(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Thursday, 23 July 2015 10:09

حمد الله: بين اللفظ و الجوهر ...

Written by  الأستاذة أمال السائحي.ح
Rate this item
(0 votes)

و أنا أفكر في موضوع أكتب فيه، و المصباح إلى جانبي، وجدتني أردد في نفسي: الحمد لله رب العالمين على نعمه الظاهرة و الباطنة...و اندفعت أغوص كغوص السمك في البحار و أنا أقرأ ما جاء في كلمة "الحمد لله" من جمال و إجلال و من معاني الكمال...

يقول العلماء:"الحمد في لغة العرب ضد الذم، و قد تعددت أقوال العلماء في تحديد معنى الحمد، و إن كانوا متفقين في الجملة على أنه ثناء و مدح، و من أفضل من تكلم على تعريف الحمد الإمام ابن القيم في كتابه (بدائع الفوائد) حيث قال: ... فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه و إجلاله و تعظيمه...

فالحمد لله إذن هي كلمةُ مباركة، و هي ثناء في دعاء، و دعاء في ثناء. تجري على الألسنة بسهولة و يسر، و هذا من فضل الله  و منته على عباده،  الكلمة التي اختارها الله فاتحةً لكتابه العزيز، " الحمد لله رب العالمين"، بكل ما تحمله من معاني و أسرار لفظية و جوهرية، كنوزها لا تنفد. يقول سيّد قطب رحمه الله: ((و الحمد لله، هو الشعور الذي يفيض به قلب المؤمن بمجرد ذكره لله، فإن وجوده ابتداء ليس إلا فيضاً من فيوضات النعمة الإلهية، التي تستجيش الحمد و الثناء، و في كلّ لمحة، و في كل لحظة، و في كل خطوةٍ تتوالى آلاء الله و تتواكب و تتجمع، و تغمر خلائقه كلّها، و بخاصة هذا الإنسان، و من ثم كان الحمد لله ابتداء، و كان الحمد لله ختاماً قاعدة من قواعد التصور الإسلامي)).

و روى الإمام مسلمٌ في صحيحه عن عبد الله بن عمر قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلـى الله عليه و سلم قال رجلٌ: الله أكبر كبيراً، و الحمد لله كثيراً، و سبحان الله بُكرةً و أصيلاً، فقال النبي: "مَن القائل كذا و كذا؟" فقال رجل من القوم: أنا قلتُها يا رسول الله. قال: "عجبتُ لها فُتحت لها أبواب السماء"، قال ابن عمر: فما تركتها منذ سمعت رسول الله يقولهنَّ.صحيح مسلم (رقم:601).

و قد وقفت على هذا الشرح الجميل لكلمة "الحمد لله" يقول الشيخ علي الطنطاوي:" هي ليست كلمة تقال باللسان و لو ردّدها اللسان ألف مرة، و لكن الحمد على النعم أن تفيض منها على المحتاج إليها، حمد الغني أن يعطي الفقراء، و حمد القوي أن يساعد الضعفاء، و حمد الصحيح أن يعاون المرضى، و حمد الحاكم أن يعدل في المحكومين، فهل أكون حامدا لله على هذه النعم إذا كنت أنا و أولادي في شبع و دفء و جاري و أولاده في الجوع و البرد؟، و إذا كان جاري لم يسألني أفلا يجب على أنا أن أسأل عنه؟ و لكن لا يكفي العباد إلاّ من خلقهم، و لو أردت أن تكفي جيرانك من الفقراء لأفقرت نفسك قبل أن تغنيهم...و أضاف قائلا: "و لو كنت غنيا لما استطعت أن أغنيهم، فكيف و أنا رجل مستور، يرزقني الله رزق الطير، تغدو خماصاً و تروح بطاناً؟ فالإنسان قد سخره الله لأخيه و هكذا، حين يتصدق على فقير، أو يعيد مريضا، أو يكفل أرملة أو يتيما، أو يساعد ضعيفا، فهو خدم نفسه من حيث لا يدري، و سبحان الله في ملكه قد قدر الأرزاق كما رزق الطير، تغدو خماصا و تروح بطانا.

فهل يا ترى حققنا معنى الحمد في اللفظ و الجوهر؟ هل حققناه مع الله عز و جل؟ الحمد على النعم التي لا تحصى و لا تُعد، و على مواطن كثيرة في حياتنا منها الابتلاءات و الأمراض التي ترفعنا درجات، لأنه في حقيقتها هي ليست بنقمة و لكن نعمة تزيد في ميزان حسناتنا إذا حمدنا الله و شكرنا، و تجعلنا نستشعر قيمة الصحة و العافية، و هل حققنا الحمد في التكافل بيننا من زيارة مريض؟ و السؤال على صلة الرحم؟ إلى غير ذلك من صور البر و الإحسان...اللهم إنا نسألك أن تجعل قلوبنا و ألسنتنا و جوارحنا تلهج بحمدك ما أحييتنا.

Read 1602 times Last modified on Wednesday, 31 May 2017 16:15