(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 18 حزيران/يونيو 2017 13:43

حصار دولة قطر يتهدد العرب كلهم بالخطر...

كتبه  الأستاذ محمد العلمي السائحي
قيم الموضوع
(2 أصوات)

إن ما يحدث من صراع و شد و جذب بين السعودية و الإمارات و البحرين و مصر من جهة و بين دولة قطر من جهة ثانية بقدر ما هو مؤسف، هو مؤلم و محبط إلى جانب كونه مخيف، أما كونه مؤسفا، فلأنه صراع بين أبناء بيت واحد يعيشون على رقعة جغرافية واحدة، و ما يجمع بينهم أكثر بكثير مما قد يفرق، و لأنه جاء في ظرف بالغ الحساسية، يدعو إلى وحدة الصف لا إلى تمزيقه، خاصة و التحالف يخوض حربا شرسة في اليمن مع الانقلابيّن من الحوثيين و المخلوع علي عبد الله صالح، الذين تمدهم إيران بالمال و السلاح و الدعم السياسي، ليكون لها موطأ قدم في اليمن، مما يسمح لها بتهديد السعودية مباشرة، و هو مؤسف لأنه استدرج دولا شقيقة إلى هذا الصراع و هي لا ناقة لها و لا جمل فيه، مثل الأردن و موريتانيا، و فرض على الدول العربية المستهدفة أصلا، الدخول في صراع سينهك قواها و يشغلها عن مواجهة الأخطار الحقيقية التي تتربص بها، بهذا الصراع الزائف الذي يصمها بالعار، و لا يحقق لها أي مجد أو فخار.

و هو مؤلم لأنه صراع بين أشقاء بعضهم كبار، مع شقيق صغير، ما كان يجب أن يكون، لأن واجب الأخ الكبير أن يحمي أخاه الصغير لا أن يتعسف معه و يتطاول عليه و يرهبه، و حتى لو افترضنا أن هذا الأخ الصغير قد اشتط و تمرد، كان ينبغي أن نستعين عليه بعقلاء القوم، ليناقشوه و يبينوا له خطأه و يبصرونه بعواقب ركوب رأسه و اتباع هواه، لا أن نفرض عليه حصارا لا يفرضه العدو على عدوه.

و هو مؤلم لأنه كشف للغرب و للعرب على حد السواء، أننا لسنا على قلب رجل واحد كما كنا ندعي، و إلا كيف نذهب إليهم لنستجديهم عونهم على حصار من هو محسوب علينا، و منتم إلينا، و أبان للعرب هشاشة ما كنا نعتبره سداة و لحمة بيننا من لغة و دين و تاريخ مشترك.

و هو محبط لأنه عصف بآمال الشباب العربي الطامح إلى وحدة تجمع الشتات، و تسمح بالتصدي للأزمات، و تدارك ما بدر منا من أخطاء فيما تقدم وفات.

و هو محبط لأنه كشف عن قصور الفهم لدى ساستنا و حكامنا، و أنهم لا يفكرون فيما هو أبعد من كراسيهم و عروشهم، في حين كان يفترض فيهم أن يمتد تفكيرهم إلى ما هو أبعد من ذلك، و لو فعلوا لتبين لهم أن قطر بمثابة لبنة في سور الأمة العربية، إن نزعت من مكانها أضعف نزعها السور و أوهنه، و هم بحكم موقعهم من المسؤولية، كان يجدر بهم أن يقدموا مصلحة الأمة، على مصلحة الشّلة و اللّمة.

أما كونه مخيف فلأنه يثير في النفس مخاوف شتى على مستقبل هذه الأمة، التي توالت عليها الأحداث من كل جانب، حتى باتت عاجزة تماما عن التمييز بين ما ينفعها و يضرها، فالشعوب كانت تتوقع من ساسة المنطقة و قادتها، أن يكونوا أكثر حصافة و ينصرف تفكيرهم إلى البحث عن حلول للأزمات التي أطبقت على المنطقة، و المتمثلة في الفتن و الحروب التي شبت فيها، و التي باتت تهدد بتمزيقها و تقسيمها إلى كيانات طائفية و عرقية مجهرية لاحول لها و لا قوة، و لا قدرة لها على نفع صديق أو صد عدو بغيض صفيق، كيانات تبقى رهينة صراع تغذيه العوامل العرقية و الطائفية التي قامت عليها أبد الدهر.

إن النخبة من قادة العرب و ساستهم اليوم أمام مسؤولية تاريخية، لابد لهم أن ينهضوا بها، و هي أن يبادروا لوضع حد لهذا الصراع البغيض، الذي يهدف إلى تمزيق الصف العربي، و أن يتولوا بأنفسهم حسمه، و لا يسمحوا للأجنبي بالتدخل و دس أنفه في شؤوننا سواء أكان ترامب أم غيره، و قد رأينا ماذا حل بالعراق التي غزت الكويت، فاستعين ببوش لنجدة الكويت، فضاعت العراق بل كل المنطقة معها، فلنعد إلى الرشد إذن و نحل مشاكلنا بأنفسنا و لا حاجة لنا بالغير، فإن الغير يقدم مصالحه على مصالحنا، و لنرأب الصدع مع دولة قطر، قبل أن تشتد الأزمة و يستفحل الخطر...

خاصة و هم يعلمون أكثر من غيرهم، أن المستهدف من وراء هذا الصراع المفتعل، إنما هو القضية الفلسطينية، قضية الأمة العربية المركزية، فغاية هذا الصراع هو محاصرة المقاومة الفلسطينية و تجريدها من الدعم و السند حتى تخضع و تستكين، أم ترانا نسينا أن ترامب أعلن في القمة الأخيرة التي حضرها في السعودية، عن تصنيفه لحركة حماس حركة إرهابية، و إذن فإن تخلينا عن دولة قطر، في هذا الحصار الظالم المضروب عليها، هو تخل عن القضية الفلسطينية، و طعن في الظهر للمقاومة المسلحة، فلنختر إذن مع من نقف: مع العدو الغادر اللدود، أو الشقيق الذي يحمي الذمار و يحرس الحدود؟ فلنعي إذن أن حصار قطر يتهدد العرب كلهم بالخطر...  

    

قراءة 1886 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 27 حزيران/يونيو 2017 07:31