قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 02 كانون1/ديسمبر 2012 11:42

أورهان باموك : ألوان أخري

كتبه  عفاف عنيبة
قيم الموضوع
(0 أصوات)



في عام 2007، زرت معرض الكتاب الدولي في الصنوبر البحري ككل عام. و في دار نشر سورية، إشتريت كتابا، فإذا بالعارض يقترح علي إضافة كتاب ثاني. طالعت العنوان : "الحياة الجديدة " لأورهان باموك. تذكرت أن الكاتب التركي قد نال جائرة نوبل للآداب لعام 2006. قررت شراء الكتاب رغبة مني في معرفة سر نيل هذا الكاتب الجائزة ثم إنني كنت قد قرأت بعض المقالات حوله و عن توجهه العلماني الصارم. كان الكتاب مترجما للغة العربية و قد وجدت متعة كبيرة في مطالعته، حملني إلي أجواء جديدة قديمة و أنعش خيالي بحبكة قصصية بارعة. و في هذا العام و في دار نشر فرنسية في الطبعة الأخيرة لمعرض الكتاب توقفت رفقة صديقة، نتطلع إلي العناوين فإذا بإشهار موضوع يعلم الجمهور بأن الدار، نشرت لكبار الكتاب منهم أورهان باموك و كتبه معروضة في جناحها. فبحثت عن كتبه بشغف، فوجدتها في مكان شبه فارغ، و غير مرتبة !

طبعا الكاتب تركي، لهذا لم يعطوه حقه من التقديم اللائق. أخذت العناوين و تركت جانبا الروايات مثل "ثلج"، لأختار كتاب بعنوان "ألوان أخري" و تضم مجموعة من النصوص و المقالات التي كتب بعضها و نشر البعض الآخر علي مدي ثلاثين سنة في بعض الصحف، فجمعها السيد باموك و قدمها في كتاب.

كان يهمني أن أقرأ بعض من سيرته الذاتية بقلمه، و لم أندم علي إقتنائي الكتاب، و قد كانت الترجمة إلي اللغة الفرنسية بمثابة الإضافة. هذا و قد إلتمست في أفكاره و آراءه و أسلوبه مزاوجة ذكية بين الأصالة و العصرنة، هو العلماني الذي يعتبر نفسه أوروبيا.

إنتقلت من مقالة إلي أخري بنهم، عشت زلزال 1999 في منطقة إزمير بتفاصيله الصغيرة و الكبيرة، و كيف أن الضجيج الذي أحدثته هزة أرضية بجزأ من مكتبته، أوحي له بأن يتخلص من محتويات ذلك الركن الذي يضم 250 كتابا، لنتصور المشهد !

كيف إستطاع ذلك، و أنا التي عندما تسنح لي فرصة تجديد مكتبتي أجد نفسي تتخلص من بعض الكتب و كأنني أودع بعض من روحي !! ثم ذهلت أمام قدرته علي كتابة عشر ساعات يوميا طيلة ثلاثة عقود ! هذا و كشف عن طريقة كتابته لأشهر رواياته و كيف أنه يضع الخطوط العريضة للرواية قبل كتابتها.

عندما تعرض للكاتب الفرنسي ألبير كامو، وصف إهتمامه بالسياسة كأنها شيء ما سقط علي رأسه! و قاسم الكاتب الفرنسي نفس الموقف بإعتبار أنه كان ينأي بنفسه عن السياسة و ضرورات الحياة من أرغمته علي ممارستها. فيذكر في مقالة أخري محاكمته في 2005 من طرف محكمة تركية للرأي الذي عبر عنه حيال ما يسمي ب"مذبحة الأرمن".

في آراءه و مواقفه، يظهر واثق من نفسه و ينفي عن نفسه الغموض و تلون الحرباء. فأورهان باموك يفصح عن قناعاته آملا في واقع أفضل لتركيا الديمقراطية و حتي علمانيته تتأرجح بين إحترام الجذور و الإنتماء و بين فصل الدين عن الدولة من زاوية الحياد الإيجابي. لا أدري كيف يكون الحياد الإيجابي و هو يعترف في إحدي مقالاته بأن أوروبا تطالب صراحة تركيا بنسخ ميثاق حقوق الإنسان الغربي و قولبة المجتمع التركي المسلم وفق معايير قيمية غربية بحتة ؟

كيف يمكن لنا الوقوف علي الحياد في هذه الحالة ؟ دافع الرجل عن حق تركيا في دخول النادي الأوروبي و رأي في ذلك إنصافا لبلده و قد أسهب في الحديث عن الشعور بالمهانة الذي لازم جيلين أو ثلاث من الأتراك ناحية أوروبا المتعالية. و نستشعر في كتابته تلك، نوع من اللوم و الإنتصار للكرامة، لم يكن من السهل أبدا علي تركي مثله أن يهفو إلي أوروبا و قد تجرع مر إهاناتها قومه. علاقة تركيا بأوربا كانت دائما تتأرجح بين السلم و الحرب و قد وصف باموك رغبة الأتراك في الإنضمام إلي الإتحاد الأوروبي بإستعدادهم التام للمساهمة في السلام و ترسيخه في القارة العجوز. و إن كان ينظر إلي ذويه و هم يتذمرون من غطرسة أوروبا و كيف أنهم من موقع الإنبهار بها إنتقلوا إلي موضع جديد، يعلنون فيه أن أوروبا ليست أفضل من تركيا في إنتهاكات حقوق الإنسان !

سجل أورهان باموك في متابعة إنتاج الغرب الأدبي حافل، و تمسكه من جهة أخري بالهوية الوطنية و قراءته لكبار كتاب تركيا من أدباء و مؤرخين، يعلمنا كيف أن الكاتب الأمين يطل من نافذة بلده علي أدب الأجنبي بدون عقدة. فهو المحلية بدون جدران، نصوصه المتوالية عبر دفتي الكتاب، تأخذ بالقراء إلي مرافيء عدة و إلي وجهات نظر نشاطر بعضها و نعارض بعضها، فمناخ الحرية الذي يتيحه الأدب هو المدخل الصحيح لأي عمل جاد.

كلما كنت أتقدم في المطالعة، كلما كنت مأخوذة بأسلوب الكاتب، فله طريقته الخاصة في جرنا إلي مواضيع و قضايا تؤرقه. و أكثر ما نعيره إهتمامنا، ذلك التجاذب الواقع بين إنتماءه للشرق المسلم و بين مسقط رأسه في رقعة الأرض الأوروبية من إسطنبول. فذلك الشعور بالمهانة الذي يتجسد في الأنا الجماعية، نكاد نجده في كل منعرج من مقالاته المتوالية و التي تمثل في الحقيقة خطاب واحد يتجه به إلي القاريء.

تركيا بلد يتوسط آسيا و أوروبا، كهمزة وصل، هكذا نظرت شخصيا للأمر و هذا لوحده إثراء لهوية كانت لها بصماتها الخالدة في تاريخنا، ففاتح القسطنيطنية عاصمة الإمبراطورية البيزنطية سابقا كان محمد الفاتح و قد جاء ذكره في أحد نصوص الكتاب في معرض حديث أورهان باموك عن فن الرسم التصغيري الذي كان إرثا مشتركا بين إيران و تركيا و قد أبدع في رسم معالم كيفية كتابته لروايته"إسمي أحمر" و قد غاص في فن المنمنمات، حاملا القاريء إلي عالم قلما يتاح له معرفته.

أورهان باموك بالنسبة لي هو من الكتاب الذي نختلف معه في قضايا و نتفق معه في أخري، فقد سافرت عبر نصوصه إلي عدة أبعاد و أداة التعبير لديه متقنة، فلا ينقصه المجاز و لا الإيحاء و لا المكاشفة، أدوات يلوح بها كيفما شاء علي الموجة التي يريد.

و حتي عندما غامر و خاض في ذكريات الطفولة، خلد مشهد والدته في نص كان أقرب إلي البوح منه تصوير تسجيلي. نجاح باموك أراه أكثر في نقله الأمين لدقائق إحساس الروائي و قد إعترف بأنه دائما ما يضمن أحد أبطال رواياته صفاته، فهناك قدرا من ذاته في شخصياته.

عندما حانت لحظة إنتهاء مطالعتي للكتاب، شعرت بحزن يخيم علي، الإنتهاء من قراءة كتاب كنهاية رحلة أو وداع.

  

قراءة 2644 مرات آخر تعديل على الإثنين, 12 تشرين2/نوفمبر 2018 08:32
المزيد في هذه الفئة : خيبات العولمة رؤية نقدية »

أضف تعليق


كود امني
تحديث