(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 15 آب/أغسطس 2018 07:29

حج هناك و عمل صالح هنا

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(1 تصويت)
وَ الْفَجْرِ * وَ لَيَالٍ عَشْر}
بندى الفجر و شقشقة نوره البهيج، و رقّة نسائمه الرهيفة، التي تطارد ركام الليل المظلم، و ببركاته المبسوطة على ضفاف الكون و ارجاءه الواسعة المترامية، بالفجر الطالع معجزة ربّانية يومية تتكرر كلّ يوم، فتسجد فيها الجباه الموحّدة لرب الفجر، الله نور السماوات و الارض، الله منشيء الحياة و مبدع الخلق، الله فالق الصبح المتنفس بهجة و ذكرا و حياة، بالفجر يقسم ربّ العزة، و يتلوه القسم بالليال العشر المباركات، ليالي ذي الحجة الشهر الحرام، حيث تفتح ابواب بين الله الحرام لاستقبال الوفود العابدة الحاجّة القادمة من كلّ فجّ عميق
و ها هي قد اهلت بالنور و الرحمة و غيث المغفرة و ندى الجود الرباني، ليال عشر، أقسم بها رب العزة ليبين لنا كرامتها عنده، و خيريتها  في الليالي، و بركة نهاراتها في الايامن و انطلقت التوجيهات النبوية الكريمة، تؤكد طيب لياليها  المنيرة بالقيام و القرآن، و بهاء نهارها بالصيام و العمل الصالح، [ما من أيام العمل الصالح فيها خير و أحب إلى الله من هذه العشر].
إضافة غفرانية أخرى، تضاف إلى الرحمات الندية، التي يتفقدنا بها ربنا جل و علا على مدار العام، في موسم عبادي رائع النسمات و اللفتات بهي المعاني،  فمن الذكر إالى الصيام إلى القيام و صلة الرحم و الصدقات الخفية التي تخرجها الأيمان و لا تعلم بها الشمائل تبتغي فضلا من الله و رضوانا، تمتد بالإحسان إلى الخلق طمعا بإحسان الخالق[هل جزاء الإحسان إلا الإحسان] و هيهات أن يماثل أو يقارب إحساننا إحسان الرب الودود المحسن الكريم المتفضل.
 ليال عشر خوطبت الأمة المحمدية بأمرها، أن تجعلها منائر عشر، تضيء لهم يوم حشرهم، و منابر ذكر ترتقي بهم، و ترفع في الملائك ذكرهم، و سبل هدي و بر، يحط الله بصالح العمل فيها عنهم ذنوبهم، و يشرح بنورها صدورهم.
هناك حيث تطلعت العيون إلى البيت الحرام، و هوت الأفئدة إلى مشرق الإسلام، و حنّت إلى طيب المكان و الزمان و المشاعر، فمنها ما سار به الركب حثيثا يطوي البيد، و يسابق النسيم المتدفق بالمسك المتناثر شذى يملأ الآفاق المبتهجة بالموسم الجميل، ركب يحط في رحاب الرحمن الرحيبة، قوافل تتراصّ صفوفا ذاكرة، و قلوبا شا كرة، و عيونا تغسل بالدمع الهتون غبائر و أحزان المعاصي، دموع ندم و رجاء، و حاشا للرحيم الغفار الحليم الكريم، أن يرد قاصدا يطرق بابه، أو ملهوفا على أعتابه حط ركابه، فتنهلّ سحائب الرحمات غيثا، يحيي القلوب الكليمة الواجفة، المستغيثة من شرّ النفوس الأمارة  بالسوء، و الشياطين الأزّازة و القرناء المكذبين بالحق،  فتغاث، و تجار، و ترحم، و تعطى حتى ترضى.
و هنا حيث تطلعت العيون، و هفت القلوب، و تلهفت الأرواح، و لم يكتب لها الرحيل إلى المشاعر المقدسة، فخلعت عليها العناية الربانية رداء رحمة بديل، و عباءة خير و عمل جميل، فكانت الليالي العشر هناك حجا، و هنا عمل صالح، و عبادة يحبها الله، فسكنت الجوانح الملهوفة للقاء، و عكفت على القربات بكل أنواعها و ألوانها، خالصة لوجه الله الكريم، ترجو القرب و الرضى، و لسانها يقول :
{{يارب أشتاق التطوف في رحابك فقوافل الغفران حطت عند بابك}}
فيا من حبسك عن أعتاب الله و بيته حابس، لا تكن من العطايا الغاليات يائس، و عليك بالليالي العشر الطيبات، إملأها ذكرا و شكرا و قربات، عسى أن تفوز بالعفو و الغفران و الجنات.
                              {و مايزال عبدي يتقرب إليَ بالنوافل حتى أحبه}
قراءة 1178 مرات آخر تعديل على الأحد, 19 آب/أغسطس 2018 07:40