(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 17 آذار/مارس 2016 08:48

مشاهد من طفولتي مع مختار عنيبة رحمه الله

كتبه  عفاف عنيبة

كان والدي مختار عنيبة رحمه الله منذ صغري يمنحني حق مرافقته إلي مقر عمله كانت سفارة أو قنصلية، في يوم ما بأندونيسيا أخذني إلي مقر السفارة الجزائرية الجديد، وقف في الحديقة الخلفية للسفارة يتكلم مع أحد زملاءه بينما عفاف كان عمرها 10 سنوات ذهبت تكتشف السفارة غرفة، غرفة.
و في غرفة ما، وجدت آلة التلكس تتحرك و تخرج منها ورقة طويلة، علي الفور نزلت إلي الطابق السفلي و هرعت إلي أبي و قلت له مقاطعة الحديث بينه و بين زميله:
-بابا تعالي أرجوك، شيئا
ما يحصل فوق.
فنظر إلي والدي رحمه الله، لاحظ ملامح الجد علي وجهي و كان يعرف بنته عفاف الشقية، لن تتركه حتي يرضي فضولها. فاعتذر لزميله و اتبعني إلي الطابق العلوي من السفارة و دخلنا تلك الغرفة السحرية و أشرت إلي الآلة :
-
ما هذه بابا ؟
-
آلة التلكس عفاف أجابني و تقدم إليها و سحب الورق المتدلي منها.
-
و ما هو مكتو
ب في الورقة و ما معني تلكس بابا ؟ أمطرته بأسئلتي.
-
تلكس هي آلة إتصال تربطنا ببلدنا الجزائر، فوزارة الخارجية ترسل لنا الأخبار و بعض الأعمال عبر هذه الآلة. شرح لي والدي الكريم.
-
طيب بابا و ماذا تقول هذه الورقة ؟
لا شيء سوي بعض أخبار البلد و بعض الأمور التي تتعلق بعملنا هنا.
فسألته ببراءة كبيرة:
-
آ، بابا و كيف هي أخبار الجزائر ؟ بخير إن شاء الله.
فأبتسم في وجهي رحمه الله و قال :
-
الحمد لله الجزائر بخير، عفاف.
و كالبرق غادرت المكان لأكمل رحلة إستكشافي للسفارة...

 

 

في يوم من أيام الماضي البعيد في السبعينيات و نحن نزور الجزائر في العطلة آتين من أندونيسيا، كنت في الحادي عشر من العمر و أديت جزء من عمل طلبه مني بابا مختار عنيبة مع مجموعة من أبناء و بنات العائلة الكريمة، فجئته في صبيحة شاكية:
-بابا العمل الذي طلبته مني أكملته و ها هو لكنه غير مكتمل بإعتبار أن الآخرين لم ينهوا بعد ما طلبته منهم.
فأبتسم في وجهي رحمه الله، قائلا :
-عفاف إبنتي في كم من وقت أنجزت هذا العمل ؟
أخذت ساعته في يده و أشرت له بالوقت.
-جيد، عفاف، إنتظري لحظة.
قيم أمامي عملي ثم قال لي :
-سأهديك هدية علي سرعة و إتقان عملك.
عوض أن أفرح قلت له حزينة:
-لكن عملي هذا غير مكتمل ما لم تتسلم عمل الآخرين بابا.
فضحك والدي رحمه الله و قال لي مواسيا:
-عفاف إهتمي دائما بعملك أنت و لا تولي أهمية قصوي لعمل الآخرين، أنت مسؤولة علي عملك و إتقانه فقط، هل فهمت ؟
عوض أن أجيبه بنعم، قفزت في الهواء، سائلة إياه و أنا مرحة:
-إيه بابا ما هي هديتي ؟؟؟؟؟

 

و في يوم آخر كان عمري عشر سنوات أوصلنا سائق سفارة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية إلي القصر الرئاسي للرئيس الأندونيسي السيد سوهارتو، فوالدي مختار عنيبة رحمه الله مع والدتي الكريمة مثلوا دولة الجزائر لتقديم تهاني دولتنا بمناسبة العيد الوطني الأندونيسي و قد نزلا من السيارة و طلب والدي رحمه الله من السائق الأندونيسي:
-خذ الأطفال و تنزه بهم بالسيارة في المدينة.

نظرت لوالداي الكريمين و هما يصعدان وفق البروتوكول درجات سلم مدخل القصر الرئاسي و عدت و نظرت لعلم الجزائر المعلق في مقدمة السيارة و باللغة الأندونيسية خاطبت السائق :
-
أحمد قلت له، لن نذهب إلي المدينة و إنما سننزل هنا لنلعب في حديقة القصر الرئاسي أنا و إخواني!!!
ففزع السائق قائلا :
-
لكن آنسة عفاف أوامر السيد عنيبة خلاف ذلك...
فقاطعته بحزم :

-
الأوامر أوامري أحمد، بابا هو الآن عند الرئيس و أنا هنا!!!
و طلبت من إخواني أن يفتحوا باب السيارة و نزلنا فرحين بالبحيرة الموجودة في الحديقة البديعة و بقينا نلعب دون ان يأتي أحد ليطردنا من المكان ثم حينما إقترب موعد عودة والداي الكريمين، رجعنا إلي السيارة و خرجنا في نزهة قصيرة و عدنا إلي والدي رحمه الله و أمي حفظها الله كأن شيء لم يكن!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

 

و دائما في يوم من أيام الماضي في جاكرطا عاصمة اندونيسيا، كنت في التاسعة من العمر، و كنا في بيتنا نملك حديقة جميلة في واجهة البيت، يعطي جدار الحديقة علي الطريق السريع و من الجهة الأخري علي بيت فارغ موضوع للكراء. في يوم ما كنت جالسة في الحديقة علي بساط العشب أقرأ تحت ظلال أشجار إستوائية، فإذا برنات موسيقية تصلني واضحة كل الوضوح و قريبة جدا مني.
كنت واثقة بأن والدتي الكريمة لم تشغل المذياع و لا التلفاز، كنا في وسط الصبيحة، من أين تأتيني هذه الألحان الجميلة ؟ تساءلت بفضول شديد. تركت جانبا القصة و قمت من مكاني و بدأت أبحث هنا و هناك حتي فجأة سمعت صوت رجالي، فعلي الفور فهمت، صعدت علي شجرة تطل علي الطريق و هناك في البيت المقابل في حديقته وجدت فرقة موسيقية كاملة مكتملة بآلاتها الموسيقية تقوم بتدريبات علي عزف موسيقي رائعة فلم أتمالك نفسي و بدأت أصفق لهم من بعيد، فشاهدني أحد الشباب الذي يعزف علي قيثارته و اخبر أصدقاءه الشباب فسعدوا جدا بإستحساني لموسيقاهم و بقيت معلقة بين السماء و الأرض و أنا سعيدة بسماع لموسيقي جميلة جدا!!! و ظللت لأيام أتابع تدريبات الفريق الشاب من الموسقيين إلي اليوم الذي قابل أحدهم والدي رحمه الله و هو داخل إلي بيتنا:
-قل للآنسة الصغيرة شكرا علي تشجيعها لنا.
فأندهش والدي رحمه الله:
-تشجعكم إبنتي علي ماذا ؟
-علي تأليف لحن جديد لنا.
فلم يجبه والدي رحمه الله و استدعاني في غرفة المكتبة:
-عفاف هل صحيح انك تتابعين جيراننا الشباب و موسيقاهم ؟
-نعم بابا قلت له ببراءة تامة.
-طيب، أرجو منك أن تخففي من متابعتك لهم و أن تصرفي نظر عن موسيقاهم تماما.
نظرت لوالدي رحمه الله بإبتسامة عريضة:
-سأحاول بابا.
و بقيت لمدة أتابعهم حتي أكملوا عملهم الموسيقي الرائع و بعد تأديته في حفل من حفلات جاكرطا، غادروا بعد ذلك الفيلا المقابلة و انتهي هكذا فصل من فصول شقاوة عفاف عنيبة طفلة

قراءة 1642 مرات آخر تعديل على الخميس, 03 آب/أغسطس 2017 08:05