(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
Print this page
Sunday, 02 April 2023 08:09

أقوى الناس و أسعدهم

Written by  الأستاذة كريمة عمراوي
Rate this item
(0 votes)

 

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و سلم و بعد:

"عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا عليه حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة، قال صلى الله عليه و سلم:" انزعها، فإنها لا تزيدك إلاّ وهنا". الواهنة مرض يصيب الظهر، فقال:" انزعها" يدل على الوجوب، هذا في الدنيا، ثم قال صلى الله عليه و سّلم:" فإنك لو متّ و هي عليك لا تفلح أبدا". رواه ابن حبان في صحيحه.

الوهن الضعف، لا تزيدك، لم يقل لا ترفع عنك الوهن، بل قال : ستزيدك وهنا و ضعفا، هذا الضعف حسي و معنوي.

العلاج المشروع إمّا بالرقية أو بالأدوية، هذا الحسي، أما المعنوي أنه إذا تعلق بها فقد التوكل على الله عزّ و جل، و هو من أعظم أسباب دفع البلاء و جلب الخير، و هذا هو الضعف، ضعف في الدين ضعف في الاعتقاد، و لهذا تجد أكثر الناس أمراضا هم من يعلقون التمائم الشركية، و أقوى الناس هم أهل التوكل على الله.

لا تزيدك إلاّ وهنا في عبادتك و في عقيدتك، و في توكلك، و في دفع الأمراض، و هذا في الدنيا، لا ترفع عنك المرض بل تجلب لك الوهن، و صاحبها فقد أعظم الأسباب؛ و هو التوكل على الله، و تعلق بحديدة.

الوهن و الضعف أصاب بدنه، و عقيدته، و إرادته، و هو ضعف يصيب الإرادة و القصد، و كذلك البدن.

"لو مت و هي عليك ما أفلحت أبدا" الفلاح هو الفوز؛ أي ما فزت بعد موتك، و الناس مختلفون في الأسباب، الجبرية يقولون أن الأسباب لا فائدة منها، هذا إنكار لما هو محسوس و معلوم، و هذه الأسباب خلقها الله مؤثرة، أثر السكين في القطع، أثر هذه الحوادث في موت بعض الناس، و جرح بعضهم، و المطر سبب للإنبات. و المسلك الثاني من اعتمد على الأسباب كلية، و أن العبد يدخل الجنة بعمله، ، فعندما يقطع بالمنشار الخشب بقوة و إرادة هذا الذي يقطع، و أنه لم يحصل من الله توفيق و إعانة منه عزّ و جل، بل قطع بمحض مشيئته و إرادته، و هذا غلو في الأسباب، و الصحيح أن ما عليه الأئمة و أهل السنة، أنّ هذه الأسباب جعلها الله تعالى أسبابا لمسببات، و لكن لا تكون مؤثرة إلاّ بإرادة الله، و لو شاء الله إبطال تأثيرها، لأبطله.

الله جلّ جلاله شاء أن تكون النار التي ألقي فيها إبراهيم عليه السلام بردا و سلاما عليه، الأصل أنها محرقة، فلما أمرها الله تعطّل أثرها، و هكذا السّم، قاتل، و قد أكل خالد بن الوليد السّم توكلا على الله في مناضرة لبعض الكفار، فلم يضره، لأن الله لم يشأ أن يكون لهذا السم أثر، و من هذا أيضا العدوى، هي سبب؛ و لكن ليست مؤثرة بنفسها، و قال صلى الله عليه و سلم:( فرّ من المجذوم فرارك من الأسد)، و هذا إثبات السبب و لكن مؤثرة إلاّ بإرادة الله، و هذا هو الصحيح في الأسباب، جعلها الله أسبابا بل خلق بها، خلق الإنسان بالزواج، و جعل أسبابا لمسببات، فلا ننكر الأسباب و لا نغلوا فيها.

توهم الأسباب؛ أي يظن أنها سبب، شاع في الجاهلية أن بعض التمائم رافعة لبعض الأمراض، و هذا ليس بسبب، لم يأتي في الشرع أنها سبب، و لم يعرف في السنن الكونية أنها تنفع في رفع الأمراض، بل كما قال النبي صلى الله عليه و سلم:" لا تزيدك إلاّ وهنا"، و هذه فيها مخالفة من جهتين:

أولا: جعل شيء سببا و هو ليس كذلك.

ثانيا: من جهة اعتماد القلب على هذا الأمر، حتى يصل الأمر إلى الشرك الأكبر.

ما علق على الجسد على نوعين: من أجل التداوي؛ ما علق طبيا لأجل منع تدفق الدم، كالأربطة و جبيرة الكسور، و كالمسامير و الحديد و البلاستيك، و منع تسرب السّم، هذا معروف و ما زال يستخدم.

ما علق و ليس له تأثير معروف لا عند الأطباء، و لا عند التجربة، حديدة توضع في اليد و يقال تنفع، هذه هي الحلق المحرمة، التي قال فيها النبي صلى الله عليه و سلم هذا الحديث.

قال صلى الله عليه و سلم:" من تعلق شيئا وكل إليه" قد يكون التعلق بالبدن، أو تعلق بالقلب، و يدخل في هذا تعلق القلب بغير الله، و اعتماد القلوب على غير الله، لا يجوز لمسلم أن يتعلق بغير الله التعلق التام، لا يجوز في الشرع التوكل على المخلوق، يجوز التوكيل و لا يجوز التوكل، أمّا اعتقاد الأسباب فهذا لا ينكره أحد من أهل الّسنة، ( و كل إليه) أي إلى ذلك الذي تعلقه، إن علق أخرازا، أو أحجارا، أو خيوطا، وكل إليها، و إن توكل على مخلوق وكل إليه، و هذا من أعظم الضرر، أن يكون العبد في خذلان من أمره، و هذا غاية الخذلان، حرم من توفيق الله و إعانته، هذا من أعظم الضرر الذي يلحق هذا المتعلق في دينه و دنياه، لا ينفد له أمره و يخذل، و في الآخرة يتعلق قلبه بغير الله فيتضرر، و ربما وقع في الشرك.

أعظم الناس توفيقا، و أسرعهم توفيقا هم المتوكلون على الله العظيم."1

  1. 1.من شرح كتاب التوحيد لفضيلة الشيخ إبراهيم بن عامر الرحيلي أستاذ العقيدة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة.
Read 401 times Last modified on Wednesday, 05 April 2023 07:23