قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأحد, 26 أيلول/سبتمبر 2021 08:02

البحث العلمي في إسرائيل ومقارنته في بلاد العرب (2/2)

كتبه  الأستاذ ناجي ملاعب
قيم الموضوع
(0 أصوات)

القسم الثاني: الإهتمام العربي بالبحث العلمي

بينما تزداد مخصصات البحث العلمي في الدول المتقدمة عامًا بعد آخر، إذ تتضاعف كل ثلاث سنوات تقريبًا، و تتجاوز نسبة مخصصات البحث العلمي في بعض الدول المتقدمة 4٪ من إجمالي الناتج القومي، يتخلف البحث العلمي في الدول العربية عامًا بعد عام، رغم زيادة معدل الإنفاق العربي على البحث العلمي في الفترة من عام 1970، و حتى عام 2005م، لكن هذا التقدم الضئيل لا تأثير له على الفجوة الكبيرة بين الأقطار العربية في هذا المجال مقارنة بالوضع العالمي المتسارع. و مما لا شك فيه أن الدول العربية البترولية بدأت في بذل لجهد و الإنكباب على البحث العلمي و تشجيعه و سوف نطرق تجربة المملكة العربية السعودية و الإمارات العربية المتحدة و دولة قطر الى جانب ما يختزنه لبنان من مسيرة واعدة في انشاء مراكز أبحاث رسمية الى جانب البحوث التي تعنى بها الجامعات اللبنانية العريقة.

أولاً: إهتمام حكومي مقبول ودور ضئيل للقطاع الخاص

في العديد من الدول العربية يتم الجزء الأكبر من الإنفاق على أنشطة البحث و التطوير من خلال القطاع الحكومي، يليه قطاع التعليم العالي، بينما يضطلع القطاع الخاص بدور ضئيل أو لا يؤدي أي دور في المشاريع البحثية. ففي مصر، على سبيل المثال، تقدر أكاديمية البحث العلمي و التكنولوجيا المصرية بأن القطاع الخاص ساهم بحوالي 5 % فقط من حجم الإنفاق على البحوث في مصر.

و تعتبر دولة الكويت أحد النماذج المشرفة في مجال البحث العلمي، حيث تقوم بفرض نسبة معينة من أرباح الشركات لدعم “مؤسسة الكويت للأبحاث العلمية” تقدم كمعونة من القطاع الخاص، و كمورد إضافي لحركة البحث العلمي في جامعاتها و مراكزها البحثية. و تُمثّل دول الأردن و المغرب و عُمان و قطر و تونس و الإمارات العربية المتحدة استثناء من هذه القاعدة. حيث يضطلع القطاع الخاص بثلث حجم الإنفاق على البحث و التطوير في الأردن، و نسبة 30 % في المغرب (في 2010)، و نسبة 29 % في الإمارات العربية المتحدة (في 2011،) و نسبة 26 % في قطر (في 2012) و نسبة 24 % في عمان (في 2011). و يقترب الرقم إلى نسبة 20 % في تونس، طبقاً لمعهد اليونسكو لإلحصاء. كما تقوم المشروعات الربحية بتمويل %24 من الإنفاق على البحث و التطوير في قطر، و نسبة %20 في تونس.(1)

بالنظر إلى تواضع الدور الذي يؤديه القطاع الخاص في العالم العربي، ليس هناك وجه استغراب في انخفاض نسبة المنتجات عالية التقنية من بين الصادرات الصناعية، و لا سيما في دول الخليج. و تحتل المغرب موقع الصدارة في المنطقة من حيث الصادرات عالية التقنية، و تحتل المركز الثاني بعد مصر بالنسبة لعدد براءات الاختراع. و من المثير للاهتمام أن اثنين من الاقتصادات المعتمدة على البترول حققا أعلى نسبة للمنشورات العلمية لكل مليون مواطن في العام 2014.

فإلى جانب مصر، فإن مخرجاتهم نمت بصورة أسرع مما حققته أي دولة أخرى خلال السنوات الأخيرة. كما أن قطر و المملكة العربية السعودية حققتا أعلى نسبة اقتباس عن منشوراتهما و ثلثا الأبحاث التي نشرها علماء في العالم العربي في الفترة ما بين 2008 و2014 كانت بالشراكة مع شركاء دوليين. و تعد مصر و السعودية و الولايات المتحدة الأمريكية أقرب المتعاونين، و لكن العلماء الصينيين أصبحوا أيضاً شركاء رئيسيين للعراق و قطر و المملكة العربية السعودية. و من الجدير بالملاحظة أن مختارات تومسون رويترز Reuters Thomson لأكثر الباحثين المقتبس عنهم لم تشمل سوى ثلاثة فقط من العلماء العرب ممن يعود ارتباطهم لعام 2014 الأول “الجامعات في العالم العربي”(2)

ثانياً: الإهتمام الحكومي في دول عربية رائدة

  1. المملكة العربية السعودية

لقد اقترحت خطة التنمية الخمسية لعام 2010 تخصيص مبلغ 240 مليون دولار أمريكي للمنح البحثية كل عام، جنباً إلى جنب مع خلق عدد من مراكز البحوث و حاضنات التكنولوجيا بجامعات مختلفة. و طبقاً للتصنيف الأكاديمي لجامعات العالم لعام 2014، فإن كلاً من جامعة الملك عبد العزيز، و جامعة الملك سعود جاءتا من بين أفضل 500 جامعة على مستوى العالم. و قد نجحت الأولى في اجتذاب أكثر من 150 من أكثر الباحثين المقتبس عن أبحاثهم من أنحاء العالم كأساتذة، و نجحت الأخرى في اجتذاب 15 منهم. و من المتوقع من الأعضاء الدوليين لهيئة التدريس القيام بإجراء البحوث في المملكة العربية السعودية بالتعاون مع أعضاء هيئة التدريس السعوديين.

و قد ساعدت هذه السياسة كلتا الجامعتين على التقدم في التصنيف الدولي، كما زادت من مُخرجات البحوث بصورة عامة، و أسهمت في بناء قدرات محلية في البحث و التطوير. و تقوم مدينة الملك عبد العزيز للعلوم و التكنولوجيا – KACST بلعب دور الوكالة الوطنية للعلوم، و كذلك تعمل كنقطة مركزية للمعامل الوطنية. فالمدينة تشارك في صنع السياسات و تجميع البيانات و تمويل البحوث الخارجية. كما أنها تعمل كمكتب وطني لبراءات الاختراع.

و إدارة التخطيط بمدينة الملك عبد العزيز مسؤولة عن تطوير قواعد البيانات الوطنية الخاصة بمؤشرات العلوم و التكنولوجيا و الابتكار. كما تقوم المدينة بإجراء بحوث تطبيقية في عدد كبير من المجالات المتنوعة، بما في ذلك البتروكيماويات، و تكنولوجيا النانو، و علوم الفضاء و الطيران، و المواد المتقدمة، و الرياضيات، و الصحة، و الزراعة، و تقنيات البناء. كما أنها تعمل كحاضنة تكنولوجية من خلال تقوية الروابط بين الجامعات البحثية و بين القطاعين العام و الخاص لتشجيع الابتكار و نقل و تطبيق التكنولوجيا ذات الاحتمالات التجارية.(3)

  1. الإمارات العربية المتحدة

تم إطلاق الهيئة الوطنية للبحث العلمي في مارس/آذار العام 2008 بواسطة وزارة التعليم العالي و البحث العلمي و يمكن للباحثين أفراداً أو كمجموعات بحثية من الجامعات و المعاهد البحثية العامة و الخاصة و الشركات أن تتقدم بطلبات تنافسية للحصول على منح. و للحصول على الموافقة، يجب أن تتخطى المقترحات لجنة دولية من المحكمين، و تثبت أنها تحقق فوائد اجتماعية و اقتصادية. و جامعة الإمارات العربية المتحدة هي المصدر الرئيسي للبحوث العلمية في البلاد. فمن خلال مراكزها البحثية ساهمت بصورة كبيرة في تنمية الثروات المائية و البترولية و الطاقة الشمسية و الطاقة المتجددة و العلوم الطبية في البلاد.

و منذ العام 2010، قامت الجامعة بتقديم 55 طلب براءة اختراع على الأقل. و منذ يونيو/حزيران العام 2014، تم منح حوالي 20 براءة اختراع للجامعة. و قامت جامعة الإمارات العربية المتحدة بتكوين شراكات بحثية قوية في مجالات مثل البترول و الغاز و المياه و الرعاية الصحية و الإنتاجية الزراعية و الحماية البيئية و الأمان المروري و إعادة تأهيل الأبنية الخرسانية. و تشمل مركز زايد بن سلطان آل نهيان للعلوم الصحية، المركز القومي للمياه، مركز بحوث النقل البري و الأمان المروري، مركز السياسة العام و القيادة، مركز خليفة للهندسة الوراثية و التكنولوجيا الحيوية، و مركز بحوث الطاقة و البيئة.  كما أنها أسست شبكة بحوث نشطة من الشركاء في دول منها: أستراليا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، جمهورية كوريا، عمان، قطر، سنغافورة، السودان، المملكة المتحدة و الولايات المتحدة الأمريكية.

و تتبوأ تونس و المملكة العربية السعودية حالياً موقع الصدارة في العالم العربي في مجال الإلكترونيات. و تقوم الإمارات العربية المتحدة بالاستثمار بصورة مكثفة في تقنيات الفضاء. و في مجال الطاقة المتجددة، تحتل المغرب موقع الصدارة في الطاقة المائية.. كما أن الجزائر و الأردن و المغرب و تونس تُطوّر الطاقة الشمسية. و تمتلك مصر و المغرب و تونس خبرة في مجال طاقة الرياح يمكن أن تنتفع بها الدول الأخرى الراغبة في الاستثمار في هذا المجال، بما في ذلك دول الأردن وليبيا و المملكة العربية السعودية و السودان و الإمارات العربية المتحدة. و تعتبر المغرب و السودان في الوقت الحالي هما المستخدمان الأساسيان للكتلة الحيوية   – biomass.

  1. مصر ما بعد الثورة

تحت عنوان “الحمية الثورية” فاضت إلى البحث العلمي تَعتبر وثائق سياسات البحث العلمي الحالية في مصر العلوم و التكنولوجيا مجالاً حيوياً لمستقبل البلاد. فالدستور الذي تم تبنيه في العام 2014، يفوّض الدولة بتخصيص 1% من الناتج المحلي الإجمالي لأغراض البحث و التطوير، و ينص على أن تضمن الدولة حرية البحث العلمي و تشجع مؤسساته كوسيلة نحو تحقيق السيادة الوطنية، و بناء اقتصاد المعرفة الذي يدعم الباحثين و المخترعين.(4)

و لعقود كان البحث العلمي و التكنولوجيا في مصر مركزياً بصورة كبيرة، و تحت سيطرة القطاع العام. فأنشطة البحث و التطوير كان أغلبها يتم من خلال جامعات و مراكز بحثية تديرها الدولة من خلال وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، و التي انقسمت إلى وزارة التعليم العالي و وزارة البحث العلمي في العام 2014. أما مراكز البحوث المصرية فكانت متفرقة بين وزارات مختلفة، و لكن يتم حالياً تنظيمها تحت مظلة المجلس الأعلى للمراكز و المعاهد البحثية بهدف تحسين التنسيق فيما بينها.

و قد أوصى تقرير اليونسكو للعلوم لعام 2010 بأن تقوم الدول العربية بإنشاء مراصد قومية للعلوم و التكنولوجيا و الابتكار. فتم إطلاق المرصد المصري للعلوم و التكنولوجيا و الابتكار في فبراير/شباط 2014 لتقديم النصح حول استراتيجيات صنع السياسات و تخصيص الموارد من خلال جمع البيانات و إعداد التقارير حول تطور قدرات البحث العلمي و التكنولوجيا الوطنية. و المرصد المصري تستضيفه أكاديمية البحث العلمي و التكنولوجيا المصرية. و قد نُشرت أول مجموعة بيانات في العام 2014 و لم يقم المرصد بجمع بيانات عن مشاريع قطاع الأعمال، و لكن رغم ذلك أوضح زيادة في نسبة إجمالي الإنفاق على البحث والتطوير من 43.0% إلى 68.0% من الناتج المحلي الإجمالي ما بين العامين 2009 و2013. و قد أقر المرصد أيضاً بوجود ما يعادل 22000 باحث يعمل وقتاً كاملاً في المؤسسات البحثية الحكومية، و26000 في الجامعات العامة. و أكثر بقليل من نصف جامعات مصر و البالغ عددها 42 جامعة هي مؤسسات عامة و يوجد بها ثلاثة أرباع المقيدين في الجامعات.

  1. قطر.. دولة حاضنة للتكنولوجيا

تدعو الرؤية الوطنية لقطر 2030 إلى إيجاد توازن أمثل بين الاقتصاد الحالي القائم على البترول و بين اقتصاد المعرفة الذي يتميز بالابتكار  و ريادة الأعمال، و التميز في التعليم، و تقديم خدمات عامة بكفاءة. و لدعم هذا التحول نحو اقتصاد المعرفة، فإن ميزانية الحكومة للتعليم حتى العام 2019 قد تم زيادتها بحوالي 15%.

حديقة قطر الجديدة هي الحاضنة الرئيسية للتكنولوجيا في البلاد. حددت استراتيجية قطر الوطنية للبحوث (2012) أربعة مجالات ذات أولوية و هي: الطاقة، البيئة، العلوم الصحية و تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات. و عندما قامت مؤسسة قطر بتأسيس واحة (حديقة) قطر للعلوم و التكنولوجيا ركزت على تلك المجالات الأربعة. و قد أصبحت الواحة حاضنة قطر الرئيسية للتنمية التكنولوجية، و لتسويق البحوث و دعم ريادة الأعمال. و مع وقوع الواحة داخل المدينة التعليمية لمؤسسة قطر، فلدى الواحة إمكانية الوصول إلى موارد مجموعة من الجامعات البحثية الرائدة التي لها هوائيات – antennae في الواحة، بما في ذلك خمس مؤسسات أمريكية: مدرسة الفنون بجامعة فيرجينيا Virginia Commonwealth University School of the Arts  وكلية ويل، كورنل، للطب College Medical Cornell Weill ، و جامعة تكساس Texas A&M University  بقطر جامعة ميلون كارنيجي Carnegie Mellon ، و جامعة جورج تاون  University Georgetown

  1. لبنان و الإهتمام الرسمي بالبحث العلمي

على الرغم من وجود أكثر من 50 جامعة خاصة و جامعة أهلية واحدة في لبنان، فإن أغلب البحوث العلمية تقوم بها ثلاث مؤسسات فقط الجامعة اللبنانية، و جامعة القديس يوسف، و الجامعة الأمريكية في بيروت.(5) و أحياناً تتعاون هذه المؤسسات مع إحدى المؤسسات البحثية الأربعة التي يديرها المجلس الوطني للبحوث العلمية – CNRS  (المنشأ في العام 1962) و/أو مصلحة الأبحاث العلمية الزراعية.  و يحتسب لبنان عدداً من المنظمات غير الحكومية كمنظمات نشطة في البحث العلمي، منها الأكاديمية العربية للعلوم (المنشأة العام 2002) و الجمعية اللبنانية لتقدم العلوم (المنشأة في العام 1968) كما تأسست الأكاديمية اللبنانية للعلوم بواسطة مرسوم حكومي في العام 2007. و حيث أنه لا توجد وزارة مسؤولة عن رسم السياسات القومية للعلوم و التكنولوجيا يعتبر المظلة الرئيسية للعلوم و مستشار الحكومة في هذا المجال، فإن المجلس الوطني للبحوث العلمية تحت سلطة رئيس الوزراء. و يؤدي المجلس وظيفة استشارية للحكومة حيث يرسم الإطار العام للسياسة القومية اللبنانية للعلوم، كما أنه يقوم على مباشرة و تشجيع و تنسيق المشروعات البحثية. و يدير المجلس أيضاً المركز الوطني للجيوفيزياء، و المركز الوطني لعلوم البحار، و المركز الوطني للاستشعار عن بُعد، و الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية.

في العام 2006، قام المجلس بالانتهاء من إعداد مسودة السياسة الوطنية للعلوم و التكنولوجيا و الابتكار بدعم من اليونسكو والاسكوا.(6) و قد استحدثت تلك السياسة آليات تمويل جديدة للبحوث، و شجعت العمل المشترك على عدد من الموضوعات المهمة متداخلة المجالات. كما استحدثت برامج جديدة لدعم الابتكار و بناء القدرات، و برامج مشتركة لرسائل الدكتوراه، و أسست قواعد المشاركة اللبنانية في المشاريع الرئيسية الأورو – متوسطية.

قام المجلس بتضمين أولويات أنشطة البحث و التطوير في برامج منح البحوث لديه و بالإضافة إلى ذلك، و في إطار متابعة سياسة العلوم و التكنولوجيا و الابتكار، قام المجلس بالعمل على إنشاء المرصد اللبناني للبحوث و التطوير و الابتكار –  LORDI (في العام 2014) لمدخلات و مُخرجات أنشطة البحث و التطوير بدعم من الاسكوا بهدف متابعة المؤشرات الرئيسية. و يشارك لبنان في كيان يربط بين مراصد منطقة البحر المتوسط للعلوم و التكنولوجيا و الابتكار. و هذا الكيان التعاوني قام بإنشائه بوابة البحر المتوسط للعلوم و السياسة و البحوث و الابتكار (مشروع منتصف الربيع) في إطار البرنامج الإطاري السابع للاتحاد الأوروبي للبحوث و الإبتكار 2007 – 2013.

و قام مجلس الوزراء اللبناني بتبني خطة العمل القومية لكفاءة الطاقة للأعوام 2011 – 2015. حيث قام بتطوير هذه الخطة المركز اللبناني لحفظ الطاقة، و هو بمثابة الذراع الفنية لوزارة الطاقة و المياه في مجالات كفاءة الطاقة و الطاقة المتجددة و المباني الخضراء.

و هذه أول استراتيجية شاملة لكفاءة الطاقة و الطاقة المتجددة لبلد يعتمد على الاستيراد للحصول على 95 % من احتياجاته من الطاقة. و الخطة هي بمثابة النسخة اللبنانية من الدليل الإرشادي العربي لكفاءة الطاقة، و التي قامت الجامعة العربية بتطويرها. و تضم الخطة 14 مبادرة قومية تم تصميمها لمساعدة لبنان على الوصول لهدفه، وهو12 % من الطاقة المتجددة بحلول عام 2020.(7)

ثالثاً: البحث العلمي العربي وقائع.. مقارنة .. و حلول ممكنة

  1. بين الجهد العربي في البحث العلمي و ضخامة الإنتاج الإسرائيلي هل تجوز المقارنة؟

بما لا يدع مجالا للشك، التفوق الاسرائيلي في المجال العلمي و التكنولوجي واضح و جلي على جميع الدول العربية، فقد حظيت الجامعات الاسرائيلية بمراكز متقدمة على المستوى العالمي حسب التصنيفات الدولية، و خاصة الجامعة العبرية التي احتلت المركز 64 على مستوى العالم، و ان هنالك تسعة علماء اسرائيليين حازوا على جوائز نوبل، بينما حاز العرب على 6 جوائز، ثلاثة منها بدوافع سياسية، و منهم العالم المصري أحمد زويل الذي نال الجائزة على ابحاثه التي أجراها في الجامعات الامريكية.

و تنفق اسرائيل ما مقداره 4.7% من انتاجها القومي على البحث العلمي، و هذا يمثل أعلى نسبة إنفاق في العالم، بينما تنفق الدول العربية ما مقداره 0.2% من دخلها القومي و الدول العربية في آسيا تنفق فقط 0.1% من دخلها القومي على البحث العلمي.

و يشير الدكتور الفلسطيني خالد ربايعة الى أن المؤشر الاكثر تباينا بين العرب و اسرائيل، يعود لبراءات الاختراع، فقد سجلت اسرائيل ما مقداره 16805 براءة اختراع، بينما سجل العرب مجتمعين حوالي 836 براءة اختراع في كل تاريخ حياتهم، و هو يمثل 5% من عدد براءات الاختراع المسجلة في اسرائيل. و تفيد تقارير اليونسكو كذلك ان عدد براءات الاختراع التي سجلت في اسرائيل في العام 2008 و التي تبلغ 1166 تفوق ما انتجه العرب بتاريخ حياتهم و هو 836 براءة اختراع.

اما بالنسبة للنشر الابحاث العلمية في المجلات المحكمة فقد نشر الباحثون الاسرائيليون 138,881 بحثاً محكماً، و نشر العرب حوالي 140,000 بحث محكم. على الرغم من أن عدد الابحاث متقارب، الا ان جودة و نوعية الابحاث الاسرائيلية أعلى بكثير من الابحاث العربية.(8)

  1. أسباب و دواعي ضعف البحث العلمي العربي

أن أحد أهم الأسباب المؤدية إلى انخفاض معدل إنتاجية البحث العلمي في الوطن العربي مقارنة بالواقع العالمي، يرجع إلى عدم وجود استراتيجية واضحة للبحث العلمي، و نقص التمويل الذي تنفق نسبة كبيرة منه على الأجور و المرتبات و المكافآت و البدلات و غيرها، و عدم تخصيص ميزانية مستقلة و مشجعة للبحوث العلمية، إضافة إلى أن الحصول على منحة بحثية يستغرق إجراءات طويلة و معقدة مع قلة في الجهات المانحة.

فضلاُ عن افتقار أغلب المؤسسات العلمية و الجامعات العربية إلى أجهزة متخصصة بتسويق الأبحاث و نتائجها وفق خطة اقتصادية إلى الجهات المستفيدة مما يدل على ضعف التنسيق بين مراكز البحوث و القطاع الخاص. كذلك غياب المؤسسات الاستشارية المختصة بتوظيف نتائج البحث العلمي و تمويله من أجل تحويل تلك النتائج إلى مشروعات اقتصادية مربحة. إضافة إلى ضعف القطاعات الاقتصادية المنتجة و اعتمادها على شراء المعرفة.

من ناحية أخرى فان مراكز البحوث والجامعات العربية تعاني من مشكلات عديدة من بينها انشغال عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس في العمل الإضافي، و قلة عدد الباحثين و المختصين، و ندرة تكوين فرق بحثية متكاملة، فالبحوث التي تجري بين جدرانها من جانب أساتذتها إنما هي بحوث فردية لأساتذة يحاولون الإنتاج العلمي بغية الترقي، أو النشر، وهي بحوث أضعف من أن تحل مشكلات المجتمع أو تعمل على تقدمه.

كما تعاني المراكز البحثية من الإنفصال شبه الكامل بينها و بين المجالات التطبيقية خارج أسوارها أو معاملها، و كذا انفصام الصلة بين الجامعات و حقل الإنتاج، و ابتعاد الجامعات عن إجراء البحوث المساهمة في حل المشكلات الوطنية، إضافة إلى عدم مشاركة المؤسسات الكبرى والشركات و الأثرياء من الأفراد في نفقات البحث العلمي.

إضافة إلى عدم وجود حرية أكاديمية كافية كتلك التي يتمتع به البحث العلمي عند الغرب، و البيروقراطية و المشكلات الإدارية و التنظيمية، و الفساد المالي و الإداري في مؤسسات البحث العلمي الحكومية، إلى جانب تأخر عملية نقل المعلومة التقنية من الدول المتقدمة إلى الدول العربية، و بقاء كثير من مراكز البحوث العربية تحت قيادات قديمة مترهلة، غير مدركة لأبعاد التقدم العالمي في ميادين البحث العلمي لا سيما في العلوم التكنولوجية و الفيزيقية، و إهمال التدريب المستمر للباحثين، بل وصل حال كثير من مؤسسات البحث العلمي إلى تهميش الكوادر البحثية التي لا تتفق و سياسية السلطة أو إمكاناتها، و من ثم يتم تهجير – أو هجرة – هذه العقول العربية في مختلف التخصصات و استقرارهم في الدول الغربية، لتجد هذه العقول البيئة العلمية المناسبة لها، و المعززة لمواهبها، و الداعمة لأفكارها الابتكارية.

كما تؤشر المعطيات على أهمية الحرية الأكاديمية و البحث العلمي، باعتبار أن كل ما ضاقت الحريات العامة، و تقلصت الممارسات الديمقراطية، و كثرت تدخلات الدولة في شؤون و قضايا الجامعة مما يجعلها الجامعة بالتالي تبتعد عن المشاركة في الشأن العام، و كلما ضاقت الحرية الأكاديمية و تقلص فعلها، ضاق معها البحث العلمي و تقلص مردوده و ابتعد عن مهامه و رسالته. فالحقيقة الموضوعية تؤكد إنه ما من سبب في تعثر الأبحاث العلمية و تراجعها المستمر في الوطن العربي سوى غياب التخطيط و ضئالة الإمكانات. و لا أغفل هنا الإشارة إلى أن أبجدية البحث العلمي تبدأ من المدارس الابتدائية، و أن إصلاح التعليم العام، و تدريب التلاميذ من نعومة أظفارهم على رؤية ما حولهم بعيون و عقول واعية قادرة على التقاط الأشياء و الحكم عليها، أو التعامل معها بفهم، يقتضي وقتاً أطول و إعداداً سليماً لجيش من المدرسين المؤهلين الذين سيوكل إليهم أمر إعداد علماء المستقبل، و ما تحتاج إليه الأوطان من خطط و برامج قابلة للتنفيذ و قادرة على العبور بهذه الأوطان من وضعها الراهن إلى المستقبل و النهضة العلمية المنشودة.

  1. رؤية منظمة الأونيسكو المستقبلية

يخلص تقرير منظمة الأونيسكو للعلوم للعام 2015 و الذي يصدر كل خمس سنوات الى وجود حاجة لجدول أعمال مترابط و تمويل مستدام تقترح الاستراتيجية العربية للعلوم و التكنولوجيا و الابتكار التي تبناها مجلس وزراء التعليم العالي و البحث العلمي في العالم العربي في العام 2014 أجندة طموحة. حيث تحث الدول على الانخراط في تعاون دولي أكبر في 14 من المجالات العلمية و القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، بما في ذلك الطاقة النووية، علوم الفضاء و التكنولوجيات التحويلية مثل المعلوماتية الحيوية و التكنولوجيا الحيوية النانوية. و تنادي الاستراتيجية بمشاركة العلماء المغتربين و تحفيز العلماء على الانخراط في الوصول إلى العامة. كما تدعو إلى استثمار أكبر في التعليم العالي و التدريب لبناء كتلة حرجة من الخبراء و الصمود أمام هجرة العقول.

إلا أن الاستراتيجية تتجنب بعض المسائل الجوهرية، بما في ذلك السؤال الحساس حول مَن سيتحمل الكلفة الثقيلة لتنفيذ الاستراتيجية؟ و كيف يمكن لدول مثقلة بالديون أن تساهم في هذه المنصة؟ و ما هي الآليات التي يجب وضعها لمكافحة الفقر و توفير مساواة أكبر في الوصول إلى المعرفة و الثروة على المستوى القومي؟ و من دون إجابات لتلك الاسئلة، مع حلول ابتكارية من خارج الصندوق، لن تستطيع أي استراتيجية أن تطوّع إمكانات المنطقة بصورة فعالة. و حتى تحلق الاستراتيجية، يحتاج المجتمع العلمي بالمنطقة لجدول أعمال مترابط يشتمل على حزمة من البرامج و المشاريع العلمية الموّجهة للبحث عن حلول تخدم احتياجات المنطقة بصورة واضحة، إلى جانب مصادر محددة بوضوح للتمويل.(9)

الخاتمة

عملت إسرائيل قبل نشأتها للحصول على قوة المعرفة قبل قوة السلاح، لعلمها أن امتلاك القوة العلمية سيحقق لها كل أنواع و مجالات القوة و السيطرة، و كان التقدم العلمي و المعرفي و التكنولوجي و بناء صرح المعلومات هو الركيزة الأساسية التي ساهمت في وصول إسرائيل إلى ما وصلت إليه من تقدم و رقي و قوة اقتصادية و عسكرية.

دخل العلم و البحث العلمي و التخطيط السليم كل مؤسسات الدولة مما انعكس على صحة و سلامة المخرجات المختلفة، و لا تجد صدور أي قرار من أدنى إلى أعلى مؤسسة في الدولة دون دراسة و بحث و تأني، و كان ذلك نتاج لثقافة علمية منتشرة في المجتمع الإسرائيلي منذ نشأته، حيث حرص مؤسسوا و قادة النظام السياسي على نشرها، و تأسيس المؤسسات و المراكز العلمية المتنوعة على اعتبار أن العلم قضية امن قومي.

تستعين الحكومات الإسرائيلية بمراكز البحث و الدراسات و خزانات الفكر بكافة أنواعها، في ترشيد قراراتها و تطوير أداءها، حيث تعتبر الأبحاث و الدراسات المعمقة من أهم الركائز التي يعتمد عليها السياسيون و متخذو القرارات في إسرائيل في رسم و تخطيط سياستهم، و اتخاذ قراراتهم، انطلاقاً من قناعتهم بأن دراسة القضايا و المعضلات السياسية هي المحور الأول في رسم و بناء الإستراتيجيات في كافة المجالات، لما تمثله المعرفة و العلم عند متخذي القرارات.

هذا التزاوج بين المعرفة و السياسة في دولة إسرائيل و الذي نتج عنه دولة قوية و متقدمة ما كان لولا اهتمام الساسة المؤسسون و الحكومات المتعاقبة بالعلم و اعتباره قضية امن قومي، قضية وجود أو لا وجود. و لا يمكن للأمة العربية أن تنهض دون السير على طريق العلم و الاهتمام بالبحث العلمي، و لا يكون ذلك دون حدوث تغيرات جذرية في بنية النظام السياسي و التربوي في الدول العربية، و نشر ثقافة العلم و البحث العلمي.

في الخلاصة، إن البحث العلمي من أشق و أرقى النشاطات التي يمارسها العقل البشري على الإطلاق، و هو نوع من الجهاد المقدس، من أجل صناعة الحياة و تحقيق التطور و النهوض، و هذا الجهد المنظم لا يمكن أن يجري في فراغ، حيث ينبغي توفير الحرية و الدعم و الأموال و بناء المنشآت و المعامل و الأدوات، و تأهيل الكوادر البشرية، و خلق الحوافز المادية و المعنوية، التي تجعل من الإنتاج الفكري عملاً يستحق المعاناة و الجهد المتواصل.. إذ بالإنتاج الفكري نكون أولا نكون!(10)

*عميد متقاعد، وعضو اللجنة العلمية لمجلة الدراسات الأمنية، وباحث في مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري – “إينغما”.

المراجع:

(1) UNESCO science report: towards 2030; 2015

https://en.unesco.org/sites/default/files/usr15_the_arab_states_ar.pdf

(2) وهؤلاء هم الأستاذ الدكتور/ععلي نايفة University of Jordan and Virginia Tech جامعة الأردن و فرجينيا للتكنولوجيا، و الأستاذ الدكتور/ شاهر المومني – الجامعة الأردنية و جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، و الأستاذ الدكتور/ سليم مسعودي – الجزائر، وهو عضو هيئة التدريس بجامعة الملك فهد للبترول و المعادن في المملكة العربية السعودية. على الرابط: .http://higlycited.com/archive_june.htm .

(3) الفصل 17- الصفحة 443 من تقرير الأونيسكو على الرابط:UNESCO science report: towards 2030; 2015

(4) على الرابط التالي:

https://stiiraqdev.wordpress.com/2014/03/15/sti-constitutions-arab-countries/ نقلاً عن تقرير الأنيسكو ص:

433https://en.unesco.org/sites/default/files/usr15_the_arab_states_ar.pdf

(5) على الرابط التالي:

 http://portal.unesco.org/education/en/files/55535/11998897175Lebanon.pdf/ 13 .Lebanon.pdf

(6) يوجد لليونسكو مكتب في بيروت، و الاسكوا يستضيفه لبنان.

(7) UNESCO science report: towards 2030; 2015

https://en.unesco.org/sites/default/files/usr15_the_arab_states_ar.pdf. Page 435 -436

(8) خالد سعيد ربايعة، موقع “دنيا الوطن”، 14/1/2010، على الرابط:

https://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2010/01/14/186180.html

(9) الصفحة 448 من الفصل 17 من تقرير الأونيسكو  UNESCO science report: towards 2030; 2015، على الرابط:

https://en.unesco.org/sites/default/files/usr15_the_arab_states_ar.pdf

(10) نهال قاسم، شبكة الأخبار العربية، 10/5/2010، الرابط:

http://www.anntv.tv/new/showsubject.aspx?id=5693

المصدر: Future Concepts.

مصدر الصور: الجزيرة – الجمهورية اون لاين – جامعة قطر.

 

الرابط : https://sitainstitute.com/?p=5617

قراءة 791 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 29 أيلول/سبتمبر 2021 07:59

أضف تعليق


كود امني
تحديث