(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 20 آب/أغسطس 2017 13:08

فتنة المجالس

كتبه  الأستاذة كريمة عمراوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

( انما مثل الجليس الصالح و الجليس السوء كحامل المسك، و نافخ الكير فحامل المسك : إما أن يحذيك، و إما أن تبتاع منه، و إما أن تجد منه ريحا طيبة، و نافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك، و إما أن تجد منه ريحا خبيثة) أخرجه البخاري و مسلم عن أبي موسى الأشعري.

تجنب مجالس اللهو يعين على حبس اللسان، حبس الرجل نفسه في مجالس الطاعة و مجالس الذكر  أو في المساجد  أو في البيوت أهون عليه من أن يخلط الناس ثم يخوض فيما يخوضون فيه، فهو بين خطاءين إما سكوت عن حق و إما كلام في باطل، إما تخالط الناس بخير أو تعتزلهم بخير، أما المخالطة لأهل الشر و الفتنة في مجالسهم، و كثرة الدخول في أماكن الفتن من الأسواق و غيرها، فهو سبب لفتنة اللسان، و غيره، النبي صلى الله عليه و سلم حذر من مجالسة أهل السوء، كما أنه لا يجوز مجالسة المخالفين، كل جليس يضرك في دينك أو دنياك فلا يجوز مجالسته، من العقل مصارمة الأحمق، و أصحاب الاخلاق السيئة و الابتعاد عن مجالستهم.

من أسباب الانحراف و عدم الثبات الدخول في الفتن، الفتن كثيرة، هناك فتن خاصة مثل فتنة المال و النساء و فتن الأسواق و المجالس، و عامة مثل اختلاط الحق بالباطل، الغيبة و النميمة من المظالم، و هي متفشية في أغلب المجالس.

إما أن نخالط الناس بخير أو نعتزلهم بخير، أما أن يخالط المرء الناس و يخوض فيما يخوضون فيه فإن هذا من أعظم الآفات المؤثرة على العمل.

ينبغي للعاقل أن يختار الصاحب الصالح الدي يعينه، و الصحبة نوعان: اختيارية و قهرية، القهرية هي صحبة من لم يختر الأنسان مصاحبتهم، من لا يرغب في صحبته، في عمل أو في دراسة، أو في مسكن او في طريق، فهؤلاء لم يختر الواحد صحبتهم، و العاقل يقضي أيام صحبتهم في سلامة و عافية، يتجنب شرهم، و يتجنب صحبتهم.

 أما الصاحب الاختياري هو الذي ينبغي للعاقل أن يختاره، و يبحث عنه، و هو نادر في كل زمان، و لقد اشتكى العلماء و الحكماء من قلة هذا الجنس، و هو الصاحب الوفي، يعين على الخير و يغفر الزلة، و يستر العورة، و ضابط الصحبة النافعة، هو صاحب الدين  و العقل و الحكمة، فدينه يحمله على نفع صاحبه في الدين، و العقل يمنعه من السفه، و الحكمة تحمله على حسن التصرف.

 الصحبة في اللغة هي الملازمة و المقارنة.

 أثر الصحبة الصالحة:

كيف ارتفع أبو بكر الصديق بصحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم ارتفع ألى أن صار أفضل البشر بعد الأنبياء و المرسلين، و كذلك صاحب موسى يوشع بن نون ذكره الله في القرآن و ارتفع بهذه الصحبة، و من أثر الصحبة صحبة عمر لأبي بكر، فكان ينافس أبا  بكر، حتى صار أفضل الناس بعد أبي بكر رغم تأخر إسلامه.

من الاُثار أثر صحبة التابعين لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم، و ما اكتسبوا من خلالها من العلم، و صحبة الأئمة كأبي حنيفة و أحمد  و مالك.

من أثر الصحبة ارتفاع الرجل بمصاحبة العلماء، كارتفاع ابن القيم بصحبة ابن تيمية رحمهما الله تعالى. و من أثر الصحبة السيئة صحبة الهالكين و الفجار، فانظر ماذا جرّت صحبة هامان لفرعون من شر عظيم، كون هامان وزيرا لفرعون. و انظر أثر الصحبة في أبي طالب، كان النبي صلى الله عليه و سلم يطمع في اسلامه لعقله، و لحبه للنبي صلى الله عليه و سلم، و مع هذا حال بينه و بين الإيمان الصحبة الفاسدة، عندما قال له بعض جلسائه :" أترغب عن ملة عبد المطلب " فكره أن يخالف أصحابه و أصدقاءه فمات على الكفر، و كره أن يذموه.

 كم جنت صحبة أهل البدع من شر، كم جنت صحبة الأشرار على أصحابها ما جنت.

العاقل له عبرة و مواعظ في صحبة أهل الخير ما يجني منها من ثمار، و في صحبة أهل الشر و ما يجني منها من الثمار السيئة.

الصاحب الذي يحرص على صحبته هو صاحب الدين الذي استقام على دين الله عزّ و جل و سلم من البدع و سلم من المعاصي هذا الذي يرغب في صحبته.

من الصفات الممدوحة العقل، السفيه لا خير في صحبته، و إن وجد الدين مع ضعف العقل، فإن ضعف العقل يحمل صاحبه على السفه، و ربما أضر بصاحبه من حيث لا يدري، و ربما أهلك أصحابه  أما السفيه و صاحب الطيش فإنه لا يحرص على صحبته، من الصفات المذمومة هي صحبة الأحمق الذي لا يميّز بين الأشياء، بل إنه تختلط عليه الأمور، فيقدم على الشر و هو يظن أنه خير، و يصد عن الخير و هو يظن أنه شر، و قد حذّر العلماء من صحبة الأحمق الذي يضر صاحبه من حيث يريد نفعه.

يحرص العاقل على صحبة الحكيم، و هي مرتبة فوق العقل، لأن الحكمة هي وضع الأشياء في موضعها، و ينبه إلى الخير قبل أن يتنبه له الناس، و يحذّر من الشر قبل أن يتنبه له الناس.

إذا صحبت العاقل تخلقت بأخلاقه في العقل، و إذا صحبت الحكيم تخلقت بأخلاقه في الحكمة، فتكون عاقلا حكيما تجاري العقلاء الحكماء في كلامهم، و في سمتهم، و في دخولهم، و في خروجهم، لأنك ستعرف كيف اكتسبوا العقل و الحكمة، لا يتعرضون لمواطن الشبه، لا يتكلمون بكل كلام، و لا يجلسون في كل مجلس، و لا يصحبون كل أنسان، و لا يخالطون كل إنسان و إنما لهم تميّز، و أماّ من فقد هذه الصفات فإنه لا يرغب في صحبته، مثل صحبه الفاسق بمعصيته أو بدعته.

قراءة 1769 مرات آخر تعديل على الجمعة, 25 آب/أغسطس 2017 07:12