(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 02 كانون2/يناير 2021 10:11

و أصـــدق مــا استخلــص مــن عبـــر.. مشاكــــل النطـــق مــن قلــــة التــــواصـــــــــــــل ..

كتبه  الأستاذة صباح غموشي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

كانت المعلمة تسلم الأطفال لأوليائهم الواحد تلو الآخر في الفترة الأولى من التحاقهم بأقسامهم، و كنت منشغلة بعمل في يدي و أراقب حركة الأطفال لدى خروجهم. و حين خرج الجميع ناديت المعلمة و سألتها : ما رأيك في الأطفال .. هل استيعابهم و تفاعلهم جيد؟ .. قالت لا بأس لكن الملاحظة التي ذكرتها لي استوقفتني كثيرا .. قالت لكن يا أستاذة لاحظت أنّ معظمهم لديهم صعوبة ما في النطق .. ينطقون الحروف بصعوبة كأنهم لم يتكلموا من مدة !! قلت لها بحسرة و من يكلمهم و من يعلمهم نطق الحروف سليمة و الجميع في البيوت شغلتهم هواتفهم و مواقع التواصل الاجتماعي عن التواصل الاجتماعي الحقيقي .. قالت : صدقت أستاذة.
قد يبدو الأمر مبالغا فيه كثيرا .. لكن نظرة سريعة على بيوتنا و جولة خاطفة في غرفها و أروقتها لنستكشف سويا ما وصلت إليه أسرنا من غربة بين أفرادها هي نتاج ظواهر سلبية كثيرة طغت و أفسدت نكهة التواصل التلقائي و الجميل بينهم .. يوميات أسرنا تغيرت كثيرا تتحكم في وتيرتها مشاغل الحياة و تسارع أحداثها بشكل رهيب .. فالأسرة جميعا تهجر البيت يوما كاملا من أول بزوغ الفجر تسارع الوقت و تختصر الكلام و السلام و كل شيء لتصل في الموعد .. الوالدان لعملهما و الأولاد لحضاناتهم أو مدارسهم أو جامعاتهم .. لا يكاد يكلم أحدهم الآخر إلا أوامر من الوالدين أو طلبات من الأولاد .. و كلها صراخ و بكاء و تشنج و غضب تقريبا .. و غالبا ما لا تجمعهم مائدة إفطار أو غذاء أو عشاء .. و يعود الجميع مساء مسرعين منهكين ضائقة صدورهم من مشاكل العمل و الدراسة و تالفة أعصابهم من ضغط الوقت و ازدحام الطريق و غيرها ..
يدخل الجميع للبيت في أوقات مختلفة تشغلهم هموم مختلفة و تنتظرهم مهام مختلفة .. فتسرع الأم لمطبخها تسابق الزمن لتحضير العشاء و وجبة الغذاء للغد و غسل الأواني و ترتيب المنزل وووو .. و قائمة الأعمال تقطع ما تبقى من أنفاسها و تنهك ما تبقى من جهدها.. و يأوي الأب إلى جهاز التحكم يقلب به محطات التلفزيون لينسى متاعب يومه في تجوال بين أخبار و رياضة و أفلام و غيرها .. أو يرتاح قليلا ثم يخرج لمقاهي اللهو و اللعب يسامر فيها أصحابه لوقت متأخر من الليل .. أما الأولاد فأكبر الضحايا .. منهم من حببت له دراسته فيقضي وقتا هاما في مراجعاته و منهم من يذهب إلى ركنها متثاقلا كأنما يساق إلى السجن .. و الصغار منهم حاجتهم للعب لا تنتهي و شغفهم به لا يرتوي، و هم بطبعهم يحبون مشاركة الكبار لهم في لهوهم البريء لكن الكبار مشغولون ليلهم و نهارهم و كل ما يسمعونه منهم أوامر و نواهي و توبيخ و صراخ ..
و تصوروا معي طفلا صغيرا يجري نحو أمه بالمطبخ لتلاعبه و تحادثه و يتعلم منها نطق الحروف و معاني الكلمات البسيطة التي ينشأ عليها .. فتنهره و توبخه و تطرده و تغلق أبواب الحديث كلها معه لأنها مشغولة و مضغوطة و رأسها مثقل بألف حكاية و رواية لا يتحمل ثرثرة ابنها الذي لا يصمت .. فيلجأ لأبيه في غرفة المعيشة عله يجد عنده ما افتقده في المطبخ، فلا تكاد قدماه تطأ عتبات المكان حتى يقابله صراخ والده أن اصمت .. اتركني أسمع .. فيعود أدراجه يجر أذيال القهر يطرق باب إخوته فيجدها موصدة كل مشغول بهمه و اهتمامه .. فينكفئ على نفسه و يأوي هو الآخر للتلفاز يشاهد و يتلقى و لا يتلكم .. و ينتظر فراغ الجميع من مشاغلهم لكنهم حين يفرغوا منها ينصبوا إلى معابدهم في هواتفهم الغبية التي فرقت شمل الأسرة و أضعفت تواصلهم و قللت حديثهم إلى بعضهم .. ذاك الحديث العادي التلقائي المتواصل الذي يتعلم الطفل الصغير منه حروفه و كلماته و يتعلم الأشياء التي يصادفها في يومه و يتعامل معها في مرحلته .. فإذا فقد هذا الحديث و هذا التواصل كيف للطفل أن يتعلم شيئا و من يصحح له نطقه و من يعلمه الكلام .. انتبهوا

الرابط : https://elbassair.org/11838/

قراءة 814 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 06 كانون2/يناير 2021 10:03