(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 28 تموز/يوليو 2018 15:50

كيف نفهم الفتوحات الإسلامية : لماذا فتوحات إسلامية 1/2

كتبه  الأستاذ أنس سلامة من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

إن حضارة العرب المسلمين قد أدخلت الأمم الأوروبية الوحشية في عالم الإنسانية، فلقد كان العرب أساتذتنا، و إن جامعات الغرب لم تعرف مورداً علمياً سوى مؤلفات العرب، فهم الذين مدنوا أوروبا مادة و عقلاً و أخلاقاً، و التاريخ لا يعرف أمة أنتجت ما أنتجوه .. إن أوروبا مدينة للعرب بحضارتها و إن العرب هم أول من علم العالم كيف تتفقحرية الفكر مع إستقامة الدين، فهم الذين علموا الشعوب النصرانيةو إن شئت فقل حاولوا أن يعلموها التسامح الذي هو أثمن صفات الإنسان، و لقد كانت أخلاق المسلمين في أدوار الإسلام الأولى أرقى كثيراً من أخلاق أمم الأرض قاطبة(غوستافلوبون،ححضارةالعرب / ص 276)

التعامل مع التاريخ بالإقتطاع و الإسقاط يجعلك ترى بعقلك أن أمة تحتكر ثقافة قطع الرؤوس و السبي و كل كتبها تحرض علىذلك في حين ترى أنالأمم الأخرى كانت تتعامل بالماسينجر بدل الحمام الزاجل و كان لها هيئة إستشارية لحقوق الإنسان فالخلط القائم بمسألة الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء رضوان الله عليهم و العصور الإسلامية بوسمها ببساطة لدى هواة الثقافة عندنا بأنها ظاهرة " إستعمارية " هو أدعاء أما أن يكون عن جهل أو سوء فهم للتاريخ و في هذا المبحث سنبين بعض المحاور التي يستند إليها أصحاب هذا الرأي و نتفحص مدى دقتها في تعميم الظاهرة دون أي مراعاة لأي من أسس المنطق و الظروف التاريخية ثم الأدوات النقدية اللازمة.

" إننا نميل إلى الحد الأدنى من التعاطي النقدي مع أفكار الحضارة العربية الإسلامية بالتسبيط " المُخجل " لها إما عن جهل بهذا النموذج الحضاري و بحضارة الإسلام على تنوعها الكبير و إما لتملك العجز الحضاري في نفوس المستسلمين تماماً للنموذج الغربي الحديث المعاصر "

بدأت الفتوحات الإسلامية منذ عهد الخلفاء الراشدين، عهد الخليفة أبو بكر و عمر و عثمان و علي رضي الله عنهم جميعاً و من تبعه من الجيل الأول من الصحابة الكرام، و قد أشار الرسول صلى الله عليه و سلم على أهمية حمل الرسالة الأخلاقية للإسلام بتأكيده على وجوب نفاذ سرية أسامة بن زيد قبل موته صلىالله عليه و سلم و بناء على هذا النهج أنتهج الخلفاء الراشدين نهج الفتوحات و توسعت الفتوحات فيما بعد عهد الخلافة الراشدة إلى أن همدت تماماً في عصر العباسيين و تحول الأمر إلى مجرد مناكفات و مناوشات على الحدود و التخوم التي وصلالمسلمون إليها حتى عادت العزة لإمجاد هذه الفتوحات في عهد الدولة العثمانية.

فالكثيرين ممن شاركوا في هذه الفتوحات التي وصلت لسمرقند و الأندلس كانوا من الرعيل الأول و الثاني منالتابعين، بما يشير إلى أن هذه الفتوحات كانت تحوي أفراداً من حاملي القيمة الأخلاقية لرسالة الإسلام و الداعين لنشر الخير و قيم الإسلام التي تعلموها مما يعني أنها كانت جيوش من إصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم و من حاملي لواء الأخلاق من التابعين و من تبعهم على هدي النبي محمد صلى الله عليه و سلم، فتجد بإستطلاع هذه السيرة المشرفة أن بعض قادة مناطق الفتوح كانوا منالصحابة و التابعين و منهم مثلاً فاتح المغرب العربي و شمال أفريقيا الصحابي الجليل عقبة بن نافع رضي الله الذي دللت كثير من المصادر على تقواه و صلاحه و كذلك كان أغلب الصحابة و التابعين. ففي الحديث عن الدولة الأموية و التي دائماً ما توضع في مسار خلاف عند المثقفين اليوم، فلا شك أن دولة بني أمية ليست دولة مثالية كدولة إسلامية نموذجية، و لا يوجد أمة شياطين أو أمة ملائكة فقط، و يعود عدم أعتباري الحكم الأموي حكم إسلامي غير مثالي إلى سببيين رئيسيين، بحيث يكمن الأول بأن مؤسسها معاويةبن أبي سفيان قام بتغيير و إبتداع بدعة جديدة في الحكم و هي أن يكون الحكم بالوراثة لا بالشورى و الذي لايؤدي إلى وصول الكفؤ و حتى لو لم تفرز الشورى ما نبحث عنه تماماً إلا أنها الهدي الذي تعلمناه من الإسلام الحنيف، و يكمن السبب الثاني بأن بنيأمية غلب عليهم بالعموم من إنهم كانوا من السباقين فيالإسلام سوى الخليفةعثمان رضي الله عنه أي أصحاب الفضل في الإسلام، لكن الذين تولوا الحكم الأموي عموماً كان لديهم الآنفة التي عند بنيأمية، و أنهم من أيامالجاهلية يعدون أنفسهم أنهم بني عبد الدار و أن اللواء بيدهم و القيادة لهم و هم معتادين عليها و بالتالي فهي بنظرهم أمر مهم فتداخل شيء من الإعتداد بالنفس بسماحة الإسلام، فذكر مرة أن مر أحد العرببجانب هند بنت عتبة و رأى عندها أبنها معاوية فيمقتبل العمر فقال لها : أن أبنك هذا سيكون سيد الأمة، فردت عليه قائلة : ثكلته أمه أن لم يكن سيد العرب، فهذه النزعة بالإتفاق موجودة عند بني أمية الذين تولوا الحكم بعد الخلافة الراشدة ألا و هي نزعة الحكم و التريث و القيادة و التي ستستمر حتى في الجيل المرواني الذي تولى الحكم بعدها.

فيكون السؤال : هلوجود مثل هذه الصفة للإنسان يعني أنه سيكون شر محض؟أم أن الإنسان قد يجمع النزعات، فقد يجمع بعض أبواب الخير و الشر و قد يجمع الإثنين معاً؟

لا شك عندي أن بني أمية كان لديهم إخلاص للإسلام لكن بالمقابل كان لديهم نزعة الفردية الذاتية(إثبات الذاتو الأمجاد)حيث جمعوا بينالإثنتين، في حين أن الأفضل أن يكون الإنسان متجرداً من النزعات الذاتية كي نصل إلى أشخاص من أمثال أبوبكر و عمر رضيالله عنهما الذين كانا متجردين تماماً للإسلام، و على الرغم من أن الأمويين لم يكونوا كذلك فلا نستطيع القول بالتعميم أنه لم يكونوا حريصين على الإسلام لإنالإنجاز العظيم الذي أقاموه لم يكن فقط على صعيد إثبات الذات فقط و تعظيم النفس فهناك إنتشار للإسلام و قيمه و هذا يدل على أن صورة الإسلام حاضرة و أن تملكت حكامهم طغيان الصورة الثانية مع وجود الأولى فمما يجب لفت الإنتباه له أن هناك إختلاف عن طبيعة الدولة في العصور الإسلامية و بين طبيعة الدولة القومية الحديثة و انا هن الاأسمي الحكم الإسلامي بالدولة، فمحاولة قياس مقاييس ذلك العصر بمقاييس الدولة الحديثة تعد من أكبر أخطاء المنتقدين علىالصعيد المعرفي و العلمي في هذا العصر سواء أكان ذلك عن قصد منهم أم جهلاً، فلا يمكننا فهم التاريخ دون وضع الحوادث التاريخية في إطار أزمانها و في ذلك يكتب الأستاذ الدكتور عبد العزيز محمد الشناوي في كتابه النفيس " الدولة العثمانية دولة إسلامية مفترى عليها " : التأكيد علىوجوب النظر إلى الظروف التي كانت سائدة عند وقوع حادث معين و عدم الحكم عليه بمعايير عصور لاحقة، و أنه للحكم على ظاهرة عامة أو حادث معين يجب الأخذ في الحسبان كافة  الظروف السياسية و الإقتصادية و الإجتماعية التي كانت سائدة في ذلك العصر و أنه عند النظر في حادث تاريخي يجب أن يكون ذلك في ضوء الملابسات التي أحاطت به من ناحية، و تبعاً للمعايير السائدة في زمن وقوعه من ناحية أخرى، أي ليس وفقاً لمعايير لاحقة ".

الفتح الإسلامي للأندلس :

و بالحديث عن الفتح الإسلامي للمغرب العربي و الأندلس يذهب أنصار التغريب إلى روايات تشذ في صحتها أحياناً بإقتطاعها منسياقها لإثبات وجهة نظره و حكمه المسبق بأنالفتح الإسلامي لهذه البلاد يشبه إلى حد بعيد الإحتلال الصهيوني لفلسطين أو الإستعمار الأوروبيالغربي، و بمجرد النظر للروايات التاريخية التي تشير إلى تعداد الجيش الإسلامي الذي قام بفتح هذه البلاد تجمع أغلب الروايات على تعداد ثمانية آلاف مقاتل هم من قاموا بهذا الفتح، فلو كانوا من الأشرار حقاً و لا ننكر وقوع الخطأ لما كان هؤلاء المقاتلين صمدوا أمام الشعوب المغربية، و فيحين أن أكثر الروايات تشير إلى أن الشعوب المغربية تركت حكامهم يواجهون هذه الجيوش و لم تشاركه في الدفاع و أيضاً في تشرب هؤلاء الإسلام فيما بعد و تحولهم إليه تدريجياً فهل من المنطق أنيكون هؤلاء المحتلين المسببيين للأضرار بأن يلجموا هذه الشعوب و تصمت هذه الشعوب عن مقاومتهم صمت الميت في القبور؟

فالجواب طبعاً لا، الفتح الإسلامي لم يقم بطرد السكان الأصليين من إسبانيا و البرتغال و لا المغرب و لا منغيرها، بل إن الغالبية الساحقة من مسلمي الأندلس مثلا كانت من أهالي السكان الأصليين و ليست من الفاتحين العرب و لا الأمازيغ، و هؤلاء الإسبان المسلمون هم الذين تعرضوا بعد سقوط غرناطة إلى أهوال محاكم التفتيش و هم الذين ظلوا يقاومون نوائب الزمن مئات السنين، فلم نجد أن الحضارة الإسلامية قامت على إستبعاد أي شعب من دائرة إندماجها سواء من أسلم أو من لميسلم، و المراجع التاريخية المختصة مليئة بالثناء و الذهول من المجتمع التعددي الأندلسي مثلاً و المجتمع التعددي العثماني الذي يريد بعض " المكتشفين " اليوم أن يشوهوا سمعته بلا أي دليل علمي، نعم وجد صراع و لكنه كان بين الجيوش و مقصوراً عليها و لم تتعطل مسيرة القاعدة العامة الإجتماعية هذا ما حصل في كل الفتوحات الإسلامية بل يخبرنا التاريخ المستقى من المراجع الغربية أن مختلف الفئات الإجتماعية في إسبانيا حصلت على مزايا من الحكم الإسلامي و المجتمع الجديد و أن عدد الإسبان النصارى المستعربين كان يقل مع مرور الزمن بسبب رغبتهم بالدخول بالإسلام و لاحظ معي رغبتهم مع مرور الزمن و الذي لميفرض عليهم في عملية تحول تامة في حينها فيا للعجب !

ففي الوقت الذي يجمع عليه المؤرخون و يتفق أن سكان شبه جزيرة آيبيريا لم يقوموا بالدفاع و لا مناصرة حكامهم في تلك المناطق بحيث تركوا الحكام يواجهون الجيوش المسلمة و حينما أنتصرت هذه الجيوش لم تحصل مقاومة شعبية فمن الواضح أنه لو حصل ذلك لكانت الجيوش المنتصرة بقلة عددها-ثمانيةالآف-سقطت في مواجهة المقاومة الشعبية، و ننبه المثقفين الأفذاذ أن كثيراً من أعلام المسلمين في تلك البلاد كانوا من السكان الأصليين في ذلك العصر أيعصر الفتوحات و كانوا ممن عاش فيها و من من الأعاجم قبل إسلامهم و هم ذاتهم من تسلم الراية فيما بعد راية المشروع الإسلامي و حملوه على أكتافهم حينما تنحى العرب في النهاية عن السلطة لصالح من هم أكثر حماساً منهم، دون أن تتوقف مشاركة أحد في المسيرة، إذن قامت دورة الحضارة الإسلامية بتصحيح أيخلل يذكره هؤلاء من الداخل و في النهاية أندمجت كل المجتمعات التي فتحها المسلمون في منظومتهم و لم يعد هناك تراتبيات عرقية بل وجدنا عواصم الحضارة الإسلامية تنتشر خارج المهد العربي في سمرقند و بخارى و نيسابور و أصفهان و قرطبة و دلهي و غزنة و القيروان و فاس و أسطنبول و الأندلس و القاهرة و تمبكتو و لم يتم قمعها لصالح أي إستقلال عربي كما فعل الإستعمار الغربي فأين هذا مما حدث في الغرب؟

المجتمعات الأصلية في قارات بأكملها لم تدفع الجزية لأنه لم يتبق أحد على قيد الحياة ليدفعها، أبيدت ثلاث قارات في العالم الجديد و أستنزفت إفريقيا سكانياً و أقتصادياً و أستعمرت آسيا و فرض التخلف على صناعات الهند المتقدمة و نشر الأفيون في الصين، فالخلاصة أنه لم يندمج أي مجتمع واحد من خارج أوروبا في دنيا الإستعمار و جنته الحصرية، فضلاً عن أن يتفوق مجتمع مستعمَر على سادته الإستعماريين كما تفوقت عواصم الحضارة الإسلامية غير العربية على العرب، و لو أخذنا النموذج الفرنسي في الجزائر حيث ضمت فرنسا البلد و أدعت أنه جزء من البر الفرنسي، فماذا كانوضع أهله؟و هل أنضموا إلى الجنة الفرنسية؟لقد كان وضع الجزائريين هو وضع الرعايا و ليس المواطنين و كان الفرق شاسعاً بينالطرفين، و استخدم الفرنسيون أشد الوسائل وحشية لإرهاب الشعب الجزائري و أبادوا قبائل عن بكرة أبيها و دمروا  أقتصاد الأرياف و مات مئات الآلآف من الجوع و الأمراض و الأعمال الوحشية، و كانت الجزائر مجرد سوق للبضائع الفرنسية و مصدراً للخامات و الغذاء و مكاناً لتصدير الفائض السكاني، و سيطر عشرة الآف من المستوطنين على أكثر من نصف الأراضي المسجلة مقابل أربعة و نصف مليون جزائري بحيث يقول المؤرخ الإقتصادي شارل عيساوي " أن تجربة شمال إفريقيا تظهر أن السيطرة الأجنبية المباشرة يمكن أن تقود إلى تطور كبير و لكن بفوائد قليلة جداً للسكان الأصليين " و مؤرخ فرنسي هوروبيرشنيربقال " إن الإستيطان في الجزائر لم يكن من الممكن أن يتحقق إلا على حساب السكان الأصليين و هذا و لمتشمل الديمقراطية الفرنسية الجزائريين و كان على من يريد المواطنة أن يتخلى عن هويته الإسلامية فلم يحصل عليها سوى ألفاشخص في مدة ثمانينعاماً"، و مع ذلك جند الجزائريون في الحربين الكبريين بمئات الآلآف و مات منهم عشرات الآلآف، و لما حكمت الجبهة الشعبية اليسارية تم اقتراح قانون لتأييد الإحتلال بمنح المواطنة للأهالي و لكنه لم يمنحها سوى إلى خمسة و عشرين ألف جزائري من أصل أربعة و نصف المليون مما قاد إلى ثورة الفاتح من نوفمبر عام 1954م التي أنتهت بالإستقلال بعدما أستشهد مليون و نصف المليون جزائري في معارك التحرير و تشرد ثلاثة ملايين ريفي و كانت حجة ديغول أمام المعارضين للإنسحاب الفرنسي : أن فرنسا غير قادرة على إستيعاب الشعب الجزائري الذي يريد حقوقه(يا له من أكتشاف مبكر لا شك!)و لهذا كان الإنسحاب مفضلاً على إدخال الأخرين جنة الإستعمار بعدما أعترف كما أعترف غيره من قادة فرنسا أنسبب الغزو هو خيرات الجزائر و ثرواتها !!

فعندما نريد القيام بمقارنة تاريخية بين بعض الحضارات لا يكفي أن نضع الأحداث في سياقها الزماني و المكاني و رؤيتها داخل ظروفها الشاملة كنا سبقت الإشارة، بل يجب زيادة على ذلك أن تكون المقارنة إما بين المثل النظرية العليا أو بين الحوادث الواقعية، فلا يجب أن نقع في الفخ الذي يقع فيه الكثيرون عندما يقارنون مثلاً بين حروب التاريخ الإسلامي و كتاب العقد الإجتماعي ليخرجوا بنتيجة هي أن الغرب أعطى الحقوق و أقر السلم الأهلي بدليل ما قاله ) جان جاك روسو في كتابه)، دون النظر فيما حدث حقاً على أرض الواقع، أما المسلمون فغرقوا في الحروب الأهلية و الإستبداد و الدموية بدليل ما حدث في تاريخهم دون النظر إلى ماقالته مثلهم العليا.

هذه النتيجة المشوهة بنيت على المقارنة العرجاء بين مثل نظري لحضارة الغرب و واقع عملي لحضارة الإسلام بغض النظر عن مدى دقة قراءة هذا الواقع، و نحن نعرف أن المثل النظرية قلما تبدو سلبية في أطر أزمنتها و أمكنتها، و ربما كانتالهوة ضيقة جداً بين المثل و الواقع في تلك الأطر، و كان الأجدر ممن تصدر التنقيب أن يقوم بمقارنة تشريع غربي بتشريع إسلامي مع ربط ذلك بمقارنة الواقع الغربي بالواقع الإسلامي، و من يفعل ذلك لن يجد واقع المسلمين أكثر دموية من واقع الغرب و سيرى أن الحوادث التي عابها المنقبون في صفحات التراث، على تاريخنا، موجودة بشكل مضخم في تواريخ الغرب و حاضره و ستظل معه إلى مستقبله، و أن إسالة الدماء و الإحراق و القتل و السبي و الإستعباد و غير ذلك من سلبيات لم تقتصر على حوادث فردية هنا أو هناك بل طالت أمماً كاملة و شملت قارات عامرة أبيد أهلها  عن بكرة أبيهم و أحرق ابناؤها في بيوتهم، و كيف لنا أن ننسى أن حرية الغرب و ديمقراطيته و إنسانيته قامت بإبادة ثلاث قارات(الأمريكيتين و أستراليا)و أستعباد قارة رابعة( إفريقيا ) و أستعمار الخامسة(آسيا) و أن الغرب هو نفسه من أشعل كبرى الحروب في التاريخ و أستعمل كل أسلحة الدمار الشامل فيها و مازال على هذا المنوال ! فكأنك يا أبازيد ما غزيت، و ما هربتمنه وقعت في أشد منه، و هنا سيتعلم المبهورون كيف يقلدون الغرب في معالجة التاريخ الذي هو تاريخ بشر و ليسوا ملائكة .

و  أن تقليد الغرب حقيقة لا يستلزم شطب الهوية لصالح الآخرين بل معالجة أمرنا كما يعالجون هم أمورهم، هذا لوأرادوا التقليد فعلاً و ليس مجرد الإنبطاح و الإنهزام الذي لا يرضاه الغربيون لأنفسهم : و في هذا الحال أرى أن علينا أن نتعلم منالآخرين كيف نتعامل مع تاريخناـفرغم الكوارث التي تسبب بها الغرب للعالم، نجد أن النغمة السائدة و الرنانة في الطرح التاريخي الغربي هي وجوب وضع الحوادث في سياقها و عدم إسقاط الحاضر على الماضي و عدم جلد الذات و وجوب التعلم من الأخطاء رغم أن هذه الشعارات تُرفع في مواجهة جرائم و موبقات كبرى أرتكبها الغربييون ضد الآخرين و منالصعب التجاوز عنها و محوها بهذهالسهولة كما يفعل و مع ذلك يرفض الغربييون إدانة ماضيهم و هو ما أجدر بنا التعلم منه و عدم جعل التاريخ ساحة لتصفية حسابات بين أطراف سياسية متنافسة على السيطرة السياسة الحالية تحتستار" الموضوعيةو الإنصاف المزيفين ".

قراءة 1950 مرات آخر تعديل على الأحد, 05 آب/أغسطس 2018 07:48