قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 09 أيلول/سبتمبر 2020 09:56

قراءة في بعض الأعمال الروائية للأديبة الإسلامية خولة القزويني

كتبه  الأستاذ محمد عباس عرابي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

تعد الأديبة الكويتية و الكاتبة الإسلامية، صاحبة الكلمة و المواقف المشهورة في العالم العربي و الإسلامي (خولة القزويني)، و التي عم عطاؤها الأرجاء، و شمل النواحي القاصية؛ تعد نموذجا للمرأة المسلمة العاملة الفاعلة التي لا تستسلم أبدا للملل و لا للتشاؤم، بل حياتها كلها تفاؤل و مثابرة و اجتهاد في إيصال الفكرة السامية و الثقافة الإسلامية  الأصيلة في نوادي النساء المسلمات من هذا الجيل الناهض. 

     لقد عُرفت خولة القزويني منذ مطلع الثمانينيات أديبة ملتزمة دينيا في كتاباتها، و يركز إنتاجها الأدبي على قضايا اجتماعية تهم الناس في شكل عام، بيد أن نقادا يرون أن تجربتها مغرقة في الكلاسيكية التي تجاوزها الأدب السردي، إلا أن جمهورها في الخليج العربي يتابع بشغف كبير ما تكتبه القزويني.

تقول خولة:  "لابد أن تكون لنا بصمة، و ليس شهرة في مجال الأدب. فنحن محاصرون، فغيرنا يتبنى الأدباء و الأدب الرخيص و الشعر الوضيع لأنهم لا يريدون شبابا واعيا لأنهم يعلمون أن الأدب هو وسيلة الوعي لدى الشباب... فالقلم رسالة يجب تأديتها، و هي طريقي لخدمة صاحب العصر و الزمان."  و تقول أيضا: "تطورت تجربتي الروائية بعد بناء حصيلة معرفية مع التقدم في العمر". و ترى أن الرواية العربية على أنها تعتبر فنا جديدا إن قورن بالقصة أو الشعر، إلا أنها أقرب إلى النفس، معللة ذلك بـ"تطرق الرواية إلى قضايا اجتماعية مهمة أكثر من قدرة أي مجال آخر"، مضيفة: "الرواية أقرب إلى النفس من أي مجال".

و تؤكد القزويني أهمية وجود كتاب من فئة الإسلاميين الواعين، الذين يمكن أن يقوموا بترجمة المبادئ الإسلامية السليمة من خلال رواياتهم، بعكس بعض الإسلاميين الذين يتبعون طريقة إلغاء الآخر في كتاباتهم، إذ يقومون بتهميش كل الحضارات الأخرى التي لا تتفق معهم، و هذا أسلوب تراه «منحرفاً». فالفكر الإسلامي هو فكر منفتح يخاطب العقل و الشخصية بكل إمكاناته.

   إنتاجها الأدبي: 

بلغت مؤلفات خولة القزويني (21) مؤلفاً ما بين رواية -طبعت الأعمال الكاملة للأديبة خولة في أربعة مجلدات- و قصص و مقالات و بحوث. و يهمنا منها هنا رواياتها، و تميل خولة  في رواياتها إلى إظهار القيم و المبادئ الإسلامية، ويدور جل إنتاجها الأدبي حول القضايا الاجتماعية و العاطفية و التربوية و تبدع في التعبير عن الأحاسيس و العاطفة بشكل دقيق؛ إنها تتقمص الشخصية لتقنع بها القارئ، تعيش خلجاتها الدفينة، عواطفها الداخلية، شجونها، الجزء النفسي الدقيق جداً، و هذا ما يجعلها مهتمة بالقراءات الخاصة في هذا المجال لتستعين بها في كتاباتها...  لقد تناولت خولة القزويني مواضيع اجتماعية عديدة و أهمها الحياة الزوجية التي أعدّها من أهم العناصر التي يبني على المجتمع مفاصله المختلفة, حيث تناولت الكاتبة أبعادا مختلفة، انتقلت من الذات الزوجية التي تحيا في العزوبية، إلى ذات تتآلف و تؤلف جوا مؤطرا بكل ما هو شاعري و مرهف, فهي تعتقد في همس النواعم (الرجال يحبونها مرحـة) أن الحياة الزوجية يجب أن تكون أسيرة المرح و الأنس, فلا يمكن للجمود أن يسيطر على أحد الطرفين، فكلاهما يتأثر بالآخر بشكل دراماتيكي حسب الإيجابية أو السلبية التي يصنعها أحدهما. ..  و لم تنتقل خولة القزويني للتنظير للحياة الزوجية إلا بعد أن كانت تنظر لكينونة الزوجين اللذين من الممكن أن يؤلفا حياة زوجية ناجحة, فهي تنطلق من خلفيتها الإسلامية تأثير العقيدة و الفكر، و إيمان يعكسه السلوك و اليقين.. و هذا ما دأبت تبسطه و توضحه و تعطيه صورة ناصعة البياض، مما قد يعطي فكرة أكيدة عن مدى إيمان الكاتبة بحياة زوجية ناجحة تحت أطر التشريع الإسلامي الذي يجب أن يتنقل بالحياة الزوجية من مرحلة إلى أخرى، و من كيفية إلى أخرى متأثراً بما حوله، و بما طرأ على وعي الزوجين من تربية إسلامية يمكن أن تعكس ظلالها الدافئ الذي تتوافر فيه كافة الوسائل التي تؤدي بنا إلى حياة زوجية ناجحة يستطيع المجتمع أن ينتج، لا أن يكون مغلقاً و مغلفاً بالتكاسل و الانكفاء حول الماضي التعيس.

قراءة موجزة في الأعمال الروائية للأديبة خولة القزويني.

      تأتي أعمال الروائية للكاتبة الكويتية "خولة القزويني" ضمن إطار التوجه الإسلامي، إذ تجهد أن تمثل في أعمالها سمو المبادئ الإسلامية و عظمتها و أهليتها في أن تكون في مواجهة النظريات الوافدة من الغرب التي تحير الإنسان، و هي مبادئ و شعارات دخيلة في نظرها، و لا تصلح أن تكون مبادئ إنسانية للمسلم بسبب تعارضها مع روح الإسلام و قيمه، فالتحرر الذي دعا إليه الغرب للرجل و المرأة، و الحرية التي نشرها لهما، إنا كان تحللاً من قيم و تقاليد و أعراف أصيلة أدى إلى ضياع الإنسان المعاصر، و خروجه عن دائرة تعاليم دينه، و اضطراب الأسرة و تفاقم مشاكلها بعد أن كانت متماسكة تضبطها القيم السماوية.. و في ذلك تقول الكاتبة خولة بلسان إحدى شخصيات روايتها "سيدات و آنسات": .. (إن ما نطمح إليه هو اتباع منهج سليم يشمل كل الناس رجالاً و نساءً، و يتفق مع المعروف السائد. فمجتمعنا مجتمع مسلم، و ينبغي أن تكون القرارات النسوية فيه صادرة من منبع إسلامي يتفق مع روح هذا المجتمع، و يتماشى مع مسيرته التي اعتادها، فمن العبث أن نقوم الانحراف بالخطأ، إذ يجب أن نعرف من هم الذين يصنعون لنا قراراتنا التي نجهل صبغة بعض الفئات السرية التي تحمل أغراضاً غير واضحة و محدودة)... لماذا أكتب؟ و ماذا أكتب؟ و لمن أكتب؟ و بأية منهجية أكتب؟:

 تؤكد القزويني أن هذه هي الأسئلة الأولى التي تضعها نصب عينيها قبل أن تبدأ في الكتابة، إذ تضع على الدوام قضية معينة نصب عينيها لمعالجتها، و من ثم تبدأ في تحليلها و محاولة استكشاف طرق معالجتها، مؤكدة أنها قامت بتطبيق ذلك في رواياتها جميعاً، و خصوصاً روايتها الأخيرة «رجل تكتبه الشمس» التي تعالج أساساً موضوع الإرهاب و تحديات العولمة و هي موضوعات آنية. و في هذا المبحث قراءة موجزة  في بعض  الأعمال الروائية للأديبة خولة القزويني البالغة (16) رواية حيث يعرض الباحث لأهم المواضيع العامة و المواضيع الرئيسية التي تطرقت إليها خولة القزويني في رواياتها و هي:

رواية (مذكرات مغتربة):  

هذه أول رواية كتبتها عندما كانت في الثامنة عشر من عمري قبيل دخولها الجامعة، و هي تتحدث عن ثلاث فتيات مسلمات يدرسن الهندسة في الولايات المتحدة الأمريكية و التحديات الأخلاقية و الاجتماعية و النفسية و العقائدية التي يواجهنها في هذا المجتمع. و مجمل الرواية تتناول قضايا الإسلام حول الحجاب، و العاطفة بين الرجل و المرأة، و الصراعات الفكرية.. حوارات هادفة و مباشرة يمكن أن يستفيد منها القارئ المسلم .
رواية (مطلقة من واقع الحياة):  قصة حقيقية لامرأة مطلقة عرفتها عن قرب، و عايشت حالتها النفسية بتناقضاتها و تقلباتها، و كيف أن الطلاق أحيانا يكون لأسباب لا يمكن ملاحظتها في الظاهر لها علاقة بنفسية خاصة في المرأة، و تجربة هذه المطلقة بعد طلاقها و محاولتها لبناء شخصيتها من جديد و الاستفادة من حالة الحرمان، و من ثمة عودتها إلى الزوج بشخصية جديدة .الموضوع الرئيسي في هذه الرواية يدور حول تجربة مريرة عاشتها امرأة، و استطاعت أن تتغلب عليها بكل تبعاتها، لتصبح إنسانة معطاءة ليس لعطائها حدود. و تتغلب على الصراعات النفسية التي تضعها وسط خضم من الأحداث لتدرك بإحساسها كيف يتحول المصير و بفعل إرادة الإنسان إلى صالحه.
و نكتشف من خلال السطور أن كل شيء باختيارنا و قناعتنا، و بفعل تكويننا و رغم شقاء جوانب الحياة، حيث إنها تكون أحيانا المرحلة التمهيدية للبناء الفكري و النفسي.
     رواية ممتعة تصور جوانب من حياة المجتمع و الناس بدقة متناهية و أسلوب شيق ممتاز.
رواية (عندما يفكر الرجل) رواية "عندما يفكر الرجل" موضوعها الرئيس عن بطل مجاهد استشهد في سبيل المبدأ، لتحقيق أهدافه الإسلامية تتناول قصة حياة مجاهد عرفته شخصيا، و معاناته طوال مسيرته سواء على المستوى النفسي أو الاجتماعي أو السياسي أو العقائدي، و جهاده حتى استشهاده على يد الموساد، و تحتوي الرواية قضايا سياسية لفترة الثمانينات في العالم العربي، و حالة الغربة و الطرد و التشرد التي عانى منها أصحاب المبادئ. و قد منعت الرقابة في الكويت تداول و نشر هذه الرواية في البداية، نظرا للطرح الصريح و المباشر و كتابة الوقائع السياسية دون تزييف، و بعد مراجعات عدة سمح لها بالنشر.
 

رواية (هيفاء تعترف لكم ): و تعد الرواية السابعة من مجموعة رواياتها.. صدرت عن دار الصفوة في بيروت، و هي رواية شيقة تبث فيها الكاتبة مواقف حزينة و مفرحة و قضايا أسرية، حيث تدور الأحداث في زمن واحد و جيل واحد.. يكثر فيه التوتر و القلق حتى الشخصيات في الرواية من جيل واحد.. تتحول فصلاً بعد فصل.. بجيل واحد.. قسمت الأديبة خولة القزويني روايتها ستة عشر فصلاً تحكي فيها الأحداث و القضايا التي مرت على هيفاء المعترفة بنفسها و أسرتها و كل ما يحيط بها.. و كل ذلك تدور الرواية حول اعتراف هيفاء، حيث تضافرت هذه الفصول مجتمعة في تنامي النقاط المفصلية التي توقفت عندها مضامين "اعتراف هيفاء". و رواية "هيفاء تعترف لكم" تتوغل في عمق القضايا و الإشكاليات داخل الأسرة التي فقدت ربها.. و بامرأة تقودها و أطفال يتامى.

رواية (أهلاً سيادة الرئيس): تعبر عن الحصاد الذي تقطفه الشعوب حينما تغرس في أوطانها دم الشهادة فتنبت مع سنابل قمحها أبطال نهضة. و عندما استشهد (محمد) بطل رواية (عندما يفكر الرجل) كان القطاف الموعود (مصطفى) رئيس الدولة الفاضلة التي كانت منتهى حلم المستضعفين و منتهى أمنيات الأحرار، و هكذا هم الشهداء بدمائهم تخضرّ الحقول و تُبنى الأمم و تتكامل الأجيال. و هي رواية تجمع ما بين الواقع و الخيال، و هي ليست سياسية، و إنما تحكي عن نموذج خيالي لرئيس مثالي يحكم دولة بنظام مثالي، و تعيش هذه الدولة تقدماً علمياً و تكنولوجياً، و هدف الرواية أن الشعوب لا تتقدم إلا إذا كان رئيسها عادلاً، و يحمي شعبه، و يعتبر نفسه خادماً للشعب و يحقق أمانيه.

رواية (سيدات و آنسات):  يحمل عنوان الرواية (سيدات وآنسات) الكثير من الأفكار التي تقود القارئ إلى التعمق في مدلولها. فهو يوحي بوجود سيدات و آنسات لا تنسى لحظاتهن، و لا تغيب صورهن، كما أنهن قامعات، صامدات أمام المجتمع. و يوضح دور المرأة و بروزها في المجتمع لتوضح آرائها و تثبت أفكارها، فيجعل القارئ يشعر بتعمق العنوان و اتصاله بما قيل في الرواية.

تدخل رواية "سيدات و آنسات" للكاتبة "خولة القزويني" ضمن إطار الأدب النسوي إن صحت هذه التسمية، فموضوعها الرئيسي قضية تحرر المرأة. و شخصياتها الأساسية من المسلمات. و هي تتوجه إلى جيل الفتيات المسلمات، و تتبنى آيديولوجية فكرية و سياسية واضحة المعالم. أما شخصيات الرجال فيها فأشبه بنماذج مصممة غرضها إبراز علاقة المرأة بالرجل ضمن الأسرة و الأبطال الذين رسمتهم و هم صلاح زوج السيدة هيام، و الدكتور علاء خطيب بطلة الرواية سلمى، و إبراهيم شقيقها، و فؤاد شقيق مدرستها سلمى و مرشدتها الروحية، هؤلاء لم يكونوا سوى ضحايا للمفهوم الخطأ عن حرية المرأة، أو ضحايا المجتمع المتمسكين بقيم الإسلام حول حال المرأة، و ما يجب أن تكون عليه من الخلق القويم و العلاقة السليمة بالجنس الآخر، و اختيار شريك الحياة و فوق الشروط الخلقية القديمة بعيداً من الجاه و المال و التحرر الكاذب و القيم المادية.

رواية (زينب بنت الأجاويد): تتناول خولة في هذه الرواية حراك المرأة المسلمة على المستويين الأسري الخاص و الاجتماعي العام، و موقف المرجعيات الفكرية الغربية من الصراعات التي تعيشها المرأة في وقتنا الحاضر و هي تقع بين طرفي نقيض الثقافة الغربية المنحلة التي تسلع المرأة و تحصرها في إطار مادي بحت، و العادات و التقاليد الجاهلية التي تهضم حق المرأة و تقمع حريتها و المتلبسة أحياناً بلباس الدين، و الدين منها براء.

   و هي  مرجع فكري تعتمد عليه المرأة المسلمة في معرفة حقوقها و واجباتها ضمن إطار منظومة إلهية شرعت هذه الحقوق وفقاً لمعايير دقيقة تتناغم و فطرة المرأة و قدراتها لتعرف كيف تعيش حياتها كمكلفة على وجه الأرض، و إلى أين تتجه. إنها ملامح هوية تضمن السعادة و الاستقرار للمرأة و الأسرة و المجتمع.  

     رواية (البيت الدافئ): البيت الدافئ يعني امرأة دافئة، تكتنفها مشاعر متدفقة تفيض من قلبها الطاهر الذي يختلج بحب الله، و يتنعم بفضائل القرآن الكريم، فتسلك في حياتها مسلكا مستقيما ثابتا؛ لأن حب الله سبحانه هو المحور الذي تدور حوله في علاقاتها الاجتماعية و توازنها النفسي. فاستقامة المرأة يعني بيتا عامرا و حياة هادئة و سعادة أبدية تستقي جذورها رواء القرآن الكريم. و الموضوع الرئيس في الرواية هو المشاكل الاجتماعية التي تتعرض لها الأسرة الواحدة تحت ظل أم الزوج المتسلطة التي تحكم أبنائها و زوجاتهم من خلال عرض نماذج نسائية مختلفة لما يختلج في صدورهن من حب، و شفافية، و كره، و بغض، و رغبة و ذلك عن طريق ارتباطهم بعضهم ببعض.

رواية (رجل تكتبه الشمس): تعدّ رواية "رجل تكتبه الشمس" محاولة جادة ناجحة في تقديم أدب إسلامي معاصر. فالإسلام ليس انتماء شكلياًَ لمعتقد، أو تمذهباً جامداً، إنه رسالة إنسانية عظيمة. و تحلّق الكاتبة في لغة الرواية التي تجلّت في أسلوب كتابتها الرائع خطاً راقياً من التعبير الأدبي يقوم على العبارة السليمة الفصيحة، و تعدّ بعض صفحاتها آية في الجمال اللغوي تتناول قضية التعايش بين الشرق و الغرب كتوافق حضارتين الحضارة العربية الإسلامية و الحضارة الغربية، و ما شخصية جانييت/ جميلة- التي جاءت بها الكاتبة إلا نموذج على هذا التوافق و تقبل المجتمع الغربي إلى الإسلام لكون الإسلام يتوافق مع الطبيعة البشرية الإنسانية. إن الكاتبة تنقل عبر شخصية جانييت/ جميلة حالة التحول إلى الإسلام و ما يبعثه من الطمأنينة بذات الإنسان بالإضافة إلى ما يعانيه الإنسان الذي لا يعانق الإسلام في حياته من ضياع و إهدار للكرامة. و عنوان الرواية له عدة دلالات، منها أنه الرجل (الإنسان) تكتبه الشمس حيث إن الشمس كما هو معروف وسيلة من وسائل التطهير للنجاسات، فهي (الشمس) ترجع الرجل (الإنسان) إلى إنسانيته عبر صياغتها له بأشعتها، كما أنها مصدر من مصادر الحياة البشرية، إذاً هي (الشمس) تكتب (الرجل) ليكون حياة كما أراد له الله سبحانه و تعالى.

سمات الأسلوب في الأعمال الروائية للأديبة خولة القزويني.  تميز أسلوب خولة بالالتزام الديني و الدعوة إلى الفضيلة، بشكل اعتبره كثير من النقاد «وعظياً» و غير «أدبي»، لكنها على رغم ذلك، نالت شعبية كبيرة قلما ينالها كاتب رواية، و ذلك بوصفها «كاتبة في الأدب الإسلامي» في وقت أصبح فيه كتاب الرواية الإسلامية يعدون على الأصابع. خولة عند مخاطبتها للقراء لا تخاطب البيئة الكويتية فحسب، بل تخاطب العالم الإسلامي و العربي بصورة عامة.. و أيضاً اهتمامها بالتطورات الاجتماعية و وضع المرأة عموماً، و حرصها على تقديم المرأة بشكلها الإنساني، و بحثها عن المرأة التي ترى في أسرتها قضية أولى تحقق كيانها و أنوثتها و إنسانيتها.. و الأسلوب المستخدم في روايات خولة القزويني ينبع صادقاً عن إحساسها، و يعبر بصراحة عن أفكارها و آيديولوجيتها.

   و تقول القزويني: إن منهجها في الكتابة يركز أساساً على همها في تغيير المجتمع، و ربما تتهم أحياناً من قبل النقاد بعدم اكتمال العناصر الفنية في القصة، إلا أنها حاولت اتباع أساليب مختلفة في الكتابة، منها أسلوب الرسائل أو المذكرات.

أما روايتها الأخيرة فقد اتخذت طابعاً مختلفاً ­بحسب قولها، ­إذ غلب عليها الطابع النفسي التحليلي للشخصية، فقد تم التدرج في شرح مشكلة البحث عن الذات من خلال بطل الرواية، عبر انعطافات عدة في حياته، و تعود لتؤكد «ليس لدي منهجية ثابتة أحددها بما يفهمه المتلقي أو النقاد، و إنما همي هو المجتمع المتعطش إلى نوع من الثقافة التي تصاغ بأسلوب أدبي عاطفي و حسي».

فخولة القزويني لا تخضع قلمها إلى متاهات الأسلوب المعقد إنما تمضي به بانسيابية واقعية لا انفعالية و لا جمالية متقعرة الحروف كما نجدها في بعض الأقلام لدى بعض الروائيين الغامضين. الفكرة لديها واضحة، و الهدف واضح، و الشخصيات واضحة. تقول: (و من هنا أتجاوز العناصر الفنية التي تحد هذا السرب الانفعالي المحتدم مع الواقع الثقافي، يحفر في روايتي و قصصي تجربة الإنسان بانسيابية مطلقة دون افتعال و تكلف، و تغيبني لحظة الدهشة و أنا أتعايش بشخوص رواياتي بحالة من الانسجام الجميل الذي يدفع قلمي إلى البوح بتلقائية و شفافية). فهي تنظر إلى أن الكاتب يجب عليه أن يزرع بذور الإيمان من خلال كتاباته التي هي مترادفة مع البقاء. تقول: (لو أدركوا أن القلم كان أشبه بسلاح يتقلده المحارب في ميدان الحقيقة لما سقط العالم مذبوحاً على بركة شقاء). و من أهم  السمات التي يتسم به أسلوبها هو البساطة و الوضوح، و السرعة في الوصول إلى حل عقدة القصة، باعتبارها أنها لا تستخدم أسلوب الرموز الغامضة.

و من أهم سمات أسلوبها:

استخدام الكلمات العربية الفصيحة السهلة الإفهام، و الألفاظ القوية الجزلة التي تخدم النص و المعنى:

***استخدام خولة القزويني الكلمات العربية الفصيحة السهلة الإفهام، وابتعادها عن الكلمات الصعبة والمستهجنة. استخدام الألفاظ القوية الجزلة التي تخدم النص والمعنى وخاصة الألفاظ التي تعبر عن أحاسيس المرأة المرهفة كما في المثال التالي في رواية "هيفاء تعترف لكم" حيث عبرت عن آلام المخاض للبطلة واستخدمت الألفاظ المناسبة لها: وكان يجب أن تكتفي بذلك، لكنها أكملت: "ليثبت لنفسه أنه في حالة استرخاء وطمأنينة" وكأنها تريد أن تربح القارئ من عناء التفكير وفرض وصاية على عقله، وهذا يفقد النص عنصر المفاجأة. وأيضاً في رواية "مطلقة من واقع الحياة" عندما تصور حالة الانتظار فهي تذكر: " كانت تصغي لحوارهم، كأنها اللص الذي ينتظر الحكم الأخير..." وأعقب على هذه العبارة بجملة أخرى وهي "حتى جاء الأخير".

كثرة استخدام المرادفات: يتميز أسلوب خولة القزويني كثرة استخدام المرادفات، وذلك يدل على الثراء اللغوي الذي تتمتع به الكاتبة، فمثلاً في رواية "سيدات وآنسات" نلاحظ كثرة المرادفات لتوضيح وترسيخ المعنى في ذهن القارئ : "ما هذه الوساوس؟ وما هذه المخاوف؟ تتكتم بخوف وحذر". وفي رواية "مطلقة من واقع الحياة" فهي أيضاً تذكر هذه المرادفات في عرض أحداثها: "المرأة سكن الرجل الروحي والنفسي."

سرد الأحداث بلغة سهلة ثرية: 

فمن مميزات أسلوب خولة القزويني "قدرتها على سرد الأحداث بلغة سهلة ثرية". ففي رواية "سيدات وآنسات" عندما تريد الأم فرض سيطرتها على ابنتها سلمى تستخدم خولة القزويني هذه الجمل للتعبير: "قضت سلمى ليلتها باكية، تارة تصمت وهي تستوحي إشعاعاً من الأمل يضيء لها الدرب، ويفك أسرها من هذه القيود، وتارة أخرى تجهش بالبكاء، فأمامها طريق قاتم لا غاية فيه ولا رجاء فكل شيء مخطط في غاية الدقة والتنظيم ولا تستطيع التمرد عليه".
وأيضاً في رواية "هيفاء تعترف لكم" فهي تصف حالة هيفاء عندما تتشاجر مع زوجها وتأوي إلى بيت أهلها، ولكنها لا تجده، لأن أمها وأخاها يرغمانها على الرجوع إلى بيت زوجها، فهي تسرد هذه الأحداث بأسلوب لطيف وبإحساس عميق: "حزمت حقائبي وطفلي يرتجف كعصفور ذبيح فوق صدري.. ارتجت كل أوصالي ذعراً، وأحسست أن كل خلجة في ترتعش وأنفاسي تنغمس في دموعي الذارفة.. يكبر الألم ويتغلل في كياني ليستحوذ على منابت الإحساس فيّ .. أخي يقود السيارة، ساكن لا يدرك حجم وجيعتي تغلي كغلي الحمم في دمي... وأمام قصر الموت حطت سيارته، وجاء البواب ليأخذ أمتعتي. الغضب يصطخب في مقلتي الدامعتين ولم أعره أية التفاتة، دخلت القصر وطفلي في حضني يبكي، محتجاً على هذا العالم المتوحش.. قد تحول إلى غابة يفتقد فيها البشر إلى الإحساس بالأمان والحنان".

استخدام الكثير من الآيات القرآنية في رواياتها وهذا يدل على التزامها بالدين، وأيضاً استخدام الحكم والمواعظ والآراء الفلسفية المتداولة في المجتمع. فعندما تريد تأكيد معنى أن سعي الإنسان لن يكون له فائدة إلا إذا كان الهدف هو تقوى الله سبحانه وتعالى تقول : "ستنقضي الأيام مهما طال بنا العمر أو قصر، والمهم هو من حمل رسالة الإيمان نقية طاهرة: يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم". ـ وعندما أرادت أن تبين قانون الحياة بأن هناك حوادث تحدث على الرغم من الإنسان وفيها مصلحة له :"بدأ من الرفض وانتهى إلى وعود ولقاء... تنهدت السيدة هيام وهي تحدث نفسها سراً حقاً ما قاله الله سبحانه وتعالى  عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم". ـ وعندما أرادت خولة القزويني أن تبين وضع الإنسان المؤمن المستكين الذي وصل إلى أهدافه في حياته في رواية "عندما يفكر الرجل": "عندما تناول طعامه ثم جلس يقرأ القرآن، الكتاب الذي يرافقه دائماً ويؤنسه في وحشته وغربته، جعل يتمـتم بصوت خاشع: "إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر". 
الآراء والمواعظ والآراء الفلسفية المنقولة في رواياتها:
ـ فعندما تتعرض هيفاء لموقف وفات أبيها في رواية "هيفاء تعترف لكم" فتحاول زوجة أخيها أن تواسيها وتقلل من عظم مصيبتها فتذكر هذه العبارة : "الصبر يا هيفاء . كل شيء يبدأ صغيراً ثم يكبر إلا الحزن يبدأ كبيراً ثم يضمحل يوماً بعد آخر حتى يتلاشى ليبقى ذكرى عالقة في الوجدان... هذه سنة الحياة". وعندما أرادت توضيح الاختلافات بين الزوجين في رواية "هيفاء تعترف لكم": "أحسست بهذا الانسلاخ والتوحد فيها، فهي لم تنبت معي الجذور، إنما كان التحام من القشرة الخارجية، لهذا فهي لم تفهمني سوى شخصية فذة تحقق لها نوازع ذاتية.. مباهاة.. لون جديد يستقطب الناس... مسكينة لم تفهم المعادلة جيداً... الأزمة كانت غربالاً للنفوس المنعطف الحقيقي الذي استثنى أرباب النفوس الأبية حينما رفضوا الانصهار في هذا المزيج المضطرب".
ـ وعندما تعبر عن حالة البطلة هيفاء في "هيفاء تعترف لكم" حالة العزم والإرادة التي تريد بها تحطيم الأغلال والقيود للتخلص من سيطرة الزوج المتعسفة فهي تعبر عن هذا الإحساس بهذه الجمل الجميلة :"أحسست بهذا الانسلاخ والتوحد فيها ، فهي لم تنبت معي الجذور، إنما كان التحام من القشرة الخارجية، لهذا فهي لم تفهمني سوى شخصية فذة تحقق لها نوازع ذاتية.. مباهاة..  لون جديد يستقطب الناس... مسكينة لم تفهم المعادلة جيداً.. الأزمة كانت غربالاً للنفوس المنعطف الحقيقي الذي استثنى أرباب النفوس الأبية حينما رفضوا الانصهار في هذا المزيج المضطرب". 

استخدام عنصر التشويق: 
* وجود عنصر التشويق الذي يجذب القارئ بالاستمرار في القراءة ومتابعة الأحداث دون ملل.
ـ ففي أحداث رواية "مطلقة من واقع الحياة" نجد أن الأحداث تتسارع من طلاق ليلى إلى معاناتها في الحياة وحدها، حيث تشجع القارئ على القراءة المستمرة وتنتهي بطريقة غير متوقعة: "والتقت عيناها الدامعتان بعينيه وقد انكسر بريقها الحاد.. لكن أحمد سرعان ما ارتمى في حضنها ، بكت وهي تلثمه :حبيبي... حبيبي !!!تنهدت أم ليلى وهي تمسح طرفها : ـ قلب الأم... ضعيف جداً يا مصطفى، وابنتي قد عانت البعد عنه ورفضت أن تتزوج من أجله... قلبها كان يحدثها أنك ستعود إليها". ـ أما في رواية "عندما يفكر الرجل" فنجد أن أكثر الأحداث غير متوقعة، ففي بداية الرواية نجد زواج البطل من فتاة لا تناسبه من أي ناحية سواء الدينية أو الاقتصادية أو الثقافية، وبعدها موافقته على العمل في مؤسسة صحافية مشبوهة، وبعد ذلك إبعاد وتسفير البطل إلى بلاد أجنبية، وبعدها النهاية الغير المتوقعة: "انطفأت شمعة متوقدة بالنور في غربة باريس الباردة.. اختنق صوته وأنينه الأبدي بين ضجيج فرنسا وحانات باريس الملعونة ورقصاتها الصاخبة ، فلم ينبته المارة، الآن تتراقص الأقداح والكؤوس الممتلئة بنشوة الدنيا، وترقص العاهرات طرباً لشهيد الكلمة، ستنام البطون المتخمة رغداً، طالما ل يس في طعمها وشرابها غصة يثيرها هذا الشهيد".

أسلوب العرض يتبع قواعد الحكاية: 

   ويتسم أسلوب العرض عند خولة القزويني بأنه يتبع قواعد الحكاية وهي الأكثر شيوعاً، والتي تلتزم بالعرض والعقدة ثم الحل، فنجد في رواية "عندما يفكر الرجل" تبدأ الحكاية بعرض حياة شاب جامعي طموح يحاول أن يشق طريقة في سبيل تحقيق مبادئه ويواجه المشكلات الكثيرة، وأهم مشكلة واجهته في حياته والتي كانت تعتبر عقدة هذه الرواية هي تورطه في قضية أخلاقية واتهامه بالقتل، وطرده من بلاده وإبعاده إلى خارج البلاد، واستطاع في إنجلترا أن يكمل دراساته العليا ونيل شهادة الدكتوراه، من ثم الزواج بامرأة تناسبه، واستشهاده في سبيل مبادئه، وهذا هو الحل من وجهة نظر خولة القزويني. وفي رواية "مطلقة من واقع الحياة" تبدأ بعرض قصة امرأة مغرورة يطلقها زوجها، وتكون معاناتها في نظرة الناس إليها كونها مطلقة، وأيضاً ابتعادها عن طفلها الوحيد، وهذه هي العقدة في الرواية. وأما الحل فيتم بالرجوع إلى زوجته الأولى والنظرة إلى الحياة الزوجية بصورة جديدة. * تضمين رواياتها بأنواع من الشعر وذلك يعتمد على الجو العاطفي السائد. ففي رواية "عندما يفكر الرجل" نجد عليا صديق محمد باعتباره شاعراً ينشد شعره في المناسبات المختلفة، وعند مراسلته لمحمد، وعند معاناته من الغربة يكتب هذه الأبيات :
“ الظلام الكئيب ينسج وحشة … على هذا الشاطئ الناعس
ولم يعد من الأمواج الناعمة
غير الذهول أمام الشتاء المريض
أنها تبدو وكأنها شاردة
من شرح الصمت
فخذيني يا حمائم السلام.
سلامي إلى وطني الحبيب".

تماسك النص الروائي:

  ما يميز الأحداث في روايات خولة القزويني هي تماسك النص الروائي، ويلاحظ قدرتها في التصوير، ودقتها في نقل الوقائع ضمن إطار حبكة فنية جيدة التصميم أدى إلى تسلسل الأحداث بصورة انسيابية، حيث تتطور الأحداث بتطور الأفعال مع بعضها البعض، ولها بداية ووسط ونهاية.
فمثلاً في رواية "عندما يفكر الرجل" نجد أن كل حدث سابق يؤثر في لاحقه، والكاتبة رسمت الشخصيات بوضوح، وهي تخوض غمار الحياة التي تبدأ ببدء القصة، وتنتهي بنهايتها. فمثلاً عندما تبدأ الرواية بزواج محمد من منال التي لا تناسبه من الناحية الفكرية والثقافية فيؤثر بدوره في بقية حوادث القصة تبدأ الخلافات بين الزوجين وما يعقبه من ظنون وشكوك، وترك الزوجة للمنزل، ومن ثم طلبها للطلاق وتأزم الموقف واضطراره للسفر إلى خارج البلاد، لأن زوجته وابنه اللذين كانا يربطانه بهذا البلد قد انفصلا عنه، لذلك آثر أن يبدأ حياة جديدة في بلد جديد مع زوجة جديدة تناسبه. 
ـ أيضاً نجد في رواية "هيفاء تعترف لكم" تبدأ الحوادث بتذكر هيفاء والدها المتوفى، وما واجهته في غياب الأب من قسوة الحياة وحنينها الجارف إليه، وبعدها تجبر الأم هيفاء على الزواج برجل ثري الذي جمع أمواله نتيجة لتجارة الأسلحة، وتعيش بعد هيفاء في بيت زوجها مسلوبة الإرادة. وعندما تلتقي بالصحفي سامي، تنظر إلى الحياة بنظرة جديدة، لذلك نجد أن كل حادثة حدثت لهيفاء أثرت في حياتها المستقبلية إلى أن انتهى بها المطاف العودة إلى جذورها، وانتمائها للفقراء بعد وفاة زوجها. 
* سير الأحداث وفقاً للحركة الداخلية للرواية:

ومن سمات الأحداث عند خولة القزويني هو أن تطور الأحداث لم يفرض من خارج الرواية، فقد سارت الأحداث وفقاً للحركة الداخلية للرواية والتحمت بالشخصيات، كما اتصلت الأحداث الجزئية بالنسيج العام للرواية، وأيضاً أن الأفكار لم تكن مفروضة عليها من خارج الرواية فهي من صميمها، ولذلك تبدو الأحداث في هذه الروايات متلائمة في تطورها مع الشخصيات والأفكار حتى النهاية، فمثلاً في رواية "سيدات وآنسات" نرى الأحداث تدور حول الشخصية المركزية، وهي سلمى، فهي شخصية مسحوقة تحت سلطة الأم التي شاءت أن ترسم لها مصيرها حسب تصوراتها، لكن سلمى كانت قوية الشخصية تعلقت بالدين، ونفرت من جو بيتها المحموم والخلافات العائلية، فجاءت الأفكار تناسب هذه الأحداث حيث في المثال التالي صراع بين الدين ووجهات نظر الأم المتأثرة بالثقافة الغربية : "نهضت سلمى من مكانها لتتأمل من النافذة لعل إيمان قد قدمت إليها، فتأملت أمها قامتها الطويلة تحتجب في ثوب فضفاض :
- سلمى حبيبتي ما هذا الثوب الكئيب الذي يخفي قامتك الرائعة؟
- لأخفي جسدي عن الأنظار.
- ولم تفعلين ذلك؟
- إني أريد أن أتحجب يا أمي، ولقد قرأت واطلعت، حتى اقتنعت أن هذا هو الطريق الصائب، وعلي أن ألتزم به.
- لا.. لا، هذا أمر لا يمكن السكوت عليه.
- أرجوك يا أمي دعيني وشأني، لا شأن لك بمعتقداتي".

أحداث الروايات مستوحاة من الواقع والبيئة المحلية والخليجية: ولأن الأسلوب المستخدم وعظي إصلاحي فهي بتلك الطريقة تحاول نقد الظاهرة في المجتمع، ومن ثم إيجاد الحل المناسب لهذه الظاهرة. ومما يلاحظ اختصاص بعض المشاكل بالمجتمع الكويتي، فعلى سبيل المثال وجود ظاهرة الخدم في البيوت الخليجية إلى حد اعتبارهم من أحد أفراد الأسرة، فنجد بلا استثناء ذكر الخادمات في الروايات. وهؤلاء الخدم بطبيعة الحال لهم آثار سلبية على العائلات الخليجية، فنجد ذكر هذه المشكلة على لسان البطلة في رواية "هيفاء تعترف لكم": "في هذه الليلة تقيأ باسل فتلوثت ثيابه وثيابي خرجت من الغرفة لأنادي الخادمة (كاتي) كي تساعدني... لم تكن في غرفتها... اندهشت أين تكون في مثل هذه الساعة... اقتربت من البهو المؤدي إلى غرفة نومي السابقة، وسمعت ضحكاتها المتغنجة وهمسها الدائب! ماذا تفعل في غرفة نومي مع زوجي منصور!؟

* الحدود الزمانية واضحة أكثر من الحدود البينية: في معظم روايات خولة القزويني تبدو الحدود الزمانية واضحة أكثر من الحدود البينية المكانية، فالقارئ عندما يقرأ الرواية يدرك فقط أن هذه الأحداث وقعت في منطقة ما في العالم العربي والإسلامي، ويبدو أن تمسك خولة القزويني بالطابع الإسلامي والسياسي جعلها تتجنب تحديد مكان الأحداث، وإن كانت الوقائع تدل على أنها تجري في منطقة اشتد فيها صراع الآيديولوجيات بين ليبرالية مفتوحة وأصولية متشددة، فعلى سبيل المثال في رواية "سيدات وآنسات" لم تحدد المكان، وتكرر الأمر في رواية "عندما يفكر الرجل"، ورواية "مطلقة من واقع الحياة".

* استخدام تقنية الاسترجاع:

 تستخدم خولة القزويني في بعض روايتها تقنية  الاسترجاعفي الأحداث أي العودة إلى الذكريات عند حدوث حدث يستوجب على الشخصية استرجاع ذكرياتها فمثلاً في رواية "هيفاء تعترف لكم" تذكر والدها :"لازال يدخل عبر الباب الموارب حيث غرفتي الخاصة، يجد كتبي مبعثرة وأغراضي ملقاة على الأرض بفوضى، أصابعه الرشيقة تنساب بهدوء على كل هذه الأشياء فيرتبها وينسقها ثم يشد أذني مؤنباً: "ستبقين طفلة!"
ـ وفي رواية "مطلقة من واقع الحياة" تستخدم التقنية نفسها، عندما تتذكر ليلى ذكرياتها مع زوجها السابق، وكيف كانت حياتهما معاً فقد ذكرت في عبارتها :"قلبت الرسائل وشرعت تفتح إحداها، وقد كان فيها عزيزتي الغالية ليلى ما أشوقني إلى لقائك! ما أشد لهفتي إلى رؤياك! زوجتي الحبيبة! هل أستطيع الآن أن أحظى بلقاء عابر يعيد لي حيويتي التي ابتدأت أفتقدها بفراقك!؟ أدعو الله كثيراً أن يجمعنا ثانية، الأيام يا عزيزتي بطيئة، ثقيلة، رغم أنني أشغل نفسي بالقراءة والمذاكرة إلا أن الزمن يعاندني كثيراً".

*استخدامها الصور البلاغية الكثيرة:
. ومن الخصائص التي يتميز بها أسلوب خولة القزويني هو "استخدامها الصور البلاغية الجميلة الكثيرة إلى حد الإسراف فيها"، ففي رواية "البيت الدافئ" أكثرت خولة القزويني من الصور البلاغية خاصة في الجزء الأول من الرواية: فهي عندما تصف جمال ميسون في حفلة العرس تقول: "لفتت الأنظار بجمالها وابتسامتها الساحرة، جميلة كزهرة برية، رقيقة كنسيم الصباح، حالمة كالفجر، بشرتها البيضاء المشربة بحمرة شعرها البندقي الطويل يرقص فوق كتفيها".
ـ وأيضاً تكرار هذه الاستعارات في معظم رواياتها مثل رواية "عندما يفكر الرجل"، فهي عندما تصف طريق محمد أنه طريق صعب ومملوء بالمشاكل تقول :
"طريقه هذا.. يمتلئ بالشوك.. ويمتلئ بالصخور.. وتخيلته.. وحيداً يحمل معولاً بيديه ليشق وسط هذه العقبات طريقاً معبداً بالورود والرياحين".

 استخدام الكثير من الكنايات:

 استخدمت خولة القزويني الكثير من الكنايات في رواياتها التي تزيد من ترسيخ المعنى بعبارات قصيرة، والتي تأتي في تجميل وتزيين الفقرات عفوية وبدون تكلف. ففي رواية "هيفاء تعترف لكم" عندما تتحدث عن اغتنام الفرص تقول :"يا هيفاء الفرص تمر مرور السحاب فاغتنميها.. لن أجد مبرراً للرفض... سأرغمك على هذه الزيجة". وعندما أرادت توضيح معنى الفوز والانتصار في تدبير المؤتمرات :"نهضت فتوح وهي تبتسم ابتسامة صفراء، تنتشي كل قواها، فالنصر الذي أحرزته الآن قد تكون الضربة القاضية". وفي نفس الرواية وضحت الابتسامة بشكل آخر وهو :" ثمة وهج غريب يشتعل في صدره ابتسامة ضبابية ترقص فوق شفتيه، يدفع الباب ويدخل".

استخدام خولة القزويني الأمثال المتداولة في المجتمع العربي:

 استخدمت خولة القزويني أمثالا كثيرة متداولة في المجتمع العربي، ففي رواية "سيدات وآنسات"، عن عمق تفكير السيدة هيام ذكرت هذه العبارة :"عادت هيام إلى فراشها وهي تضرب أخماسا بأسداس". ـ وعندما أرادت أن توضح حالة محمد في رواية "عندما يفكر الرجل" وهي حالة الهدوء والسكون وعدم الاهتمام بالآخرين :"كان محمد يصغي إلى صاحبه وكأن على رأسه الطير... كان يفكر في معاناة صديقه". وفي نفس الرواية تذكر هذه العبارة: "اللبيب من الإشارة يفهم.." وعندما تريد توضيح أن المثل التي تدعو إليها ليست مجرد كتابات، بل هي أهداف في الحياة، تذكر هذه العبارة :" هذه المثل لا ينبغي أن تكون حبراً على ورق، بل يقين وحق مشروع نقدمه لكل محتاج إلى مساعدة."

الرابط : http://www.adabislami.org/magazine/2016/07/1456/94

قراءة 894 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 09 أيلول/سبتمبر 2020 18:19

أضف تعليق


كود امني
تحديث