الشريعة الإسلامية شريعة الجد و الحزم، و عدم التلاعب و الفوضى. و المؤمن كيّس فطن لا تلهيه الآمال ، بل ينظر و يترقّب النتائج.
التسيّب و الفوضى و الرداءة دفعنا ثمنها وسنظل ندفع الثمن غاليا.
في حياتنا يجب أن نصطفي الأشياء النبيلة فقط ، و نهرب من البهرجة الصّاخبة.
لتكن خياراتنا متطلّبة، لتكن خيارتنا من المستوى الرّفيع، فنبينا صلّى الله عليه و سلّم علّمنا إذا سألنا الله الجنّة أن نسأله الفردوس الأعلى، فهي أعلى الجنّة و أوسطها، و فوقها يأتي عرش الرحمان.
علمنا الهمّة العالية في الدعاء مع اتخاذ الأسباب . كما أنّه صلّى الله عليه وسلّم كان يرجوا أن ينال الوسيلة، و إنّها مرتبة في الجنّة لا تنبغي إلا لعبد واحد من عباد الله.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص-رضي الله عنهما-أنّه سمع النبي صلّى الله عليه و سلم يقول:" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلّوا علي، فإنّه من صلّى عليّ صلاة، صلّى الله عليه بها عشرا ، ثم سلو الله لي الوسيلة فإنّها في الجنّة و لا تنبغي إلاّ لعبد من عباد الله... و أرجوا أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة،حلّت له الشفاعة «حديث صحيح رواه مسلم.
فانظر رحمك الله كيف إتخذ النبي –صلّى الله عليه وسلم-كل الأسباب ليبلغ هذه الدرجة الرّفيعة بتحقيقه العبودية لله تعالى، ثم طلب من كل مسلم الدعاء له لبلوغها، خمس مرات في اليوم و الليلة.
و انظر إلى دعائه –صلى الله عليه وسلّم إذا أخذ مضجعه من الليل يقول: «بسم الله وضعت جنبي، اللهم إغفر لي ذنبي، و اخسئ شيطاني، و فك رهاني، واجعلني في النديّ الأعلى " راه أبو داوود وهو حديث صحيح.
قال الخطابي –رحمه الله في شرح هذا الحديث:" النديّ: القوم المجتمعون في مجلس، و مثله النادي، و جمعه أندية، قال يريد بالنديّ الأعلى: الملأ الأعلى من الملائكة.
عدم السعي للأفضل و الأعلى من صفات اليهود، الذين استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير، علينا أن لا نقبل أبدا بخيارات من المرتبة الثانية. إذ كلما كانت عناصر محيطنا ٌأقرب للكمال، ازددنا قربا إلى السكينة.
يقول الإمام ابن الجوزي رحمه الله تعالى: «إنما ينبغي أن تقع المخالطة للأرفع و الأعلى في العلم و العمل ليستفاد منه"، عدم السعي للأفضل لا يكون إلا من جهل أو هوى نعوذ بالله منهما. كلّما كان العمل يعين على طاعة الله كان أفضل.
يجب أن نعرف ما ينفعنا و يسعدنا في الدارين، و نجتهد في تحصيله، حياتنا ، قراءاتنا ،كتاباتنا علاقاتنا، نحن مطالبون بالجودة، ألم يقل ربنا عزّ و جل
( الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملا و هو العزيز الغفور) سورة الملك.
أرسم لنفسك كبر الهمّة، و لا تنفلت منه و قد أومأ الشرع إليهما في فقهيات تلابس حياتكم لتكون دائما على يقظة من اغتنامهما، و منها: إباحة التيمم للمكلف عند فقد الماء و عدم إلزامه بقبول الهبة ثمن الماء للوضوء لما في ذلك من المنّة التي تنال من الهمّة منالا. و على هذا فقس و الله أعلم.
لذا فإن عملنا الحقيقي هو السعي من أجل حياة أرقى في الدارين.