قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الخميس, 19 تشرين2/نوفمبر 2015 08:40

في قلبها ألم

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(1 تصويت)

و خلف زوايا الألَم، يقبع متخفيًا حلمُها الحزين، مستسلمًا للآه، متنكرًا لكلِّ ما هو مغبِط و جميل.

لَم يعُد في حياتها ما يستحق الاهتمام، أو بالأحرى ما يجلب الفرحَ و الانشراح، فقد سَحقَت الأيامُ بظلالها الدَّاكنة السوداء قلبَها و أحلامَها، التي تأبى إلاَّ أن تنبت في أرض قاحلة جرداء.

هي أرملة في الأربعينات من عمرها، لا يزال جمالُها أخَّاذًا، و قدُّها يافعًا، سحر عيونها يأسر الألبابَ.

حين تقع عليها العين، و للوهلة الأولى تحسبها بنت العشرين، لكنَّها أمٌّ لخمسة أطفال، أو قل إن شئتَ: خمسة أطلال، فكلُّ واحد من أبنائها هو طلل لِما مضى من حياة هانئة و عيشٍ سعيد.

قلبها يتفطَّر دمًا لذكرى زوج لم يَترك لها إلاَّ الفقر و الألَم و المرارة..

آه! لكَم جارَ الزمانُ عليها و على مثيلاتها، ممَّن يحملنَ أعباءَ تخلُّف المجتمع و جهالته، هنَّ يدفعن الثَّمنَ منهكات، تمشي الواحدة منهنَّ و قد أثقل الإملاقُ ممشاها، و قصم الجوعُ و العوز ظهرَها، و إلى ضنك العيش أردَاها، تتعثَّر ثَمِلةً من الآه و الوجع.

لم تجد أحدًا يرثي لحالها، و منذ وفاة زوجها، تغيَّرَت نظرة المجتمع إليها، تكاد من همِّها تستنطق الحجرَ و الشَّجر ليعرِّفاها ذنبها، و ما الذي جنَت حتى يتنكَّر لها الجميع!

عادَت منهكةً تمامًا بعد ساعاتٍ من العمل المضني بأحد البيوت، و السَّعي في شوارع المدينة؛ بحثًا في دكاكينها عن كلِّ ما أوصاها به أبناؤها من حاجيات، ثمَّ الإسراع إلى محطة الحافلات علَّها تَظفر بمكانٍ و لو وقوفًا بين أمواج من البشر، فالمهمُّ عندها أن تعود و تحتمي بجدران بيتها، مخافةَ أن يرخي الليلُ أستارَه عليها و هي لا تزال خارج البيت.

جلسَت على عرش الحَزَن.. بعد أن أتمَّت صلاتها، متَّكئة على الحائط، مالَت برأسها على كرسيٍّ خشبيٍّ قديم، واضعةً يدَها على خدها، متأمِّلة حالها.. أصغَت لحديث نفس.

أرهقَتها الوَحدةُ، و هدَّها الانتظار، ترنو بعين الحَسرة و الأسى إلى ربيع عُمْرٍ يتفلَّت منها بتفلُّت الأيام.. جالَت بفكرها بعيدًا، و سرعان ما أخذها إليه...

لطالما حلمتُ بذلك اليوم، الذي أُسند فيه رأسي إلى صدرك، أحكي لك مواجعي.. فمَن سواك ينتشلني من ألمي، و من سواك يلثم آهاتي؟

أفاقت على دقَّات قرعٍ قوية للباب، صرخ أصغرُ أبنائها: مَن؟

إنَّه هو.. ذلك الشَّهم الكريم، مَن مسح الوجعَ عن أيتامها، و كفكَف دموعَهم..

جاء و كعادته ليدفعَ المصروفَ الشهري الذي تكفَّلَت به جمعيتُه الخيرية لأيتامها الخمس.

أطرقَت بوجوم.. جالَت بنفسها خواطرُ شتَّى.. تلقفَت أشدها وجعًا:

و هل لمثله أن يلتفتَ لأرملة في مثل حالي!

ابتسمَت و هي تودِّعه، دلف بسرعة داخل سيارته، تركزَت عيناها على صورة دَمعة يتيم علقَت على الواجهة الخلفيَّة للبارتنر.. حتى أخفَته الأزقَّة الملتوية.

مسحَت دموعَها المتحدرة - رغمًا عنها - على خدَّيها، أغلقَت البابَ خلفه، لكن باب قلبها لم ينغلق.. فقد سكنَه و تربَّع على عرشه.

هو عرشٌ طاهر، ما زاغ و ما عرف الهوى، لم يخفق قبلَه إلا لزوجٍ كريم بادلها الحب و الاهتمام، تعاهدا و من ليلة زفافهما الأولى ألاَّ يفرِّقهما إلا هادمُ اللذَّات.

آه! يا هادم اللذَّات، يا هازِمها و ماحيها! ها هي بعده - و قد أضحى في التراب رميمًا - كسيرةً حسيرة، جائعة معدمة، تعاتِب من حرَّم تعليمَ الأنثى، تحمِّله هي و مثيلاتها أوزار آلامهنَّ و آهاتهنَّ.

آه! لقد كبلهنَّ بأغلال الجهل، و قيود الألَم، فأورثهنَّ مرارة الدَّهر و قساوة الوجع.

جلسَت بين يدَي معلمة "نحو الأمية"[1] فبادرَتها: كم عمرك؟

التفتَت إلى إحدى قريباتها متسائلة: كم عمري و الله؟

أجابت الأخرى: أظنُّك في الثالثة و الأربعين.

تعجَّبَت.. صحيح أنا في الثالثة و الأربعين!

وا كبدًا طارت تصدُّعًا من الأسى! توقَّف الحرفُ و النَّبض و الفكر ها هنا..

أي مجتمعٍ ظالم هذا؟! و أيُّ قساوة تلك؟! و ما هذا التهميش و الإذلال للإنسان الذي خُلق حرًّا كريمًا؟!

هشَّ الحظ لها ذات حلمٍ.. حين تعلَّمَت كتابةَ و تهجِّي حروف اسمها.

ردَّت بابتسامة خجولٍ على تعليق إحدى الحاضرات:

هنيئًا؛ لقد دخلت عالمَ الحرف و القلم.


[1]تخطئ الأميَّات عندنا.. و يسمُّون مدارس محو الأمية بـ "نحو الأمية"، فأصبح الكل يسميها مازحًا بـ "مدارس نحو الأمية".


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/literature_language/0/93768/#ixzz3qvpSejAm

قراءة 1687 مرات آخر تعديل على الجمعة, 20 تشرين2/نوفمبر 2015 06:17

أضف تعليق


كود امني
تحديث