قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 17 نيسان/أبريل 2014 20:14

كيف تحتسبين الأجر في حياتك اليومية؟

كتبه  الدكتورة هناء بنت عبد العزيز الصنيع
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كيف تحتسبين الأجر

في حياتك اليومية ؟

تقديم

فضيلة الشيخ

د. عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

تأليف

هنـاء بنت عبد العزيز الصنيع


بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله الذي خلق فسوى، و الذي قدر فهدى، و أفقر و أغنى و وفق من شاء للعلم و الهدى، أحمده سبحانه على مـا وهب و أعطى، و أشـهد أن لا إله إلا الله له الملك في الآخرة و الأولى، و أشهد أن محمداً عبده و رسوله المختار المجتبى صلى الله عليه و سلم و على آله و أصحابه أولو الفضل و النهى.

   أما بعد فقد قرأت هذه الرسالة الموجهة من إحدى الأخوات إلى جميع المؤمنات في الحث على الدعوة إلى الله تعالى و على الاحتساب للأجر و الثواب على السعي في الإصلاح  بين الناس و على حفظ اللسان و حفظ الزمان و غير ذلك من محاسن الأعمال و فضائل الأخلاق الموجهة من هذه الكاتبة إلى أخواتها في الإسلام رجاء استقامة كل أخت على الصراط السوي و رجاء احتساب الأجر في كل عمل تقوم به المرأة من أمور الدنيا و الدين و رجاء الحرص على جميع الأخوات لإنقاذهن من الهلكات و انتظامهن في جملة الداعيات إلى الله تعالى بالحكمة و الموعظة الحسنة و لقد أحسنت الأخت الكاتبة باختيار المواضيع المهمة المتعلقة بالاحتساب و صاغت المقال بعبارات سلسة تثير الانتباه  و تحرك الهمم رجاء أن يكون لها الأثر الكبير في نساء المجتمع و أن تكون هذه الرسالة وسيلة إلى مقاومة ما يقوم به كثير من النساء المتطرفات من الدعوة إلى الانحلال من الدين و إلى التهتك و التبرج و التفسخ الذي ينافي تعاليم الدين الإسلامي و أسأل الله أن يجزي الأخت الكاتبة أحسن الجزاء و أن يكثر في المسلمات أمثالها من الناصحات المخلصات و أسأله أن ينفع بهذه الرسالة و ما قبلها و ما بعدها من أراد به خيراً إنه على كل شيء قدير و الله أعلم و صلى الله على نبينا محمد و آله و صحبه و سلم.

عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين

عضو إفتاء متقاعد

1/4/1422هـ


بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة

   إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له و من يضلل فلا هادي له، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله...

أما بعد:

   فالحمد لله القائل في كتابه: { وَ مِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (فاطر:32)  و"السابق الذي سبق إلى الأعمال الصالحة... و هو الذي سبق غيره في أمور الدين.. السبق إلى الخيرات هو الفضل الكبير أي الفضل الذي لا يقدر قدره... فتارك الاستكثار من الطاعات قد ظلم نفسه باعتبار ما فوتها من الثواب"[1].

لذلك حرصت في هذا الكتاب على ذكر أجور بعض الأعمال التي قد يـغفل بعض النـاس عن احتسابهـا عند الله، كمـا أني لم أستوعب جميع جوانب الموضوع فـذلك سيحتـاج إلى موسوعة ضخمــــــة!!

و لكنها إشارات لطيفة تضيء بين عمل و آخر و تقول لك:

لا تنسي الاحتساب.

متى تقرئين هذا الكتاب؟

  • إذا زهدت في العمل الصالح، أو شعرت ببعض الملل و الفتور و احتجت لمن يحثك على العمل.
  • إذا كنت تجهلين ثوب الأعمال الصالحة.
  • إذا كانت هميمة حريصة على الأعمال الصالحة و ترغبين في زيادة همتك.
  • عندما ترغبين في إلقاء كلمة أو درس عن احتساب الأجر.
  • إذا شعرت بأن الأيام تنفرط بين يديك إنفراط العقد، و أنت عاجزة أن تجمعي حبيبات هذا العقد لأنها أيام عمرك و الأيام لا تعود...
  • و أخيراً... إذا كنت تحبين أهلك فاقرئي عليهم هذا الكتاب لتعلميهم أهمية الاحتساب كي لا تذهب أيامهم هدرا و هم أعز الناس عليك و أحقهم بالنصح منك... و لا تنسي يا عزيزتي أن تشرحي لأولادك بشكل مبسط أجور احتساب الأعمال التي ستطالعينها في الصفحات القادمة حتى تربيهم على احتساب الأجر منذ الآن...

                                                   

                                                           هناء الصنيع


                                      أنت تحبين الله و لكن

                                    هل تريدين أن يحبك الله؟

    جواب جميل...

فقد قال بعض الحكماء العلماء "ليس الشأن أن تُحب إنما الشأن أن تُحب"[2].

تريدين الطريقة ؟

تقربي إلى الله يحبك الله...

قال تعالى في الحديث القدسي: (... و لا يزال عبــدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه... )[3]، و من فازت بمحبة الله فقد سعـدت في الدنيـا و الآخرة... قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إذا أحب الله عبداً نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فـأحبوه فيحبـه أهـل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض"[4].

قال الحافظ ابن حجر: "المراد بالقبول في حديث الباب: قبول القلوب له بالمحبة و الميل إليه، و الرضاء عنه، و يؤخذ منه أن محبة قلوب الناس علامة محبة الله".

 

                                و إن قلت كيف أتقرب إلى الله

                                           حتى أفوز بمحبته؟

حسنا لقد بدأت إذن...

تعلمي كيف تجمعين الحسنات: أي كيف تحتسبين الأجر و الثواب من الله في جميع أعمالك، تعلمي فن التخطيط لمستقبلك في الآخرة كما أتقنت فن التخطيط لحياتك الدنيا...

و تعرفي على أفضل الأعمال.. و أفضل الأيام.. و أفضل الصدقات.

إسألي عن أعظم الأجور، و طرق كسبها...

إبحثي عن أهل الخير و ابني معهم علاقات قوية... إستفيدي منهم و استشيريهم تعلمي منهم كيف تتقربين إلى الله حتى يحبك سبحانه...

و شمري عن العمل للآخرة كما شمرت من قبل للدنيا حينما كنت تستشرين أهل الدنيا في أمورها للحصول على أفضل النتائج، عندما كنت تسألين قريباتك و صديقاتك من أين اشتري قماش الفستان؟

و أي المحلات أقل في الأسعار؟

و أي الأقمشة أجود في الأنواع ؟

و أي الألوان يناسب دمجه مع لون آخر؟ و...... ؟

لا حظي أنك هنا سألت.. و بحثت.. و تعلمت.. كل ذلك حرصا منك على إتقان عملك و ظهوره في أفضل صورة.

إن امرأة مثلك نبغت في أمر دنياها لا أظنها عاجزة أبدا عن النبوغ و التفوق في أمر أخراها، لأن تفوقك في أمور الدنيا أكبر دليل لك أنت شخصيا على قدرتك على الإنتاج و التفاني حينما ترغبين و في المجال الذي تحبين... فلا تذهبن أيامك من بين يديك هكذا و أنت تنظرين!

بل جددي و غيري...

فالناس يحبون التجديد و التغيير في الأثاث... في الملابس... في الأواني، و لكن تجديك هنا من نوع آخر، في أمر أرقى من ذلك و أعلى، تجديد من نوع خاص جداً، إنه تجديد في نيتك... أي في حيــاتك كلهـــا...!

نعم... غيري... للأفضل للنية الحسنة... غيري و تعلمي كيف تحتسبين الأجر من الله في كل صغيرة و كبيرة في تبسمك و غضبك... في نومك... في أكلك... و في ذهابك و إيابك في كل شيء... كل شيء...

((و كذلك تجري النية في المباحات و الأمور الدنيوية، فإن من قصد بكسبه و أعماله الدنيوية و العادية الاستعانة بذلك على القيام بحق الله و قيامه بالواجبات و المستحبات، و استصحب هذه النية الصالحة في أكله و شربه و نومه و راحته و مكاسبه انقلبت عاداته عبادات، و بارك الله للعبد في أعماله، و فتح له من أبواب الخير و الرزق أموراً لا يحتسبها و لا تخطر له على بال، و من فاتته هذه النية الصالحة لجهله أو تهاونه فلا يلومن إلا نفسه. و في الصحيح عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إنك لن تعمل عملاً تبتغي فيه وجه الله إلا أجرت عليه، حتى ما تجعله في فيّ امرأتك"))[5].

هاه... هل بدأت باحتساب الأجر ؟

رائع... و أنك ستبدئين بإحتساب الأجر الآن و أنت تقرئين هذا الكتاب!

تُرى ماذا ستحتسبين؟

  1. طلب علم شرعي.
  2. رفع الجهل عن نفسك و عن المسلمين.
  3. قضاء وقتك فيما يعود عليك بالنفع.
  4. التقرب إلى الله بجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات عن طريق محاولة احتساب أجور الأعمال التي سترد في هذا الكتاب إن شاء الله...

و قد يفتح الله عليك فيوفقك لاحتساب أمور أخرى لم تذكر هنا !

 و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَ اللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}(الحديد: 21)


                                             عفـــواً

                                       ما معنى الاحتساب؟

                                     يجيبك ابن الأثير قائلاً:

 "الاحتساب في الأعمال الصالحة و عند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر و تحصيله بالتسليم و الصبر، أو باستعمال أنواع البر و القيام بها على الوجه المرسوم فيها طلباً للثواب المرجو منها"[6].

  فاحتسبي أعمالك اليومية كفعل الطاعات... و الصبر على المكروهات... و الحركات و السكنات...

ليحسب ذلك من عملك الصالح...

إن الاحتساب عمل قلبي، لا محل له في اللسان، لأن النبي صلى الله عليه و سلم أخبرنا بأن النية محلها القلب... و أنت عندما تحتسبين الأجر من الله ذلك يعني أنك تطلبينه منه تعالى، و الله عز و جل لا يخفى عليه شيء قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} (آل عمران:29).

و العمل لابد فيه من النية... فالتي تحتسب و تنوي بعملها وجه الله فهو لله، و التي تنوي بعملها الدنيا فهو للدنيا فالأمر خطير جداً.. جداً. و "النيات تختلف اختلافاً عظيماً و تتباين تبايناً بعيداً كما بين السماء و الأرض، من النساء من نيته في القمة في أعلى شيء، و من الناس من نيته في القمامة في أخس شيء و أدنى شيء. فإن نويت الله و الدار الآخرة في أعمالك الشرعية حصل لك ذلك، و إن نويت الدنيا فقد تحصل و قد لا تحصل.

قال تعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} (الاسراء:18).

ما قال عجلنا له ما يريد!! بل قال ما نشاء ـ أي لا ما يشاء هو ـ لمن نريد ـ لا لكل إنسان ـ فقيد المعجل و المعجل له.

إذا من الناس من يعطى ما يريد من الدنيا ومنه من يعطى شيئا منه و منهم من لا يعطى شيئا أبدا. و هذا معنى قوله تعالى: {عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} .

أما قوله تعالى:{وَ مَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَ سَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً}

(الاسراء:19).


لا بد أن يجني هذا العمل الذي أراد به وجه الله و الدار الآخرة"[7]. و هذا يعني أن تحرصي على الأحتساب.

و لا تنسي كذلك أجر احتساب النية الصالحة الذي لا يضيعه الله أبدا حتى و إن لم تتمكني من أداء العمل الصالح الذي تنوي القيام به!!

 " إن الإنسان إذا نوى العمل الصالح و لكنه حبسه عنه حابس فإنه يكتب له الأجر، أجر ما نوى. أما إذا كان يعمله في حال عدم العذر، أي: لما كان قادرا كان يعمله ثم عجز عنه فيما بعد فإنه يكتب له أجر العمل كاملاً، لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما"[8].

فمثلا إذا كان من عادته أن يصلي تطوعا و لكنه منعه مانع، و لم يتمكن منه فإنه يكتب له أجر كاملا.

أما إذا كان ليس من عادته أن يفعل فإنه يكتب له أجر النية فقط دون أجر العمل.

و لهذا ذكر النبي عليه الصلاة و السلام فيمن أتاه الله مالا فجعل ينفقه في سبيل الخير و كان رجل فقير يقول لو أن لي مال فلان لعملت فيه عمل فلان، قال النبي صلى الله عليه و سلم: "فهو بنيته فهما في الأجر ســواء"[9].

أي سواء في أجر النية أما العمل فإنه لا يُكتب  له أجره إلا إن كان من عادته أن يعمله"[10].

إن تعويدك نفسك على احتساب الأعمال خير على خير... فمن فضل الله و رحمته بعباده أنه ]من كان من نيته عمل الخير، و لكنه اشتغل بعمل آخر أفضل منه، و لا يمكنه الجمع بين الأمرين: فهو أولى أن يكتب له ذلك العمل الذي منعه منه عمل أفضل منه، بل لو اشتغل بنظيره و فضل الله تعالى عظيم[[11].


                             لماذا من المهم أن تحتسبي

                               الأجر في كل شيء؟..

  1. 1)حتى تحققي الغاية التي خلقت من أجلها، لأن خروجك إلى الحياة حدث عظيم ترتب عليه أمور كُلفت بها و تحاسبين عليها... لذلك "فإنه ينبغي للمسلم أن يكون همه و قصده في هذه الحياة تحقيق الغاية التي خلق من أجلها، و هي عبادة الله تعالى، و الفوز برضى الله و نعيمه، و النجاة من غضبه و عذابه، و أن يحرص، على أن تكون نيته في كل ما يأتي و ما يذر خالصة لوجه الله تعالى سواء في ذلك الأمور و العبادات الواجبة أم المندوبة، أم المباحات، أم التروك فحينئذ تتحول المباحات إلى عبادات و يثاب على تركه للمحرمات، و قد دل على ذلك أدلة كثيرة..."[12].

يارقة الندى...

إن حرصك على احتساب الأجر في جميع أمورك سوف يجعلك في عبادة مستمرة لا تنقطع فتكونين ـ بإذن الله ـ قد قمت بما خلقك الله له، قال الله تعالى: {وَ مَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذريات:56) .

  1. 2)الاحتساب مهم جداً لأنه سوف يميز عباداتك عن عاداتك... "و لابد أيضا أن يميز العادة عن العبادة، فمثلا الإغتسال يقع نظافة أو تبردا، و يقع عن الحدث الأكبر، و عن غسل الميت، و للجمعة و نحوها، فلا بد أن ينوي فيه رفع الحدث أو ذلك الغسل المستحب... فالعبرة في ذلك كله على النية"[13].
  2. 3)أنت بحاجة ماسة كذلك إلى احتساب النية الصالحة لأن جميع الأعمال مربوطة بالنية قبولا و ردا و ثوابا و عقابا، و يدل لذلك قول النبي صلى الله عليه و سلم "إنما الأعمال بالنيات و إنما لكل امرئ ما نوى".

   الآن... ألا يبدو لك الأمر مهما و خطيرا؟... إذن. هيا لنحتسب كلنا...


                              لماذا الحديث عن الاحتساب؟

يا زهرة البداري...            

 قد تزهدين في العمل الصالح أحياناً...!

بمعنى أنك لا تجدين حماسة له، و لربما كان السبب في ذلك أنك لا تعلمين أهمية هذا العمل  و لا  الثواب المترتب عليه، أو أنك تجهلين أن بعض الأعمال البسيطة قد تبلغ بك المنازل العالية فتستهينين بها...!

و في الغالب يُفسر ذلك كله بعدم وجود الاحتساب في حياتك...

فلربما لا تدرين ما هو الاحتساب؟ و لا ماذا تحتسبين؟.

و قد تشعرين عندما تقومين ببعض الأعمال الصالحة بوجود من ينكر عليك و يقول لك: لا تتعبي نفسك... يكفي ما قمت به سابقاً... لماذا كل هذا المجهود؟ الأمر لا يستدعي ذلك... لا تحرمي نفسك فأنت ما زلت شابة... إلخ.

سبحان الله! و هل العمل إلا في الشباب؟.

لو علم هؤلاء أنهم هم المحرمون، و أنت من يقول لهم: كفى... كفى أريحوا أنفسكم من اللهو و العبث... و لا تتعبوها بالغفلة... و ارحموها من حمل أثقال المعاصي المتراكمة...

أما إن كان ما تقومين به من أعمال صالحة فيه منفعة للآخرين كقضاء حاجات المسلمين من أقارب و أخوات في الله و التودد إليهم، فستسمعين من ضعيفات الإيمان عبارات من نوع:

إنهم لا يستحقون ما تفعلينه لأجلهم... في كل مرة تساعدينهم و هم لم يساعدوك مرة واحدة... هل سبق أن قدمت لك فلانة هدية حتى تهديها تلك الهدية القيمة؟... إلخ.

و كأننا خلقنا لنعمل من أجل الناس!

فإن أرضونا تفانينا في الإحسان لهم، و أن أغضبونا تفانينا في الإساءة إليهم!...

إذا ماذا بقي للآخرة؟...

ما الذي ستجدينه في صحيفتك إذا كانت أعمالك كلها منصرفة للبشر حسب علاقتك الشخصية بهم و ليست لله وحده!...

إن الأيام لتذهب سريعاً فلا تفاجئي بخلو صحيفتك من الأعمال التي تبتغين بها وجه الله...

أشعرت ـ عزيزتي ـ بأن هناك من يزهد جدا في العمل الصالح، بل ربما يعتبر بعض الأعمال الصالحة ضعفا و مهانة ! كالعفو و الحلم مثلا... !

لأجل ذلك كله كان الحديث عن احتساب الأجر أمرا نحتاج إليه...


                                   ما الأمور التي تدفعك

                             للحرص على احتساب الأجر

                                     في أعمالك كلها؟

سرعة مرور الوقت و هذا يعاني منه الجميع فاستغلي الدقائق قبل الساعات و قد قيل: (أمسك الذي مضى عن قربه، يعجز أهل الأرض عن رده).

  1. 1)موت الفجأة {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَ الشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (الجمعة:8)
  2. 2)تغير الأحوال من صحة إلى مرض... و من غنى إلى فقر... و من أمن إلى خوف... و من فراغ إلى شغل... و من شباب إلى شيخوخة... و من حياة إلى موت... !
  3. 3)لأنك محتاجة إلى أعمال كثيرة تثقلين بها ميزانك، فالإنسان سرعان ما يفسد أعماله الصالحة بلسانه من كذب و غيبة و نميمة و سخرية... و هل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم، فقد تأتين يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال فتجدين لسانك قد هدمها عليك... فلا تكوني ممن لهن النصيب الأكبر من ويلات اللسان... فما أحوجنا إلى حسنة واحدة يثقل بها الميزان...
  4. 4)استشعري التقصير و التفريط في جنب الله {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر:56).
  5. 5)الخوف من الله.. {وَ أَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلَى رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَ لا شَفِيعٌ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} (الأنعام:51). 
    إن الخوف من الله دافع قوي للعمل الصالح عموما.



  6. 6)الرغبة في حصول الأجر و الثواب... قال الله تعالى: {وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (العنكبوت:58).
  7. 7)أن فرصة العيش في الحياة الدنيا واحدة لا تتكرر لتعويض ما فات... {أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الزمر:58). و مع أنها فرصة واحدة إلا أنها تنقضي بسرعة أيضا... !، فعندما تجلسين عند جدتك و تقولين لها: احكي لي قصة حياتك خلال الستين سنة الماضية فستحكيها لكي في ساعة أو ساعتين!...

   أين ذهبت تلك السنون الطوال؟!...

     لا شك أن الحديث عنها سينتهي في يومين على أكثر تقدير...! قال الله تعالى: {وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ  كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ...} (يونس:45). "أي اذكر يوم نحشرهم {كأن لم يلبثوا} في الدنيا {إلا ساعةً من نهار} أي شيئا قليلا منه، استقلوا المدة الطويلة إما لأنهم ضيعوا أعمارهم في الدنيا فجعلوا وجودها كالعدم، أو استقصروها للدهش و الحيرة، أو لطول وقوفهم في المحشر، أو لشدة ما هم فيه من العذاب نسوا لذات الدنيا و كأنها لم تكن.

     و جملة {يَتَعَارَفُونَ بَينَهُم} أي يعرف بعضهم بعضا، و ذلك عند خروجهم من القبور، ثم تنقطع التعارف بينهم لما بين أيديهم من الأمور المدهشة للعقول المذهلة للأفهام، و قيل إن هذا التعارف هو تعارف التوبيخ و التقريع، يقول بعضهم لبعض: أنت أضللتيني و أغويتني لا تعارف شفقة و رأفة..."[14].


                                        ما فوائد الاحتساب؟

هل تعلمين أنك عندما تحاولين احتساب الأجر في جميع أعمالك، قد حصلت لك فوائد عظيمة لا تتوفر عند من لا تهتم بالاحتساب! إن لم تمانعي فسأسردها عليك...

فوائد الاحتساب:

  1. 1."دليل كمال الإيمان و حسن الإسلام.
  2. 2.الفوز بالجنة و النجاة من النار.
  3. 3.حصول السعادة في الدارين.
  4. 4.الاحتساب في الطاعات يجعلها خالصة لوجه الله تعالى و ليس لها جزاء إلا الجنة.
  5. 5.الاحتساب في المكاره يضاعف أجر الصبر عليها.
  6. 6.الاحتساب يبعد صاحبه عن شبهة الرياء و يزيد في ثقته بربه.
  7. 7.الاحتساب في المكاره يدفع الحزن و يجلب السرور و يحول ما يظنه الإنسان نقمة إلى نعمة.
  8. 8.الاحتساب في الطاعات يجعل صاحبه قرير العين مسرور الفؤاد بما يدخره عند ربه فيتضاعف رصيده الإيماني و تقوى روحه المعنوية.
  9. 9.الاحتساب دليل الرضا بقضاء الله و قدره و دليل على حسن الظن بالله تعالى.
  10. 10.علامة على صلاح العبد و استقامته.
  11. 11.إتباع للرسول الكريم صلى الله عليه و سلم"[15].
  12. 12.أراك دائما تحرصين أن تكوني من الناس.. و هذا شيء طيب و لكن.. ليكن طموحك أعلى..
    فحب أهل الأرض وحده لا يكفي!.. كما أنه غاية صعبة المنال إلا إذا..
    أحبك أهل السماء!!..
    تقولين: كيف؟..
    أقول لك: عليك بالاحتساب فهو عمل صالح.. و المداومة عليه تجعل حياتك كلها طاعات.. و الطاعة طريق موصل إلى محبة الله..


 و إذا أحبك الله، أحبك أهل السماء و وضع لك القبول في الأرض.. روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال: "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال إني أحب فلانا فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه، فيحبه أهل السماء، قال: ثم يوضع له القبول في الأرض، و إذا أبغض عبداً دعا جبريل، فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه، فيبغضه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه، قال فيبغضونه، ثم توضع له البغضاء في الأرض"[16].

  1. 13.بالاحتساب تؤدين شكر النعم.. لأن الاحتساب طاعة.. و من شكر النعم العمل بالطاعات.. و الله يجازيك على شكرك للنعم بأن يزيدك من الطاعات.. فيعينك عليها و ييسرها لك.. و يحببها إلى قلبك فتجدين الأنس و المتعة في عملها.. فيسهل عليك أمر الاحتساب و غيره... فقد "قال: الحسين ـ رضي الله عنه ـ في قوله تعالى:
  2. 14.إن التي تحتسب الأجر من الله في أعمالها لا تتأذى ول ا تتأثر من عدم شكر الناس لجهودها الطيبة معهم و عدم تقديرهم لما تقوم به من أجلهم، لأنها لا ترجو من الناس جزاءا و لا شكورا إنما تبتغي بذلك وجه الله فهي هادئة البال مطمئنة النفس حتى و إن قوبل إحسانها بالإساءة فما دام أن مبتغاها قد تحقق فلا يضيرها ما وراء ذلك لأن لا مطلب لها فيه أصلا.
  3. 15.الاحتساب في التروك ـ ترك المعاصي و المحرمات ـ طاعة تثبت قلبك و تقوي عزيمتك لأن ترك المعصية ـ مع قدرتك عليها ـ لوجه الله يجعلك تتلذذين و تسعدين بتركها لأنك ترجين أجر امتثالك لأمر الله و وقوفك عند حدوده تبتغين بذلك ثواب التقوى و الخوف من الله {وَ لِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} (الرحمن:46). "و الذي خاف ربه وقيامه عليه فترك ما نهى عنه، و فعل ما أمر به، له جنتان من ذهب، آنيتهما و حليتهما و بنيانهما و ما فيهما، إحدى الجنتين جزاء على ترك المنهيات و الأخرى على فعل الطاعات"[18].
  4. 16.إن المحيط الصغير الذي تعيشين فيه سيكتسب منك هذا الخلق الحسن ـ الاحتساب ـ لأنهم سيشعرون به و يعايشونه واقع حيا أمامهم مما يجعل له أثرا عميقا في أنفسهم، و أقصد هنا أهلك و زوجك و أولادك و غيرهم ممن تحتكين بهم إحتكاكا مباشرا و مستمرا كمحيط العمل مثلا... فتكونين بذلك دعوت عمليا إلى هدى، فلك أجره و أجر من عمل به إلى يوم القيامة بإذن الله...
  5. 17.من فوائد الاحتساب التي تجنينها في الدنيا مع ما يدخر لك من الثواب في الآخرة، أنك إذا جعلت همك رضا الله و التقرب إليه باحتساب العبادات المختلفة فإن الجزاء من جنس العمل، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "... و من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره، و جعل فقره بين عينيه، و لم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، و من كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، و جعل الله غناه في قلبه، و أتته الدنيا و هي راغمة"[19].

و ما ظنك بمن تحتسب الأجر من الله في كل شيء أليست ممن كانت الآخرة نيته؟... و إن لم تكن هي فمن؟!

إنه قلب عاش و تنفس يستشعر العبادة في جميع سكناته و حركاته يطلب ثوابها من الله فسره و شرحه من خلقه و يسر له أمر دنياه و أخراه.. فاجعلي الآخرة همك.. تصبحين و تمسين تفكرين: كيف أرضي ربي؟ ماذا سأفعل اليوم؟...

  1. 18.الاحتساب يزيدك رفعة عند خالقك، فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لسعد بن أبي و قاص "... إنك لن تخلف فتعمل عملا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة و رفعة... "[20].
  2. 19.عندما تعتادين المداومة على احتساب العمل الصالح فستربحين مثل أجور أعمالك عندما لا يمكنك القيام بها لعذر شرعي... لا تتعجبي!... فإن فضل الله واسع... قال صلى الله عليه و سلم: "إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل صحيحا مقيما"[21].

                            هل تحمست لذلك؟...

                                 قال عمر بن الخطاب رضي

                             الله عنـه: "أيهـا النـاس،

                             احتسبوا أعمـالكم، فـإن

                              من احتسب عمله، كتب

                                 له أجر عمله و أجر

                                       حسبته"[22].

                                      ماذا تحتسبين في الدعوة

                                           

  إلى الله؟

                         هل فكرت يوما أن تكوني (دليل خير) للأخريات؟

أعتقد أن هذا العمل سيدخل السرور إلى قلبك، و ستشعرين خلال قيامك به بانشراح كبير في صدرك يدفع ذلك الملل و الضيق الذي تحسين به أحيانا... (فدليل الخير) وقتها عامر و زاخر و قلبها سعيد، لأنها تشعر بأنها تعمل من أجل أمتها الإسلامية فهي ترشف دفقات من السعادة يعكسها حب الدلالة إلى الخير على قلبها...

كيف تصبحين (دليل خير)؟

الأمر سهل جدا، إنك ـ ياعزيزتي ـ ستسارعين في نشر الخير بشتى أنواعه فمثلا: تعلنين بين النساء عن المحاضرات المفيدة، أو الأشرطة و الكتب النافعة، و تحاولين توفيرها للأخريات حسب قدرتك، توزعين أو تعلنين عن المجلات الهادفة، تناصرين أهل الخير بأقوالك و أفعالك و تدلين على أماكن الخير كدور تحفيظ القرآن الكريم النسائية و المراكز الصيفية الجيدة و ما تقدمه من أنشطة، و تبلغين المعلومة النافعة بقلمك، بلسانك، بـ...إلخ.

هنا... ستجدين نفسك (دليل خير) و داعية إلى الله!.

و لكن يا إلهي!.. هل تعلمين ماذا يعني أن تكوني داعية إلى الله؟.. هذا يعني أنني لن أستطيع أن أحصي الأعمال التي ستحتسبين ثوابها!! فهي كثيرة جدا و لكن حسبي أن أقول لك: إن ما تقومين به أكثر من رائع فما أجمل أن تحتسبي هذه العبادات:

  1. 1)أجر الدلالة على الخير، فعن أبي مسعود الأنصاري ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"[23].
    فالأشخاص الذين استفادوا من دعوتك لهم سيأتيك ـ بإذن الله ـ مثل أجور أعمـالهم التي كــان لك الفضل ـ بعد الله ـ في دلالتهم عليها...

  فما أسعدك أيتها الداعية المخلصة بأجور من قد يفوقونك في العمل و الإخلاص!!

  1. 2)أجر الدعوة إلى الهدى، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا"[24].
    و هكذا يتضاعف أجرك بعدد الذين يستجيبون لك.
  2. 3)ثواب تعليم الناس الخير، ألا تحبين أن يصلي الله و ملائكته عليك[25]؟...
    ليس هذا فحسب فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إن الله و ملائكته و أهل السموات و الأرض حتى النملة في حجرها و حتى الحوت في البحر ليصلون على معلمي الناس الخير"[26].
  3. 4)ثواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الذي تنطق به كلمات الداعية و أفعالها...  مع ما يترتب عليه من حصولك على الفلاح و هو جماع الخير...

قال الله تعالى: {وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104).

  1. 5)ثواب الكلمة الطيبة،" و لعل الكلمة الطيبة هي من أنواع ما عناه رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوله فيما رواه البخاري: "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات...".

و لقد ورد في فتح الباري (11 / 311) [و الكلمة التي ترفع بها الدرجات و يكتب الله بها الرضوان هي التي يدفع بها عن مسلم مظلمة أو يفرج عنه كربة، أو ينصر بها مظلوما...] فكيف بالكلمة التي تدفع عن مجموع المسلمين المظالم، و تدفع عنه الكرب بدعوتهم إلى إقامة الشرع و كيف بعبارات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر؟ و إذا كانت الدرجات ترفع بما يحقق المصالح الدنيوية، فكيف بما يحقق المصالح الأخروية؟؟ و على الأدنى يقاس الأعلى. و كيف بالكلمات التي تقود إلى قيام مجتمع مسلم؟"[27].

  1. 6)أجر هداية الناس، فعن سهل بن سعيد ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: "... فو الله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم"[28].
  2. 7)احتسبي أن العبادة كلما كان نفعها متعديا كان ثوبها أعظم .. فما ظنك بالدعوة إلى الله..!
  3. 8)أن يعطيك الله علم ما لم تعلميه، لأن طبيعة العمل الدعوي تستلزم الاستزادة من العلم الشرعي و المطالعة المكثفة للكتب إضافة إلى سماع الأشرطة العلمية المساندة... و تستلزم أيضا الاحتكاك المباشر بالناس و قد ترد عليك منهم الأسئلة و الاستفسارات التي تدفعك للبحث عن إجابات لها و من ثم

   يزداد علمك و يتسع و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء...

  1. 9)زكاة للعلم الشرعي الذي تحملينه، و حفظا له من النسيان لأن بذل العلم يعين على ثباته بإذن الله.
  2. 10)أنت بحاجة يومية لانشراح  الصدر و الرضا عن النفس و نشاطك الدعوي سيحقق لك ذلك الإحساس لأنك تعلمين و تنتجين و النفس تسعد و الصدر ينشرح إذا شعر المرء بأنه ينفع المسلمين و يفعل شيئــا.
  3. 11)بركة دعاء النبي صلى الله عليه و سلم عندما قال: "نضر الله إمرءا سمع مقالتي فوعاها و حفظها و بلغها..."[29]. فبلغي و احتسبي.
  4. 12)ثواب امتثال أمر الرسول صلى الله عليه و سلم حين قال: "بلغوا عني و لو آية..."[30] "أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالتبليغ عنه و لو آية، و دعا لمن بلغ عنه و لو حديثا و تبليغ سنته إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور العدو، لأن تبليغ السهام يفعله الكثير من الناس و أما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء و خلفاؤهم في أممهم، جعلنا الله منهم بمنه و كرمه"[31].
  5. 13)أن تحصل لك التزكية من الله تعالى: {وَ مَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَ عَمِلَ صَالِحاً وَ قَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (فصلت:33). و النفس يعجبها الثناء من الناس، فكيف إذا أتاك الثناء من رب الناس!.
  6. 14)طاعة لله سبحانه .. لأنه أمرنا بالدعوة إلى الدين: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (النحل:125) . و أنت مأجورة على الطاعة.
  7. 15)ثواب حمل هم الدعوة إلى الله، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما يصيب المسلم من نصب و لا و صب ول ا هم و لا حزن و لا أذى ول ا غم ـ حتى الشوكة يشاكها ـ إلا كفر الله بها من خطاياه"[32]. و هم الدعوة ثقيل... ثقيل، و لكنه  رائع!
    لأنه يدفعك إلى التفكير...ثم العمل، فيكون هذا الهم سببا في استغلالك للحظات عمرك السريعة بأعمال أجرها كبير.
    بخلاف من لا تحمل هم المسلمين تجدينها متبلدة جامدة تمر عليها السنون و يومهـا مثل أمسها لا جديد تقدمه لنفسها و دينها اللهم إلا جبالاً من ثقافة الملابس... الأثاث... المكياج... إلخ.
    بالتأكيد ـ عزيزتي ـ لا أقصد هنا الهم الذي يقعد صاحبه عن العمل و يدخله في دوامة الأحزان و يشل حركته و يؤثر على عبادته.
    بل الذي أريده منك هو "الهم الإيجابي" الذي يدفع إلى العمل...!
    الهم الذي يجعلك تدعين للمسلمين... تنفقين... تتبنين قضاياهم... تعملين من أجلهم تتفاعلين مع أحداث       الساحة... تنتجين... "إن حمـل هـم المسلمين عبـادة تتقربين بها إلى الله فيجب ألا تؤدي العبادة إلى التقصير في العبادات الأخرى"[33].
  8. 16)احتسبي نصرة الإسلام  و أهله، و نصرة المصلحين في كل مكان لأن الهدف واحد، قال الله تعالى: {وَ لَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج:40).
  9. 17)ثواب قضـاء حاجة المسلمين و تفريج الكربة عنهم و ذلك بتعليمهم أمور دينهم و رفع الجهل عنهم، قال صلى الله عليه و سلم: "... و من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته و من فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة..."[34] .
    و هل هناك أفضل من قضاء حاجة مسلم بتعليمه أمر دينه؟..
    و هل هناك أعظم من كشف كربة الجهل عن المسلمين؟
    فكوني لها داعية صابرة محتسبة.
  10. 18)ثواب مواجهة الفساد و التصدي له، و ما يتبع ذلك من جهد ذهني.. و نفسي.. و بدني.. و مالي، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ".. و اعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا، و أن النصر مع الصبر و أن الفرج مع الكرب، و أن مع العسر يسرا"[35].
    فأبشري بالخير... و النصر... و الفرج... و اليسر!.
  11. 19)احتسبي إبراء الذمة أمام الله.
  12. 20)ابتغاء أن يحفظك الله في الشدة كما حفظته في الرخاء، لذا كان من وصية النبي صلى الله عليه و سلم لابن عباس ـ رضي الله عنه ـ "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة..."[36] .
    فانشطي أيام العافية و السلامة في الأعمال الدعوية ليحفظك ربك عند حاجتك..
  13. 21)أجر الصبر على مشقة طريق الدعوة و طوله، و ما تلاقينه من جهل العامة و أذى المخالفين، قال الله تعالى: {وَ جَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَ حَرِيراً} (الانسان:12).
  14. 22)أجر التعاون على البر و التقوى، قال الله تعالى: {وَ تَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَ التَّقْوَى} (المائدة:2). لأن انخراطك في الدعوة إلى الله يعني أنك تتعاونين مع كل المصلحين على وجه الأرض...!
  15. 23)ابتغاء أن يهديك الله إلى الصراط المستقيم، فهو سبحانه يقول:  {وَ الَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} (العنكبوت:69).
  16. 24)ثواب قضاء الأوقات بعبادة عظيمة ـ الدعوة إلى الله ـ تؤجرين عليها، و هذا يعينك بإذن الله على الإجابة الطيبة عندما تسألين يوم القيامة عن عمرك فيما أفنيته؟.. و عن جسمك فيما أبليته؟.. و عن مالك فـيم أنفقتــه؟..
  17. 25)احتسبي أنك تسدين ثغرة للمسلمين بارك الله فيك.
  18. 26)احتسبي أن تكوني قدوة للآخرين في المسارعة للعمل الدعوي فإن من يحيط بك من أولادك و أقاربك و صديقاتك... إلخ. سيتأثرون بنشاطك الدعوي و سيحاولون السير على نهجك حسب قدراتهم و يبقى لك فضل الدلالة على الخير بالقدوة العملية..
  19. 27)احتسبي جميع حركات جوارحك التي تخدمين بها الدعوة إلى الله، ( عينيك .. أذنيك .. لسانك .. يديك .. قدميك ) .

  و احتسبي أن تسخير عقلك و جوارحك لخدمة دينك من باب شكر الله على تلك النعم .

  1. 28)ثباتاً لك .. و اعتباراً بالآخرين، لأن عملك في الدعوة إلى الله سيجعلك تشعرين بعظم نعمة الله عليك، حيث ستستمعين إلى مشاكل نساء كثيرات، و ستطلعين على أحوال أخريات، و كل ذلك يدفعك إلى التأمل في نعم الله التي تتقلبين فيها !..

   و يزيد من خضوعك و تذللك لرب السموات .. كما أنك ستحقرين عملك عندما تقابلين بعض النماذج
   الرائعة من الصالحات مما يدفعك لمزيد من بذل الجهد قبل الفوات ...


                             ماذا تحتسبين عند استخدامك

                                              الهاتف؟

جهاز صغير في منزلك تستطيعين من خلاله جمع عدد كبير من الحسنات بإذن الله!! بيد أن النساء بين  مُفرِطَة فيه و مُفَرِطة... فكوني أنت وسطاً بينهن تتحكمين فيه و لا يتحكم فيك.

هل عرفته؟ أحسنت...

فهلا احتسبت يافراشة الزهور هذه الأمور عند استخدامك الهاتف:

  1. 1.ثواب صلة الرحم عند محادثتك لذوي رحمك، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "من سره أن يبسط له في رزقه و ينسأ له في أثره[37] فليصل رحمه"[38].
  2. 2.ثواب إدخال السرور على من تحادثين، عند اتصالك للسلام و السؤال عن الأحوال..
  3. 3.ثواب الكلمة الطيبة، في مكالمات التهنئة أو التعزية و غيرها، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "الكلمة الطيبة صدقة"[39].
  4. 4.احتسبي نية العبادة و التقرب إلى الله عند استخدامك للهاتف بما يفيد عموماً.
  5. 5.احتسبي الحفاظ على وقتك باستعمال الهاتف لعمل أكثر من عبادة في وقت قصير.
    مثال: مكالمة هاتفية تجرينها مع والدتك ستحتسبين فيها العبادات التالية:
    بر الوالدين.. صلة الرحم.. إدخال السرور على مسلمة... قضاء حاجتها إن كان لها حاجة.. الكلمة الطيبة.. أجر السلام في بداية و نهاية الاتصال... إلخ.
  6. 6.أجر قضاء حوائج المسلمين... عندما تتصل بك من تطلب منك بعض الحاجيات أو المساعدة في حل مشكلة تعاني منها... و قد  يستدعي الأمر أن تقومي بالاتصال هاتفياً بها عدة مرات من أجل قضاء حاجتها، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "...من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته"[40].
  7. 7.أجر طلب العلم الشرعي، بسؤال أهل العلم عبر الهاتف، مع مراعاة اختيار الوقت المناسب للاتصال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "... و إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع..."[41].
  8. 8.ثواب طلب النصيحة من أهلها، و بذلها لمن يحتاج إليها من خلال المكالمات الهاتفية و ما في ذلك من ثواب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر.
  9. 9.احتسبي عند استخدامك للهاتف أن يساعدك على القرار في البيت فذلك أمر يحبه الله لأنه أمرنا به قال تعالى: {وَ قَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} (الأحزاب:33). فبإمكانك استخدام الهاتف للتقليل من حاجتك إلى الخروج. كالسؤال عن بعض الأقارب، أو التأكد من وجود حاجتك في المكان الذي ستقصدينه قبل الذهاب إليه لئلا تضطري للخروج من منزلك عدة مرات فتضيع عليك الأوقات..!
  10. 10.ثواب الدعوة إلى الهدى والدلالة على الخير[42] عندما تقومين ببعض المكالمات الهاتفية التي تعلنين من خلالها عن إقامة محاضرة مفيدة أو سوق خيرية أو تدلين على شريط أو كتاب نافع أو أي عمل صالح..
  11. 11.لُطف منك أن تستخدمي الهاتف في الإصلاح بين الناس و هذا لا يكون إلا للنساء الموفقات اللاتي يبحثن عن الأجر حقاً، بالمقابل تجدين هناك فئة من ضعيفات الإيمان ما أن يسمعن عن خلاف بسيط بين اثنتين حتى يتبرعن باستخدام الهاتف لتأجيج نار العداوة، فهذه تفسد زوجة على زوجها و تلك تحرض الأخرى على أم زوجها أو على زوجة ابنها ... إلخ. و ما علمت المسكينة أن كلمة تهوي بصاحبها في النار سبعين خريفاً!!.



                                  ماذا تحتسبين في الإصلاح

                                              بين الناس ؟

فلانة لا تقصد ... إنها تودك كثيراً ... و لكن ربما خانها التعبير فلم تختر اللفظ المناسب ... و لربما كانت في ذلك الوقت تعاني من ضغوط نفسية ... أو أن مزاجها كان متعكراً ... لا أتوقع أبدا أنها تنوي الإساءة إليك ... و لعلها الآن تتألم لما حدث ... كما أني متأكدة من طيبة قلبك و سعة صدرك ...

ثم أن الناس – يا أخيتي – بيئات ..... و مجتمعات ....... و تربيات مختلفة و ربما لم يتح لها من التربية ما يكفي لأن يجعلها تتقن فن التعامل مع الآخرين ! فنشأت بهذه الطريقة و هي لا تحسن سواها لأن ذلك عسير عليها ، و قد لا يشعر بما هي عليه من خطأ ! .

فاحمدي الله- عزيزتي – أن عافاك مما ابتلاها به ، و أن سخر لك أسرة صالحة أحسنت تربيتك و علمتك الأدب و طريقة التعامل مع الناس . ... و اعذريها فقد تكون محرومة من الخير الذي عندك فلا تؤاخذيها و سلي الله العافية لك و لأختك المسلمة ، و لا تردي لها  الإساءة بل عامليها بالحسنى عسى أن تتأثر من أسلوبك في التعامل معها ، عسى أن تتعلم و يكون لك أجر الإحسان إلى مسلمة...!

يا طيبة القلب ......

تأملي المثال السابق و لتتسع الصدور للإصلاح بين المتنازعين،  و إنها و الله لمهمة النفوس العظيمة التي تعمل بصمت و تحتسب :

1-   الأجر العظيم ....

قال الله تعالى : {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} (النساء:114)

قال الله تعالى{إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} (لأعراف:170).

2-   أن يرحمك الله، قال الله تعالى : {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (الحجرات:10) فإصلاحك بين المتنازعين سبب لأن يرحمك الله ، لأنه سبحانه "رتب على القيام بالتقوى و بحقوق المؤمنين الرحمة فقال: {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} و إذا حصلت الرحمة حصل خير الدنيا و الآخرة، و دل ذلك على أن عدم القيام بحقوق المؤمنين من أعظم حواجب الرحمة "[43].

3-   احتسبي أجر دفع الضرر و الأذى عن المسلمين فإن الخصومة بين المتنازعين يضرهما في الدنيا والآخرة .

4-   أجر الإحسان إلى المتنازعين بالإصلاح بينهما...

قال الله تعالى : {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ }(الاسراء: 7)

5-   أن تحصلي على درجة أفضل من درجة نافلة الصلاة و الصيام و الصدقة...!

قال صلى الله عليه و سلم : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام و الصلاة و الصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة "[44] . أي تحلق الدين..

6-   أن يكون أجرك على الله .. و لك أن تتخيلي – عفواً – أقصد لن تستطيعي أن تتخيلي عظم هذا الأجر فالأمر مطلق و مفتوح. قال تعالى: { وَ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (الشورى:40).

 

                         قال ابن شهاب :

                            " و لم اسمع يرخص في شيء مما

                               يقول الناس كذب إلا في ثلاث:

                                 الحرب، و الإصلاح بين الناس،

                                   و حديث الرجل امرأته وحديث

                                       المرأة زوجها "[45] .


ما الذي تحتسبينه

في صبرك؟

لماذا أنت حزينة هكذا ؟ ...

و ما هذه الهموم التي تخفينها بين أضلعك ؟...

لقد أتعبك الأرق و السهر، و ذوى عودك و ذهبت نضرتك...لماذا كل هذه المعاناة...؟ فهذا أمر قد جرى و قدر، و لا تملكين دفعه إلا أن يدفعه الله عنك، و لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فلا تكلفي نفسك من الأحزان ما لا تطيقين !...

استغلي مصيبتك لصالحك لتكسبي أكثر مما تخسرين، كي تتحول أحزانك إلى عبادة الصبر العظيمة – عفواً – إنها عبادات كثيرة و ليست واحدة !.. كالتوكل ... و الرضا .. و الشكر.

فسيبدل الله بعدها أحزانك سروراً في الدنيا قبل الآخرة لأن من ملأ الرضا قلبها فلن تجزع من مصيبتها و هذا و الله من السعادة ... ألا ترين أن أهل الإيمان أبش الناس وجوها مع أنهم أكثرهم بلاء !

فكوني فطنة ... فالدنيا لا تصفو لأحد و كلما انتهت مصيبة أتت أختها ....

و قد قيل :     إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى           ظمئت و أي الناس تصفو مشاربه

أيتها الصابرة

ربما وجدت نفسك فجأة في بحر الأحزان تغالبين أمواج الهموم القاتلة و هي تعصف بزورقك الصغير... بينما تجدفين بحذر يمنة و يسرة... و لكن الأمواج كانت أعلى منك بكثير و لم يبق إلا أن تطيح بك... و في تلك اللحظات السريعة أيقنت بأن لا مفر لك من الله إلا إليه فذرفت عيناك... و خضع قلبك معها... و اتجه كيانك كله إلى الله يدعوه يا رب ... يا رب ... يا فارج الهم فرج لي...

هنا سكن بحر الأحزان... و هدأت أمواج العالية... و سار قاربك فوقه بهدوء و اطمئنان... إن شيئاً من الواقع لم يتغير سوى ما بداخلك... قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (الرعد: 11). لقد تحول جزعك إلى تسليم، و سخطك إلى رضى ...

فاجعلي هذه الهموم و الأحزان أفراحا لك في الآخرة فهي و الله أيامك في الدنيا و لياليك فاصبري و احتسبي:

1-        أجر الصابرين، فالصابرة يكب عليها الأجر بلا عد و لا حد، قال الله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} (الزمر:10).

2-        أن تفوزي بمعية القوي العزيز، قال الله تعالى: { َاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46).

3-        أن يحبك الله و ما أنبلها من غاية، قال الله تعالى: { وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} (آل عمران:146).

4-        أن تكون لك عقبى الدار، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَ عَلانِيَةً وَ يَدْرَأُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَ أَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:22-24).

5-        احتسبي في صبرك على مصيبتك أن ينصرك الله و يجبر كسرك و أن تكون العاقبة لك قال الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ} (هود:49).

6-        أن تكوني من المفلحين الناجين، قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَ صَابِرُوا وَ رَابِطُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (آل عمران:200).

7-        المغفرة والأجر الكبير، قال الله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ كَبِيرٌ} (هود:11).

8-        أن تنالي صلوات من ربك و رحمة و هداية لما يحبه و يرضاه...

    قال الله تعالى: {وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ      الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} (البقرة:155-157).

9-        انظري إلى الأشجار في فصل الخريف كيف تتساقط أوراقها ما أروع هذا المنظر!.. إن احتسابك للمعصية سيجعل ذنوبك تتساقط كما تحط الشجرة ورقها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله [ به] سيئاته كما تحط الشجرة ورقها"[46].

 كلمة أخيرة...

الصبر - يا أختي - ليس فقط على أقدار الله المؤلمة… إنما هناك أيضا الصبر على طاعة الله و تنفيذ أوامره كذلك الصبر عن فعل المعاصي… فلا تنسي أن تحتسبي تلك الأجور في جميع أنوع الصبر…

                      قال بعض السلف:

                           (لولا مصائب الدنيا لوردنا القيامة مفاليس).


                                        عبادات سهلة

  عزيزتي ...

كم مرة في اليوم تحتاجين للذهاب إلى دورة المياه ؟!

عفوا ... لا تتعجبي من سؤالي حتى تجيبي على السؤال الآخر !

هل فكرت أن تحتسبي الأجر عند ذهابك إلى دورة المياه؟

 قد تقولين باندهاش: أحتسب ماذا ؟.

1- أجر ترديد دعاء دخول الخلاء، و ما في ذلك من متابعة الرسول صلى الله عليه و سلم في كل مرة تريدين أن تدخلي إلى دورة المياه, فقد ثبت في الصحيحين, عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم, كان يقول عند دخول الخلاء: "اللهم إني أعوذ بك من الخبث و الخبائث".

2- أجر ترديد الدعاء في كل مرة تخرجين فيها من بيت الخلاء و ما فيه من متابعة الرسول صلى الله عليه و سلم ففي سنن أبي داود و الترمذي, أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول: "غفرانك".

3- و عند تنعلك لدخول دورة المياه احتسبي أجر الاقتداء بنبيك محمد صلى الله عليه و سلم في البدء بالانتعال باليمين, و عند خلع النعلين إبدئي بالشمال, فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين, و إذا انتزع فليبدأ بالشمال لتكن اليمين أولهما تنعل و آخرها تُنْزَع"[47].

4- أجر متابعة الرسول صلى الله عليه و سلم عند دخولك الخلاء برجلك اليسرى و تقديم اليمنى في الخروج، "فيستحب لمن أراد دخول الخلاء أن يقدم رجله اليسرى في الدخول و تقديم اليمنى في الخروج، فاليسرى تقدم للأذى و اليمنى لما سواه، و لقد ذكرى النووي وغيره من العلماء قاعدة وهي: أن ما كان من التكريم بدىء فيه باليمنى وخلافه باليسرى ، ودليل هذه القاعدة أحاديث كثيرة في الصحيح "[48].

أربع سنن بسيطة تطبقينها عدة مرات في اليوم.

فلو افترضنا أن الإنسان يحتاج لدخول الخلاء خمس مرات يومياً, فإنه سيطبق هذه السنن عشرين مرة في اليوم, وفي خلال أسبوع واحد سيطبقها مائه وأربعين مرة تقريباً..! تُرى كم من الحسنات ضاعت على كثير من الناس ؟!.

رغم أني لا أقول في العمل حسنة واحدة لأن الله يضاعف الحسنات !!.

5- أجر المداومة على الأذكار الواردة والأفعال المسنونة في أوقاتها ومواضعها, كل ذلك يقربك إلى الله أكثر... عسى أن يكتبك الله في الذاكرين الله كثيراً والذاكرات... واحتسبي أيضاً أن يحبك الله, لأن متابعتك للرسول صلى الله عليه وسلم في جميع أحوالك يؤدي إلى حب الله لك...

قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في القرآن الكريم: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (آل عمران:31).

 أخيتي...

لئن ضعفت الهمة عن القيام بالأعمال والعبادات الجليلة كحفظ القرآن الكريم وقيام الليل وصيام النهار...إلخ.

فحاولي تدارك النقص الكبير باحتساب أجور أعمال أخرى تستطيعين القيام بها بسهولة!..

فهناك كثير من العبادات السهلة التي قد يتهاون بها الإنسان بينما يستطيع أن يجني من خلال ممارستها الحسنات العظيمة إذا أخلص العمل وداوم عليه...

مثال: إلقاء تحية الإسلام وردها - تشميت العاطس - الابتسامة - الكلمة الطيبة - التيمن - توزيع الكتب والأشرطة الإسلامية... إلخ.

والمحرومة من حرمت حتى من نعمة القيام بالعبادات السهلة تكاسلاً وغفلة وهذا من الخذلان وقلة التوفيق فلا تكوني من المحرومين .


                               ماذا تحتسبين في الستر

                                      على المسلمين؟

العجيب أن بعض النساء قد تهتك ستر أقرب الناس إليها!..

فهذه تقول: زوجة ابني تفعل وتفعل...وأخرى تفضح أسرار أقاربها...وثالثة تقول: زوجي كذا وكذا... أما الرابعة فتشهر بزوجة أخيها في كل مجلس...وتلك لم يبق أحد لا يعرف أفعال أم زوجها وأخواته... فضلا عن التشهير بالجيران، وزميلات العمل مرورا بالمديرة إلى المستخدمات...وهناك المعلمة التي تهتك ستر الطالبة...كما نال الخادمات في المنازل الحظ الأوفر من التشهير وهتك الستور!

قد تفعل بعض النساء ذلك كله وتعتبره بكل بساطة من باب الفضفضة ومتعة الحديث!!... وما علمت أن كل هؤلاء مسلمات حرام عرضهن.

يا شذي الخزامى...

قد تطلعين على أسرار بعض البيوت إما مباشرة لإحتكاكك القوي بهم، أو لحاجتهم إلى استشارتك في خصوصياتهم، وربما تطلعين على تلك الأسرار بطريقة غير مباشر كأن تصلك أخبار أكيدة عن "أسباب طلاق فلانة".. وقد تكونين على علم بأمور حساسة تتعلق "بالخصومة التي بين آل فلان وآل فلانة" فاحذري! أن يكون هتك تلك الستور حديثك في المكالمات الهاتفية والمجالس الخاصة حيث حلوى بعض النساء أعرض المسلمين مع الشاي والقهوة!!..

ينبغي يا عزيزتي...

ألا تتهاوني بذكر أسماء الأشخاص عند سردك للمواقف والأحداث التي هي في الغالب أسرار خاصة بأصحابها، ويغنيك عن ذلك إن كنت لابد قائلة أن تقولي: "هناك امرأة فعلت كذا... أو شخص حدث له كذا " ونحوه...

بشرط ألا يتمكن المستمع إلى حديثـك من استنتاج الشخص الذي تقصدينه..

بهذه الطريقة تقولين ما تريدين، وتحفظين لسانك من الغيبة، وتسترين عورات المسلمين من أن تنكشف أمام الناس عن طريقك فتأثمين...فكونك اطلعت على بعض الأمور الخاصة بأصحابها أو كنت قريبة من الأحداث الساخنة فإن ذلك لا يبيح لك أبدا نشرهــا!

لأن المؤمنة تستر وتنصح والمنافقة تهتك وتفضح... وكل المطلوب منك النصيحة لله، والستر على المسلم ما لم يجاهر بمعصية، أو يتمادى فيها...

أظنك الآن قد تعودت على الاحتساب فاستري على المسلمين والمسلمات واحتسبي:

  1. 1.أن يسترك الله في أعظم يوم سيمر عليك منذ أن ولدتك أمك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يستر عبد عبدا في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة"[49].
  2. 2.عرضي نفسك لرحمة الله، قال الله تعالى: {ِإنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} (الأعراف:56). 
    فلا تزهدي بالإحسان إلى مسلم بالستر عليه، فالمحسنة قريبة من رحمته تعالى...
  3. 3.احتسبي أن يتحقق لك الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"[50]، فكما أنك لا ترضين أن يهتك سترك أمام الناس فلا ترضيه لغيرك!.
  4. 4.احتسبي أن يحسن إسلامك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه"[51]، والحديث عن أسرار الناس وخصوصيتهم أمر لا يعنيك.
  5. 5.ثواب ترك الغيبة لوجه الله تعالى، فالغيبة جهد العاجز، والإنسان مأجور على التروك حيث إن من تتكلم فيما لا يعنيها في الغالب أنها ستغتاب والعياذ بالله...
  6. 6.أن يحبك الله، لأنه سبحانه يحب الستر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله ـ عز وجل ـ حليم حيي ستير يحب الحياء والستر"[52]، فإذا أنت فعلت محاب الله أحبك الله.
  7. 7.احتسبي عند سترك على مسلم أو مسلمة أنك تحافظين على المجتمع المسلم من انتشار الرذيلة لأن انتشار أخبارها طريق إليها حيث تألفها النفوس فلا تنكرها!.

ولكن... الستر لا يعني أن تترك الإنكار والنصيحة لمن يحتاجها، بشرط ألا تفضحيه مادام مستترا غير مجاهر إلا إذا كان سترك عليه يجعله يتمادى في غيه ويعينه على الفساد فحينها يجب أن ترفعي أمره إلى من يقوم على إصلاحه وتأديبه وأنت في ذلك كله مأجورة إذا احتسبت إنقاذ مسلم أو مسلمة من عذاب الله...                 عن علام بن مسقين، قال:

                                 سأل رجل الحسين فقال: يا أبا سعيد:

                                 (رجل علم من رجل شيئــا، أيفشي

                                 عليه؟، قال يا سبحــــان الله! لا)[53].


                                عندما ترتدين حجابك

                                    ماذا تحتسبين ؟

   سـؤال؟  : الفرح والحزن ... تلك المشاعر أين تبدو؟

                حـديث العيون وفتنتها ... أين يـكمن؟

                الاهتمام أو اللامبالاة ... كيف نحس بهما؟

علامات الجمال والملاحة... مشاعر الحب أو الكراهية... كلها نقرأهــا في صفحات الوجه... فهل توافقينني الرأي؟..

عزيزتي...

لو قدمت لك سبع صور "لأيدي نساء"، وطلب منك أن تحددي المرأة الجميلة من الدميمة من خلال صور أيديهن فقط!

أظنك ستقولين بتعجب: بالتأكيد لن أستطيع تحديد ذلك، فقد تكون اليد جميلة بينما صاحبتها دميمة، فمن الظلم أن أحكم على جمال امرأة من خلال يديها!!

ولكن دعوني أرى وجهها لأصدر لكم الحكم العادل.

أحسنت يا موفقة...

فإنك لو حكمت على جمال امرأة من خلال صورة يدها لخالفك الجميع في ذلك بينما لو قدمت لك سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لحددت مباشرة الجميلة من الدميمة دون أن تحتاجي لأن تطلبي رؤية يدها ولا قدمها!.. فالأمر واضح أمامك وسيؤيدك الجميع إلى ما ذهبت إليه...

قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي ـ رحمه الله ـ: " ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها ـ كما هو معلوم ـ والجاري على قواعد الشرع الكريم هو تمام المحافظة والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي"[54].

أخيتي انتبهي! نعم انتبهي جيدا… !

قفي الآن أمام المرآة وتحسسي وجهك بيدك… وتأملي تلك النضارة… تأمليها بعمق… هل هان عليك أن تلفحه النار ؟ فيسقط الجلد وتبقى العظام !...

احفظي وجهك في الدنيا من تلك النظرات الحارقة ليحفظه الله من حرقة جهنم… واستريه عن غير محارمك فإن الفتنة إن لم تكن في الوجه والعينين فأين تكون ؟!...

ماذا تحتسبين في لبس الحجاب الشرعي الكامل؟

1. ثواب السمع والطاعة... والرضا والتسليم لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم أي الفوز بالجنان التي تجري من تحتها الأنهار قال الله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (النساء 13).

2. عبادة تتقربين بها إلى الله محتسبة قوله تعالى في الحديث القدسي: (... وإن تقرب مني شبراً, تقربت إليه ذراعاً, وإذا تقرب إلي ذراعاً, تقربت منه باعاً, وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)[55].

3. الله سبحانه يحب الحجاب فاحتسبي أن يحصل لك حب الله ورضاه لأنك تفعلين محابه... قال تعالى في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه..)[56].

4. أجر الصبر[57] على:

طاعة الله تعالى... والصبر عن معصية الله... السخرية من حثالة القوم... حرارة الطقس، وما أروع قطرات العرق تنحدر من جبينك لتملأ وجهك النقي عندما تحتسبينها عند الله، ولن يزعجك وجودها أبداً فهي لا تعني لك شيئاً!.. لأن المحب يصبر من أجل رضا محبوبه، ولن تكون شدة حرارة الطقس سبباً في تهاونك بالحجاب أبداً لأنك تدركين جيداً معنى قول الله تعالى: {قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ} (التوبة:81).

5. ثواب نصرة الإسلام عن طريق نصرة الحجاب الشرعي بتكثير سواده في المجتمع، فأبشري بالعز والظفر، قال الله تعالى: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} (الحج:40).

6. ثواب الإقتداء بالصالحات والتشبه بهن، عن عبدالله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ جاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كيف تقول في رجل أحب قوماً ولم يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "المرء مع من أحب"[58].

7. ثواب العفاف، فأنت مأمورة بصون عرضك وحفظ نفسك، وهي عبادة تؤجرين عليها، والحجاب يعينك على أداء هذه العبادة...

8. أجر صون المجتمع من الإختلاط المؤدي إلى الرذيلة وتفشي الفاحشة، فإنك بالتزامك بالحجاب الشرعي الكامل تقفين مع أخواتك المحجبات سدا منيعا دون تقدم الفساد في بلادك. أما إن كان عدد المحجبات قليلاً في بلدك فالسيل يبدأ بقطرة واحدة... فارتدي الحجاب واحتسبي أن تكوني أنت تلك القطرة..

9. ثواب إحياء الفضيلة ونشرها، فمجتمع نساؤه جميعهن محجبات أحرى بأن تسوده الطهارة والعفة، وحجابك لبنة أساسية في بناء الفضيلة فتمسكي به بقوة لأن العواصف حولك شديدة وإن لم تكوني قوية بإيمانك فسيطير حجابك مع الأوراق والغبار...

10. احتسبي " الحجاب مظهر من مظـاهر تميز الأمة الإسلامية، وفيه مخالفة لليهود والنصارى وغيرهم "[59].

11. أجر التعاون على البر والتقوى، قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ} (المائدة:2).

ذلك أنك بارتدائك الحجاب الإسلامي تتعاونين مع أخواتك المحجبات على معاونة الشاب المسلم على حفظ نفسه حتى لا يفتتن بك وتفسدي عليه دينه وصفاء قلبه، وما يتبع ذلك من فساد أخلاقه فتأثمي لأنك كنت السبب في ضلال شاب مسلم شعرت أم لم تشعري والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"[60].

ولا أظنك تحبين أن يفتنك أحد في دينك لتخسري آخرتك فلا ترضيه لغيرك...

 

 

                                 الحجاب صمام أمن

                                للمجتمع، وغيابه

                                        يعني إنفجار

                                           المجتمع!!

 

                                          مالا يعنيك

  • §بكم إيجار بيتكم؟
  • ................
  • §كم غرفة في بيتكم؟
  • ...............
  • §كم سنة مكثتم في بيتكم الأول؟
  • ...............
  • § كم سنة سكنت مع أهل زوجك؟
  • ...............
  • §كيف كان توزيع الطبخ بينكم؟
  • ...............
  • §عسى معاملة أم زوجك معك زينة؟
  • ...............
  • §كم راتب زوجك؟
  • ...............
  • §هل أنت حامل؟
  • لا
  • §إذن لماذا تلبسين ملابس واسعة؟
  • لأنها مريحة
  • §عندك خادمة؟
  • ...............
  • §عندكم هاتف؟
  • لا
  • §إذن ما هذا الجهاز؟ تقولين ما عندنا هاتف!!
  • إنه هاتف داخلي بين الدور العلوي والسفلي.
  • §عموما أنا أحب الحديث مع الآخرين، تفضلي في منزلي متى شئت فسوف تستمتعين معي كثيرا فأنا لدي القدرة على حل المشاكل واعتبريني أختا لك وأهلا بك في أي وقت وافتحي قلبك لي ولا تخـــافي...
  • !..!..!

كانت هذه الأسئلة جزءا من سيل منهمر من التحقيقات الفضولية التي قامت بها إحدى النساء للجارة الجديدة التي سكنت في حيهم، لقد كانت الزيارة الأولى والأخيرة!

أخيتي...

   هناك أشياء لا يضرك الجهل بها، كما أن معرفتها لن تزيد من حسناتك ولن ترفع معدل ثقافتك، فلم يبق إلا أن تكون أموراً لا تعنيك، وانشغالك بما لا يعنيك يبعثر من عمرك الكثير يا عزيزتي... والحوار السابق لفتة بسيطة في ذلك، وإلا فإن هناك أمثلة كثيرة للتدخل في خصوصيات الناس دون حاجة تذكر كتلك الأسئلة السمجة من الناس المتطفلات:

  1. oللأيم: لماذا لم تتزوجي حتى الآن؟
  2. oللمتزوجة: لماذا لم تحملي بعد؟
  3. oلمن عندها أولاد: لماذا لا تتوقفين عن الإنجاب؟ من عندك فيهم البركة.
  4. oللمطلقة: ما أسباب طلاقك؟ منك أم منه؟...
  5. oلزوجة المعدد: حسبي الله عليه يتزوج وعنده القمر، لماذا تزوج بالله عليك أخبريني؟ ماذا ينقصه؟

والمشكلة في المرأة الفضولية التي تتدخل فيما لا يعنيها أنها عندما تسأل ترى أن لها الحق كل الحق في السؤال وفي معرفة الإجابة كاملة بتفاصيلها، وتلمسين ذلك من خلال جرأتها في السؤال وإصرارها على معرفة الجواب بحيث إنها لا تفهم من خلال التلميح بأنك تفضلين أن تحتفظي بأسرارك لنفسك أو ربما لا تريد أن تفهم، وفي الغالب يحتاج هذا النوع من الناس إلى أن تصارحيه بأن هذه أمور خاصة لا ترغبين في الحديث عنها حتى تغلقي عليه الأبواب وإلا فسينفتح عليك الأبواب والنوافذ أيضا !...

بل ربما انقشع سقف بيتك !...


فإذا كنت تتأذين من تدخل أحدهم في خصوصياتك فالناس كذلك... فدعي مالا يعنيك من شؤونهم حتى لا تفقدي الكثير من علاقاتك فضلاً الكثير من أوقاتك واحتسبي:

  1. 1)أن يحسن إسلامك، فليس كل مسلم محسن فهناك المسيء وهناك المحسن، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه"[61].
  2. 2)احتسبي ثواب ترك الغيبة فإن من تتحدث في أمور لا تعنيها في الغالب ستقع في الغيبة وأنت مأجورة على التروك إذا احتسبتيها..
  3. 3)احتسبي ثواب كف الأذى عن المسلمين بعد إحراجهم بالأسئلة الكثيرة والتطفل على أمورهم التي لا تعنيك من قريب ولا بعيد. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تؤذوا المؤمنين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم هتك الله ستره..."[62].
  4. 4)أن تكوني ممن آمن بالله واليوم الآخر، قال رسول صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت،..."[63].

 

                                       قال عمر بن عبدالعزيز

                                              رحمه الله:

                                    (من علم أن الكلام من

                                       عمله أمسك عن الكلام

                                           إلا فيما يعنيه)[64].


                                       ماذا تحتسبين في

                                        تحسين أخلاقك؟

لا يكاد يميز الناس أخلاق بعضهم من بعض في لقاءات عابرة، بل يحتاج الإنسان إلى وقت طويل حتى يحُك المعدن ويظهر له بريق الذهب أو صدأ الحديد!..

إذ ليس للإنسان ميزة في تحسين أخلاقه مع من هو أعلى منه أو في مستواه، فهذا شيء يتجمل به الجميع في الغالب.. ولكن الفضل كل الفضل في تحسين أخلاقك مع من هو دونك، ومع من أساء إليك!

إن معنى حسن الخلق "أن يكون سمحاً لحقوقه لا يطالب غيره بها، ويوفي ما يجب لغيره عليه منها، فإن مرض ولم يُعَدْ،أو قدم من سفر فلم يُزر، أو سلم فلم يُرد عليه، أو ضاف فلم يكرم، أو شفع فلم يجب، أو أحسن فلم يشكر، أوتكلم فلم ينصت له،... وما أشبه ذلك، ولم يغضب، ولم يعاقب، ولم يتنكر من حاله حال، وإنه لا يقابل كل ذلك إذا وجد السبيل إليه بمثله، ويقابل كلاً منه بما هو أحسن وافضل وأقرب منه إلى البر والتقوى، فإذا مرض أخوه المسلم عاده، وإن جاء في شفاعة شفعه، وإن احتاج منه إلى معونة أعانه، ولا ينظر إلى أن الذي يعامله كيف كانت معاملته إياه فيما خلا، إنما يتخذ الأحسن إماماً لنفسه"[65].

وإن شئت فقولي بعبارة أوجز حسن الخلق هو: "بذل المعروف قولا وفعلا، وكف الأذى قولا وفعلا"[66].

ولكن بالرغم من حاجتك للوقت الكافي حتى تتعرفي على أخلاق الآخرين، إلا أنك أحياناً تشعرين بذات الخلق الحسن... تحسين بوجودها وتميزينها سريعاً... مثلا في طريقة تحدثها مع المرأة المسنة.. في طريقة تعاملها مع الخدم.. في مواقفها مع من يسيء إليها أو يقصر في حقها عندما تتاح لها فرصة مناسبة جدا للنيل من الآخر دون حسيب أو رقيب بل قد تجد التشجيع كل التشجيع ممن حولها ولكنها تمتنع عن إلحاق الأذى بمسلم أو مسلمة حتى ولو بكلمة عابرة!...

ولسان حالها يقول: إني أعامل الناس بأخلاقي ولن أنقص قدري عند ربي لأتعامل معهم بأخلاقهم أبدا...

لقد ذهبت بكل خير... وسبقت كثيرات بمسافات شاسعة... وتركت القيل والقال، والمكر بالليل والنهار، وحمل الأضغان لأهله الحمقى!... فأراحت قلبها... وحافظت على حسناتها، وفرغت نفسها للعبادة، فهي مشغولة جدا بطاعة ربها، وليس لديها وقت زائد لتبعثره في مثل هذه التوافه، بل لو كان الوقت يباع لاشترته بأغلى الأثمان!!..

إنها باختصار كما قال صلى الله عليه وسلم: "ذهب حسن الخلق بكل شيء" إنها حقيقة وليس خيال! فلم لا تكونين أنت هي؟

سيكون هذا سهلا عليك... تدرين متى؟ عندما تحتسبين:

  1. 1.أن حسن خلقك إحسان منك لنفسك أولا، وللمسلمين ثانياً، فقد كففت الشر عنك وعنهم، وبذلت الخير لنفسك ولهم، فاحتسبي ثواب الإحسان الذي تولد عن تقواك لله والذي يترتب عليه المعصية الخاصة من الله قال الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل:128).

هل تدركين ماذا يعني أن تحصل لك معية خاصة من الله؟

إنها معية تليق بجلال ربنا وعظمته، إنه العون من الله... النصر... التسديد... الثبات... لقــد فزت بشيء عظيم!.

فإذا شعرت به فاحفظيه كي لا تفقديه يوما ما!...

  1. 2.ثواب طاعة أمر الله سبحانه وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ} (المؤمنون:96)،  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وخالق الناس بخلق حسن"[67].
  2. 3.ثواب إصلاح ذات البين بأخلاقك لتنالي الحظ العظيم...

قال الله تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (24) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت:34-35). إنها تلك التي تدفع بالحسنة السيئة، وتصبر على ذلك من أجل صلاح ذات البين، إنها ذات الخلق الحسن... ذات الحظ العظيم...

  1. 4.أن يكمل إيمانك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا، وخياركم خياركم لنسائهم خلقا"[68]. إن الصالحين ليتنافسون على كمال الإيمان فتنافسي معهم بأخلاقك...
  2. 5.أما زلت تحلمين بأن تملكي بيتا جميلاً؟... اسمعي جيدا... هل تريدين بيتا رائعا لم يخطر ببالك قط؟... في الجنة..! في أعلاها..!

حسني أخلاقك واحتسبي أن يكون لك بإذن الله... قال صلى الله عليه وسلم: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه"[69].

  1. 6.لئن ضعفت عن قيام الليل وصيام النهار، فلن تعجزي عن تحسين أخلاقك لتبلغي منزلتهم أليس كذلك؟    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"[70].
  2. 7.أن يحبك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يكون مجلسك يوم القيامة قريبا منه جدا، قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا، ..."[71] .
  3. 8.احتسبي أن يكون حسن خلقك سبباً لدخول الجنة بإذن الله...

فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال:"تقوى الله وحسن الخلق" وسُئل عن أكثر ما يدخل النار؟ فقال:"الفم والفرج"[72].

  1. 9.احتسبي أن يثـقل ميزانك يوم تخف الموازين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خُلُقٍ حسن،وإن الله تعالى ليبغض الفاحش البذيء"[73].

يا.. كل الصفات الحسنة

لقد أحسنت... وأطعت ربك ورسوله صلى الله عليه وسلم... لقد نلت الحظ العظيـم... وكمـل إيمانك... وبلغت درجة الصائم القائم... وأثـقلت ميزانك يوم وضع الموازين... فماذا أبقيت لنا؟ لقد ذهب كل شيء...!

قال أحد البلغاء: (الحسن الخلق من

نفسه في راحةٍ، والناس منه في

سلامةٍ، والسيء الخلق الناس منه

بلاء، وهو من نفسه في عناء)[74].

ماذا تحتسبين في           

العفـو عن الناس ؟

 قال الشافعي رحمه الله[75] :

قالوا سكت وقد خوصمت قلت لهم *** إن الجـواب لبـاب الشر مفتاح

فالعفو عن جـاهل أو أحمق أدب *** نعم وفيه لصون العرض إصلاح

إن الأسود لتخشى وهي صـامتة *** والكلب يحثى ويرمى وهو نبـاح

في رحلة الحياة ربما تعرضت لإساءات متكررة من بعضهم.. رميت بسهم الكلمة... أحرقت بشرارة تلك النظرة...

أوذيت في أهلك... في عرضك... بل في دينك ! فبعض الناس مبتلي بتصنيف عقائد الناس حسب الأهواء وبأكبر قدر من الجهل المركب !!...

ممن أتاك الأذى ؟ أمن اليهودية ؟ أم من نصرانية ؟ واحسرتاه... إنه من (........) !

ويكون الجرح عميقاً بعمق البحار إذا كانت تلك الرمية ممن تتوسمين فيها الخير ! إن جرحك غائر وينزف بغزارة... فلا بد أن تفعلي شيئاً لتوقفي تلك الدماء... لتبدئي من جديد... أنظري من حولك لتبدئي ... قد تفاجئين بجيوش من البشر تشجعك على الظلم والبطش ورد الصاع صاعين، ستشعرين عندها بالقوة والتمكن فالحق معك... ولكنك... تتذكرين قدرة الله عليك ... فيعظم العفو عندك رجاء عظم الثوب... فترددين: "إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم آجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها" وترفعين يديك بالدعاء للطيف الخبير... للسميع القريب... أن يفرج همك، وأن يعفو عمن ظلمك، وعمن تخلى عنك وهو يملك نصرتك – سامحهم الله – وتشهدين الله على عفوك عن الجميع ابتغاء وجهه الكريم...

يا لطيفة الخصال...

أنت لا تعيشين في الدنيا وحدك، بل هناك أشخاص كثيرون حولك تشكلين معهم مجتمعك الذي تعيشين فيه، ولا شك أن احتكاكك بالناس سيتولد منه بعض التصادمات، في الآراء... في الأخلاق... في الطباع والعادات... أو نتيجة سوء فهم منك أو من الطرف الآخر... أو ربما توضعين رغما عنك في موقف تكرهينه ! وهذه كلها أمور عادية... أكرر عادية ! تفرضها علينا طبيعة التجمع البشري فأنت تعلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "إن الشيطان يجري في ابن آدم مجرى الدم في العروق"[76].

فلا بد أن توطني نفسك على مواجهة مثل هذه المواقف وتحملها... نعم تحمليها، وكيفي نفسك على التحكم والسيطرة على انفعالاتك حسب ما يمليه عليك دينك، ثم توجي ذلك كله بالعفو... العفو... العفو... ستفعلين ذلك – يا طيبة – لأن بروق الإيمان تسطع في قلبك بقوة...

تأكدي أنك لن تقدري على العفو الحقيقي إلا إذا احتسبت:

1- عمرك كله تدعين الله أن يغفر لك.. لقد أتتك المغفرة فلا ترديها!.. قال الله تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (النور:22). فاصفحي أخية رجاء أن يغفر لك الغفور الرحيم...

2- افعلي ذلك لوجه الله... واقهري أول أعدائك الشيطان... فإن عفوك عمن أساء إليك يؤلمه أشد الإيلام لما يترتب على فعلك هذا من الأجر العظيم جداً... جداً. قال الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} (الشورى: 40).

يا إلهي!... هل تدركين معنى {فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}؟...

إن أجرك لن يأتيك من وزير... ولا من أمير... ولا حتى من ملك مطاع !

بل سيأتيك من ملك الملوك سبحانه... فماذا تريدين أفضل من ذلك؟ ! وقد تكفل الله بأجرك وضمنه لك!...

3- العفو هو طريقك إلى.. "الحظ العظيم " ..

قال الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34-35). "أي ادفع السيئة إذا جاءتك من المسيء بأحسن ما يمكن دفعهاً به الحسنات ومنه مقابلة الإساءة بالإحسان والذنب بالعفو، والغضب بالصبر، والإغضاء عن الهفوات، والاحتمال للمكروهات.

وقال مجاهد وعطاء: بالتي هي أحسن: يعني بالسلام إذا لقي من يعاديه، وقيل بالمصافحة عند التلاقي {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي أحسن، والمعنى: أنك إذا فعلت ذلك الدفع صار العدو كالصديق. {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا} قال الزجاج: ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة، وهي دفع السيئة بالحسنة إلا الذين صبروا على كظم الغيظ واحتمال المكروه {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} في الثواب والخير. وقال قتادة: الحظ العظيم الجنة "[77].

4- احتسبي ثواب الإقتداء بالله سبحانه، "والعفو صفة من صفات الله وهو الذي يتجاوز عن المعاصي، وحظ العبد من ذلك لا يخفى وهو أن يعفو عن كل من ظلمه بل يحسن إليه كما يرى الله محسنا في الدنيا إلى العصاة غير معاجل لهم بالعقوبة "[78]. قال الله تعالى: {إِن تُبْدُواْ خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} (النساء:149). "{فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوًّا} عن عباده {قَدِيرًا} على الانتقام منهم بما كسبت أيديهم فاقتدوا به سبحانه فإنه يعفو مع القدرة "[79].

5- أجر الإقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، والأنبياء جميعاً في عفوهم عمن ظلموهم وأساءوا إليهم مع قدرتهم عليهم... فهؤلاء خيرة البشر يتركون العقوبة لوجه الله!... فمن نحن حتى نتعالى عن العفو ونعتبره ذلة ومهانة في حقنا ؟!.. طبعا هذا إذا كان العفو في مكانه المناسب.

6- احتسبي بعفوك عن المسلمين أن تكوني ممن يدرءون بالحسنة السيئة لتنالي جنات عدن، قال الله تعالى: {وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} (الرعد:21-24).

"{أُوْلَئِكَ} إلى الموصوفين بالصفات المتقدمة .

{لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} والمراد بالدار الدنيا، وعقباها الجنة {جَنَّاتُ عَدْنٍ} العدن أصله الإقامة.

{وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ} يشمل الآباء والأمهات {وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ} أي ويدخلها أزواجهم وذرياتهم، وذكر الصلاح دليل على أنه لا يدخل الجنة إلا من كان كذلك من قرابات أولئك، ولا ينفع مجرد كونه من الآباء أو الأزواج أو الذرية بدون صلاح {وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ} أي من جميع أبواب المنازل التي يسكنونها.

{سَلاَمٌ عَلَيْكُم} أي قائلين سلام عليكم أي سلمتم من الآفات أو دامت لكم السلامة {بِمَا صَبَرْتُمْ} أي بسبب صبركم {فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} جاء سبحانه بهذه الجملة المتضمنة لمدح ما أعطاهم من عقبى الدار المتقدم ذكرها للترغيب والتشويق"[80].

إيه يا عظيمة الحظ...

عندما عفوت عن الآخرين قمت بعبادات كثيرة... وصلت ما أمر الله به أن يوصل إن كان من عفوت عنه ذا رحم... عفوك علامة على خشيتك لله وهذه عبادة عظيمة تدل على عبادة الخوف من الله...

كذلك الصبر على الإساءة... والصبر على العفو نفسه يرفعك المنازل العالية... وبهذا أصبحت ممن يدرءون بالحسنة السيئة وهذه عبادة جليلة فأبشري وأملي...

7- إن عفوك عمن ظلمك إحسان منك إلى مسلم ترجين به إحسان الله إليك... قال الله تعالى: {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} (الرحمن:60). "... ومعاملة الله له من جنس عمله, فإن من عفـا عن عبـاد الله عفـا الله عنـه"[81].

8- ألا يفوتك فضل الله يوم الاثنين والخميس...

قال صلى الله عليه وسلم: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين, ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء[82], فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا. أنظروا هذين حتى يصطلحا"[83].

وأسألك بالله ما الذي يستحق في هذه الدنيا أن تحرمي نفسك من مغفرة الله لأجله؟!...

9- أن يحبك الله وهذه من أغلى الأماني...

قال الله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (المائدة:13). ومن أحبه الله أحبته الملائكة وأحبه الناس...

10- احتسبي أن يزيدك الله عزاً ورفعة , إما في الدنيا وإما في الآخرة أو فيهما معا ... قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله"[84]. وهل هناك أفضل ممن تواضعت لله فعفت عمن ظلمها. إن العفو ليشمل التواضع كل التواضع.. فهنيئا لك العز والرفعــة...

قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:

"كل الناس مني في حل"[85].

قال عمر بن عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ: "إنك إن تلقى الله ومظلمتك كما هي، خير لك من أن تلقاه وقـد اقتصصتها"[86].

الآن... فكري وبهدوء قبل أن تقرري عدم العفو!.


                                     أمور تحتسبينها

                                      في جميع أعمالك!

ما رأيك لو ذكرت لك بعض الأجور التي تستطيعين احتسابها في جميع أعمـــالك؟!

الآن... حاولي أن تحفظيها.

  1. 1.نية العبادة... وأنها لله... وامتثال لأمر الله... وهذا أكمل شيء في النية كما ذكر أهل العلم.
  2. 2.بشرى للمحسنين... قال الله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ} (الحج:37) فللمحسن البشرى بخيري الدنيا والآخرة. "والمحسن له مزية وفضل على غيره في أمور منها:

أولاً: محبة الله...

    قال الله تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة:195) ومن أحبه الله كان معه في كل أموره
    يوفقه ويسدده.

ثانياً: زيادة مضاعفة الحسنات...

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أحسن أحدكم إسلامه فكل حسنة يعملها تكتب بعشرة أمثالها،  إلى سبعمائة ضعف..."[87].

ثالثاً: أجر الإحسان في العبادة...

في قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (يونس: 26). والحسنى الجنة، والزيادة: النظر إلى وجه الله تعالى"[88].

  1. 3.احتسبي قول الله تعالى: {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} (القصص:84)، "وهو أن الله يجازيه بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف".
  2. 4.احتسبي قول الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ} (الزلزلة:7)، "أي وزن نملة، وهي أصغر ما يكون من النمل. فمن يعمل في الدنيا مثقال ذرة خيرا يره يوم القيامة في كتابه فيفرح به...

وقال بعض أهل اللغة:

       "أن الذرة هو أن يضرب الرجل بيده على الأرض فما علق من التراب فهو الذرة"[89].

  1. 5.ثواب الآخرة...

قال الله تعالى: {وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (آل عمران:145).

  1. 6.أنك ستجدينه عند الله خيراً وأعظم أجراً...

قال الله تعالى: {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} (المزمل:20).

  1. 7.السبق بالخيرات والفوز بالفضل الكبير...

قال الله تعالى: {وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} (فاطر:32). "السابق الذي سبق إلى الأعمال الصالحة... وهو الذي سبق غيره في أمور الدين... السبق إلى الخيرات هو الفضل الكبير، أي الفضل الذي لا يقادره قدره"[90].

يا همية حاولي

أن تحفظي بعض تلك الآيات والأحاديث لتتراءى أمام عينيك في كل حين فتدفعك إلى احتساب أصغر الأمور فضلاً عن عظيمها...


                                           الخـاتمة

                                   نسأل الله حسنها

يا حية القلب...

ها أنت قد تعلمت الآن كيف تحتسبين الأجر.

فحاولي أن تتذكري ما قرأته في هذا الكتاب أثناء ممارستك لحياتك اليومية ... وعودي نفسك على الاحتساب في كل شيء، كل شيء... فلا يغلبك الشيطان وينسيك الاحتساب فتكوني من المغفلات فتذهب أيامك هدرا وأعمالك سدى... والغفلة أعاذنا الله وإياك منها هي "أن لا يخطر الشيء ببالك"... وهي "إبطال الوقت بالبطالة" ...

قال الله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (لأعراف:179).

فالغافلة لها عين ولكنها لا تبصر بها الحق بل تبصر ما يحلو لها فقط!

والغافلة لها أذان ولكنها لا تسمع بها الخير بل تسمع ما يرغب فيه فقط! ...

ومن هنا نزلت إلى منزلة أقل من منزلة البهائم لأن الله أعطاها العقل الذي فضلها به على غيرها من المخلوقات ولكنها غفلت عن كيفية الإستفادة منه في التقرب إلى الله وكسب رضاه...

 "فالغفلة تبلد الذهن وتسد أبوب المعرفة وتبعد البعد عن الله ـ عز وجل ـ وتجره إلى المعاصي وتنزل الهم والغم إلى القلب وتبعد عنه الفرح والسرور "تميت القلب" وهي تجلب الشيطان وتسخط الرحمن"[91].

قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18) وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (الحشر:18-19).

فاتقي الله... وانظري ماذا قدمت من الأعمال ليوم القيامة، فمهما طال بقاؤك في الدنيا فلا بد من الرحيل شئت أم أبيت... {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}. "أي تركوا أمره، أو مقدره حق قدره، أو لم يخافوه، أو جميع ذلك قال الله تعالى: {فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ} أي جعلهم ناسين لها بسبب نسيانهم له، فلم يشتغلوا بالأعمال التي تنجيهم من العذاب، ولم يكفوا عن المعاصي التي توقعهم فيه... قال الله تعالى: {أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} أي الكاملون في الخروج عن طاعة الله"[92].

ولعل مما يعينك على ألا تنسي نفسك من العمل الصالح، إحتساب الثواب من الله في جميع ما تقومين به في يومك وليلتك وحتى أثناء نومك..

وبعد إحتساب الأعمال ابذلي جهدك في المحافظة على ثوابك بالبعد عن الرياء والسمعة، خاصة إذا لم يكن هناك شيء يستدعي أن يظهر الإنسان أعماله الصالحة ويتكلم بها، تأسيا بسلفنا الصالح...

فعن أبي بردة، عن أبيه أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال:خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة، ونحن ستة نفر، بيننا بعير نعتقبه، قال: فنغبت أقدامنا، فنغبت قدماي[93] وسقطت أظافري، فكنا نلف على أرجلنا الخرق فسميت غزوة ذات الرقاع، لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق[94].

قال أبو بردة: فحدث أبو موسى بهذا الحديث، ثم كره ذلك، قال: كأنه كره أن يكون شيئاً من عمله أفشاه.

هذا والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات حمداً كثيراً طيباً مباركاً

فيه وما كان من صواب فلله الفضل وحده، وما كان من

 الخطأ فالله ورسوله منه بريئان, وصلى الله

على محمد وعلى آله وسلم

http://www.jannaty.org/



[1] - ينظر فتح القدير/4.

[2] - تفسير القرآن العظيم لابن كثير -رحمه الله- (2/25).

[3] - رواه البخاري في الرقاق، باب: في التواضع، ح: 6502 (الفتح 11/348).

[4] - رواه البخاري في كتاب الأداب، ح: 6640 (الفتح 10/467).

[5] - شرح جوامع الأخبار لابن سعدي رحمه الله.

[6] - النهاية لأبن الأثير (1/382).

[7] - ينظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (1/13).

[8] - أخرجه البخاري رقم (2996) كتاب الجهاد والسير.

[9] - أخرجه الترمذي رقم (2325) كتاب الزهد، وقال حسن صحيح.

[10] - ينظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين

[11] - ينظر شرح جوامع الأخبار لابن سعدي رحمه الله.

[12] - القول المفيد شرح كتاب التوحيد، لابن عثيمين،  باب: من الشرك إرادة الإنسان بعمله الدنبا.

[13]- ينظر شرح جوامع الأخبار، لابن سعدي رحمه الله.

[14] - ينظر فتح القدير / 2 .

[15] - نضرة النعيم (2/66)، (7/2698).

[16] - صحيح مسلم: 4/2030 رقم (2637)

[17] - الدار المنثور للسيوطي (5/7)

[18] - تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان/5 .

[19]- جزء من حديث رواه الإمام أحمد 5/183، صححه الشيخ الألباني في صحيح الترغيب.

[20] - جزء من حديث رواه الإمام البخاري (فتح الباري 1/136، حديث 56).

[21] - رواه البخاري، فتح الباري 6/136، رقم (2996).

[22]- لسان العرب (1/315).

[23]- مسلم (1893).

[24] - مسلم (2674).

[25] - صلاة الله على العبد: ثناؤه عليه في الملأ الأعلى. وصلاة الملائكة: الدعاء له.

[26] - جزء من حديث رواه الترمذي (2686). وقال: حسن صحيح.

[27] - ينظر (( الإيجابية في حياة الداعية)) د. عبد الله يوسف الحسن.

[28] - جزء من حديث رواه البخاري (كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 3/134)

[29] - الترمذي (2658).

[30] - البخاري ــ الفتح 6(3461).

[31] - التفسير القيم لابن القيم (431).

[32] - البخاري ــ الفتح 10 (5641، 5642).

[33] - من كلام قيم لفضيلة د. طارق الحبيب.

[34] - البخاري ــ الفتح 5 (2442).

[35] - رواه أحمد في المسند (1/ 307)، الترمذي (2516) وقال حديث حسن صحيح.

[36] - رواه ــ أحمد في المسند (1/ 293 ، 303 ، 307).

[37] - الأثر: الأرجل.

[38] - البخاري ـــ الفتح 10 (5986) ومسلم (2557).

[39] - البخاري ـــ الفتح 6 (2989).

[40] - جزء من حديث رواه البخاري ومسلم

[41] - جزء من حديث رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن، انظر صحيح الجامع 5/302.

[42] - ينظر "دليل الخير" في هذا الكتاب ص23.

[43]- تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن سعدي / 5 .

[44] - أبو داود 4 (4919). والترمذي 4 (2509) واللفظ له وقال: هذا حديث صحيح.

[45] - البخاري ـــ الفتح 5 (353).

[46] - البخاري: كتاب المرض، باب وضع اليد على المريض (5660).

[47] - البخاري ـــ الفتح 10 (5856).

[48] - ينظر "غاية المرام شرح مغني ذوي الأفهام" لعبد المحسن العبيكان، 1/231.

[49] - مسلم (2590).

[50] - البخاري ـــ الفتح 1 (13).

[51] - البخاري ـــ الفتح 1 (13).

[52] - النسائي (1/ 200) وقال الألباني (2/ 758) ح 3387: صحيح.

[53] - مكارم الأخلاق (504).

[54] - أضواء البيان (6/200).

[55] - جزء من حديث رواه مسلم (2675).

[56] - صحيح البخاري (6021).

[57] - ينظر: ماذا تحتسبين في صبرك؟  ص35 ، من هذا الكتاب.

[58] - البخاري ـــ الفتح 10 (6169).

[59] - نضرة النعيم / 4.

[60] - البخاري ـــ الفتح 1 (13).

[61] - رواه مالك وأحمد.

[62] - أبو داود في سننه رقم (4880)، والهيثمي في مجمع الزوائد (8/ 94) وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات.

[63] - البخاري ـــ الفتح 11 (6475).

[64] - الزهد للإمام أحمد (296).

[65] - ينظر مختصر شعب الإيمان، للقزويني (116 – 117).

[66] - نظرة النعيم / 5 (ص1572).

[67] - الترمذي (1987) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

[68] - الترمذي (1162) واللفظ له وقال: حديث حسن صحيح (2615) . وصححه ابن حبان (1311) والحاكم (1/3).

[69] - أبو داود (4800) واللفظ له. قال النووي (233) : حديث صحيح بإسناد صحيح.

[70] - أبو داود (4798)، وصححه ابن حبان (1927).

[71] - رواه الترمذي (2018)، وقال: حديث حسن، وصححه ابن حبان (1917).

[72] - الترمذي 4 (2004) وقال: هذا حديث صحيح غريب، ورواه ابن حبان في صحيحه.

[73] - الترمذي 4 (2002)، وقال حسن صحيح.

[74]-  أدب الدنيا والدين، الماوردي (236 ، 237).

[75] - "دليل الفالحين" للصديقي (3/99).

[76]- صحيح البخاري (5751).

[77] - ينظر فتح القدير / 4.

[78] - ينظر ((المقصد الأسنى)) للغزالي (140).

[79] - فتح القدير / ا .

[80] - فتح القدير / 3 .

[81] - اختيار الأولى، لابن سعدي رحمه الله (ص74).

[82] - عداوة وبغضاء.

[83] - مسلم (2565).

[84] - رواه مسلم .

[85]- الآداب الشرعية لابن مفلح (1 / 71).

[86] - الإحياء ، للغزالي ( 3 / 183) .

[87] - رواه مسلم، (ح 129).

[88] - ينظر ( معلم في تربية النفس) لعبد اللطيف بن محمد الحسين.

[89]- ينظر فتح القدير / 5 .

[90] - ينظر فتح القدير / 4 .

[91] - نضرة النعيم (11 / 5108).

[92] - ينظر فتح القدير / 5 .

[93] - أي تقرحت من كثرة المشي حفاة.

[94] - صحيح البخاري ، (7 /417) ح: 4128.

قراءة 9390 مرات آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 15:15

أضف تعليق


كود امني
تحديث