قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
السبت, 29 تشرين1/أكتوير 2016 10:55

الإقتصاد اللغوي موقعه من المقاصد اللغوية و أثره في إعراب و تفسير القرآن الكريم 6

كتبه  الأستاذة حميدة راشدي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

2- من ناحية الوضع المعنوي :

نجد أن الضمائر تدل على عدة معان أهمّها3: صيغته هي المتكلم أو المخاطب أو الغائب، نوعه من الاتصال و الانفصال، و على عدده من الإفراد و التثنية و الجمع، و على جنسه من التذكير و التأنيث و على موقعه الإعرابي الذي يقع فيه.

 

1- شرح المفصل، للزمخشري أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش،ج2، ص 292

2- المرجع  نفسه، ص302-303

3-أنظر الاقتصاد اللغوي و بعض مظاهره في اللغة العربية ليث محمدلال محمد ، ص325

فبعض الضمائر يدل على أكثر منها فعلى سبيل المثال لا الحصر نجد أن ضمير المتكلم المفرد "أنا" يدل على ستة معان : التكلم، الإفراد، التذكير، التأنيث، الانفصال، الرفع1، و نحن يدل على سبعة معان: التكلم، التثنية، الجمع، التذكير، التأنيث، الانفصال، الرفع2، و أنتما تدل على ستة معان: الخطاب، الانفصال، التثنية، التذكير، التأنيث و الرفع. و يوضح الباحث ليث محمد تحقق الاقتصاد  معنويا من خلال الضمائر قائلا: «إ ن التقسيم المنطقي يقتضي صفة للمتكلم المفرد المذكر و صيغة المتكلم المؤنث و ثانية للمثنى المتكلم و ثالثة لجمع المتكلم المذكر و رابعة لجمع المتكلم المؤنث، لكن استوى فيه المذكر و المؤنث، كما استوى في ضمير المخاطب المثنى "أنتما" المذكر و المؤنث، و في كل هذا نصل بالقليل من الضمائر إلى الكثير من المعاني، و قد قام ضمير واحد مقام أسماء ظاهرة كثيرة و أدى معانيها، محقّقا بذلك  الاقتصاد من ناحية الوضع المعنوي3»، كما أن الضمائر تساهم في انسجام النصوص بالربط بين الجمل، و في هذا يقول تمام حسان: « لاشك أن الضمائر تلعب دورا هاما جدا في علاقة الربط فعودها إلى مرجع يغني عن تكرار لفظ مارجعت إليه، و من هنا يؤدي إلى تماسك أطراف الجملة4» .

-من ناحية تعدد المعنى

و من بين المعاني التي يأخذها الضمير نجد:

*معناها العام و دلالته الكبرى الكناية عن الاسم الظاهر5.

 

1-  المصدر السابق الصفحة نفسها

2- المصدر نفسه الصفحة نفسها

3- ـالمصدر نفسه، ص326

4- اللغة العربية معناها و مبناها، تمام حسان، ص113

5- أنظر شرح المفصل للزمخشري، ابن يعيش، ص292

*قد ينتقل عن هذه الدلالة الكبرى ليكون ضمير شأن فيثنى به عن مضمون الجملة التي بعده، و لهذا يقال فيه : « إنه عاد على متأخر لفظا و رتبته1«، من شواهد ذلك من القرآن الكريم قوله تعالى :﴿الانعام 21 وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ  

  *و قد يخرج الضمير عن معناه العام إلى معنى الفصل  بين الخبر و التابع و يسمى ضمير الفصل2 و من أمثلتها من القرآن الكريم قوله تعالى :﴿   إ براهيم117

* قد تنتقل ضمائر الخطاب إلى الحرفية كما قال تمام حسان : « تنتقل ضمائر الخطاب إلى الحرفية مع الإشارات فيسمى كل منهما حرف خطاب و الظاهر أنها منقولة إلى الحرفية أيضا في نحو "أرأيتك" و ذلك لاستقامة المعنى مع حذفها كما يحدث لها مع الإشارات3».

*ضمير الغائب "الهاء" قد يخرج عن كونه الضمير الذي يقوم مقام هاء السكت4 نحو قوله تعالى:﴿وَ مَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ  القارعة 10.

* و قد يخرج ضمير الغائب"الهاء" عن كونه الضمير الذي يقوم مقام اسم فعل الأمر "ها" 5نحو قوله تعالى:﴿  فأمّا منْ أُوتِي كِتابهُ بِيمِينِهِ فيقول هاؤُمُ اقْرؤُا كِتابِيهْ  الحاقة 19

* و قد يخرج عن كونه ضميرا ليكون بمثابة حرف لمجرد معنى الغيبة كما قال ابن هشام في معنى اللبيب:«......أن  يكون حرفا للغيبة و هي الهاء في إياه" و التحقيق أنها حرف لمجرد معنى الغيبة و أن الضمير"إياّ" وحدها».6

1- البيان في روائع القرآن، تمام حسان، ص47-49

2- المصدر نفسه الصفحة نفسها

3- المصدر نفسه، ص 49

4- معنى اللبيب، جمال الدين بن هشام الأنصاري، ،ج2، ص 27

5- المصدر نفسه، الصفحة نفسها.

6- المصدرنفسه، الصفحة نفسها.

و قد يخرج "الهاء" عن كونه ضميرا ليقوم مقام أداة التنبيه1 نحو ﴿هَا أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ   ال عمران66.

  ثانيا:الاقتصاد في أسماء الإشارة

و يتجلى فيها الاقتصاد أيضا من نواح متعددة :

 1-من ناحية الوضع اللفظي

يقدّر عدد أسماء الاشارة بثلاثة و ثلاثين اسما 1أكثرها استعمالا : خمسة يشار بها للقريب: ذا .......و مثناه ذان و ذين و يشار للمؤنث بـ تا و تي و ته و ذه و ذي و مثناه تان و تين و يشارللجمع بـ أولاء سواء كان مذكرا أو مؤنثا2، و تلحق كاف الخطاب بأسماء الإشارة للإشارة للوسط :ذاك ، ذانك، ذانّك، للمذكر، و تانك، و تاك و تيك، ذيك و أولاك و أولائك ...3،

و يشار بها إلى البعد إذا إذا اتصلت بها لام البعد، و في هذا يقول ابن يعيش :«...و قولهم "ذلك " و "ذاك " زيدت فيه اللام، و فرق بين "ذا "و"ذاك "و"ذالك " فقيل : الأول للقريب و الثاني للمتوسط و الثالث للبعيد ...».

و الملاحظ أن أسماء الاشارة المذكورة  عددها محدودة  و الأسماء التي يشار إليها بواسطتها و تدل عليها كثيرة غير محدودة و في هذا اقتصاد واضح.

2-من ناحية الوضع المعنوي

يدل كل اسم من أسماء الإشارة في المفرد و الجمع على ثلاثة معان إعرابية : الرفع و النصب و الجر، بالإضافة إلى دلالتها على القرب أو التوسط أو البعد محققة للاقتصاد معنويا.

1- الاقتصاد اللّغوي و بعض مظاهره في اللّغة العربيّة،  ليث محمد لال محمد،ص335

2- شرح المفصل للزمخشري، ابن يعيش، ج2،ص 351

3-أنظر  المرجع، نفسه، ج2،ص362-363

4-المرجع نفسه، ج2، ص2

                                                

3-من ناحية تعدد المعنى

وظيفة اسم الإشارة الأساسية هي إحضار المشار إليه قريبا كان أو متوسطا أو بعيدا في ذهن السامع1، و له عدة معان ذكرها السيد «أحمد الهاشمي» في كتابه (جواهر البلاغة) من بينها2:

*تعظيم درجة المشار إليه بالقرب نحو﴿    إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيراًسورة الاسراء9

*تعظيم درجته بالقرب نحو:﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ البقرة 2

التحقير بالقرب نحو﴿    ‚  لَاهِيَةً قُلُوبُهُمْ ۗ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَٰذَا إِلَّا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ۖ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ الأنبياء 3

*التحقير بالبعد نحو﴿    فَذَٰلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ الماعون 2    .

*التنبيه على أنّ المشار إليه المعقب بالأوصاف جدير بتلك الأوصاف بما يذكر بعد اسم الإشارة لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَالبقرة 6

*كثيرا مايشار إلى القريب غير المشاهد بإشارة البعيد، تنزيلا للبعد عن العيان منزلة، البعد عن المكان نحو:﴿و الكهف 82

*قد يقوم اسم الإشارة مقام ضمير الشخص نحو:﴿  وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا الاسراء 36

1- جواهر البلاغة في المعاني و البيان و البديع ، السيد أحمد الهاشمي، ضبط و تدقيق يوسف الصميلي، المكتبة العصرية، بيروت، د:ت، ط ص 112

2- المصدر نفسه الصفحة نفسها         

المبحث الثالث : موقع الاقتصاد من المقاصد اللغوية

أولا تعريف المقاصد

المقاصد لغةجمع مقصد من قصد و أحد معانيها"الأَمُّ1"كما جاء في مبحث سابق

أما اصطلاحا فهي العلل النابعة من طبيعة اللّغة و المرتبطة بالاستعمال و قصدالمتكلم2و نعني بالمقاصد العامّةالأغراض النطقية للكلام التي تنظم عددا كبيرا من الموضوعات كالإفادة و التخفيف و المناسبة و الاختصار و أمن اللبس و التعويض و نحو ذلك‘...فهي تكشف عن رغبة المتحدثين بها و ميولهم اللسانية العامةإنّ هذه المقاصد بمثابة القوانين الطبيعية الحاكمة للغة3و يضعنا  التعريف السابق  أمام ثلاثة مفاهيم متداخلة ؛ المقاصد, العلل و الأغراض, فالعللنوعان؛

علل طبيعية : و هي من أصل اللّغة و تجري على ألسنة المتكلمين بها.
*علل صناعية : و هي من استخراج النحويين و وضعهم و التي تعد بمثابة الأصول للمسائل النحوية مع العلم أنّ نحاتنا لم يخصصوا لهذه المسألة أي المقاصد مباحث بعينها إنما يجدها الباحث منثورة بين صفحات مؤلفاتهمو تتم العملية التواصلية في مجراها التداولي بين متكلم و مخاطب و سياق ينشأ فيه الخطاب.

1-ـ أنظرالمبحث الاول من هذا الفصل

2-ـ المقاصد العامة للنحو العربي، رؤية جديدة للعلل النحوية،  د مصطفى أحمد عبد العليم  بحث  جامعي كلية العلوم الإنسانية و الاجتماعية  جامعة الإمارات العربيّة المتّحدة، دت، دط، ص4

3ـ- المرجع نفسه ص1
فللمتحدث أغراضه الخاصه التي يتأثر بها عند بنائه للتراكيب مراعيا المخاطب و حاجاته و حالته النفسية و هو ما يسمى بالسياق و المقام وفق القوانين الكلامية المعينة  للجماعة الناطقة حتى يتسنى للمخاطب فهم الرسالة الموجهة إليه. فيصبح من الواجب على المتكلم البليغ و على النحوي أثناء تحليله للتراكيب العربية و محاولة فهمها، فهم الغرض من الكلام و مراعاة قصد المتكلم و حال السامع1 .

و يمكن للباحث أن يقف عند هذه المقاصد من خلال عبارات استعملها علماء اللّغة في مصنّفاتهم مثل: عمدوا و أرادو و قصدوا و غيرها. 

ثانيا : أهم مقاصد اللغة العربية و موقع الاقتصاد منها

-أهم المقاصد اللغوية

مقاصد اللغة كثيرة  يمكننا أن  نصنف أهمها ضمن ثلاث مجموعات: لفظية، معنوية و لفظية و معنويه معا2 :

1-1المقاصد اللفظية : و هي كثيرة أذكر منها :

1-1-1 التخفيف

و هو مقصد من أهم المقاصد التي يدور عليها كلام العرب و يعتبرأحد مظاهر الاقتصاد اللغوي، و قد سبق و أن تطرقت له في المبحث السابق إلا أنه يجدر بنا الإشارة إلى ظاهرة تتميز بها اللغة العربية و هي ظاهرة التعادل التي تتمثل في التوازن القائم بين الخفة و الثقل في كلمات اللغة و جملها، و في هذا يقول الثعالبي في فصل عنونه بـ حفظ التوازن في كتابه فقه اللغة و سر العربية: "العرب تزيد و تحذف حفظا للتوازن و إيثارا له"و يضرب لذلك أمثلة من القرآن الكريم من بينها قوله تعالى: ﴿وَ تَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَاالأحزاب10

1- أنظر، التداولية عند العلماء العرب، مسعود صحراوي، دار الطليعة، بيروت،2005،   ط1   ص120

2- في المقاصد العامة للنحو العربي،  رؤية جديدة للعلل النحوية، د مصطفى احمد عبد العليم، ص9

3- فقه اللغة و سر العربية، الثعالبي،  ص257

و قوله أيضا: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلاقِغافر15، فزيدت الألف في الظنونا رعاية للفاصلة القرآنية، بينما حذفت الياء من كلمة التلاقي تخفيفا.

فالسّلوك اللّغوي يراعي حال الألفاظ  فاللّفظ الخفيف يزاد إليه كي يحصل التوازن، أما الثقيل فيخفف، فالتنوين يلحق الاسم بخلاف الفعل لأن الفعل أثقل من الاسم و لذا يجزم بحذف الحركة أو الحرف. و من أمثلة التعادل التي ذكرها السيوطي في النظائر ؛ التحاق تاء التأنيث الساكنة بالأفعال لثقلها بينما خصت الأسماء بالتاء المتحركة لخفتها، فأعطي الثقيل و هو التاء المتحركة للاسم لخفته، و الخفيف التاء الساكنة للفعل، و هذا من أجل تحقيق مقصد من مقاصد العرب في كلامه و هو خلق التعادل أو التوازن تماشيا و متطلبات الذوق العربي.

 و قد سبق و أن تحدث عن التخفيف في مبحث سابق و أشرت إلى الوسائل اللغوية التي يتحقق من خلالها و هي : الحذف، الإبدال و الفتح1.

1-1-2كراهية توالي الأمثال

و هو مقصد متفرع عن المقصد السابق، و قد سبق لي أيضا التطرق إلى الوسائل التي يتحقق من خلالها و هيالحذف  الإبدال و الفصلفمن أمثلة الحذف الذي ينجم عن توالي الأمثال، حذف نون الرفع في الفعل المؤكد بالنون عند إسناده لضمائر الرفع المتحركة، و حذف إحدى الهمزتين من المضارع المبدوء بهمزة، و حذف نون الرفع في الأفعال إذا اتصلت بنون الوقاية، و غيرها من المظاهر اللغوية التي ذكرت في مبحث سابق. أما الإبدال في هذا الباب فقد تطرقت له في النسب إلى الاسم المقصور، فقولنا رحييّ نسبة إلى رحى مستثقل لالتقاء الياءات الثلاثة مما أدّى إلى إبدال الأولى واوا، و غيرها من الأمثلة التي سبق توضيحهاأما الفصل فيلجأ إليه لكراهية توالي الأمثال في توكيد المضارع المسند إلى نون النسوة بالفصل بالألف  بين النونات .

1- ظاهرة التخفيف في النحو العربي،  أحمد عفيفي، الدار المصرية اللبنانية، بيروت،1996، ط1 ،ص364    

1-1-3الاختصار

و يعتبر من المقاصد اللّغوية الكبرى و قد ذكره السيوطي في الأشباه و النظائر فقال : «الاختصار هو جل مقصود العرب و عليه مبنى أكثر كلامهم   »1و قد تطرقت في المباحث السابقة إلى صوره التي تتمثل في النقاط التالية:2

*الضمائر التي جاءت اختصارا للأسماء.

*الحروف التي جاءت نيابة عن الأفعال قصد الاختصار و قد سبق ذكر بعض الأمثلةعنها.

*الاختصار بالتثنية و الجمع.

*الاختصار عن طريق الحذف.

*العطف الذي أقيم مقام العامل اختصارا3.

و غيرها من صور الاختصار التي نقلها  السّيوطي في الأشباه و النّظائر عن غيره من النّحاة  و منها : الكناية4 و هي التّعبير عن المراد بلفظ غير الموضوع له لضرب من الاختصار، كما ذكر الاختصار في أسماء الأفعاللمجيئها بلفظ واحد مع المفرد و المثنى و الجمع و المؤنّث و الجمع، نحو صه يا هند و صه يا زيد وصه يا زيدان و صه يا زيدون و صه يا هندات. 

1- ـالأشباه و النظائر في النّحو، السيوطي ،  ص35     

2-المصدر نفسه، الصفحة نفسها

3- سر صناعة الإعراب، أبو الفتح عثمان بن جني، تحقيق حسن هنداوي، دت، دط، ص635   و الأشباه و النّظائر في النّحو السيوطي ص35

4- ـالمصدر نفسه، الصفحة نفسها             

5- المصدر نفسه، الصفحة نفسها

1-1-4التعويض

و هو من مقاصد العرب الكبرى فقد جاء عن السيوطي أنْ عوّضوا المحذوف في أوّل الكلمة بحرف يضاف إلى آخرها، كما عوّضوا ما حذف في آخر الكلمة بحرف يضاف إلى أوّلها 1، كما ورد في كتب النّحو أنّ التّنوين عوض عن التعريف و النون في المثنى و جمع المذكر السالم عوض عن التنوين. و قد جاء التعويض لأغراض كثيرة أهمها :التخفيف و إصلاح اللفظ و جبر ما لحق بالكلمة من نقص و الاختصار2. .و قد  يكون التعويض عن حركة و عن حرف و عن حرفين و عن كلمة و عن جملة، فمن التعويض عن الحركة ؛ عوض نون المثنى عن الحركة و التنوين في المفرد، و التعويض عن الحرف كثير منها عوض.

التنوين عن الياء في نحو جواري فتصبح حوارٍو ميم اللهم التي عوضت حرفين و هما أداة النداء يا3، كمايعوض التنوين الكلمة في كل و بعض إذا قطعتا عن الإضافة4، في نحو قوله تعالى: ﴿ وَ كُلًّا ضَرَبْنَا لَهُ الْأَمْثَالَ ۖ وَ كُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًاالفرقان39 و في قوله أيضا: ﴿ تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُالبقرة253 أي كل فريق ضربنا له الأمثال و فضلنا بعضهم عن بعضهمو قد يعوض التنوين أيضا عن كلمة في نحو قوله تعالى: ﴿وَ أَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَالواقعة84و في هذا يعوض النتوين جملة"بلغت الروح الحلقوم"إذ التقديرو أنتم حين بلغت الروح الحلقوم تنظرون ".

 

1-المصدر السابق، ص 38                        

 2- المصدر نفسه، ص 129

3- ـفي المقاصد اللغوية رؤية جديدة للعلل النحوية، د مصطفى أحمد عبد العليم، ص 2
4- ـالمرجع نفسهص31ـ32

1-2المقاصد المعنوية

نذكر منها بإيجاز المقاصد التالية :

1-2-1الإفادة

و هي مقصد كبير من مقاصد العرب إذ يقول ابن مالك في ألفيته: «كلامنا لفظ مفيد كاستقم1   ».

و المراد بالمفيد ما دلّ على معنى يحسن السّكوت عليه، فالإفادة هي أن يكون الكلام تام المعنى موفيا بغرض المتكلّم، فإذا حذف منه عنصرا من عناصر الإسناد كالمبتدأ أو الخبر في الجملة الإسمية أو الفعل أو الفاعل أو المفعول به في الجملة الفعليّة، و أدّى ذلك إلى لبس ما أو إلى خلل في المعنى كان الكلام غير مفيد و غير محقق لهذا المقصد.

1-2-2أمن اللبس

تواجه اللّغة العربية تواجه الكثير من المعاني النّحوية بالقليل من القرائن اللّفظية يرى تمام حسان أنّ هذه القرائن هي 2: البنية، الإعراب، المطابقة، الرّبط، الرّتبة، التّضام، الأداة و النّغمة في الكلام. كما تواجه العديد من معاني الجمل ثلاثة أنواع من التّراكيب هي: الخبر، الإنشاء و الشّرط، و تواجه الكثير من العلاقات النّحوية بالقليل من صور التّضام كالموصوف أو الصفة و المضاف و المضاف إليه و الحال و صاحبه و المميّز و التمييز لذا فقد أصبح المعنى عرضة للتّعدّد لكثرة المعاني و قلّة الوسائل المعبّرة عنها، فيحصل اللّبس إذا لم تكن هناك قرينة ترجّح  أحد المعاني.

1-2-3الإيضاح و البيان

و البيان مقصد عظيم من مقاصد العرب، و هو مقصد أكثر التوابع النحوية.

1-أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك،  أبو محمد بن هشام الأنصاري المصري، منشورات المكتبة العصرية، بيروت، دت، دط، ج1، ص11

2- مقالات في اللّغة و الأدب، تمام حسان، عالم الكتب، 2006، ط1 ،ج1 ،ص 304

و قد تفطن نحاتنا إلى أهمية هذا المقصد فمنعوا كل ما من شأنه أن يؤدي إلى الغموض و الابهام1، فالتّمييز يعرّف بأنّه: « اسم منصوب نكرة جامدة فضلة يزيل إبهام ما قبله2  ».

و يعرّف النعت بأنّه : «تابع يدلّ على صفة من صفات منعوته أو من صفات ما يتعلّق به، و الغاية منه توضيح المنعوت إن كان معرفة و تخصيصه إن كان نكرة3 ». يرى أبو فارس الدّحداح أنّ الغاية من التّوكيد هي إزالة ما يراد من احتمالات غير صحيحة عن متبوعه4 ...و بالتّالي يتّضح أنّ العرب اتّخذوا من هذه التّوابع وسائل لتحقيق مقصد الإيضاح والبيان.

1-3 المقاصد اللفظية و المعنوية

أهمها مقصدان هما باختصار

1-3-1-1الاتساع: و ما يدل على انه مقصد من مقاصد العرب في كلامهم ماجاء عن السّيوطي: «و اعلم أن ّالعرب قد أقامت أسماء ليست بأزمنة اتساعا و اختصارا 5 » أي أنّهم قصدوا بذلك الاتساع و الاختصار و قد سبق و أن تطرقنا لهذا العنصر في مبحث سابق .

1-3-2المناسبة : و هو مقصد كبير أيضا من المقاصد اللغوية إذ قصدوا إليه لخلق الانسجام تماشيا و الذوق الذي يسعى العربي إلى تحقيقه بوسائل لغوية عديدة، و قد سبقت الإشارة إليه، في المستوى الصوتي، و الصرفي كالإعلال و الإبدال، و القلب و الإمالة و كل هذه الظواهر سبق و أن ذكرتها بشيء من الشرح و الأمثلة في مبحث سابق.

1-في المقاصد العامة للنحو، رؤية جديدة للعلل النّحوية، د مصطفى أحمد عبد العليم، ص 15

2-معجم قواعد العربية من القرآن الكريم، أبو فارس الدّحداح، ص594

3- المرجع نفسه، ص 677

4-المرجع نفسه، ص676

5- الأشباه و النظائر، السيوطي، ص18   

 

2-موقع الاقتصاد من المقاصد اللغوية : يتضح ممّا سبق  أنّ الاقتصاد مقصد من المقاصد اللّغوية عند العرب، إذ أن ّالكثير من هذه المقاصد تدخل ضمنه، كالتخفيف و الاختصار و الاتساع، و المناسبة و كراهة توالي الأمثال و التعويض، و تؤدى هذه المقاصد بمراعاة مقاصد كبرى أخرى تعنى بحفظ اللّفظ و حفظ المعنى. فيحفظ اللّفظ  أثناء عملية الاقتصاد فتستثنى بعض الحالات من الإدغام، و قد ذكر الزّمخشري في المفصّل ثلاثة حالات لامتناع الإدغام1 هي : أن يكون أحدهما للإلحاق نحو: قردد و جلبب، و الثاني أن يؤدّي الإدغام فيه إلى اللّبس نحو سرر و طلل، و الثالث أن ينفصلا و يكون ما قبل الأوّل حرفا ساكنا غير مدّة نحو :قرم مالك.

و يمتنع الوقف أيضا في بعض المواطن، حتى لا يأخذ الكلام دلالة غير المقصودة فيتغيّر معنى الكلام. فالعربي و هو يحذف يلتبس الكلام و لا يفهم و قد يؤدّي الاختصار إلى الإجحاف به و يفقد الكلام الإفادة التي تعتبر مقصدا كبيرا من مقاصد اللّغة كما رأيناو في هذا يقول السّيوطي : «اختصار المختصر لا يجوز لأنه إجحاف به 2» ثم يواصل حديثه في نفس السياق :"حذف الحرف ليس بقياس لأن الحروف إنما دخلت الكلام لضرب من الاختصار و اختصار المختصر إجحاف به و من ثم أيضا لم يجز حذف المصدر و الحال إذا كانا بدلا من اللفظ بفعلهما، و لا الحال النائبة عن الخبر، و لا اسم الفعل دون معموله لأنه اختصار للفعل3.

 

1- أنظر  المفصّل في صنعة الإعراب،  أبو القاسم محمود بن عمر الزّمخشري، تحقيق د علي بو ملحم،  دار و مكتبة الهلال، بيروت، 2003، دط، ص545    

2-الأشباه و النظائر، السيوطي، ج1 ص 40     

3-المرجع نفسه الصفحة نفسها                       

أمّا في حالة التّعويض الذّي يتمّ بالإتيان بحرف زائد عوضا عن الحرف المحذوف1،نحو:   ناس أُناس تحذفت الفاء قي أناس و جعل ألف فعال بدلا منها. و يعرض السّيوطي في الأشباه و النّظائر عدّة أمثلة في التعويض2، ثمّ يعرض في مواطن أخرى قاعدة تضبط هذا الإجراء، مؤكّدا أنّ العوض و المعوض منه لا يجتمعان، ذاكرا عدّة فروع للقاعدة منها3:

- عدم التقاء التاء و ياء الإضافة في يا أبت لأنّ التاء فيه جاءت عوضا عنها.

-الألف في كلمة يماني جاءت عوضا عن إحدى ياءي النّسبة لذا لا يجمع بينهما.

-التّاء في عدّة وزنة جاءت عوضا عن فاء الفعل و هي الواو فلا يجوز اجتماعهما.

-اللام في المستغاث عوض عن الألف الزّائدة في النّدبة فلا يجتمعان في كلمة واحدة.

-لا يجتمع الاسم المكرر و إظهار الفعل في التحذير بتكرار الاسم لأنّه عوض عنه.

و يمكننا أن نخلص إلى أنّ حذف ما يكون عوضا غير جائز سواء كان حرفا أو اسما أو جملة، فالمتكلم يقتصد ما لم يؤدّ اقتصاده إلى اختلال في المعنى   و هذا مايؤكده عبد الرحمان حاج صالح في حديثه عن الاستعمال اللّغوي قائلا: « و أساس القوانين التي بني عليها الاستعمال اللـّغوي هما هذان المبدءان المتدافعانالاقتصاد في المجهود العضلي و الذاكري الذي يحتاج إليه المرسل، و البيان الذي يحتاج إليه المرسل إليه4».

 1- أنظر الخصائص، ابن جنّي، ج 2، ص 275-306 (باب زيادة حرف عوضا من آخر محذوف )       

2- الأشباه و النّظائر السّيوطي ج1 ص129-144      

3- المصدر نفسه ص148-156

4- بحوث و دراسات في علوم اللسان، د عبد الرحمن الحاج صالح،  2007، د ط، ص196

الفصــــــــــــــــــل الثاني

الاقتصاد اللـّغوي في القرآن  الكريم و أثره في إعرابه و تفسيره

المبحث الأول : مظاهر الاقتصاد اللّغوي في القرآن الكريم.

المبحث الثاني : أثر الاقتصاد اللّغوي في إعراب القرآن الكريم.

المبحث الثالث : أثر الاقتصاد في تفسير القرآن الكريم.

المبحث الأول: مظاهر الاقتصاد اللغوي في القرآن الكريم

أولا المظاهر الاقتصادية في المستوى الصوتي في القرآن الكريم

أمر الله تعالى رسوله الكريم  في محكم تنزيله أن يرتل القرآن ترتيلا في قوله: ﴿ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًاالمزمل4, فالترتيل لغة من رتّل يرتل ترتيلا و هو وضع المجموعات في أرتال كل رتل منها طائفة مجتمعة و بين كل رتل و ما يليه انقطاع مؤقت. أما اصطلاحا فهو طريقة من طرق الأداء و القراءة, فتجويد القرآن يتضمن الترتيل إلى جانب إعطاء كل حرف حقه من احترام للوقف و الغنة و ما إلى ذلك، و في هذا يقول تمام حسان : "فإذا قرأ القارئ مع الترتيل أتى بكل رتل و آخر و بينهما فترة انقطاع هي إما مد أو غنة أوسكت الخ...هذا النوع من الترتيل يضيف إلى إيقاع القرآن الكامن في نصه إيقاعا آخر طارئا عليه من خلال الأداء و القراءة فإذا اجتمع الإيقاع الصوتي و ذلك الإيقاع الترتيلي لم يكن للأذن إلاّ أن تستمتع و تنصت و تستمتع بالجمال1، و لكون تحقيق الانسجام في الإيقاع داخلا ضمن  مقصد تحقيق ما يتطلّبه الذوق لدى  العربي، دخلت أحكام القراءة ضمن مظاهر الاقتصاد اللّغوي في القرآن الكريم.

1-الوقف

1-1تعريف الوقف: الوقف في اللّغة هو مصدر قولك وقفتُ الدّابة، و وقفت الكلمة وقفا و الوقف هو خلاف الجلوس2، و هو الوافق عند الفقهاء هو الحابس لعينه إمّا على ملكه أو ملك الله تعالى،...و الوقف سوار من عاج3.    

 

1-البيان في روائع القرآن، تمام حسان ، ص272-273   

2-ـ لسان العرب، ابن منظور، ج 9، ص 359    

3-محيط المحيط، المعلم بطرس  البستاني، مكتبته ساحة رياض الصلح، بيروت،1987 ،ط1،ص971

أمّا اصطلاحا فهو قطع النّطق آخر الكلمة زمنا ما، أو قطع الكلمة عما بعدها1.

و يصفه صاحب البرهان في علوم القرآن بأنه «فن جليل، و به يعرف كيف أداء القرآن، و يترتب على ذلك فوائد كثيرة، و استنباطات غزيرة، و به تتبين معاني الآيات، و يؤمن الاحتراز عن الوقوع في المشكلات2»فيكون بهذا قد أتى على فوائده المتمثلة في مجملها في أمن اللبس و الفهم الصحيح لمعاني الآياتو عن دلالته يرى  تمام حسان بأنه يدل بوسائله المتعددة على ما سماه"مفصلا"، أي مفصل من مفاصل الكلام، يمكن عنده قطع السلسلة النطقية، مما يؤدي إلى انقسام السياق إلى دفعات كلامية يصنفها تمام إلى نوعين:

دفعة كاملة المعنىو هي واقعة تكميلية منعزلة و دفعة غير مكتملة المعنى كالوقف على الشرط قبل ذكر الجواب فتشتمل الواقعة بذلك على أكثر من دفعة كلامية واحدة3.

و يرى أنها مظهر من مظاهر الذوق العربي، و يردها إلى كراهية توالي الأضداد فالحركة عكس الوقف، فبينما تدل الحركة على الاستمرار في الأداء يدل الصمت على تمام المعنى جزئيا أو كليا  فيكون بينه و بين الحركة تنافر4, و مما سبق يمكننا القول بأن الوقف مظهر من مظاهر الاقتصاد اللّغوي على المستوى الصوتي في اللغة العربية و في القرآن الكريم.

 

1ـ أحكام التجويد برواية ورش عن نافع عن طريق الأزرق، أبو عبد الرحمن، عاشور خضراؤي الحسني، مكتبة الرضوان، مصر، دت، دط ، ص 77

2ـالبرهان في علوم القرآن، الإمام بدر الدين محمد بن عبد الله الزركشي، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم مكتبة دار التراث، القاهرة، 1984، ط 3، ج1 ، ص339

3-اللغة العربية مبناها و معناها، تمام حسان، ص207

4- المصدر، نفسه، ص270ــ

1-2أوجه الوقف : و الوقف عند ابن الأنباري على ثلاثة أوجهتام و حسن و قبيح1، بينما يجعله السيوطي أربعة أقسام هيتام مختار و كاف جائز و حسن مفهوم و قبيح متروك2.

أ-الوقف التام: هو الذي لا يتعلق بشيء ممّا بعده، فيحسن الوقف عليه، و الابتداء بما بعده، و أكثر ما يوجد عند رؤوس الآي غالبا3، كقوله تعالى﴿Œاللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ    البقرة5

و قد يوجد فيأثنائها، كقوله﴿  قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا   النمل  34و هنا التمام لأن كلام بلقيس قد انتهى، تليه بقية الآية﴿وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَٰلِكَ يَفْعَلُونَ–و يكونالتمام عند العطف

على المعنى كقوله :﴿  وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ وَ بِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَالصافات137ـ138 أي بالصبح و بالليل، و يكون التمام أيضا  آخر كل قصة، و ما قبل أولها، و آخر كل سورة، و قبل ياء النداء و فعل الأمر، و القسم ول امه، دون القول و الشرط ما لم يتقدم جوابه، و كان الله، و ما كان، و ذلك، و لولا، غالبهن تام ما لم يتقدمهن قسم أو قول أو ما في معناه4.

ب-الوقف الحسن: و هو الذي يحسن الوقوف عليه و لا يحسن الابتداء بما بعده، كقوله تعالى: ﴿ الحمد لله رب العالمين الفاتحة1لأن الابتداء بـرب العالمين لايحسن لكونه صفة لما قبله5.

1 -  الصوت اللغوي و دلالاته، د محمد فريد عبد الله، ص76

2- ـالمرجع نفسه، ص77

3- المرجع نفسه، الصفحة نفسها

4-المرجع نفسه، ص785

5- المرجع نفسه، ص77

ج-الوقف الكافي : و هو المنقطع في اللفظ متعلق في المعنى، فيحسن الوقف عليه و الابتداء بما بعده، نحو : ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَ بَنَاتُكُمْ وَ أَخَوَاتُكُمْ وَ عَمَّاتُكُمْ وَ خَالَاتُكُمْ وَ بَنَاتُ الْأَخِ وَ بَنَاتُ الْأُخْتِ وَ أُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَ أَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَ أُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَ رَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَ حَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَ أَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا النساء 23 هنا الوقف، و يبتدئ بما بعد ذلك و هكذا كل رأس آية بعدها"لام "و"كي"و"إلا"و بمعنى"لكن"و"إنّ"الشديدة المكسورة، و الاستفهام و"بل"و"ألاّ"المخففة و"السين"و"سوف"و"نعم"و"بئس"و"كيلا"ما لم يتقدمهن قول أو قسم.1
د-الوقف القبيح: يعرفه ابن الأنباري (271-328هـ) بأنه: «الذي ليس بتام و لا حسنكالوقف على"بسم"من قوله﴿ø~ö÷y`YöF çf/@¢A﴾»، و حسبه أنّ المواضع التي لا يتم فيها الوقف هيالوقف على المضاف دون المضاف إليه، و على المنعوت دون نعته، و لا على الرفع دون مرفوعه و عكسه، و لا الناصب دون منصوبه و عكسه، و لا المؤكد دون مؤكده، و لا المعطوف دون المعطوف عليه، و لا البدل دون مبدله، و لا"أنّ"أو"كان"أو"ظن"و أخواتها دون اسمها و لا اسمها دون خبرها، و لا المستثنى منه دون الاستثناء، و لا الموصول دون صلته اسميا أو حرفيا، و لا الفعل دون مصدره، و لا الحرف دون متعلقة، و لا شرط دون جزاء.
أما السيوطي فيعرفه بقوله :"« القبيح هو الذي لا يفهم منه المراد.3» كالوقف على: ﴿ وَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَ آَتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَ آَمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَ عَزَّرْتُمُوهُمْ وَ أَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَ لَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِو يبتدئ : ﴿  وَ قَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَالمائدة17لأنّ معنى الآية يتغير تماما .

1- ـ المصدرالسابق، الصفحة نفسها

2- ـ المصدر نفسه، الصفحة نفسها

3- ـ المرجع نفسه ص78

-3 مراتب الوقف:

و نجدها عند السجاوندي(ت650هـ) خمسا1هي:ل ازم، مطلق، جائز، مجوز

أ-اللازم :هو ما لو وصل طرفاه غُيَّر المراد،نحو قوله: ﴿وَ مِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ مَا هُم بِمُؤْمِنِينَ   البقرة8يلزم الوقف هنا إذ لو وصل بقوله:  ﴿ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَ مَا يَشْعُرُونَ  البقرة9، توهم أن الجملة صفة لقوله:"بمؤمنين"، فانتفى الخداع عنهم، و تقرر الإيمان خالصا عن الخداع ...و القصد في الآية إثبات الخداع بعد نفي الإيمان.

المستأنف نحو﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَ عَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَ لَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَ مَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ النور 55

قراءة 2634 مرات آخر تعديل على الإثنين, 10 نيسان/أبريل 2017 10:42

أضف تعليق


كود امني
تحديث