قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 03 أيلول/سبتمبر 2014 15:05

وطني ولو كان شجرةً أو كومةَ حجارة

كتبه  الدكتور مصطفي يوسف اللداوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

على جذعِ شجرةٍ قديمةٍ قويةٍ متينةٍ اتكأت،

هي صديقتها منذ زمنٍ بعيدٍ، تحبها و تحكي معها،

تزين بيتها، و تُعَّلم مكانه، و تُجمِّل أيامها، و تقيها حر الصيف، و تحميها من أشعة الشمس،

بينهما عِشْرة عمر، قد عرفتها و هي صبية، و رعتها عندما كبرت،

ترويها إذا عطشت، و تقلمها إذا شذت أغصانها، و نأت عن الأصل فروعها،

تُسر إليها و تسمع نجواها، فهي الصديق القديم الباقي الذي لم يتغير،

تحن عليها و تكاد نسمع أنينها، و تحس بحزنها إن حزنت، فهي الكائن الحي الجميل الندي الخالص الطاهر،

تعرف الصغار و تحب الكبار، و تحنو على الجميع، و تراهم يحيونها حباً  كلما مروا تحتها،

يرفعون رؤوسهم لينظروا إليها، و تشخص عيونهم نحوها إذا تأملوا فيها،

يهتمون بها، و يخافون عليها، و تحت ظلالها يستريحون،

تأوهت، و قالت يا الله، لك الحمد،

جذورنا في الأرض كما الشجرة،

عميقةٌ ممتدة، تستمد من الأرض الحياة، و تتسامى بأغصانها قبلة السماء،

تلمستها بيديها المعروقتين المرتعشين،  

قد أشقاهما الزمن، و أضناهما التعب، و نالت من نضارتهما الحياة،

إنها شجرةُ كافورٍ كان قد زرعها زوجها، و تعهدها في حياته، و أورثها من بعده أولاده،

تكاد تعانقها و قد أحاطتها بذراعيها، ففيها الماضي كله، و الذكريات الجميلة التي مضت،

قبلتها بحبٍ و شغف، و شوقٍ و حنين، فهي رفيقة العمر، و أنيسة الزمن، و كاتمة الأسرار،

حدثتها و خاطبتها، الحمد لله قالت، أنك هنا باقية، جذعٌ في عمق الأرض صامدة،

أنت أصلٌ و منك كان الفرع أصيلٌ كالأصل، من ماء الأرض يرتوي، و قبلة السماء يتجه،

ما بال أوراقك قد تساقطت، أهو الخريف الذي يزورك كل عام،

و ما بال أغصانك قد تكسرت، أهي الرياح و العواصف،

أم هي يدٌ عابثةٌ مخربة، هوجاء مدمرة، غاظها وقوفك، و أغضبها ثباتك، و استفزها في عمق الأرض وجودك،

فاستهدفك العدو الغادر كما البشر، و قصفوك كما الحجر، و أنت خير الشجر،

ظنوك ستركعين، و لهم ستخضعين، و تحت وابل نيرانهم ستحترقين،

ظنوا أنك ستصبحين رماداً يتطاير، و بقايا حطبٍ يتبعثر، و جذعاً في الأرض قد ماتت جذوره،

كانت هامتك المرفوعة تحزنهم، و قامتك المنتصبة تخيفهم، و فروعك المتنامية ترعبهم،

خافوا من نسلك، و أقلقهم خلفك، و ما تفرع منك، و البذور المتساقطة من زهرك، تزرع الحياة و تبقي الأمل،

قصفوك بلا رحمة، و حرقوا أغصانك بلا شفقة، و أطلقوا النار غزيراً على ساقك المنتصبة،

لكن قد خاب ظنهم، و طاش سهمهم، و انقلبت حساباتهم،

لم تنحنِ لك قامة، و لم ينكسر ساقك، و لم تضعف كل أغصانك، و لم تسقط كل أوراقك،

بل بقيت تقاومين الموت، و ترفضين الاستسلام، و تصنعين بشموخك الحياة،

و كأنك تقولين أننا ها هنا باقون، نورث الحياة لمن بعدنا، ما بقيت الأرض و السماء،

ستعودين يا شجرة الحياة وارفةً كما كنت، كبيرةً كما عرفتك، نستظل تحت فيئك كما عهدنا،

و ستعود إلى أغصانك و دوحك العالية عصافير الصباح و بلابله المغردة، بألوانها الزاهية، و أصواتها الطربة،

تزقزق و تشقشق، و تبعث في الدنيا الحياة، و تبشر بصباحٍ آخر، و غدٍ جديد،

كل شئٍ حولها مبعثرٌ مهشمٌ مدمرٌ محطم،

الجدران منهارة، و السقوف ساقطة، و أواني المطبخ مبعثرة، و كراريس الأطفال ممزقة، و ألعابهم الصغيرة محطمة،

لكن الحياة من حولها باقية، الشجر و البشر ما زالوا هنا، رغم عصف القصف ما زالوا باقين،

نادت على أولادها و أحفادها أحمد و محمد و حسين و علي، و فاطمة و مريم و خديجة،

قالت لهم بصوتٍ لا يعرف التردد، ول ا تعوزه القوة، و لا ينقصه اليقين، و منه يشع الأمل،

هاكم شجرتنا، ما زالت باسقة الأفنان عالية، تعاند بكبرٍ، و تتحدى بصلابة،

تساقطت بعض أوراقها، و تكسرت بعض أغصانها، و احترقت أطرافها في أكثر من مكان،

لكنها أبت أن تركع، و بقيت واقفةً لم تنحنِ، و لم تخضع،

ستبقى شجرتنا و سنبقى، و سنبقى واقفين كما الأشجار و لن نخضع،

ستخضر يا أولادي أرضنا، و ستورق أشجارنا، و ستنبت تربتنا من جديد،

احفظوها عهداً كما حفظناها، و اجعلوها إرثاً كما تسلمناها،

هي يا ابنائي العهد و الوفاء، و هي البقاء و النماء، و هي العطاء و للصبر خير الجزاء،

أما عدونا فسيبور جهده، و سيفشل سعيه، و سيفل عزمه.

سيرحل عن أرضنا، و سيحل عليه بأيديكم الفناء،

كونوا واثقين يا أولادي أن الغد لنا، و أن النصر حليفنا، و أن هذه الأرض ستعود لنا.

هذه هي صورة عن الأم الفلسطينية، الصابرة المعطاءة، الصادقة المضحية، المخلصة الوفية، التي تعطي بصدق، و تربي بأمل، و تنشئ على عقيدةٍ و بصيرة، فلا يموت عندها الأمل، و لا يخبو في صدرها الرجاء، و لا تنطفئ في قلبها جذوة الحنين إلى الوطن، و الشوق إلى الديار، و ستبقى تحفظه و لو كان شجرةً باقية، أو كومة حجارةٍ مدمرة.

الرابط:

http://www.odabasham.net/show.php?sid=77456

قراءة 1977 مرات آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 09:34
المزيد في هذه الفئة : « سمية عائد إلى حيفا »

أضف تعليق


كود امني
تحديث