مع قيام الدولة العباسية سنة (132هـ)، انفصلت عن دولة الخلافة الكبرى - من الناحية السياسية - بعض الأقاليم، و لا سيما البعيدة منها، و كان المغرب العربي و إفريقية الإسلامية و الأندلس أبرزَ المناطق التي انفصلت، و لم ينظر قط إلى هذه الدول إلا على أنها دول مستقلة عسكريًّا و سياسيًّا، أما العقيدة و الشريعة و القِيم، فواحدة، و كانت كلها تنتسب إلى الإسلام و تحمل رايته، و قد كان الأغالبة (184- 296هـ) يرتبطون بالخلافة العباسية، و يحكمون باسمها، و عاصمتهم القيروان أصبحتْ من أشهر العواصم الإسلامية نشرًا للثقافة الإسلامية، و عن طريق قوتِهم البحرية الهائلة قاموا بغزو مالطة و السواحل الإيطالية الجنوبية، و قد نجحوا في عهد زيادة الله الأغلبي في الاستيلاء على صقلية، بقيادة القائد الفقيه القاضي أسد بن الفرات (212هـ).
أما الأدارسة، فقد استقلوا في المغرب الأقصى، و كانت عاصمته(فاس)، و قد حكموا نحو قرنين من الزمان (172 - 363هـ).
و في المغرب الأوسط (الجزائر))قامت دولة بني رستم على يد مؤسسها عبدالرحمن بن رستم، الذي كان مولى لعثمان بن عفان - رضي الله عنه - و هو منشئ مدينة تاهرت (العاصمة)، و كان يأمر بالمعروف، و ينهى عن المنكر، و يشارك الناس في أعمال البناء للمساجد و لبيوتهم بيده، و مع أنه كان خارجي المذهب إلا أنه كان - و دولته - ملتزمًا بالشريعة في حدود المذهب الإباضي، و قد عاشت الدولة أكثر من قرن و نصف (144 - 296هـ)، حتى قضى عليها الشيعة الفاطميون، و قد ازدهر المغرب الأوسط على عهد الرستميين، و أصبحت تاهرت مدينة علمية و ثقافية حافلة بالأجناس من شتى أنحاء العالم الإسلامي، و كانت الدولة على علاقة طيبة بالأمويين في الأندلس، و قد عملوا على نشر الإسلام في داخل إفريقية.
و كانت دولة بني مدرار (و اسول)في سِجِلْماسة تشبه أن تكون جناحًا خارجيًّا لبني رستم، و كانت مثلها في الاعتدال و الالتزام بالإسلام، و كانت عاصمتها سِجِلْماسة، و عاشت أكثر من قرنين (140 - 349هـ)، و كانوا لا يبيحون دم مسلم إلا بحقه، و لا يميلون إلى تكفير أحد من المسلمين، و قد تعاونوا مع بني رستم في أمورٍ كثيرة نافعة حتى قضى عليهم الشيعة.
فهكذا ارتبطت هذه الدولة بالإسلام و شريعته و حضارته، و جاهدتْ في سبيله على الرغم من استقلالها السياسي.
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/culture/0/75572/#ixzz3CqpJr8b3