قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الأربعاء, 06 نيسان/أبريل 2016 06:52

العِقد الأحمر

كتبه  الدكتور عبد الكريم عكيوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

في لحظة عزلة و انفراد، وقف أبو الوفاء بن عقيل(1) يتأمل حاله و هو شاب أعزب، تتحرك في نفسه رغبة الاقتران بفتاة تبادله الحب و تشاركه أحوال الحياة بمسراتها و أحزانها، لكن كيف يبلغ مناه و قد حفت به أحوال الفقر و الحاجة. لم يجد بدًّا من العفة و الاشتغال بالعلم، فتناسى أمر الزواج و أقبل على طلب العلم الشريف. دخلت أشهر الحج فعقد العزم على الحج من عامه.

خرج أبو الوفاء من بلده "بغداد" و هو عالم شاب أعزب يأخذه الشوق إلى بيت الله الحرام... أحرم بالحج و دخل مكة ملبيًا، لا يكف عن ذكر الله تعالى و سؤاله من حسنة الدنيا و حسنة الآخرة. و بينما هو في الحرم المكي يؤدي المناسك، إذا به يجد على الأرض عقدًا أحمر من لؤلؤ نفيس جدًّا، فأخذه و التقطه... بعد لحظة سمع مناديًا ينادي: "يا معشر الحجاج، من وجد عقدًا أحمر فليأت به إلى مكان كذا و كذا و له مكافأة حسنة". جاء أبو الوفاء إلى المكان المعين فوجد رجلاً وقورًا تبدو عليه آيات العلم و الدين و الورع و التقوى... وصف له العقد فعرف أنه صاحبه فرده إليه و ترك المكافأة قائلاً: "إنما هو عقدك و ليس لي منه و لا من مالك شيء". شكره الرجل و دعا له بالخير و بـ"أن يعوضه الله خيرًا منه".

قضى أبو الوفاء حجه و مكث بضعة أشهر بـ"مكة"، ثم عزم على العودة إلى بغداد... و في طريقه إلى "بغداد" مرّ بمدينة "حلب" في بلاد "الشام"، فدخلها بقصد لقاء عالمها و إمام مسجدها الجامع و قد كان يسمع عنه و عن علمه و ورعه... كان الزمان أول ليلة من رمضان، فأتى مسجدها الجامع فسأل عن إمامه فأخبروه أنه قد مات منذ بضعة أيام.

بعد يومين من مكوثه في "حلب"، و بينما أبو الوفاء يستعد لاستئناف سفره، جاءه نفر من أعيان البلد، بعد أن عرفوه و أخبروا بسعة علمه و ورعه، فأشاروا عليه بالبقاء معهم في حلب يؤمهم في التراويح، و يعلمهم مما فتح الله عليه من علم و معرفة.

أقام أبو الوفاء في "حلب" شهر رمضان يؤم الناس في المسجد الجامع، و يعقد درسًا للعلم و الوعظ كل يوم... أعجب الناس بحسن تلاوته، و شدهم إليه سعة علمه و حسن وعظه، و قدرته على تحريك القلوب و تذكيرها بالله تعالى، فأحبه أهل حلب و تعلقوا به.

اجتمع أعيان حلب للتشاور في أمر المسجد الجامع و في أمر إمامته، فاجتمع رأيهم على أن يستبقوا أبا الوفاء إمامًا لهم. و حتى تعظم رغبته في البقاء بـ"حلب" أشار أحدهم أن يعرضوا عليه الزواج من بنت إمامهم و قد تركها وحيدة لأنه لم يكن له من الولد غيرها.

في اليوم التالي و بعد صلاة العشاء رجع أبو الوفاء إلى منزله، فجاءه نفر من أعيان حلب، و بعد أن استأنسوا به و استأنس بهم تكلم أحدهم قائلاً:

- يا أبا الوفاء، جئناك لأمر عظيم عندنا نعرضه عليك و نرجو أن توافقنا عليه.

- خيرًا إن شاء الله.

- إن من فضل الله علينا أن جاء بك إلى "حلب" فأقمت عندنا شهر رمضان المبارك، و قمنا معك من الليل ما نرجو به لنا و لك الأجر العظيم عند الله تعالى، و أخذنا من علمك ما رغبنا في المزيد، و إن أهل حلب قد استأنسوا بمقامك بينهم و تعلقت بك قلوبهم.

- هل معنى هذا أنكم تطلبون مني البقاء في حلب؟

- أجل يا أبا الوفاء، يعز علينا فراقك، و أنت شاب أعزب، و إننا نشير عليك بالزواج، و إن شيخنا و إمامنا -رحمه الله- ترك بنتًا لم يكن له من الولد غيرها، و إن الله تعالى قد أتاها من الجمال و المال و الدين و الورع ما يرغب الرجال فيها، فإن شئت تزوجتها و أقمت عندنا و أنت بيننا صاحب الفضل الأسمى و المقام الأعلى.

- أشكر لكم حسن ظنكم و جميل عنايتكم، و أما ما طلبتم فلا جواب لي حتى أستشير و أستخير.

أقام أبو الوفاء أيامًا بعد ذلك يصلي صلاة الاستخارة يسأل ربه تعالى أن يلهمه الصواب، حتى أصبح يومًا و قد اطمأنت نفسه إلى الزواج، و تعلق قلبه بالفتاة التي وصفت له أشد ما يكون التعلق.

أبلغ أبو الوفاء الناس موافقته على المقام و الزواج، فأعدوا له عرسًا يليق بمقامه و بدأوا في تجهيز العروس استعدادًا لليلة الزفاف.

دخل أبو الوفاء على عروسه... فلما نظر إليها سحره جمالها، و أخذ بقلبه استنارة وجهها و بهاء محياها و ما يلوح من عينيها من سمات الحياء و علامات العفة و الصلاح. لم يشعر أبو الوفاء حتى سيطرت عليه دهشة الدخول... فإن لكل داخل دهشة كما يقال... فطأطأ رأسه فنظر إلى عنقها فإذا هو مزين بعقد جميل أحمر مثل الذي التقطه في "مكة"، فبدت على وجهه سمات العجب و الدهشة! لما رأت العروس تغير وجهه فزعت و خافت أن يكون رأى منها شيئًا يكرهه. بعد لحظة صمت و وجوم، استعادت فيها العروس أنفاسها و تمالكت نفسها، فاستجمعت قواها لتسأله عن حقيقة الأمر.

- يا أبا الوفاء، أستحلفك بالله أرأيت شيئًا تكرهه؟ أرأيت مني شيئًا.

- ليس في الأمر شيء مما تقولين، و إنما عقدك هذا!..

- ما شأن عقدي هذا!؟

- لما رأيته ذكرت عقدًا مثله التقطته في "مكة" و رددته إلى صاحبه، و كأنه هو.

- أأنت هو!؟

فجعلتْ تبكي بكاء شديدًا... فلما هدأت من البكاء قال لها:

- أسألك بالله ما الذي أبكاك؟

- إن العقد الذي وجدته في مكة... و الله إن هذا هو، و ذلك والدي. و أما الذي أبكاني، فإنني ذكرت والدي و قد كنت بنته الوحيدة و كان يحبني أشد ما يحب الرجل ولده، و كنت كثيرًا ما أسمعه يدعو فيقول: "اللهم زوج ابنتي رجلاً صالحًا أمينًا، يكون في أمانته مثل الرجل الذي رد إليّ عقدي"... فكان الرجل صاحب العقد عندي في المقام الشريف أذكره كلما سمعت دعاء والدي فتعلقت به من غير أن أعرفه... و قد علمتُ الآن أن الله تعالى استجاب دعاء والدي فزوجني رجلاً أمينًا أحببته قبل أن أراه، فبكيت فرحًا من رضوان الله على والدي لما استجاب دعاءه، و من رعايته تعالى لي بعد وفاته.

لم يتمالك أبو الوفاء نفسه من الفرح و السرور فانهالت دموعه، و احتضن عروسه، فجعلا يبكيان فرحًا باقترانهما على تقوى من الله و رضوان، و مودة بينهما و عناية الله تعالى بهما.

كان أبو الوفاء خير زوج لزوجته، و كانت له خير زوجة يجمعهما حب جميل و وفاء عظيم.

بعد بضعة أشهر من الزواج و العشرة الطيبة الجميلة، مرضت الزوجة ثم ماتت من مرضها. حزن أبو الوفاء أشد ما يكون الحزن، ثم سلم أمره لله تعالى.

لم يعد أبو الوفاء يطيق البقاء في "حلب"، فعزم على الرحيل إلى بلده "بغداد"... جمع الناس و طلب إحضار الورثة، فلم يكن لها وارث غيره. جعل أبو الوفاء ينظر فيما ورثه من الدراهم و الدنانير و غيرها من المال و المتاع... ثم وقع نظره على العقد الأحمر فذرفت عيناه. فجمع العقد و الميراث ثم رجع إلى بغداد.

ـــــــــــــ

الهوامش:

(1) هو أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي الحنبلي المتوفى سنة 513 للهجرة. و هي قصة واقعية ليس فيها من زيادة و لا تعديل سوى ما يقتضيه فن القصص من استكمال الفراغ في بعض الأحداث.

الرابط: http://www.hiramagazine.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%90%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%B1

قراءة 2603 مرات آخر تعديل على الجمعة, 08 نيسان/أبريل 2016 05:46

أضف تعليق


كود امني
تحديث