(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الثلاثاء, 20 تشرين1/أكتوير 2020 08:28

حكمة أهل أرخبيل أندونيسيا

كتبه  عفاف عنيبة

سنوات الطفولة و المراهقة التي قضيتها في دولة أندونيسيا كان لها تأثير عميق في. أكثر ما رسخ في ذهني، الهدوء الذي يتسم به المواطن الأندونيسي و خصلة إتقان العمل و الإقبال علي أي عمل دون إزدراء أي نشاط يوكل إليه.

عشت بين مسلمين أندونسيين، ألمس عن قرب بركة العمل في حياتهم، فأن يكون دخل المسلم الأندونيسي قليل او كثير فهو يحمد الله و يقنع بما أعطاه الله. هذا و الشعور الذي ينتاب المقيم في دولة أندونيسيا يرتبط بإحساس الأمن و الكرامة و الراحة النفسية لأسباب موضوعية : يشعر المرء بالأمن لأن العمل و إتقانه ديدن كل أندونيسي. فهم يعملون في كل أنواع الوظائف و وقت العمل نراهم يعملون بجد و روح مسؤولية عالية و ضمير حي، فلا إهمال و لا تكاسل و لا مبالاة كما هو الحال في بلادنا.

الشعور بالكرامة لأن الكثير من المواد و البضائع و ما يحتاجه المواطن في حياته اليومية مصنوعة في اندونيسيا و ليست مستوردة من الخارج، فليس هناك تبعية صناعية كبيرة لخارج يساوم الشعب الأندونيسي علي سيادته.

أما الراحة النفسية فهي نتاج نمط حياة مرتبط بالدين و الطبيعة، فالإسلام دين رحمة و تراحم، صبر و عفو و تسامح و تحث أخلاقه علي كتم الغيظ و لجم شيطان الغضب و التعامل مع الآخر المسلم بالحسني بعيدا عن أي مظهر من مظاهر الحقد و السخط و الغضب الأعمي الذي يذهب عقل الإنسان عند تسلطه عليه. هذا و الطبيعة في أندونيسيا لها مكانة خاصة في حياة الفرد، فهي دولة متكونة من أرخبيل من الجزر يتجاوز عددها 13 ألف جزيرة و الخضرة هناك تغطي كل شيء، فجمال الطبيعة و وفرة المياه في كل وقت كون الأمطار الموسمية تتهاطل لأيام متوالية، كل هذه العوامل تضفي علي حياة الأندونيسي نوع من الرؤية الهادئة لدوره في الوجود، ليحيا في تناغم تام مع الطبيعة آخذا منها الجمال و الذوق الرفيع و ذلك التناسق و الإنسجام الفريد مع كائناتها.

فالأندونيسي لا ينظر إلي نفسه تلك النظرة الوجودية الأنانية التي طغت علي الأفراد في مجتمعاتنا في العالم العربي، إنه يعلم بأنه حلقة من حلقات العقد المسلم و لبنة من لبنات الإنبعاث الحضاري لأمة الإسلام. فلا نراه غريبا عن محيطه إلا قلة قليلة منبهرة ببهرج الحضارة الغربية، فالتطور بمفهوم أهل البلاد هناك لا بد أن ينسجم مع حاجياتهم و يوافق أصالتهم و يؤسس لمجتمع مسلم متراحم.

هذا و الحكمة التي يواجه بها الأندونيسيين مشاكلهم السياسية من رأسمالية ليبرالية جشعة لا تحترم الإنسان و محيطه الطبيعي، إنطلقت من مفهوم  سنة التدافع، و دفع الشر طبقا لخطة عمل يتعين علي الجميع إتباعها و إحترام إجتهاد عقلاء القوم. فهم أهل حكمة و ليسوا أهل إنفعال و لا تسيطر عليهم الأهواء كما هو حالنا، بسم الله الرحمن الرحيم (قال تعالى: {يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَ مَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة:269])*1

*1 https://ar.islamway.net/article/22211/%D9%85%D9%86-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%85%D8%A9

 

 

قراءة 664 مرات آخر تعديل على الثلاثاء, 20 تشرين1/أكتوير 2020 16:46