(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 09 أيلول/سبتمبر 2023 19:52

الإخوان ...و الخيارات الصعبة

كتبه  الأستاذ عماد سعد
قيم الموضوع
(0 أصوات)

دأب المؤرخون على عدم كتابة سير الرجال إلا بعد موت أصحابها،فأصعب شيء أن تكتب فيما لم يُفرغ منه، و مع ذلك سأغامر و أدلي برأي فيما يجري بناء على ما أشاهد من أخبار على ضيق وقتي،و قلة درايتي بالمشهد المصري و تعقيداته.

لا أجد تفسيرا لإصرار الإخوان على عودة الرئيس إلا أن "سكرة المنصب" قد أخذتهم،و إلا كيف نفهم قول المرشد "إن عزل مرسي أشد من هدم الكعبة !" و الخشية بعد ذلك من الانزلاق إلى التكفير و التبديع للمخالف بسببه، و إن الإصرار على الخطأ يصيّره خطأين، فلماذا الإصرار و هم يرون الدماء تراق و الشعب يقسّم و البلد ينهار ! هل يستحق المنصب كل الدماء التي سالت و تسيل ؟ إنهم بإصرارهم هذا يغامرون بخسارة ما تبقى لهم من مكانة في قلوب الشعب و هي رأس مالهم.

قالوا إنه الحق والشرعية ! هل الذين قرروا عزله يجهلون ذلك الحق و تلك الشرعية ؟ هل ينتظرون منهم أن يعيدوه ويبوؤوا بالخزي أمام عملاء الداخل و ذئاب الخارج؟ فلو كانوا سيعيدوه لما أزاحوه ؟ ومن يجرح أسدا ثم يفلته ؟ و اعجب لهم يطلبون ذلك من المجرم نفسه ! عجبا "أخصما و حكما" !

ونشحذ من يهود الشرق عدلاً           كمن يتَخِــذَ الغـــرابَ له دليــلا

ثم هبه أعيد، و ماذا يستطيع مما لم يفعله قبلا ؟ و الخصم المتربص هو هو بل أقوى، و حقده هو هو بل أشد، هل يستطيع أن يغير قيادة الجيش و يطهر القضاء و ينظف الإعلام ؟ أم تراه يأمل أن يتركوه يطلق مشاريعه النهضوية و يطبق خططه التطويرية ؟ إنهم لن يسلموه – و قد عالنوه العداوة - إلا بأثقال من التهم تشغله لفترة أولا يقوم بعدها، و الخشية أن تبدأ تصفية كوادر الحركة الإسلامية، أو اغتيال الخصوم و يتهم الإسلاميون، فالتهم جاهزة و الأوضاع مهيأة و القضاء متربص، و الموساد على مرمى حجر إن لم يكن هو المحرك، و هم الآن يدفعون إلى فرض الأمر الواقع، بالإخوان أو من دونهم، و ستطبق عليهم قوانين ذلك الفرض، ليس لشرعيتها بل بقوة الدبابة و الرشاش و تواطؤ العرب و مباركة الغرب.

 

يقول ابن الجوزي "من عاين بعين بصيرته تناهي الأمور في بداياتها نال خيرها و نجا من شرها "،و انظر صنيع المصطفى صلى الله عليه و سلم وهو يعقد صلح الحديببة كيف قبل تلك الشروط المجحفة، لا بل تنازل عن صفة الرسالة، حتى ثار الصحابة و على رأسهم عمر رضي الله عنهم، ثم كان- كما نقل المؤرخون - أن دخل في الإسلام في فترة السلم - التي أعقبت الصلح - أضعاف أضعاف من أسلم منذ مجيء الرسالة ! إنه لا أصلح للإسلام و الإسلاميين إلا حال الاستقرار، لذا يحرص خصومهم على تعكير الأجواء و إطالة حال الفوضى لأنّ النهار سيفضح خفافيش الظلام !خاصة و النظام البائد يعيد تجميع صفوفه مستغلا حالة الغموض و الفوضى...يقال "إن المرونة قوة " فقد يحدث أن تنعطف السيارة - المتجهة شمال مثلا - إلى الشرق أو إلى الجنوب لبعض العقبات التي تعترضها، و في وضع كالذي يراد لمصر الآن يصبح الحفاظ على رأس المال أولى من الربح المحقق فكيف به مظنونا ؛ بله و هو ميئوس منه ! إن مكانتهم في قلوب عامة الشعب تتآكل يوما بعد يوم، خاصة و الإعلام يجعلهم سبب الانسداد الحاصل، و إذا غرقت السفينة بعدها فالإخوان هم السبب ! إنّ الخسارة أكيدة مادام الإعلام يحرض و يؤلب؛ و عرب "الثلث الخالي " يدعمون و يمولون ؛ و الغرب بسكوته يؤيد و بتصريحاته يتواطأ، و الموساد من وراء كل ذلك.

قلت و لازلت أقول أنهم أخطئوا لتصديهم لقيادة مصر في هذه المرحلة، في بداية رئاسيات مصر صرّح الإسلاميون و على رأسهم الإخوان بأنهم لن يقدموا مرشحا إسلاميا، و زاد الإخوان " لمدة دورتين على الأقل "لأن المرحلة لا تحتمل رئيسًا إسلاميًّا، و إنما يكفي رجل لا يحارب الإسلام في الجملة، فقلت أنا حينها إنهم على الجادة، ثم فجأة قرر مجلس الإخوان - في الدقائق الأخيرة - بأغلبية ضئيلة «56 / 53» تقديم "الشاطر" ثم فجأة أخرى ُدفِع بمرسي !

و كما يحصل في كل الأحزاب و الحركات السياسية الديمقراطية، إذا فشلت سياستها في الوصول إلى الأهداف المسطرة، فإن الفريق الذي رسم تلك السياسة يقال أو يستقيل، و يعين أو ينتخب فريق جديد لرسم سياسة جديدة للمرحلة المقبلة، و يكون أول عمله هو البحث عن أسباب الفشل و طرق علاجها و وضع البرامج لتجنب أخطاء سابقه و مراعاة المتغيرات، و اعتقد أن هذا ما ينبغي أن يفعله الإخوان إذا كانوا حقا يقدمون المصلحة العامة على المصالح الشخصية، و يؤمنون بالديمقراطية .

على الإخوان الآن القيام بدراسة جدوى لتقييم المرحلة السابقة ليشخصوا علل الفشل و سبب انتشار الكراهية لهم و لكل ما هو إسلامي في الشارع، هل هو الإعلام الموجه أم بسبب أخطائهم، و ما مدى صحة الاتهامات التي وجهت إليهم، و لماذا خسروا الخارج قبل الداخل، و لماذا لم يجدوا أحدا إلى جانبهم و الحق معهم، و أن يضعوا أفضل الحلول لكل المشاكل و الأخطاء، و أن يدرسوا كل الاحتمالات، وفق مبدأ المصلحة و المفسدة، و ما دام "في الشر خيار" أرى أمامهم ثلاث خيارات: فإما أن يدخلوا مع الانقلابيين في لعبتهم، و ليكن شعارهم " إذا كان من المستحيل منع الشر فمن الممكن تخفيفه "،"فقد يلجئ حر الشمس إلى مجلس السوء"، خاصة و هم مازالوا فصيلا ليس منالسهل إقصاؤه، و من غير المصلحة استبعاده، و إما أن يتراجعوا إلى المعارضة طيلة المرحلة الانتقالية، و يشاركوا و لو من بعيد في رسم ملامح الساحة حتى تستقر الأوضاع فيدخلوا حينها بكل قوتهم، بعد أن يكشفوا أوراق خصومهم، و إما أن يستمروا في التظاهر مطالبين بعودة الرئيس باسم الشرعية، و لو توقفت الحياة و توالت الأزمات، و لو كان في ذلك الإلقاء بالمكتسبات فى هاوية مهلكة و فناء كوادرهم و شبابهم، و لو أريقت الدماء و هدرت الأموال و دمر البلد،كل ذلك حتى يعود الرئيس و لو على أشلاء وطن ؟! ما دامت الغاية هي الإمارة ولو على الحجارة !

يا ناطحا جبلا يوما ليوهنه *** أشفق على الرأس لا تشفق على الجبل

قراءة 266 مرات