قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 27 كانون2/يناير 2016 07:45

تسامح الإسلام مع غير المسلمين 3/4

كتبه  سكينة.كوم
قيم الموضوع
(0 أصوات)

73- عن أبي الجنوب الأسدي قال: أتى علي بن أبي طالب رضي الله عنه برجل من المسلمين قتل رجلاً من أهل الذمة. قال: فقامت عليه البينة فأمر بقتله فجاء أخوه فقال: إني قد عفوت عنه. قال: فلعلهم هددوك أو فرقوك أو فزعوك؟ قال: لا و لكن قتله لا يرد عليّ أخي و عوضوني فرضيت. قال: أنت أعلم من كان له ذمتنا فدمه كدمنا و ديته كديتنا(108).

74- عن عبد الرحمن بن البيلماني أن النبي صلى الله عليه و سلم قتل مسلماً بمعاهد و قال: ((أنا أولى من وفى بذمته))(109).

75- عن ابن شهاب: أن أبا بكر و عمر رضي الله عنهما كانا يجعلان دية اليهودي و النصراني إذا كانا معاهدين دية الحر المسلم(110).

76- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((دية المعاهد نصف دية الحر))(111).

و اختلف أهل العلم في دية اليهودي و النصراني؛ فذهب بعض أهل العلم في دية اليهودي و النصراني إلى ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم. و قال عمر بن عبد العزيز: دية اليهودي و النصراني نصف دية المسلم, و بهذا يقول أحمد بن حنبل.

و روي عن عمر بن الخطاب أنه قال: دية اليهودي و النصراني أربعة آلاف درهم و دية المجوسي ثمانمائة درهم, و بهذا يقول مالك بن أنس و الشافعي و إسحق, و قال بعض أهل العلم: دية اليهودي و النصراني مثل دية المسلم, و هو قول سفيان الثوري و أهل الكوفة.

77- عن سفيان بن حسين عن الزهري: أن ابن شاس الجذامي قتل رجلاً من أنباط الشام فرفع إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ فأمر بقتله فكلمه الزبير و ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ فنهوه عن قتله. قال: فجعل ديته ألف دينار.

78- و به عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال: دية كل معاهد في عهده ألف دينار(112).

79- عن رباح بن عبيد الله قال أخبرني حميد الطويل: أنه سمع أنسا يحدث أن رجلاً يهودياً قُتل غيلة؛ فقضى فيه عمر بن الخطاب باثني عشر ألف درهم(113).

80- أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتى برجل من أصحابه, و قد جرح رجلاً من أهل الذمة؛ فأراد أن يقيده. فقال المسلمون: ما ينبغي هذا. فقال عمر رضي الله عنه: إذا نضعّف عليه العقل فأضعفه(114).

و الشاهد من الأحاديث أن لدم المعاهد و الذمي اعتباراً في ديننا، فمن قتل ذمياً أو مستأمناً خطأ أو عمدا فعليه الدية مع بيان حرمة التعرض لدمائهم.

81- عن جابر قال: كنا لا نقتل تجار المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم (115).

حرمة أموالهم و أعراضهم

82- عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم ثلاثين و مائة فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((هل مع أحد منكم طعام)). فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه فعجن، ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((بيعاً أم عطية أو قال أم هبة؟)). قال: لا بل بيع فاشترى منه شاة فصنعت, و أمر النبي صلى الله عليه و سلم بسواد البطن أن يشوى, و أيم الله ما في الثلاثين و المائة إلا قد حز النبي صلى الله عليه و سلم له حزة من سواد بطنها إن كان شاهداً أعطاها إياه و إن كان غائباً خبأ له؛ فجعل منها قصعتين فأكلوا أجمعون و شبعنا ففضلت القصعتان فحملناه على البعير أو كما قال(116).
قوله: رجل مشعان، أي منتفش الشعر و في الأصل مشعان أي طويل جداً فوق الطويل.

فوائد الحديث: أن الإسلام لم يحل مال الكافر إلا بطيب نفس منه كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم في هذا الحديث فاشترى منه.

83- عن العرباض بن سارية السلمي قال: نزلنا مع النبي صلى الله عليه و سلم خيبر و معه من معه من أصحابه، و كان صاحب خيبر رجلاً مارداً (المارد العاتي) منكرا؛ فأقبل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال: يا محمد ألكم أن تذبحوا حمرنا و تأكلوا ثمرنا و تضربوا نساءنا؟ فغضب يعني النبي صلى الله عليه و سلم و قال: ((يا ابن عوف اركب فرسك ثم ناد ألا إن الجنة لاتحل إلا لمؤمن, و أن اجتمعوا للصلاة)). قال:  فاجتمعوا ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه و سلم ثم قام فقال: ((أيحسب أحدكم متكئاً على أريكته قد يظن أن الله لم يحرم شيئاً إلا ما في هذا القرآن ألا و إني و الله قد وعظت و أمرت و نهيت عن أشياء إنها لمثل القرآن أو أكثر, و إن الله تعالى لم يحل لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذن, و لاضرب نسائهم, و لا أكل ثمارهم إذا أعطوكم الذي عليهم))(117).

فوائد الحديث: حرمة التعرض لأموال أهل الذمة و العهد و أعراضهم.

84- عن عدة من أبناء أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم عن آبائهم دنية (دنية بكسر الدال و سكون النون و فتح الياء معناه لاصقو النسب متصلو النسب)، عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: ((ألا من ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس ؛فأنا حجيجه (أي أنا الذي أخاصمه و أحاجه) يوم القيامة))(118).

فوائد الحديث: حرمة ظلم أهل الذمة و العهد.

85- عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: ((ألا إني أوتيت الكتاب و مثله معه لايوشك رجل شبعان على أريكته (السرير) يقول عليكم بهذا القرآن؛ فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه, و ما وجدتم فيه من حرام فحرموه ألا لا يحل لكم الحمار الأهلي و لا كل ذي ناب من السبع, و لا لقطة معاهد إلا أن يستغني عنها صاحبها))(119).

فوائد الحديث: إذا كان الله حرم لقطة المعاهد فمن باب أولى دمه و عرضه و ماله.

86- عن ابن أبي رواد: أن جيشاً مروا بزرع رجل من أهل الذمة فأرسلوا فيه دوابهم و حبس رجل منهم دابته, و جعل يتبع بها المرعى و يمنعها من الزرع؛ فجاء الذمي صاحب الزرع إلى الذي حبس دابته فقال: كفانيك الله – أو قال كفاني الله بك – فلولا أنت كفيت هؤلاء, و لكن إنما يدفع عن هؤلاء بك(120).

فوائد الحديث: أن التعرض لأهل الذمة و العهد سبب لعقاب الله و سخطه.

87- عن رجل من جهينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((لعلكم تقاتلون قوماً فتظهرون عليهم؛ فيتقونكم بأموالهم دون أنفسهم و أبنائهم فيصالحونكم على صلح فلا تصيبوا منهم فوق ذلك؛ فإنه لا يصلح لكم)). قال: فصحبت الجهني إلى أرض الروم؛ فما رأيت رجلاً أتقى للأرض أن يصيب منها شيئاً منه(121).

88- عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال: غزوت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم خيبر فأتت اليهود فشكوا أن الناس قد أسرعوا إلى حظائرهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها, و حرام عليكم حمر الأهلية و خيلها و بغالها و كل ذي ناب من السباع و كل ذي مخلب من الطير))(122).

89- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و سلم يقول: ((من قذف مملوكه و هو بريء مما قال جلد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال))(123).

عن الزهري قال: إذا قذف اليهودي و النصراني عزر قاذفه(124).

90- عن عكرمة قال: لو أوتيت برجل قذف يهودياً أو نصرانياً و أنا و الا لضربته(125).

91- عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((من ضرب مملوكه ظلماً أقيد منه يوم القيامة))(126).

فوائد الأحاديث: حرمة التعرض للمماليك و هم في الأغلب من غير المسلمين بأذى أو ظلم أو انتقاص حق.

حرمة أذيتهم و ظلمهم

92-عن عروة بن الزبير: أن هشام بن حكيم رأى ناساً من أهل الذمة قياماً في الشمس فقال: ما هؤلاء؟ فقالوا: من أهل الجزية، فدخل على عمير بن سعد, و كان على طائفة الشام فقال هشام: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((من عذب الناس في الدنيا عذبه الله تبارك و تعالى)). فقال عمير: خلوا عنهم(127).

فوائد الحديث: أنكر الصحابي ظلم أهل الكتاب أو تحميلهم فوق طاقتهم, و فيه أيضاً فضل السلف و سرعة استجابتهم للنصيحة.

93- عن أبي بشر قال: سمعت سعيد بن جبير عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((من سمع يهودياً أو نصرانياً دخل النار))(128).

94- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((اتقوا دعوة المظلوم و إن كان كافراً فإنه ليس دونها حجاب))(129).

فوائد الحديث: أن ظلم الكافر لا يجوز و أن المسلم عليه أن يحذر من ظلمهم لأن الله يستجيب للمظلوم, و إن كان كافراً و مشركاً.

95- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما يهودي يعرض سلعته أعطي بها شيئاً كرهه فقال: لا و الذي اصطفى موسى على البشر، فسمعه رجل من الأنصار؛ فقام فلطم وجهه و قال: تقول و الذي اصطفى موسى على البشر و النبي صلى الله عليه و سلم بين أظهرنا؟ فذهب إليه فقال: أبا القاسم إن لي ذمة و عهداً؛ فما بال فلان لطم وجهي فقال: ((لم لطمت وجهه)). فذكره، فغضب النبي صلى الله عليه و سلم حتى رئي في وجهه ثم قال: ((لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات و من في الأرض إلا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى؛ فأكون أول من بعث؛ فإذا موسى آخذ بالعرش؛ فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي, و لا أقول إن أحداً أفضل من يونس بن متى))(130).

فوائد الحديث: فيه بيان عدل الإسلام و أن اليهودي رفع مظلمته إلى النبي صلى الله عليه و سلم, و أنه قام عندهم أن أهل العهد و الذمة لا يجوز التعرض لهم، و لذلك قال للنبي صلى الله عليه و سلم إن لي عهداً و ذمة.

الوفاء بالعهود و المواثيق

96- عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: ((شهدت حلف المطيبين مع عمومتي  و أنا غلام فما أحب أن لي حمر النعم و أني أنكثه))(131).

قال ابن حجر: و كان جمع من قريش اجتمعوا فتعاقدوا على أن ينصروا المظلوم و ينصفوا بين الناس و نحو ذلك من خلال الخير و استمر ذلك بعد المبعث, و يستفاد من حديث عبد الرحمن بن عوف أنهم استمروا على ذلك في الإسلام, و إلى ذلك الإشارة في حديث جبير بن مطعم(132).
قلت: فهذا العهد في الجاهلية حرص النبي صلى الله عليه و سلم على الوفاء به؛ فلا شك أن العهود في الإسلام أولى بالحرص على الوفاء بها.

97- و حديث جبير بن مطعم هو ما رواه مسلم (2530) عن جبير بن مطعم قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((لا حلف في الإسلام و أيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة)).

98- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((أوفوا الحلفاء عهودهم التي عقدت أيمانكم))(133).

99- حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: ما منعنى أن أشهد بدراً إلا أني خرجت أنا و أبي حسيل، قال: فأخذنا كفار قريش قالوا: إنكم تريدون محمداً؟ فقلنا: ما نريده ما نريد إلا المدينة؛ فأخذوا منا عهد الله و ميثاقه لننصرفن إلى المدينة, و لا نقاتل معه؛ فأتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرناه الخبر. فقال: ((انصرفا نفي بعهدهم و نستعين الله عليهم))(134).

فوائد الحديث: و فيه أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بوفاء العهد للمشركين مع أنهم من أهل الحرب.

100- عن المسور بن مخرمة و مروان يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا: خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم زمن الحديبية حتى كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((إن خالد بن الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين)). فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هم بقترة الجيش، فانطلق يركض نذيراً لقريش و سار النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته. فقال الناس: حل حل فألحت فقالوا: خلأت القصواء خلأت القصواء، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((ما خلأت القصواء و ما ذاك لها بخلق و لكن حبسها حابس الفيل)). ثم قال: ((و الذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)). ثم زجرها فوثبت، قال: فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء يتبرضه الناس تبرضاً؛ فلم يلبثه الناس حتى نزحوه وشكي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم العطش فانتزع سهماً من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، فوالله مازال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه؛ فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة, و كانوا عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه و سلم من أهل تهامة، فقال: إني تركت كعب بن لؤي و عامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية و معهم العوذ المطافيل و هم مقاتلوك و صادوك عن البيت. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إنا لم نجئ لقتال أحد، و لكنا جئنا معتمرين و إن قريشاً قد نهكتهم الحرب و أضرت بهم؛ فإن شاؤوا ماددتهم مدة و يخلوا بيني و بين الناس؛ فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا, و إلا فقد جموا، و إن هم أبوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلنهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي و لينفذن الله أمره)). فقال بديل: سأبلغهم ما تقول. قال: فانطلق حتى أتى قريشاً قال: إنا قد جئناكم من هذا الرجل و سمعناه يقول قولاً فإن شئتم أن نعرضه عليكم فعلنا فقال سفهاؤهم: لا حاجة لنا أن تخبرنا عنه بشيء, و قال ذوو الرأي منهم: هات! ما سمعته يقول قال: سمعته يقول كذا و كذا فحدثهم بما قال النبي صلى الله عليه و سلم ، فقام عروة بن مسعود فقال: أي قوم أو لست بالوالد؟ قالوا: بلى. قال: أو لستم بالولد؟ قالوا: بلى. قال: فهل تتهمونني؟ قالوا: لا قال: ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي و ولدي و من أطاعني؟ قالوا: بلى. قال: فإن هذا قد عرض لكم خطة رشد اقبلوها و دعوني آتيه. قالوا: ائته. فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم . فقال النبي صلى الله عليه و سلم نحواً من قوله لبديل. فقال عروة عند ذلك: أي محمد أرأيت إن استأصلت أمر قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أهله قبلك, و إن تكن الأخرى؛ فإني و الله لأرى وجوهاً، و إني لأرى أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا و يدعوك. فقال له أبو بكر: امصص ببظر اللات أنحن نفر عنه و ندعه؟ فقال: من ذا؟ قالوا: أبو بكر. قال: أما و الذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك. قال: و جعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم، فكلما تكلم أخذ بلحيته, و المغيرة بن شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه و سلم و معه السيف و عليه المغفر؛ فكلما أهوى عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه و سلم ، ضرب يده بنعل السيف و قال له: أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه و سلم فرفع عروة رأسه فقال: من هذا ؟ قالوا: المغيرة بن شعبة. فقال: أي غدر ألست أسعى في غدرتك, و كان المغيرة صحب قوماً فـي الجاهلية فقتلهم و أخذ أموالهم ثم جاء فأسلم. فقال النبي : صلى الله عليه و سلم ((أما الإسلام فأقبل و أما المال فلست منه في شيء)). ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بعينه، قال: فو الله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه و سلم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم، فدلك بها وجهه و جلده، و إذا أمرهم ابتدروا أمره، و إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه, و إذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده, و ما يحدون إليه النظر تعظيماً له. فرجع عروة إلى أصحابه فقال: أي قوم و الله لقد وفدت على الملوك و وفدت على قيصر و كسرى و النجاشي و الله إن رأيت ملكاً قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم محمداً، و الله إن تنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه و جلده، و إذا أمرهم ابتدروا أمره, و إذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه, و إذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، و ما يحدون إليه النظر تعظيما له, و إنه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها. فقال رجل من بني كنانة: دعوني آتيه فقالوا ائته؛ فلما أشرف على النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((هذا فلان و هو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له)). فبعثت له و استقبله الناس يلبون؛ فلما رأى ذلك قال: سبحان الله! ما ينبغي لهؤلاء أن يصدوا عن البيت؛ فلما رجع إلى أصحابه قال: رأيت البدن قد قلدت و أشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت. فقام رجل منهم يقال له مكرز بن حفص فقال: دعوني آتيه. فقالوا: ائته. فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه  و سلم: ((هذا مكرز و هو رجل فاجر)). فجعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم ، فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو.

قال معمر: فأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((لقد سهل لكم من أمركم)). قال: معمر: قال الزهري في حديثه: فجاء سهيل بن عمرو فقال: هات اكتب بيننا و بينكم كتاباً، فدعا النبي صلى الله عليه و سلم الكاتب، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((بسم الله الرحمن الرحيم)). قال سهيل: أما الرحمن فو الله ما أدري ما هو، و لكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب. فقال المسلمون: و الله لا نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((اكتب باسمك اللهم)). ثم قال: ((هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله)). فقال سهيل: و الله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت و لا قاتلناك، و لكن اكتب محمد بن عبد الله. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((و الله إني لرسول الله و إن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله)). قال الزهري: و ذلك لقوله: ((لا يسألونني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها)). فقال له النبي صلى الله عليه و سلم: ((على أن تخلوا بيننا و بين البيت فنطوف به)). فقال سهيل: و الله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة، و لكن ذلك من العام المقبل. فكتب. فقال سهيل: و على أنه لا يأتيك منا رجل و إن كان على دينك إلا رددته إلينا. قال المسلمون: سبحان الله! كيف يرد إلى المشركين, و قد جاء مسلماً. فبينما هم كذلك إذ دخل أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده, و قد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل: هذا يا محمد أول ما أقاضيك عليه أن ترده إليّ. فقال النبي صلى الله عليه و سلم: ((إنا لم نقض الكتاب بعد)). قال: فو الله إذاً لم أصالحك على شيء أبداً. قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((فأجزه لي)). قال: ما أنا بمجيزه لك. قال: ((بلى فافعل)). قال: ما أنا بفاعل. قال مكرز: بل قد أجزناه لك قال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين و قد جئت مسلما ألا ترون ما قد لقيت؟ و كان قد عذب عذاباً شديداً في الله. قال: فقال عمر بن الخطاب: فأتيت نبي الله صلى الله عليه و سلم فقلت: ألست نبي الله حقاً؟ قال: ((بلى)). قلت: ألسنا على الحق و عدونا على الباطل؟ قال: ((بلى)). قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: ((إني رسول الله و لست أعصيه و هو ناصري)). قلت: أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: ((بلى، فأخبرتك أنا نأتيه العام))؟. قال: قلت: لا. قال: ((فإنك آتيه و مطوف به)). قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي الله حقاً؟ قال: بلى. قلت: ألسنا على الحق و عدونا على الباطل؟ قال: بلى. قلت: فلم نعطي الدنية في ديننا إذاً؟ قال: أيها الرجل إنه لرسول الله صلى الله عليه و سلم و ليس يعصي ربه و هو ناصره فاستمسك بغرزه فو الله إنه على الحق؟ قلت: أليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت و نطوف به. قال: بلى أفأخبرك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه و مطوف به.
قال الزهري: قال عمر: فعملت لذلك أعمالاً قال: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه: ((قوموا فانحروا ثم احلقوا)). قال: فو الله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث مرات؛ فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة: يانبي الله أتحب ذلك، أخرج لا تكلم أحداً منهم كلمة حتى تنحر بدنك و تدعو حالقك فيحلقك. فخرج فلم يكلم أحداً منهم حتى فعل ذلك نحر بدنه و دعا حالقه فحلقه؛ فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا و جعل بعضهم يحلق بعضاً حتى كاد بعضهم يقتل غماً ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ –حتى بلغ – بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ). فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان و الأخرى صفوان بن أمية. ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة؛ فجاءه أبو بصير رجل من قريش و هو مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا: العهد الذي جعلت لنا فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم فقال أبو بصير: لأحد الرجلين و الله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً فاستله الآخر فقال: أجل و الله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين رآه: ((لقد رأى هذا ذعرا)). فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال: قُتل و الله صاحبي و إني لمقتول. فجاء أبو بصير فقال: يا نبي الله قد و الله أوفى الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم نجاني الله منهم. قال النبي صلى الله عليه و سلم: ((ويل أمه مسعر حرب لو كان له أحد)). فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر قال: و ينفلت منهم أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة؛ فو الله ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشأم إلا اعترضوا لها فقتلوهم و أخذوا أموالهم؛ فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم تناشده بالله و الرحم لما أرسل؛ فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إليهم فأنزل الله تعالى: (وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ – حتى بلغ – الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ). و كانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي الله و لم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم و حالوا بينهم و بين البيت.

قال أبو عبد الله: معرة: العر الجرب. تزيلوا: تميزوا. حميت القوم منعتهم حماية و أحميت الحمى جعلته حمى لا يدخل(135).

القترة: الغبار الأسود. ثنية المرار: مهبط الحديبية و هي طريق في الجبل تشرف على الحديبية. خلأت القصواء: الخلاء للإبل كالحران للخيل. قوله: على ثمد: أي حفيرة فيها ماء مثمود أي قليل. يتبرضه الناس: هو الأخذ قليلاً قليلاً. و كانوا عيبة نصح: العيبة ما توضع فيه الثياب لحفظها، أي أنهم موضع النصح له و الأمانة. و معهم العوذ المطافيل: العوذ جمع عائذ و هي الناقة ذات اللبن، و المطافيل الأمهات اللاتي معها أطفالها يريد أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الإبل ليتزودوا بألبانها و لا يرجعوا حتى يمنعوه أو كنى بذلك عن النساء معهن الأطفال, و المراد أنهم خرجوا معهم بنسائهم و أولادهم لإرادة طول المقام, قوله حتى تنفرد سالفتي: السالفة صفحة العنق(136).

فوائد الحديث: في قول النبي صلى الله عليه و سلم للمغيرة: (أما الإسلام فأقبل و أما المال فلست منه في شيء): تحريم الغدر و لو كان مع المشركين و المحاربين.

(1) و سيأتي تمام الحديث عن فوائده. و في رواية عند أبي داود (2766) باب في صلح العدو، و إسنادها صحيح:

101- عن المسور بن مخرمة و مروان بن الحكم: أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيهن الناس و على أن بيننا عيبة مكفوفة، و أنه لا إسلال و لا إغلال.

العيبة هنا مثل ضربه و المكفوفة المشرجة المشدودة، و الإسلال من السلة و هي السرقة. و الإغلال: الخيانة. أغل الرجل إذا خان.

الشروط العمرية

102- عن عبد الرحمن بن غنم قال: كتبت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه حين صالح نصارى أهل الشام: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب لعبد الله عمر أمير المؤمنين من نصارى مدينة كذا و كذا إنكم لما قدمتم علينا سألناكم الأمان لأنفسنا و ذرارينا و أموالنا و أهل ملتنا، و شرطنا لكم على أنفسنا ألا نحدث في مدائننا و لا فيما حولها ديراً و لا قلاية و لا كنيسة و لا صومعة راهب.

قال ابن القيم: و شهرة هذه الشروط تغني عن إسنادها؛ فإن الأئمة تلقوها بالقبول و ذكروها في كتبهم و احتجوا بها، و لم يزل ذكر الشروط العمرية على ألسنتهم و في كتبهم، و قد أنفذها بعده الخلفاء و عملوا بموجبها.

و قال ابن القيم رحمه الله: ذكر أبو القاسم الطبري من حديث أحمد بن يحيى الحلواني حدثنا عبيد بن جناد حدثنا عطاء بن مسلم الحلبي عن صالح المرادي عن عبد خير قال: رأيت علياً صلى العصر فصف له أهل نجران صفين؛ فناوله رجل منهم كتاباً فلما رآه دمعت عينه ثم رفع رأسه إليهم قال: يا أهل نجران هذا و الله خطي بيدي و إملاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا: يا أمير المؤمنين أعطنا ما فيه. قال: و دنوت منه فقلت: إن كان راداً على عمر يوماً؛ فاليوم يرد عليه. فقال: لست براد على عمر شيئاً صنعه، إن عمر كان رشيد الأمر, و إن عمر أخذ منكم خيراً مما أعطاكم، و لم يجر عمر ما أخذ منكم إلى نفسه إنما جره لجماعة المسلمين.

و ذكر ابن المبارك عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن علياً رضي الله عنه قال لأهل نجران: إن عمر كان رشيد الأمر و لن أغير شيئاً صنعه عمر.

و قال الشعبي: قال علي حين قدم الكوفة: ما جئت لأحل عقدة شدها عمر(137).

فوائد الحديث: فيه حرص الأئمة و الخلفاء على احترام العهود و المواثيق و الوفاء بها كما في هذه الآثار.

103-عن سليم بن عامر رجل من حمير قال: كان بين معاوية و بين الروم عهد، و كان يسير نحو بلادهم، حتى إذا انقضى العهد غزاهم، فجاء رجل على فرس أو برذون (البرذون ضرب من الدواب) و هو يقول: الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر؛ فنظروا فإذا عمرو بن عبسة، فأرسل إليه معاوية فسأله فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((من كان بينه و بين قوم عهد فلا يشد عقدة و لا يحلها حتى ينقضي أمدها (الأمد الغاية) أو ينبذ إليهم على سواء, فرجع معاوية))(138).

104- عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة جاءته جهينة فقالوا له: إنك نزلت بين أظهرنا؛ فأوثق لنا حتى نأمنك و تأمنا قال: فأوثق لهم و لم يسلموا(139).

105-عن سراقة رضي الله عنه قال: أتيت نبي الله صلى الله عليه و سلم و هو بالجعرانة فجعلت لا أمر على مقنب من مقانب الأنصار إلا قرعوا رأسي و قالوا: إليك إليك فلما انتهيت إليه رفعت الكتاب و قلت: أنا يا رسول الله. قال: و قد كان كتب لي أماناً في رقعة، فقال النبي صلى الله عليه و سلم: نعم اليوم يوم وفاء و بر و صدق(140).

106- عن عبد الله بن عمر قال: أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: ((يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن و أعوذ بالله أن تدركوهن لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون و الأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا، و لم ينقصوا المكيال و الميزان إلا أخذوا بالسنين و شدة المئونة و جور السلطان عليهم، و لم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء و لولا البهائم لم يمطروا، و لم ينقضوا عهد الله و عهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدواً منء غيرهم فأخذوا بعض مافي بأيديهم، و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله و يتخيروا مما أنزل الله إلا جعل الله بأسهم بينهم))(141).

فوائد الحديث: أن نقض العهود و المواثيق سبب من الأسباب التي يعذب الله بها العباد.

107- عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لهما حين قرأ كتاب مسيلمة: ((ما تقولان أنتما؟)). قالا: نقول: كما قال. قال: ((أما و الله لولا أن الرسل لاتقتل لضربت أعناقكما))(142).

فوائد الحديث: أن الرسل و السفراء و من هو على شاكلتهم لا يجوز التعرض لهم.
  
108- عن حارثة بن مضرب أنه أتى عبد الله فقال: ما بيني و بين أحد من العرب حنة (الضغن) و إني مررت بمسجد لبني حنيفة فإذا هم يؤمنون بمسيلمة فأرسل إليهم عبد الله فجيء بهم فاستتابهم، غير ابن النواحة قال له سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: ((لولا أنك رسول لضربت عنقك))، فأنت اليوم لست برسول؛ فأمر قرظة بن كعب فضرب عنقه في السوق ثم قال: من أراد أن ينظر إلى ابن النواحة قتيلاً بالسوق(143).

109-عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري قال: خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار؛ فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله بن عدي: هل لك في وحشي نسأله عن قتله حمزة؟ قلت: نعم, و كان وحشي يسكن حمص فسألنا عنه فقيل لنا: هو ذاك في ظل قصره كأنه حميت. قال: فجئنا حتى وقفنا عليه يسيراً فسلمنا فرد السلام قال: عبيد الله معتجر بعمامته ما يرى وحشي إلا عينيه و رجليه. فقال عبيد الله: يا وحشي أتعرفني؟ قال: فنظر إليه ثم قال: لا و الله إلا أني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال بنت أبي العيص فولدت له غلاماً بمكة فكنت أسترضع له؛ فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها إياه فلك – أني نظرت إلى قدميك قال: فكشف عبيد الله عن وجهه ثم قال: ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال: نعم إن حمزة قتل طعيمة بن عدي بن الخيار ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم: إن قتلت حمزة بعمي فأنت حر. قال: فلما أن خرج الناس عام عينين و عينين جبل بحيال أحد بينه و بينه واد خرجت مع الناس إلى القتال؛ فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع فقال: هل من مبارز قال: فخرج إليه حمزة بن عبد المطلب فقال: يا سباع با ابن أم أنمار مقطعة البظور أتحاد الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ؟ قال: ثم أشد عليه فكان كأمس الذاهب. قال: و كمنت لحمزة تحت صخرة؛ فلما دنا مني رميته بحربتي فأضعها في ثنته حتى خرجت من بين و ركيه قال؛ فكان ذاك العهد به؛ فلما رجع الناس رجعت معهم فأقمت بمكة حتى فشا فيها الإسلام ثم خرجت إلى الطائف فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم رسولاً فقيل لي: إنه لا يهيج الرسل قال؛ فخرجت معهم حتى قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما رآني قال: ((آنت وحشي))؟. قلت :نعم قال: ((أنت قتلت حمزة)). قلت: قد كان من الأمر ما بلغك قال: ((فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني)). قال: فخرجت، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج مسيلمة الكذاب، قلت: لأخرجن إلى مسيلمة لعلي أقتله فأكافئ به حمزة قال: فخرجت مع الناس فكان من أمره ما كان، قال: فإذا رجل قائم في ثلمة جدار كأنه جمل أورق ثائر الرأس قال: فرميته بحربتي فأضعها بين ثدييه حتى خرجت من بين كتفيه قال: و وثب إليه رجل من الأنصار فضربه بالسيف على هامته. قال: قال عبد الله بن الفضل: فأخبرني سليمان بن يسار أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول: فقالت جارية على ظهر بيت: وا أمير المؤمنين قتله العبد الأسود(144).

مقطعة البظور: هي اللحمة التي تقطع من فرج المرأة عند الختان. قال ابن إسحاق: كانت أمه ختانة بمكة تختن النساء، و العرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم(145).

فوائد الحديث: أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يتعرض للرسل, و أن الرسل في مأمن و إن كانوا فعلوا ما يستوجب القصاص .

110- عن أبي رافع  أنه أقبل بكتاب من قريش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: فلما رأيت النبي صلى الله عليه و سلم ألقي في قلبي الإسلام فقلت: يا رسول الله إني و الله لا أرجع إليهم أبداً، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ((إني لا أخيس بالعهد و لا أحبس البرد و لكن ارجع إليهم؛ فإن كان في قلبك الذي في قلبك الآن فارجع)). قال: فرجعت إليهم ثم إني أقبلت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأسلمت. قال بكير: و أخبرني أن أبا رافع كان قبطياً(146).

قال الخطابي(147): يشبه أن يكون المعنى في ذلك أن الرسالة تقتضي جواباً و الجواب لا يصل إلى المرسل إلا مع الرسول بعد انصرافه فصار كأنه عقد له العقد مدة مجيئه و رجوعه. 
قال: و في قوله لا أخيس بالعهد أن العهد يراعى مع الكافر كما يراعى مع المسلم, و أن الكافر إذا عقد لك عقد أمان فقـد وجب عليك أن تؤمنه و لا تغتاله في دم و لا مال و لا منفعة(148).



رابط الموضوع : http://www.assakina.com/politics/6675.html#ixzz3yQPM5DPy

قراءة 2264 مرات آخر تعديل على الجمعة, 29 كانون2/يناير 2016 01:49

أضف تعليق


كود امني
تحديث