيها، و إذا غاب الإله غاب الإنسان، لتتحول إلى حضارة يقتصر إدراكها للكون على حواس الإنسان فقط.

و الحقيقة أن الحضارة الغربية تعرضت لنقود كثيرة، و على أرضيات فكرية و أيديولوجية و ثقافية متنوعة، فالغرب بفلسفته و منجزه الحضاري هو التحدي الأكبر للإنسان المعاصر، و في هذا الإطار جاء صدور كتابي: ” نقد الحضارة الغربية في فكر مالك بن نبي” للدكتور “عماد الدين إبراهيم عبد الرزاق”، و الصادر في 2019 في (96) صفحة، و كتاب “عبد الوهاب المسيري:دراسة في سيرته المعرفية و نقده لقيم الحداثة الغربية” للدكتور أحمد عبد الحليم عطية” و الصادر نهاية 2018 في (202) صفحة، و ذلك ضمن سلسلة “نحن و الغرب” الصادر عن المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية” في بيروت.

الكتابان يقدمان اثنين من أهم المفكرين العرب و المسلمين الذين نقدوا الحضارة الغربية، على خلفية معرفية واسعة، فكلاهما يتقن لغة غربية سواء الفرنسية أو الإنجليزية اتقانا تاما أتاحت له الاطلاع على الثقافة و الفلسفة الغربية بلغتها، و كلاهما عاش في الغرب فترة طويلة، أتاحت له الاكتشاف من قرب للواقع الغربي، و كلاهما اطلع على مشكلات الإنسان الغربي المعاصر، مكنته أن يتكلم من موقع البصير و العارف، و كلاهما يدرك مشكلة تعامل المسلم المعاصر مع الحضارة الغربية، و التي أنتجت انتقالا لمشكلات الغرب إلى العالم الإسلامي دون ميزاته و منجزه العقلي و العلمي.

مفهوم النقد الحضاري لا يعني إتخاذ موقف عدائي من الحضارة الغربية، و لكن يعني في الأساس عدم تقبل ما تطرحه الحضارة الغربية دون نقاش و جدل، نظرا اختلاف السياقات التي نشأت فيها الأفكار و الحلول الغربية، عن  السياقات و المشكلات في الواقع العربي و الإسلامي، كما أن مفهوم النقد الحضاري يغوص بعيدا للوصول إلى الأسس الفلسفية و الفكرية التي ترتكز عليها الحضارة، ثم مناقشة تجلياتها، لذا كان النقد الحضاري أمرا حتميا قبل الاقتباس، و إلا تعرضت العلاقة بين الحضارات إلى علاقة استلحاق و تبعية، و تكمن أهمية تراكم النقد الحضاري في أنه يقوي الذات، و يجعلها قادرة على التفاعل الإيجابي دون ضياع الخصوصية.

مالك و مشكلات الحضارة

يعد المفكر الجزائري مالك بن نبي من أوائل الذين نبهوا إلى أهمية البحث في مشكلات الحضارة، بل يكاد مشروعه  ينحصر في هذا الإطار، فهو يرى أن مشكلة كل شعب أو أمة تكمن في حضارته، و الحضارة الغربية تعاني من انفصام حقيقي بين منجزها و ضميرها، و هنا يكون المأزق لها و للإنسانية بعدما حولت هذا الاختلال إلى نوع من الهيمنة التي تؤكد التمركز الغربي، فهناك ارتباط بين الثقافة و الحضارة، فنحن لا نتلقى الثقافة و لكن نتنفسها و نتمثلها في حياتنا، فالثقافة ذات بُعد نفسي و اجتماعي و تاريخي، فهي الجو العام الذي يطبع أسلوب حياة مجتمع ما، و طبيعة سلوك أفراده بطابع خاص يختلف عن الآخرين، و هي تساعد في قيام الحضارة، أما الحضارة فهي مركب اجتماعي يشتمل على ثلاث عناصر، هي: الإنسان و التراب و الزمان، و من ثم فالحضارة لها جانب مادي و آخر معنوي.

و نجد أن منظور مالك في دراسة الحضارة يرتكز على نظرية الدورة الحضارية التي تشكل المدخل الرئيسي لنقد الحضارة الغربية، كما تحدث عن الاستعمار و أشكاله، و القابلية للاستعمار، و رأى أن الاستعمار في تلك الحضارة يعود إلى جذورها الرومانية، فالروح القيصرية كانت تنتقص قيمة الإنسان الخاضع للاستعمار، كما انتقد القابلية لاستعمار التي تخلقها الحضارة الغربية في البلاد المُحتلة، و ما يترتب عليها من فوضى اجتماعية و وهن ثقافي، بل تطرفت الحضارة الغربية لتننتج معارف تشرعن الهيمنة و الاستعمار و الاستغلال.

أدرك مالك -خلال السنوات التي عاش فيها في الغرب إبان فترة الحرب العالمية الثانية و ما بعدها- أن هناك تراجعا للفكرة الدينية أمام الأيديولوجيات الحديثة، و هو ما انعكس سلبا على الجانب الأخلاقي و النفسي في الغرب، فالمرض العضال في تلك الحضارة هو نزوعها الدائم إلى الهيمنة، و هو شعور مبعثه الثقافة، التي سببتها جراثيم الكبرياء التي تزعم أن التاريخ بدأ من أثينا.

طرح مالك سؤال المصير، و رأى أن الحضارة الغربية رغم توهجهها، إلا أنها فقدت منذ بدايتها قيمها الدينية و الأخلاقية، و من ثم فقدت التوزان بين مكوناتها، و اختلال التوازن يُنشيء الأزمات الحضارية، فتخلي الغرب عن الدين كعامل أساسي في حياته الاجتماعية، أفقد القداسة مكانها في النفوس و الضمائر، بعدما اعتبرها الغرب شيئا تافها لا قيمة له، و لعل ذلك يرجع إلى أنها أخضعت كل شيء لمقاييس الكم، و بقدر ما تتراكم الأشياء تضمحل القاعدة الأخلاقية و الروحية.

المسيري و المادية

تنوعت جهود الدكتور عبد الوهاب المسيري في نقد الحضارة الغربية، و يمكن اختزال رؤيته في مقولة أنها “حضارة تعادي الإنسان” بعدما جعلت الإنسان شيئا ماديا و أغفلت جانبه الروحي، فالفيلسوف الألماني “نيتشه” الذي ادعى “موت الإله” كان العدو الأول للمسيري، فقد اعتبره “فيلسوف العلمانية و العدمية الأكبر” لذا نصاب رؤيته العداء، بل إنه يُحمل نيشته و فلسفته كل خطايا الحضارة الغربية، و كل مآسي البشرية و فقدانها لأخلاقها، فالصراعات في فلسفة نيتشه لا تحسم إلا بالقوة التي لا سقف لها و لا سلطان عليها، فالقوة هي المُطلق العلماني.

رأى المسيري أن الإبادة و تفكيك الإنسان إمكانية كامنة في الحضارة الغربية الحديثة، التي همشت الإنسان و منظومته المعرفية و الأخلاقية، و رأى أن المفكرين اليهود تزايد دورهم و حضورهم في الحضارة الغربية مع تزياد عدمية تلك الحضارة و حلوليتها، فحين أعلن نيشته “موت الأله” أمسك بها المفكرون اليهود في نهاية القرن التاسع عشر، فقد كانوا  يشعورن بالعدمية نتيجة لتهميشهم في مجتماعتهم و اغترابهم عنها، لذا اكتسحتهم أفكار نيتشه.

أخذت فلسفة “ما بعد الحداثة” نصيبا وافرا من نقد المسيري، فلاحظ ارتباط تلك الفلسفة باليهود، فأغلب فلاسفتها إما يهود أو من أصل يهودي مثل: جاك دريدا، إدموند جابيس، و هارولد بلوم، فمع نهاية القرن التاسع عشر أحكمت الصهويينية قبضتها على اليهود في الغرب، و أصبح تاريخ اليهود السياسي متصهين، و في ظل هذا السياق، تصاعدت رؤى تُفكك فكرة المعيارية و المرجعية، و أن يصبح المعيار هو الإنسان ذاته، و نتج عن ذلك العلمانية الشاملة، و فيها لا يتساءل الإنسان عن أصل الأشياء و معناها، و عندها يتفكك الإنسان، و ينهار.

و التفكيك معناه فصل العناصر الأساسية في التكوين و البناء عن بعضها البعض، و رأى المسيري أن فلسفة ما بعد الحداثة (أو التفكيكية) فلسفة تهاجم و ترفض المرجعية، فليس التفكيك أداة منهجية للفهم و التحليل، و إنما رؤية لتقويض ظاهرة الإنسان، نظرا لأن التعددية المفرطة تؤدي إلى اختفاء المركز، و تساوي بين كل الأشياء، بحيث لا يبقى شيء متجاوز للمادة، و تصبح الأمور كلها نسبية فلا اعتراف بأي مُطلق، و هو ما يقود إلى العدمية، بل تصل بالإنسان إلى اللاعقلانية المادية.

و من أقوى انتقادات المسيري للحضارة الغربية أنها تعبير عن التراجع التدريجي و المستمر للفلسفة الإنسانية، فالعلمانية الشاملة تبدأ مع إزاحة مركزية الإنسان، ثم نزع الجوانب الشخصية عنه ليصبح شيئا ليست له خصوصية أو تفرد، ثم نزع القداسة عن كل شيء فتُهتك كل أستاره، و تفضح كل أسراره، و يُعرى من أية مثالية، و يُحول إلى مادة محضة، و هذه قمة العلمانية الشاملة و التفكيكية، فـ”ما بعد الحداثة” ما هي إلا نزع للقداسة عن العالم و الإنسان و الكون، و تحرير العالم من سره و سحره و جماله، و تجريد الإنسان من خصائصه، و هناك تشابه بين العقيدة اليهودية و ما بعد الحداثة، فالعقيدة اليهودية غير متجانسة و متناقضة بشكل عميق و تفتقر إلى المعيار، و الثابت فيها هو التغير، كما أن الصهيونية تتشابه مع ما بعد الحداثة  في رؤيتها التفكيكية، و إنكار الكليات و استخدام العنف للتغيير و الإيمان المُطلق بالقوة، و البرجماتية المفطرة و القدرة الهائلة على التحرك بلا مُطلقات.

فهل يدرك الإنسان المعاصر ما أدركه شاعر الهند العظيم “محمد إقبال” عندما التقط الحضارة الغربية خيرها و أفلت من شباكها، يقول إقبال:” التقطت الحبة و أفلت من شبكة الصياد، يشهد الله أني كنت في ذلك مقلداً لإبراهيم، فقد خضت في هذه النار واثقا بنفسي و خرجت منها سليماً محتفظا بشخصيتي”.

رابط : https://islamonline.net/29413

قراءة 2250 مرات آخر تعديل على الخميس, 02 أيار 2019 07:39

أضف تعليق


كود امني
تحديث