(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأربعاء, 11 أيار 2016 17:24

لُطفًا، أفرغ كوبك!

كتبه  الدكتورة شميسة خلوي
قيم الموضوع
(1 تصويت)

سأحاوره، لكن...

لن أتخلَّى عن قناعاتي السَّابقة، مهما حدث!

أنا على حق!

و النتيجة: سوء تفاهم، عناد و تمسُّك بالرأي، تباعد وفرقة بين المتحاورين، و جدل عقيم، و أخيرًا... لم يتحقَّق التواصل!

لكنَّك لو أفرغتَ كوبك لكانت النتيجة مختلفة!

إن المحاور مُطالب بالإنصات للطرف الآخر بغية إنجاح الحوار، بغض النظر إن كان موقف الآخر مُوافقًا له أو يبعد عنه قليلًا أو كثيرًا.

هل سبق و وقفتَ عند قوله عز و جل و هو يأمر نبيّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ أن يقول للمشركين: {وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [سبأ من الآية:24]؟

يا له من أسلوب في غاية اللطف و الأدب!

يا لها من طريقة تحمِل المخاطَب على التفكُّر و التأمُّل، فلربما عاد للصواب و أناب و نظر لحاله ثم تدبَّر فتنبَّه!

ما من شكٍّ أن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَ سَلَّمَ يعلم أنه و من اتَّبعه على هدى من الله، و أن من خالفه و خالف ما جاء به من ربِّه لفي ضلال مُبين، لكنه كلام يوحي بضرورة الإنصات، بروحٍ موضوعية و بأسلوبٍ فيه تعريض لا تصريح.

فما بال حواراتنا تنتهي قبل أن تبدأ؟ و تعلو فيها الأصوات و تتناحر بدلًا من الإصغاء؟

إذن...؟!

لن تخسر شيئًا إن تعلَّمتَ فن الإصغاء، و دخلت المحاورة من أجل استيعاب الآخر، و تخلَّيتَ عن قناعاتكَ على سبيل الافتراض لا الشك، على سبيل المهادنة لا الاستسلام، أنتَ لن تتجرَّد من ثوابتك و اعتقاداتكَ أو ما تؤمن به على الإطلاق، بل ستُقبِل على سماع الطرف الآخر، تهييئًا لنجاح الحوار.

لحظة... يمكن أن تكون قد جانبت الصَّواب و تظن أنَّك على حق، لكنك لو استمعتَ لمن تُحاوره لرأيت الموضوع من زوايا متعدِّدة، و ما أجمل لو ردَّدتَ بيقينٍ: "اللهم أرِنا الحقَّ حقًا و ارزقنا اتِّباعه، و أرِنا الباطل باطلًا و ارزقنا اجتنابه" فالحق و الباطل موجودان لكن أيّهما تتَّبع؟ فالمصيبة أن تكون غارق في الأوهام، و تظن أنَّك تُحسِن صنعًا!

فكم ممن رأوا الحق باطلًا و انتصروا له فضلُّوا الطريق، عاندوا و استكبروا و أبوا إلا الاستماع لأصواتهم، و حقَّ فيهم قوله تعالى: {وَ لَمَّا جَاءَهُمُ الْحَقُّ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ وَ إِنَّا بِهِ كَافِرُونَ} [الزخرف من الآية:30].

و الآن، هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

إنك طرف في الحوار و عليه، تستطيع أن تجد أرضية مُشتركة بينك و بين من تحاوره، و لن يكون الأمر كذلك إلا إذا انطلقتَ من فرضية تساوي الطرفين المتحاورين في طرح وجهات النظر قبل أن يبدأ الحوار، فليس من المعقول أن تتبنى النتيجة قبل أن تسمعَ رأي الآخر و تُسمع رأيك!

و الآن، هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

أليس الهدف من الحوار هو عرض أفكار الطرفين؟ فلمَ تعرض أفكاركَ و لا تعطي الآخر الفرصة ليعرض أفكاره؟!

أليس الحوار مع الآخر هو طريقة توصل بها أفكاركَ؟ فلمَ تقزِّم حقَّ الطرف المقابل في عرض رأيه هو الآخر أو في الردِّ عليكَ؟!

أليس الحوار هو تبادل الكلام بين شخصين -أو أكثر-؟ فلمَ تستأثرُ بالحديث و لا تعطي فرصة للآخر ليُبسِّط أمامكَ رأيه؟!

و الآن، هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

إن كان الردُّ بالنفي، فلا أخالكَ تريد إحقاق الحق و إثباته، بل أنت تتَّبع سياسة عرض العضلات أمام من تحاوره، أو تسعى لإثارة ضجَّة أو أن هدفك منذ البداية هو الانتصار لنفسك، فلتعلم أنَّك لن تزيد محاوركَ إلا عنادًا و إصرارًا على رأيه.

إذن: أحسِن الاستماع لمحاورك، و لا تتعصَّب لوجهة نظرك، و لا تتَّبع هواك، و كن طالب حق ناشدًا له أنَّى كان.

و الآن، هل تستطيع أن تُفرغ كوبك قبل أن تحاورني؟!

أتمنى ذلك!

اللهُمَّ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ، إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

الرابط: http://ar.islamway.net/article/39587/%D9%84%D8%B7%D9%81%D8%A7-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D8%BA-%D9%83%D9%88%D8%A8%D9%83?ref=s-pop

قراءة 1846 مرات آخر تعديل على الجمعة, 13 أيار 2016 12:57