(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 23 نيسان/أبريل 2017 20:21

مكتبة الإسكندرية والقراءات التاريخية المتحيزة

كتبه  الأستاذ محمد شعبان صوان من فلسطين الشقيقة
قيم الموضوع
(0 أصوات)

مازال الجدال محتدماً على مصير مكتبة الإسكندرية القديمة، كيف دمرت و من الذي دمرها، و ضمن هذا النقاش العالمي تنفرد بلادنا باستقطاب إيديولوجي تظهر فيه الأهداف السياسية أكثر من الأدلة العلمية، فمن قائل باتهام المسلمين بتدمير المكتبة عند فتح مصر، و من مدافع عن المسلمين بإلقاء تبعة الدمار على من قبلهم، المهم أن الجميع متفقون على كون الحدث معياراً للقياس، و مثل النقاش عن المحرقة النازية تضيع الأهداف العلمية في غمرة التجاذبات السياسية.

يجب أن نعرف أولاً أنه حتى الآن لم يستقر البحث التاريخي على حقيقة مصير مكتبة الإسكندرية، و لهذا ليس من حق أي طرف ادعاء حقيقة مطلقة لكي يبني عليها إدانة مطلقة أو براءة مطلقة، فلا يجوز للتغريب أن يبني برنامجه على كون المسلمين هم من دمرها، و لا يجوز للمدافعين عن التراث أن يعلقوا براءة الإسلام على براءته من تدمير المكتبة فيستميتوا لإثبات زوالها قبل الفتح الإسلامي، نعم يستمر النقاش و لكن دون جعله سيفاً مسلطاً على رقبة المسلمين.

فمن يتأمل حوادث التاريخ يجد أن عملية حرق الكتب و المكتبات مستمرة منذ العصور القديمة إلى عصر التقدم و التنوير و العلم اليوم، مارست هذه العملية مختلف الدول و الحضارات في الشرق و الغرب، فعندما سادت الديانة المسيحية في الإمبراطورية البيزنطية تم إحراق مكتبة القسطنطينية (473 م) بما فيها من كتب حسبت على الوثنية فضاع 120 ألف مخطوط ثمين و لكن لم يتهم أحد الدولة البيزنطية بالجهل و معاداة العلم و فرض التخلف، و بعد سقوط الأندلس أحرق الإسبان آلافاً من الكتب الإسلامية و مع ذلك ظل ذلك العهد هو عهد الكشوف و تباشير النهوض، و عندما قامت الثورة الفرنسية التنويرية تم إحراق آلافاً من كتب العهد الملكي البائد لأنها رمز للطغيان، و ظلت الثورة الفرنسية رمز العلم و العقل و التنوير، و في حرب 1812 بين الولايات المتحدة و بريطانيا أحرق الجيش البريطاني مكتبة الكونجرس، و لم يتهم أحدهم بريطانيا بالجهل و التخلف، و في زمننا المعاصر دمر الغزو الأمريكي مكتبات و متاحف العراق العريقة أو نهبها، فهل جرؤ أحدهم على اتهام أمريكا بمعاداة العلم؟

هذه مجرد شذرات من عمليات إحراق الكتب و المكتبات في التاريخ، تبين أن الإحراق قد يكون لأسباب عقائدية حين يرى دين جديد أنه أولى بالحقيقة من سابقه فيلغي أفكاره و يبني أفكاراً جديدة لا تدل على التخلف بالضرورة، أو لأسباب سياسية تتعلق بالصراع بين الدول و ليس فيها شبهة التخلف على غرار ما فعله المغول ببغداد مثلاً، فلماذا لم تأخذ كل تلك المحارق البعد الإيديولوجي الذي اتخذه حرق مكتبة الإسكندرية عندما يُتهم المسلمون وحدهم بالفعل دون حتى غيرهم من المتهَمين؟ ماذا يريد المتهِم أن يقول؟ إن المسلمين أعداء للعلم؟ اتهام يكذبه ازدهار الحضارة الإسلامية عندما أصبحت من أعلى حضارات العصور الوسطى علمياً و ثقافياً و فكرياً، أو لعله يريد القول إن المسلمين اضطهدوا مصر؟ و هو اتهام يكذبه كذلك وضع مصر المركزي داخل الحضارة الإسلامية على مر تاريخها سواء كانت عاصمة أم ولاية.

و لهذا يجب أن يهدأ هذا الاحتدام لأنه في أسوأ الأحوال سيكون حرق مكتبة الإسكندرية على يد المسلمين، لو ثبت ذلك و هو أمر ما زال بعيداً، لأسباب عقائدية لم تؤد إلى تخلف أو اضطهاد، و هو جزء من عملية مازالت مستمرة إلى اليوم في عصر العلم و التقدم و التنوير و علينا ألا نتحمل أوزاراً يرفض أي فاعل آخر أن يتحملها.

https://en.wikipedia.org/wiki/List_of_destroyed_libraries

قراءة 1706 مرات آخر تعديل على الجمعة, 28 نيسان/أبريل 2017 07:44