قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 02 أيار 2020 04:30

“مسؤولية المثقف” من منظور محمد حامد الأحمري

كتبه  الأستاذ شيخنا محمد عمو
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أخذ “المثقف” مساحةً كبيرةً من اهتمامات المفكرين الغربيين و العرب على حد سواء منذ ردحٍ من الزمن، فنتجتْ عن ذلك دراساتٌ كثيرةٌ غنيّة بالأفكار و النظريات، لكن ليس من مهمتنا هنا محاولة حصرها، و إنما سنكتفي بالتذكير بأن من أشهر من كتب في هذا المجال المهم: علي شريعتي، و علي حرب، و إدوارد سعيد، و جورج طرابيشي، و عبد الله العروي، و نعوم اتشومسكي، و ريتشارد بوزنر، و بسكال بونيفاس، و جيرار ليكرك.

و لعل آخر كتاب صادر في هذا السياق هو كتاب “مسوؤلية المثقف” للدكتور محمد حامد الأحمري، الذي سنحاول من خلال السطور التالية أن نقوم بجولةٍ موجزةٍ بين دفتيْه، لنُقدّم للقارئ نبذةً عن هذا المولود الجديد؛ الذي يمثّل إضافةً نوعيةً إلى ما يمكن أن نُطلق عليه هنا “مكتبة المثقف”{[1]}، و نعني بـذلك أن عناية الكُتّاب و المفكرين بموضوع “المثقف” أدّت إلى إيجاد مكتبةٍ خاصةٍ بـ “بالمثقف”، باعتباره يشكل موضوعًا قائمًا بذاته على شاطئ بحرٍ من الموضوعات المختلفة.

صدر كتاب “مسوؤلية المثقف” -الذي نحن بصدد الحديث عنه- عن منتدى العلاقات العربية الدولية 2018ـ، و قد تمثلت خطته في مقدمة و تمهيد، و أربعة عناوين كبرى، تدور حول “تعريفات أساسية”، و”تكوين المثقف”، و”فاعلية المثقف”، و”قضايا ثقافية”، تلتها خاتمة و ملحق عبارة عن “رؤية في العلاقة بين المثقفين  والسلطة”، و قد جاء الكتاب في (253 صفحة).

تعريفات أساسية

خصص الأحمري المحور الأول: “تعريفات”؛ للوقوف مع بعض التعريفات الأساسية، فتحدث عن  جملة مفاهيم، منها مفهوم “الثقافة”، و”الكاتب”، و”المثقف”، و”المفكر”، و”الفيلسوف”، و”وظيفة الثقافة”، و يبدو أن الأحمري قد اعتمد في محاولة تفسيره لهذه المفاهيم على بعض القواميس اللغوية، و الكتب الثقافية النوعية، فاستعار بعض التعريفات التي نثرها بعض المفكرين في كتبهم، مثل: عبد الوهاب المسيري، و مالك بن نبي. كما عرّج الأحمري على إشكالية توزيع هذه الألقاب (مثقف، مفكر، فليسوف..إلخ) عند بعض المجتمعات، فقال إن المجتمعات الفرنسية تتميز بكرم كبير أو تساهل في توزيع الألقاب، بخلاف الأمريكيين و البريطانيين؛ الذين يعتبرون أكثر تحفظًا من غيرهم في توزيع الألقاب{[2]}.

و بما أن موضوع “المثقف” مطروق بشكل لافتٍ، كما ذكرنا آنفًا، كان من اللاّزم على الأحمري أن يَدخُل إلى حقل “المثقف” من زاوية معينة، لكي يستطيع أن يضيف جديدًا في هذا المجال المهم، فقام بالتصريح بالطريق الذي أراد أن يسلكه في كتابه هذا، و ذلك حين قال: “عندما اخترتُ الكتابة عن مسؤولية المثقف أردتُ أن يكون الحديث عن واجباته، و عن الأشياء التي يُسأل عنها حاضرًا في حياته أمام نفسه، ثم أمام مجتمعه و ضميره، و هي في النهاية مسؤوليته أمام ربه”{[3]}.

و يبدو جليًا لقارئ كتاب “مسؤولية المثقف”، إيمان الأحمري القوي بضرورة فاعلية المثقف، و نبذه لجموده و خموله، و ميله إلى السلبية، و عدم وعيه بالأحداث، و وقوفه مكتوف الأيدي دون مواجهة سلطة المجتمع و السلطة العامة حين تقتضي الضرورة ذلك، و لعل السبب في هذا الأمر أن الأحمري يرى أن “الأصل في المثقف أن يكون عمليًا لا نظريًا، فليست الثقافة مجرد متعةٍ ذهنيةٍ، و لا هي معالجة نصوصٍ فلسفيةٍ، بل المثقف هو من يجمع بين العمل و الفكر، و قيمة أفكاره أنه يمتحنها يوميًا في مجتمع الناس، يَقبل و يَرد، يُخطئ و يُصوب”{[4]}.

و في سياق حديثه عن نماذج من المثقفين و العلماء الذين كان لهم دور  في انتزاع الحرية و العدل و هدم “الثقافة الطاغوتية”، أشار الأحمري إلى جانب من شخصية الإمام الشافعي قد يكون غير معروفٍ عند البعض، يتمثل في ثورية الشافعي، و أنه قد “حاول الثورة على العباسيين أولاً قبل العلم”، كما صرّح الأحمري بأن “الشافعي قام بدور المثقف في أعلى مجالاته، و هو ما جعل القدماءَ يكثرون من وصفه بما يزيد عن وصف عالم، كمن وصفه بأنه فيلسوف، أو رباني، أو عامل، أو ثائر”{[5]}.

تكوين المثقف

في المحور الثاني: “تكوين المثقف”، وقف الأحمري مع جملة أمور، من بينها: “التكوين المعرفي”، و”الحوار الثقافي”، و”المقاهي والصالونات منفذًا للحوار”، و”مجتمع الحوار الثقافي”، و”دور الجامعات الحرة الثقافي”، و”الأكاديميون ودور المثقف”، و”بيئة المثقف”، و”غربة المثقف”، بيدَ أننا سنركز هنا على نقطتين رئيسيتين، هما: “الحوار الثقافي”، و”غربة المثقف”.

في سياق حديثه عن “الحوار الثقافي”، أكد الأحمري على ضرورة الحوار، و اعتبره “من أهم موارد المثقف في عمله”. و للتدليل على أهمية الحوار في بناء المجتمعات، قام الأحمري بجولةٍ في تاريخ الحوار في بيئات مختلفة، و سرد مجموعة من النماذج التي تعكس تاريخ “الحوار الثقافي”، حيث ذكر أن أحمد بن حنبل كان يترك قيام الليل لنقاش أبي زرعة الرازي، و أن الجاحظ كان يخرج إلى الفلا للمناظرة، كما كان عبد الحميد بن باديس و البشير الإبراهيمي يعودان إلى المسجد بعد صلاة العشاء، و يستمران في النقاش –في بعض الأحيان- حول طريقة تحرير الجزائر؛ حتى طلوع الفجر. ثم عرّج الأحمري على حوارات طويلة خارج السياق العربي كانت لها آثار على سياسات العالم و خططه المستقبلية، مثل حورات الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت و رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل، و”ماركس” و”إنجلز”، و”كارل غوستاف” و”سيغموند فرويد”{[6]}.

أما في سياق حديثه عن “غربة المثقف”، فركّز الأحمري على نقاط مهمة ترتبط بحياة المثقف المغترب و ما يعانيه من مشكلات، حيث صرّح بأن “المثقف المغترب قد يحمل على عاتقه مشكلة غربته التي تضعفه و تثقله بأسئلة و مبررات وجود”، لكن المفارقة أن “المثقف تقوى فكرته كلما قلت علائقه و حساباته، و خفت شجونه المحلية”{[7]}، و هو ما يدفع المثقف إلى أن يتخذ من الثقافة موطنًا، فيعيش فيها بطريقته الخاصة، و مع الوقت يكتسب “حالًا و خلقًا آخر”.

و قد أوضح الأحمري أن المثقفين المغتربين نموذج متعدد عبر القارات، حيث “كانوا نقلةً للمعرفة، و كانوا ملح الشعوب، و رواد الإصلاح، و سببًا لكثير من الخير و الشر لمجتمعاتهم، و لو أن مساوئهم لا تُذكر إلى جانب ما قدموه للعالم عبر الدهور”{[8]}. لم يقتصر الأحمري على هذا الادعاء، و إنما قدم عليه أدلة ناطقة، فذكر مجموعة من المثقفين (في القرن العشرين) كنماذج على المثقف المغترب الإصلاحي، مثل: فولتير، و مازيني، و ماركس، و الأفغاني، و شكيب أرسلان، و إنجلر، و لينين، و محمد أسد، و مرمادوك بكثال، و مالك بن نبي، و لويس ألتوسير، و إدوارد سعيد، و تيزفيتان تودوروف، و جاك ريدا، و يوسف القرضاوي، و راشد الغنوشي، و محمد أركون {[9]}.

فاعلية المثقف

يمكن القول إن الأحمري ركّز في المحور الثالث: “فاعلية المثقف”؛ على نقطتين كبيرتين، هما: “التزامات المثقف”، و”أنماط المثقفين”. في النقطة الأولى، وقف الأحمري مع التزامات المثقف وقسمها إلى قسمين، القسم الأول: تجاه نفسه، و يتمثل من وجهة نظر الأحمري في “العمل الجاد المستمر على تنمية قدراته في المعرفة و العلاقات”، ثم “الجد في تهذيب نفسه”، و القسم الثاني: تجاه أفكاره، و يتمثل في جملة أمور، منها: الحرص على مصالح المجتمع كافة، و القدرة على التعبير عن أفكاره، و الانفتاح على وجهات النظر الأخرى، و القيام بالدور الممكن لا المتخيل{[10]}.

أما في النقطة الثانية، فعرّج الأحمري على “أنماط المثقف”، و صرّح بأن دور المثقف ليس محصورًا في جانبٍ معينٍ، و استدل على تعدّد أدوار المثقف بأن الحاجة تُلزِمه أن يكون “شاهداً مرة، و مدعيًا مرة، و مدافعًا مرة في موقف ثالث، و جنديًا مرة، و قياديًا مرة أخرى”{[11]}. و بعد ذلك، بدأ الأحمري يُعدّد أنماط المثقف، فوقف مع “المثقف مصغرًا”، و”المثقف نخبويًا”، و”المثقف منبهًا”، و”المثقف نقيًا”، و”المثقف تابعًا”، و”المثقف قاسيًا”، و”المثقف صحافيًا”، و”المثقف فاسقًا”، و”المثقف شعبويًا”، و”المثقف مجددًا”، و”المثقف ناقدًا”، و”المثقف سلعةً”، و”المثقف زينةً”، و”المثقف ساخرًا”، و”المثقف متغربًا وإسلاميًا”، و”المثقف موظفًا”، و”المثقف مغفلًا”{[12]}.

قضايا ثقافية

في المحور الرابع و الأخير: “قضايا ثقافية”، ناقش الأحمري جملةً من القضايا الثقافية المهمة، من بينها: “العلاقة بين التدين والعلمانية”، و”الفرق بين المثقف و عالم الدين”، و”ظاهرة المثقفين اليهود في أمريكا”، و”الثقافة و الفعالية”، و”الثقافة بين الحرفة و الرسالة”، و”التحيز الثقافي”، و”خيانة المثقفين”، و”الأيديولوجيا الاحتلالية الديماغوجية”، و”مثقف القبلية أو الحزب أو الحكومة”، و”مثقف الهزيمة”، و”التقنية والثقافة”، و”المتواصل أو ما بعد المثقف”.

و قد استطاع الأحمري أن يُقدّم من خلال هذه العناوين الفرعية جملةً من الأفكار القيّمة، التي لا شك أنها ستُسهم في فهم بعض القضايا الثقافية المختلفة الحساسة، كما أنها ستُثري “مكتبة المثقف”، و ستساعد في تعريفه على أبعاد مجموعة من القضايا الثقافية المهمة، التي يحتاج المثقف أن يستوعبها استيعابًا دقيقًا، يدفعه إلى النهوض بمسؤولياته النبيلة على أحسن وجه.

و في خاتمة الكتاب، جاء الأحمري ليقول إنه يَفهم أن قول النبي صلى الله عليه و سلم: “أنتم شهداء الله في أرضه”، يشير إلى أهمية تعبير الإنسان عن رأيه، لأن الإنسان شاهد على الزمان و قضاياه، و شاهد على الحق الذي يجب عليه أن يناصره، و شاهد على الباطل الذي يجب عليه أن يحاربه و يقف في وجهه، و هكذا فإن المطلوب من الإنسان أن يقول ما يؤمن به مما يصلح المجتمع، فالصامت عن الحق شيطان أخرس{[13]}.

و قد كان الأحمري صادقًا حين قال إن “من أهم الأدوار ذات الأولية و الأهمية القصوى للمثقف أن يقف ضد طغيان المؤسسات في مجتمعه، فهو ناقد و مراقب، و يستمد شرعيته و دوره الأهم من رقابته على هذه المؤسسات التي تغتال حريات الشعوب”{[14]}. و هذا الكلام يؤكد ما أشرنا إليه آنفًا، حين قلنا إن الأحمري يؤمن بالمثقف الإيجابي، الواعي بمسؤوليته، الساعي للتغيير والبناء، الذي لا يقبل بالخنوع و لا الخضوع، و سنختتم حديثنا بدليلٍ آخر على هذا الزعم؛ يتمثل في أن الأحمري يرى أن “المثقف الحق فيه بذرة عصيان، بل له سلاح صارم من العصيان و الجفاء للتبعيات و الانحيازات و الهزائم المجتمعية، إنه يعصي ليبني، و لا يعصي ليشتهر، يعصي لا ليخالف، و لكن لأن لديه نورًا بعلم و صدق و حدس، و يُصرُّ على أن يدل عليه”{[15]}.


{[1]} و لعل من أبرز كُتُبِ “مكتبة المثقف”، ما يلي: “مسؤولية المثقف” لعلي شريعتي، و”صور المثقف”، و”خيانة المثقفين” لإدوارد سعيد، و”أوهام النخبة أو نقد المثقف” لعلي حرب، و”المثقف الذي يدسّ أنفه” لسعد محمد رحيم، و”أزمة المثقفين العرب: تقليد أم تاريخانية؟” لعبد الله العروي، و”المثقفون العرب و التراث: التحليل النفسي العصاب الجماعي” لجورج طرابيشي، و”المثقفون في السياسة و المجتمع” لعبد الله حنا، و”المثقف العربي و متلازمة ميدان تيانانمِن” لعمرو عثمان و مروة فكري، و”الكاتب والسلطان.. من الفقيه إلى المثقف” لخالد زيادة، و”نداء إلى المثقفين” لنعوم اتشومسكي، و”المثقفون العامون: دراسة في الانحدار” لريتشارد بوزنر، و”المثقفون المغالطون” لبسكال بونيفاس، و”سوسيولوجيا المثقفين” لجيرار ليكرك، هذا بالإضافة إلى روايات تحمل عنوان: “المثقفون” من تأليف سيمون دو بوفوار.
{[2]} انظر: محمد حامد الأحمري، مسؤولية المثقف (الدوحة: منتدى العلاقات العربية الدولية 2018)، 46.
{[3]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 42.
{[4]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 43.
{[5]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 17.
{[6]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 54-55.
{[7]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 81.
{[8]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 82.
{[9]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 83.
{[10]} انظر: الأحمري، مسؤولية المثقف، 104-107.
{[11]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 120.
{[12]} للوقوف على تفصيل حول هذه الأنماط، انظر: الأحمري، مسؤولية المثقف، 118-161.
{[13]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 241.
{[14]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 244.
{[15]} الأحمري، مسؤولية المثقف، 244.

الرابط : https://islamonline.net/30867

قراءة 1115 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 05 أيار 2020 12:37

أضف تعليق


كود امني
تحديث