قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 10 حزيران/يونيو 2015 05:23

أمُّ صلاح مع الله

كتبه  د. عبد الله الطنطاوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

هكذا كانت معروفة في قريتها الجميلة بخضرة حقولها ، الغنية ـ نسبياً ـ بما تردُّه على أسرتها من محاصيل الحنطة ، و الذرة ، و الشعير ، و البطيخ ، و الجبس ، و هو البطيخ الأحمر الذي يسميه أهل حلب و ريفها (جبس) .

 

كانت فتاة صالحة ، طيبة ، و لها ، كما لسائر صويحباتها ، أحلامها الوردية ، و كثيراً ما كانت تسرح بخيالها نحو المستقبل ،  و هي في المدرسة ، و هي تعمل في حقول أبيها الحاج مصطفى .. كانت تحلم بالزواج من فارس تلد منه فارساً تسميه صلاح الدين ، يكون كذلك البطل الذي كثيراً ما سمعت عنه من أبيها ، و من معلمتها ، و ها هي اليوم في عامها الخمسين ، و صلاح الدين الذي أنجبته ، في العشرين، و لكن .. أين هو يا حسرة ؟ إن أولاد الحرام ، لا يا ربي .. أستغفر الله العظيم من هذا الكلام .. أحد رفاقه كان يحسده على أخلاقه، و على تفوّقه في المدرسة عليه و على كل زملائه، كتب عنه للمدير، و اتهمه بأنه من الإخوان المسلمين، ليعتقلوه و يحبسوه كما حبسوا أصحابه الطيبين : أحمد، و إسماعيل، و عبدالرحمن لأنهم مثل ابني صلاح الدين، شباب متدينون، يصلون في المسجد، و لا يؤذون أحداً، و لا يعصون الله، فحبسهم الحاكم الظالم، أما ابني صلاح، فقد هرب منهم إلى حلب، و اختفى عن عيون الشرطة و المباحث، ثم هرب مع بعض زملائه إلى العراق .. و درس هناك، و صار دكتوراً قدّ الدنيا .. أنا لم أره من عشرين سنة .. و لكني فهمت من صاحبه عبد الرحمن، أن ولدي و فلذة كبدي صلاح الدين، سافر إلى اليمن .. أين اليمن، لا أعرف، و لكن الذي يسأل لا يضيع، و قلبي احترق على فراقه .. ربّيته كل شبر بنذر، هكذا نقول في قريتنا، و كنت أربيه ليكون بطلاً كصلاح الدين، و لكن الملاعين خافوا منه، خافوا أن يصير مثل البطل صلاح الدين، و سمعت أن البطل صلاح الدين، أول ما بدأ، بدأ بالخونة .. و الله غريب .. خونة ؟ و من هم أولئك الخونة ؟ من العرب و المسلمين ؟ عجيب .. العربي يخون ؟ المسلم يخون ؟ و الله آخر الزمان .. لكن البطل صلاح الدين لم يقصِّر معهم .. الذي تاب منهم، أخذه البطل صلاح الدين، و وضعه في جيشه، و الذي لم يتب، قتله و خلّص الناس منه .. و لكن يا حسرة، أين ولدي أنا الدكتور صلاح الدين ؟

 

قلت في نفسي : لا تخافي يا أمّ صلاح الدين .. قومي سافري إلى اليمن .. قالوا لي :

 

ـ إلى اليمن يا أم صلاح ؟

 

قلت لهم : نعم إلى اليمن ، و الحمد لله جمعت ثمن بطاقة الطيّارة ، يعني بدهم ياكلوني ؟ أنا أم صلاح الدين .. صحيح ابني صلاح ما عنده جيش مثل جيش البطل صلاح الدين، و ما عنده فرس مثل فرس البطل صلاح الدين، و لكنه دكتور يداوي الناس، و ينصحهم، و يحنّ على الفقير، أنا هكذا ربّيته، و هو لا يخيّب أمّه أبداً .. قال يخيّب قال .. و الله منذ كان صغيراً كان جدعاً، صاحب مروءة، شهم، ابن أبيه و أمّه، ابن تلرفعت، تربّى فيها على الفضيلة و الدين، و حبّ الفقراء و المساكين ..

 

على أي حال .. سافرت إلى حلب، و ركبت الطيارة لأول مرة في حياتي، و ما خفت، و ما ضعت .. أنا أم صلاح، و مع الله .. دائماً أنا مع الله، و من كان مع الله، كان الله معه .. هذا ما كان والدي يقوله لنا، و أنا سمعت كلامه، و اجتهدت أن أكون مع الله، ليكون الله معي، و هو، سبحانه، معي، و إلا .. كيف ركبت الطيارة ؟ الحمد لله.

 

الحمد لله ركبت الطيارة، و إن شاء الله، بعد كم ساعة أكون في اليمن عند ولدي صلاح، و يكون أخوه أبو مهدي معنا، و أفرح بهم و بأولادهم ..

 

انتبهت أم صلاح إلى المرأة التي تجلس بجانبها في الطائرة، و قالت في نفسها :

 

" ما لها هالمسكينة لا تتكلم ؟ هل هي مثلي غريبة، و لها ولد دكتور في اليمن ؟ يجب أن أتسلى معها " :

 

ـ إلى أين يا أختي ؟

 

ـ إلى صنعاء .. عندي ولد هناك، اتهموه أنه من الإخوان، فهرب منهم، و هو في صنعاء.

 

سألتها أم صلاح :

 

ـ هل ستمر الطيارة بصنعاء ؟

 

ـ طبعاً .. و أنت ماذا تفعلين بصنعاء ؟

 

ـ لا أنا مسافرة إلى اليمن.

 

ضحكت جارتها و سألتها :

 

ـ اليمن كبيرة يا أختي، فإلى أي مدينة أنت مسافرة ؟

 

ـ قلت لك : إلى اليمن .. يعني اليمن أكبر من حلب ؟

 

ضحكت الجارة و قالت :

 

ـ اليمن فيها مدن كثيرة، منها العاصمة صنعاء، صنعاء مثل الشام عندنا في سورية .. هي العاصمة .. فهل ابنك في صنعاء ؟

 

أجابت أم صلاح في حيرة :

 

ـ و الله أنا مسافرة إلى اليمن و بس .. قالوا لي : يا أمي اركبي الطيارة و تعالي إلى اليمن.

 

و سرحتْ أم صلاح بخيالها :

 

" كلّها ساعة و نكون في اليمن .. حتماً صلاح و أخوه مهدي في انتظاري على باب الطيارة، و إذا تأخروا أنتظرهم حتى يأتوا .. "

 

***

 

و شاءت الأقدار أن تدفع ولدها صلاح الدين أن يفكر في السفر إلى اليمن .. و لكن .. أنّى له هذا، و هو في العراق .. في الموصل، و هناك إجراءات تسبق السفر، و العيد على الأبواب، و لكنّ رغبته الجامحة في السفر إلى اليمن، ليكون إلى جانب أخيه أبي مهدي في العيد، جعلته يبذل جهوداً كبيرة لا يدري كيف تأتّتْ له .. كان القدر يدفعه دفعاً .. قالت له زوجته أم منصور :

 

ـ على مهلك يا أبا منصور .. قتلت حالك و أنت تركض وراء معاملة السفر.

 

قال صلاح :

 

ـ و الله يا أم منصور لا أدري إلى ماذا تسوقني أقداري ؟ كلما فكرت بالعدول عن السفر، وجدتني متحمساً أكثر لأعيّد في اليمن، مع أخي و أولاده.

 

و رنّ الهاتف، و كان المتحدث الأستاذ أبو داوود الذي يقوم على خدمة السوريين، في تأمين الإذن بالسفر .. و بشّره بإنجاز المعاملة، و يجب عليه الحضور فوراً إلى بغداد، فالطائرة سوف تقلع بعد ست ساعات.

 

و سرح صلاح و هو يجلس بجانب زوجته في الطائرة المتوجهة إلى صنعاء :

 

" يا إلهي ألف حمد و ألف شكر لك، فقد يسّرت لي سفري بقدرتك، و ليس بحولي و قوتي، و لست أدري الأسباب التي تدفعني دفعاً إلى اليمن .. عندي أشغالي و متاعبي الكثيرة في العراق، تركتها، نسيتها .. و شُغلتُ بالسفر إلى اليمن .. قلت لنفسي : يا صلاح اعقل، لو فرضنا أن أبا داوود تمكن من تأمين تأشيرة الخروج من العراق، فمن أين تأتي بثمن البطاقات لك و لزوجتك و لطفلك الصغير .. و لكنّ القدر غلّاب، فها أنا الآن بقدرة قادر، أنا و زوجتي و طفلي في الطائرة إلى صنعاء، و أخي أبو مهدي لا يعلم بسفرنا، لم أتمكن من مهاتفته .. يا الله .. أكلمه من المطار، و ننتظره حتى يجيء و يأخذنا .. هذه أول مرة أسافر فيها إلى اليمن، و الغريب أعمى و لو كان بصيراً ..!!

 

انتبه صلاح إلى زوجته التي تكلمه :

 

ـ أين أنت سارح يا صلاح ؟ ابننا منصور محتاج للحمام .. تأخذه أنت أم آخذه أنا ؟

 

ـ خذيه أنت .

 

نهضت أم منصور و سحبت طفلها إلى الحمام، و وقعت عيناها على امرأة تلبس لباس الفلاحات في ريف حلب، و بعد عودتها من الحمام، وقفت أمام تلك المرأة الفلاحة، و تبادلت معها أطراف الحديث، و قام في حدسها أن هذه المرأة هي حماتها، فأسرعت إلى زوجها :

 

ـ صلاح .. صلاح .. هناك امرأة أظنّها أمّك.

 

هبّ صلاح واقفاً و سأل زوجته :

 

ـ كيف عرفت أنها أمي، و أنت لا تعرفين أمي ؟

 

ـ لا أدري .. اذهب إليها هناك ..

 

أسرع صلاح إلى حيث أشارت زوجته، و إذا هي أمّه .. أم صلاح .. انكبّ على يديها و على رأسها، و على خدّيها، و أشبعها قبلات، و غسلها بدموعه الحرّى، و أمّه التي لم تر وجهه تصيح و هي تشمّه و تقبله :

 

ـ ابني صلاح .. ابني صلاح ..

الرابط: http://www.odabasham.net/show.php?sid=84711

 

قراءة 2122 مرات آخر تعديل على الإثنين, 13 تموز/يوليو 2015 15:11

أضف تعليق


كود امني
تحديث