(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 19 شباط/فبراير 2018 14:22

حضارات نفعية

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن القوى التي تسعى للسيطرة على العالم بكل مقدراته البشرية و المادية وفق ما يسمى بالقوى النفعية أو الرأسمالية تسعى دائبة الى تزوير الحقائق و قلب الصورة الحقيقية إلى ضدها فتتهم الحضارة الإسلامية بالتعارض و التصادم مع الحضارات الاخرى، و بصورة واضحة و جلية لا يتردد أحد منظري الرأسمالية و هو [هنتجتون ] المنظر الرأسمالي الشهير و صاحب كتاب{ صدام الحضارات} أن يجاهر بأن مشكلة حضارته مع الإسلام كدين فيقول في كتابه[ان المشكلة ليست مع الأصوليين الإسلاميين وحدهم، بل انها تكمن في الإسلام نفسه] و لقد اصاب هذا المنظر برأيه، فطالما ان الاسلام هو مرجعية الأمة فانها لن تكون حقلا خصبا لهذه السموم المادية أو تلك حتى و لو إرتدت زي التقدم المادي، و الحضارة النفعية، و حتى لو تزينت بكل ما يلمع و يبهر من الشعارات الزائفة، التي تتغنى بحقوق الانسان و سعادة البشرية.

إن موضوع الصدام مع الحضارات، و رفضها جملة و عدم التأثر و التأثير بها ادعاء فندته و لا تزال، كل تلك الصور من التعايش و التفاعل الإنساني بين الاسلام كدين و حضارة و فكر، و بين غيره من الأمم و الشعوب، فما يزال قلب أوروبا ينبض بتلك المآثر الفكرية و الفنية، و لا تزال تلك المنائر و المنابر تنتصب شامخة في وجه كل دعي كاذب، لتقول للتاريخ من هنا مر قوم قلوبهم عابقة بالتوحيد، و عقولهم عامرة بالإبداع، و أيديهم صناع ماهرة في رسم وجوه حضارية متميزة للتألق الإنساني في أروع إبداعاته، و أدق تفاصيله الراقية، تقول للذين يدعون بأن الاسلام عائق أمام الحضارة الإنسانية، حين كانت بلادكم تغط في غيبوبة الوهم، و تغرق في مستنقعات الجهل، و تلغ في دماء الأبرياء، و تقتات على شقاء الفقراء و المكدودين، كان بنوا ديني يبنون لكم موروثا ثقافيا إنسانيا بكل القيم الرفيعة، و يشيدون في قلب كيانكم إرثا حضاريا مجيدا خالدا، تمشون في مناكبه و تتيهون على الزمان به، من هنا مر الإسلام بعدله و رحابته، و هنا أقام قرونا، ليعلِم المكبلين بقيود العبودية و الإقطاع، كيف يصوغون جراحهم ألحانا تطلب الحرية، و يعلم المظلومين كيف يقفون طودا شامخا في وجه امواج الظلم، و هم يسمعون كلمات الله الخالدة المحررة للأرواح تتردد في جنبات الاندلس، و تملأ رحاب اوروبا[يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا إن اكرمكم عند الله أتقاكم]

الحضارة الإسلامية التي تصنف اليوم على أيدي منظري الرأسمالية، بانها أيديولوجيا مثيرة للكراهية محاربة للتقدم و متصادمة محاربة للحضارات الاخرى، هي الحضارة الوحيدة القائمة على أساس متين من{ التقوى} و التي هي قوام العدل البشري، و هي الميزان الذي اعتمدته هذه الحضارة المشرقة، في تقرير مايؤخذ و ما يرد من الحضارات و المعتقدات الأخرى، فالزبد يذهب جفاء هباء، و يتلاشى بفعل ظلمه أو جهله أو أنانيته أو تنافره مع مصلحة الإنسان كإنسان، و أما ماينفع الناس بكل اطيافه و مشاهده و مشيداته و أثاره، فيمكث في الارض ثابتا ألقا مؤثرا و لو كره المبطلون مصداقا لقوله تعالى{أما الزبد فيذهب جفاء و أما ما ينفع الناس فيمكث في الارض} .

نعم المشكلة في الإسلام نفسه مع تلك القوانين الظالمة للبشرية، و لا أسميها حضارات لأن الحضارة هي الحضور الإنساني الباني، و المنتج و الراعي و المراعي لمصالح البشرية كلها، و ليس لمصالح طبقة أنانية جشعة صنعت نظاما نفعيا جائرا، ثم فرضته كمصطلح حضاري زائف في حركة ردة إلى عصور الإقطاع و لكن بمسميات حديثة، و عليه فإن عبارة و مصطلح صراع الحضارات هو مفهوم نفعي إجتثاثي لكل ما يمت إلى الحضارة الإسلامية بصلة، و هذا المفهوم غطاء فكري لسياسة الهيمنة الأمريكية الرأسمالية على مقدرات العالم، و التي لا تجد لها معوقا أشد و أنكى من الإسلام، مهما حاولت تطويعه أو تطويقه أو تسييره عبر تصدير الفكر الليبرالي، و احتواءها لبعض التيارات المسماة بالإسلامية، تحت مسمى التحديث و التطوير و الإنسجام مع الآخر، فلا مبدل لكلمات الله.

قراءة 1785 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 28 شباط/فبراير 2018 09:48