(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 05 آذار/مارس 2015 12:47

و بعض الكلمات قبور....

كتبه  الأستاذة قوادري "أم وفاء"
قيم الموضوع
(0 أصوات)

من أحـق حقـوق المـؤمن علـى أخيـه المؤمـن، و من أوجب الـواجبــات عليـه، أن يستر عورتـه، و يخفـي عيوبـه. و هذا ليبق المجتمع الإيماني متمـاسك البنـاء. فالأخوة الإيمـانية تستوجب علـى كـل فـرد فيه أن يكون لبنـة تشد الأخرى، و تسندهـا لتجعلهـا أكثر ثبـاتـا و تماسكـا. مصداق قـول نبـي الهـدى

(صلى الله عليه وسلم ):{ الْمُؤْمنُ للْمُؤْمِن كَالْبُنْيَانِ يَشدُّ بعْضُهُ بَعْضاً }(1)

ففي ستر العيوب و الأخطاء(أي الذنوب) تسهيل و إعانة لمرتكبها على تركها و التحلل منها. فنحن جميعا معرضون للذنب و الخطأ. و من ثمة فكلنا في أشد الحاجة لمن يأخذ بأيدينا، لنصحح و نتوب.

و في الحديث:{ الْمُؤْمنُ مِرْآةُ أَخِيهْ }(2)

فالمؤمن الحقيقي كمرآة عاكسة كاشفة، يوضح لأخيه عيوب نفسه، ليتداركها فيسارع إلى إصلاحها في محبة و رحمة و جبر خاطر.

لأن البعض قد يستسهل ما يشاع عنه، و من ثمة يقدم على فعله غير مبال، و لسان حاله يقول: قد أشيع علي فلما لا أفعله.

و كل منا يحرص أشد الحرص على بقاء عرضه مصونا طاهرا، و يحذر كل الحذر أن يخدش بأدنى سوء. و الـعرض هو موطن المـدح و الـذم فـي الانسـان قـال الشــاعر:

-          إِذا المَرءُ لَـم يُدنَس مِنَ اللُـؤمِ عِرضُـهُ * * * فكُـلُّ رِداءٍ يَرتَديـهِ جَميـلُ

و نظرا لأهمية الأعراض و خطورة الخوض فيها، فقد اعتبرتها الشريعة من مقاصدها الكبرى. قال (صلى الله عليه و سلم) :{ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَ مَالُهُ وَ عِرْضُهُ }(3)

فحرمت الولوغ في أعراض الناس، و التكلم عنهم دون تثبت و روية. بل حذر القرآن من ذلك أشد التحذير، و اعتبر نشر الاشاعات داخل المجتمع المسلم من كبائر الذنوب و المعاصي التي يستوجب صاحبها غضب الله و عقابه. قال تعالى:{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَ الْآخِرَةِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ وَ أَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } النور/19

فشيوع الفواحش وانتشار الاشاعات المغرضة. قد يجعل ضعاف النفوس يستسهلونها، و يقبلون عليها من باب أن الكل يفعلها.

أجل لقد أوصدت الشريعة باب اتهام الناس في أعراضهم، فحرمت القذف و أوجبت على القاذف بينة تتمثل في أربع شهود عدول عاينوا الفاحشة معاينة تامة. و الا فالقاذف فاسق مردود الشهادة يجلد ثمانين جلدة.قال تعالى:{ وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَ لَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور/4

و نظرا لتعذر تحقق هذه البينة. فلا يبق أمام القاذف إلا أن يستر عليه ويسكت.

أما ما نراه اليوم من مسارعة الى نشر الاشاعات و استباحة الاعراض، بل الفرح باقتناصها و تصيد معايب الناس كما قال الشاعر:  

-   إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا     * * *   عني و ما سمعوا من صالح دفنوا

فهذا خلق ذميم، وصفة شياطين الانس الذين لا يخافون الله. فالله ستير يحب الستر. قال (صلى الله عليه و سلم) : { لَا يَسْتُرُ عَبْدٌ عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ }(4)

فالمؤمن الحقيقي يحب لأخيه ما يحب لنفسه، و يكره له ما يكره لها. فكما يحب أن يستر عليه، يجب أن يكون ساترا، رحيما رفيقا بأعراض اخوانه، فالتشنيع والتشهير لا يزيد الامور إلا سوءا، و هو من باب إعانة الشيطان على المسلم و في الحديث: { لا تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ } (5)

و كم رأينا في مجتمعاتنا من أخطاء، سترها أهل الفضل فأصلحوا بها نفوسا كادت أن تزيغ. و جبروا خواطر كسرها الزمن. و كما قيل: التمس لأخيك و لو سبعين عذرا.

فرفقا يا أحبتي ببعضنا البعض. لأننا نسأل عما نقول {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}الآية(ق18) فهذه الكلمات نور. وب عضها قد يكون قبورا. فيا ويح من يساهم في حفرها.

                                                                        

(1) حديث صحيح                                                             

(2)حسنه بعض أهل العلم

(3) مسلم، أحمد، البيهقي

(4) رواه مسلم

(5) رواه البخاري                                                                        

قراءة 1482 مرات آخر تعديل على السبت, 29 آب/أغسطس 2015 06:32