قال الله تعالى

 {  إِنَّ اللَّــهَ لا يُغَيِّــرُ مَـا بِقَــوْمٍ حَتَّــى يُـغَيِّـــرُوا مَــا بِــأَنْــفُسِــــهِـمْ  }

سورة  الرعد  .  الآيـة   :   11

ahlaa

" ليست المشكلة أن نعلم المسلم عقيدة هو يملكها، و إنما المهم أن نرد إلي هذه العقيدة فاعليتها و قوتها الإيجابية و تأثيرها الإجتماعي و في كلمة واحدة : إن مشكلتنا ليست في أن نبرهن للمسلم علي وجود الله بقدر ما هي في أن نشعره بوجوده و نملأ به نفسه، بإعتباره مصدرا للطاقة. "
-  المفكر الجزائري المسلم الراحل الأستاذ مالك بن نبي رحمه الله  -

image-home

لنكتب أحرفا من النور،quot لنستخرج كنوزا من المعرفة و الإبداع و العلم و الأفكار

الأديبــــة عفــــاف عنيبـــة

السيـــرة الذاتيـــةالسيـــرة الذاتيـــة

أخبـــار ونشـــاطـــاتأخبـــار ونشـــاطـــات 

اصــــدارات الكـــــاتبــةاصــــدارات الكـــــاتبــة

تـــواصـــل معنــــــاتـــواصـــل معنــــــا


تابعنا على شبـكات التواصـل الاجتماعيـة

 twitterlinkedinflickrfacebook   googleplus  


إبحـث في الموقـع ...

  1. أحدث التعليــقات
  2. الأكثــر تعليقا

ألبــــوم الصــــور

e12988e3c24d1d14f82d448fcde4aff2 

مواقــع مفيـــدة

rasoulallahbinbadisassalacerhso  wefaqdev iktab
الإثنين, 28 حزيران/يونيو 2021 10:05

و دفع الثمن

كتبه  الأستاذة عليمة نعون
قيم الموضوع
(0 أصوات)

سألني ذات يوم: أمي.. أمي، هل الحنين يُشبه الموت؟

اندهشت لسؤال صبيٍّ في مثل هذا العمر، فكيف له أن يحمل في ذهنه أفكارًا أكبر من سنِّه و قدرة استيعابه، لم أكن أدري أنه يَكبَر بسرعة؛ لأنني كثيرًا ما كنت أراقبه من بعيد، و كيف لي أن أكون إلى جانبه و أنا طول اليوم مُنشغلة في عملي بالمكتب و المنزل؟

مرَّت الأيام و أنا لا أزال بعيدة عنه و هو يَكبر، و لم أجبه عن سؤاله؛ لأنني لا أملك قدرة فلسفية كقدرته.

حدث و أنِ التقيتُه ذات مرة بجانب بيت الجيران مع ابنهم فسألته: بُنيَّ، ألم تعد بعْدُ إلى البيت؟ فرد عليَّ: و كيف لي أن أعود و الحنين يُشبِه الموت في ذلك البيت يا أمي؟

ها هو يعاود نفس العبارة و أنا لم أفهم بعدُ ما يَقصده، ظننتُ للحظة أن هناك من يغذي أفكار هذا الولد و قد يُسمِّمها إن أنا بقيتُ بعيدة لا أراقبه، كنتُ أحس بضعف شديد و أنا أكلمه، فكلما حاولت فهمه يتمادى عشقه للفلسفات أكثر من أن يتكلم معي و بوضوح.

هو الآن في غرفته: طرقت الباب و طلبت إذنًا بالدخول؛ حتى أتمكَّن من توطيد علاقتي بابني الوحيد الذي لا أملك غيره و لا يملك غيري، فوالده هجرَنا بسبب الإدمان، و أنا خائفة من أن يسلك هذا الولد الصغيرُ في عمره الكبيرُ في ذهنه نفسَ الطريق، ما أن سمح لي بالدخول حتى أخذته في حِضني و قلت له: أمك تحبك و تشتاق إليك كثيرًا، و أنت أملها الوحيد في هذه الحياة، من أجلك تفعل أي شيء، و كأني بذلك أقدم له مبرر غيابي عن المنزل، فلم أشأ أن أقولها له بطريقة مباشرة: أنا أعمل لتعيش أنت؛ حتى لا أُحسِّسه بذنب وجوده، مع أن الذنب كان على والده أن يتحمَّله، سكت قليلاً ثم قال لي: أمي، ما هو الحب؟ بدا لي سؤاله محيرًا لكنه عادي في الوقت ذاته، أجبتُه: الحب يا ولدي هو ما أَشعُر به تجاهك، و ما نشعر به نحن تجاه والدينا، و قبلهما الله، الحب هو أن أحس بغيري عندما يَحتاجون لي و أحس بهم عندما يفرحون أو يتألمون، الحب هو مشاعر بين صديقين، أخوين، حبيبين... ثم قاطعني قائلاً: هل أبي يُحبني يا أمي؟ تلعثم لساني و لم أجد ما أقوله له غير كلمة واحدة: نعم يا حبيبي، فقال لي: لماذا تركني إذًا؟ تأخر الوقت يا بني، نمْ و غدًا بحول الله نكمل حديثنا.

انتفض من مكانه كأسد يهمُّ بالهجوم صارخًا: لماذا أنتم - الكبار - تتهرَّبون من كل ما نودُّ معرفته منكم؟ لماذا توهموننا بواقع ليس لنا و لا نعيشه؟ لماذا تُحاولون دائمًا إخفاء الحقيقة مع أنكم تعلِّموننا ألا نُخفيها؛ فالله يُعاقبنا لأجل ذلك؟ ألن يعاقبكم الله لأنكم تفعلون كل هذا بنا؟

ابني يَكبر، هذا ما استنتجته، و عندما يكبر الولد يسأل أكثر من الصغر، أمسكت بيده و قلت له: اجلس يا بني سأجيبك لماذا فعلت كل هذا، إنه نوع من التضحية يا بني، ألا تحب السمك؟ قال: بلى يا أمي، و لكن لماذا هذا السؤال؟ أنا أيضًا - يا بني - أحب السمك، و معظمنا يحبه، و لكن لكي نأكله لا بد على السمك أن يترك البحر، هو بذلك يضحي و نحن أحيانًا علينا أن نكون مثل السمك، فقال: كيف يا أمي، أنموت ليعيش غيرنا؟ قلت له: تقريبًا، لكن الموت مختلف هنا، فالسمك يموت حقًّا، أما نحن فنموت مجازًا، مثلاً أنا أعمل في المكتب طول اليوم، و في المساء مشغولة بأعمال المنزل، و التسوق، و تَصليح ما يفسد في المنزل، أنا امرأة و رجل في الآن ذاته، و كأنني بذلك أموت لأضمن لابني حياة مريحة، قال لي: لكنَّني لا أرتاح إلا بوجودك إلى جانبي، و أنا لا أحتاج إلى شيء آخر إلا أنت، أمي ألا ترين كم أتعذَّب؟ أبي لا أعرف حتى ملامحه و لا أتذكرها، و أنت طول اليوم بعيدة عني، فلماذا لا أموت أنا و هكذا أضحِّي لتعيشين أنت مرتاحة، و ربما يعود إليك أبي؟

يا بني، يا قلب أمِّك، كيف لي أن أعيش من دونك؟ أما والدك، فهو قد أخطأ حقًّا، لكنه الآن نادم و هو يعالج، هو اختار طريقًا سيئًا جرَّبه وعرف كم هو مؤلم هذا الطريق و كم جعله يخسر، لكنه لم يتركك، سيعود إلينا يومًا.

أمي، ألم تدركي ما معنى الحنين يُشبه الموت؟ أنت تتحدثين عن التضحية و تُعرِّفينني بالحب و تشرحين لي غياب أبي، لكنك لم تجيبيني عن سؤالي؛ لأنك تجهلين يا أمي حجم حنيني لمن أحبهم، تجهلين كم أحنُّ إليك و إلى أبي، كم تمنيتُ في مرات عديدة أن أمسك يده و نذهب معًا إلى المسجد أو التسوق، كم تمنَّيت أن أذهب أنا و هو إلى الحديقة، كم تمنيت أن أجده إلى جانبي و هم يقدمون لي جائزة نجاحي، كم و كم و كم... أليس هذا موتًا يا أمي؟

أعلم كم تتألم يا ولدي! و أعلم كم تحتاج إلى والدك ليكون صديقًا لك، و أعلم أنك تشتاق لنا معًا، لكن ما الذي يُمكنني أن أفعله لك؟ إنه قدَري و قدَرُك يا بني.

يومًا ما ستدركين يا أمي أن الموت أهون من الحنين عندما لا تَجدينني إلى جانبك، ستُدركين ذلك... قالها ثم نام، و دخلتُ أنا مرة ثانية في دوامة الحيرة.

مرت أيام و الولد يذهب إلى مدرسته و يعود دون أن يتكلم كثيرًا، تغيَّر مؤخرًا، صار انطوائيًّا، و لم يعد يسأل كالسابق، فقَلِقتُ لهذا الوضع و أجبرته على أن يتكلم معي و يُخبرني ما به، فردَّ عليَّ بنفس الكلام: الحنين يشبه الموت يا أمي، و بدأت أدرك تمامًا ما يَعنيه، أتراني سأفقد ابني؟ لا لا هي مجرد أفكار سوداء، ربما يحتاج للحظات يبقى فيها وحده، هذا فقط ما يمر به في هذه الأيام.

ذات يوم و أنا في عملي جاءتني مكالمة هاتفية، أجبتُ فإذا بها مديرة المدرسة التي يدرس بها ابني تخبرني أنه قد مات فجأة! أحسست لحظتها بسكين قطع قلبي، انهرتُ و كم بكيت و كم صرخت و كم تألمتُ فقط لأنني أدركت أن الشوق يَقتل، و ابني مات شوقًا إليَّ و إلى أبيه، أيعقل أن نكون مجرمين؟ أنا و هو قتلنا ابننا الوحيد، قتلناه شوقًا، هذا ما قصده ابني، ابني مات؛ لأنه كان يحنُّ إلينا بشدة، دفع ثمن خطأ والده و خطئي ببُعدي عنه، و كأن الحياة هي احتياجات فقط، مع أنها مشاعر قبل كل شيء، أنا تكلَّمتُ مع ابني عن الحب، و قلت له: أن تحسَّ بغيرك، و أنا لم أكن أحس بما هو فيه... ابني دفَعَ ثمن أنانيتنا... دفع ثمن أخطائنا نحن الكبار.

الرابط : https://www.alukah.net/literature_language/0/67669/

قراءة 902 مرات آخر تعديل على الإثنين, 28 حزيران/يونيو 2021 17:48
المزيد في هذه الفئة : « غــد آخــر ... قصة سمكتين »

أضف تعليق


كود امني
تحديث