(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 25 آب/أغسطس 2022 10:54

عن إسطنبول و العراقة العمرانية الغائبة

كتبه  عفاف عنيبة

كنت أبحث البارحة عن صور لمدينة إسطنبول و قد إستوقفني أمر : هذه المدينة تحمل بصمات العراقة و الثراء العمراني و التاريخي بحيث تبدو عاصمتنا الجزائر مرفأ صغير يفتقر إلي معالم التاريخ العمراني و قد سألت المنتجة التلفزيونية  التركية و العضو المؤسس لحزب العدالة و التنمية التركي عائشة بوهلر أثناء حضورها للجزائر كي تشرف علي حلقة من حلقات الشريط الوثائقي بعنوان "من خلف الجدران"الخاصة بنساء الجزائر، أقول سألتها عن إنطباعها عن مدينة الجزائر العاصمة، فردت علي بدون مجاملة :"الجزائر العاصمة غير جميلة."

كل من زار إسطنبول، يكون قد وقف بنفسه علي ما تتميز به هذه المدينة التي تتقاطع فيها قارتين آسيا و أوروبا و جلنا نعرف في أي ظروف أنتزعت من الإمبراطورية البيزنطية و كيف أبلي البلاء الحسن السلطان محمد الفاتح رحمه الله و جنوده لفتحها و ضمها لدار الإسلام.

و أذكر أيضا ملاحظة ابداها أحد الطلبة الجزائريين الذي شارك في تكوين حررت محتواه بعنوان "المواطنة إلتزام يومي"بالشراكة مع مكتب شبكة التنمية البشرية الجزائري، في ختام التكوين و عند إعطاء الكلمة للناجحين، أبدي رأيه في الفقر المريع الذي نعاني منه كجزائريين من ناحية الإنتماء الحضاري "كأن بلدنا مقارنة بدول الجوار لا هوية عمرانية تارخية له، فالأثار جد قليلة ..."

نعم، نحن  عشنا إستدمار فرنسي لم يحافظ علي كل ما هو عمران من مختلف الإمارات الإسلامية التي تعاقبت في الحكم علي ارضنا من الرستميين، الإدرسيين، الأغلبيين، الفاطميين، الزيريين، الحماديين، إلي الموحدين إلي الزيانيين إلي العثمانيين، نعيش علي أديم هذه الأرض و كثيرون منا لا يتلمسون جذورنا الضاربة فيها و الإستقلال الصوري لم يشهد إعتناء بالتراث العمراني لبلادنا...هذا و غياب الشواهد العمرانية التاريخية عزز لدي الكثيرين الإنطباع أن المغرب الأوسط لم يكن إلا محطة عابرة للدويلات الإسلامية، فلا نجد أمثال جامعة القيروان في تونس و لا جامعة القرويين في المغرب الأقصي...

و هذا الوضع خلق حالة هشاشة نفسية كبيرة لدي فئات واسعة من المجتمع الجزائري، لازلنا نعاني إلي يومنا هذا من ضبابية في تحديد معالم هويتنا، فإذا ما رسمت مواد الدستور الجزائري مكونات الهوية، مثل هذه المكونات لم يستوعبها بعد وجدان الجزائريين و في غياب الوعي الكامل بهويتنا الإسلامية، من الصعب النهوض حضاريا، و إذا ما عدت إلي مدينة إسطنبول، و رغم ما تزخر به هذه المدينة العريقة من شواهد الخلافة العثمانية، يظل سكانها الذين هم خليط من الأجناس و المذاهب الإسلامية و الديانات يحملون في ثنايا كيانهم بصمة العلمانية التي إصطبغت بها تركيا منذ حكم كمال أتاتورك.

 

قراءة 582 مرات آخر تعديل على الأربعاء, 11 كانون2/يناير 2023 20:39