(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الأحد, 17 أيار 2020 08:38

جولة في كتاب "يا بُنيّ".. لاستنشاء أزاهير الربيع وعبير بوحه

كتبه  الأستاذة أم وفاء خناثة قوادري
قيم الموضوع
(0 أصوات)

هي تباريح صباح مشرق بالأمل و البشرى، بجيلٍ من شباب واعد، بغدٍ مبهج لأمتنا، حامل لواءَ الكلم الطيب، في حدائق الأدب و بساتين البيان.
ربيعُ السِّملالي، أو ربيعُ الأدب - كما يحلو لعشاق أدبه أن يسموه – هو ابن مغرب الخير، أديب متفرد، أصيب بالأدب - على حد قوله - مذ نيطت عليه التمائم، رشيق العبارة، سلس الأسلوب، في معان ثرية بالحكمة كأنها الدّر الثمين.
عارك الرَبيعُ الكتبَ وغازل القرطاسَ، و سكب بقلمه مداد البوح فدرأ الدّرن عن القلوب.
و كما عودنا في باقي تآليفه؛ (نبضات قلم)، (على ضفاف الانكسار)، (زاد الأديب)، ها هو الربيع يبهجنا بأزاهيره، فيهدينا و أبناءَنا في كتابه "يا بُنيّ" عصارةَ تجارب أديب، نضجت في معترك الحياة، تتأنق سحرا في عالم البيان.
يبتدئ الربيع نصحه لابنه بقوله: «كن صادقا في انتمائك لهذا الدين العظيم، مفتخرا بكونك مؤمنا، و لا تلق بالا لسخرية و استهزاء و لمز أحفاد أبي جهل و عشاق (أمريكا)!» ليضيف: «قف حيث وقف أسلافنا من الصحابة و التابعين، و لا تكن وقحا في تعاملك معهم و الكلام عنهم كما هي عادة الضلال بن سبهلل الذي يقول: هم رجال و نحن رجال!» «ودعك من الكلام في واقعة الجمل وصفين حتى لا تصاب بمرض التشيع و الرفض الحقير»
«انشغل بما ينفعك من علوم فإن الله لن يسألك يوم القيامة عن أخطاء أمة سادت العالم و نزل فيها القرآن و اختارها سبحانه لصحبة نبيه الكريم صلى الله عليه و سلم»
و في مجال الكتابة يعنون ب(لا تتقعر و لا تتشدق) ليقول: «و ليكن همك قبل الكتابة المضمون و التأثير في نفس القارئ بما سينفعه.. و إياك أن تخدعه و قد منحك ماله و وقته و ثقته فتكون لئيما متمردا..»
أما تحت عنوان "إياك و تصنيف الناس" فيدلي بهذه النصيحة الغالية: «لذلك يا بني، فنحن لا نهتم بالأشخاص بل اهتمامنا بالحق الذي معهم، و الأفكار التي ينشرونها في كتبهم، و يذيعونها في دروسهم.» و يضيف: « و حين تكون بين يدي كتاب حاول ما استطعت أن تنس الكاتب نسيانا تاما و تعامل مع المكتوب الذي أمامك لا غير.»
و عن انبهار أبنائنا بكل وافد عليهم من بلاد الافرنج، نجد منه هذا التحذير: «فإيَّاك إيَّاك أن تكون قردا لا تحسن إلا التقليد يا بني!»
و تحت عنوان" اصبر نفسك مع الكتب" يقول: «اقرأ بتأمل كل عبارة و لفظة من عبارات و ألفاظ العرب الأقحاح حتى تستوعب و تفهم و تستقر هذه اللغة العظيمة في أعماقك» مضيفا: «.. بل مصاحبة الكتب و العيش في أحضانها و سبر أغوارها هو السبيل إلى تفتق الذهن و الخروج من شرنقة الرَكاكة  والعيِّ و الحصر..»
ليعدد بعض أمهات الكتب النافعة التي ينبغي للكاتب الاطلاع عليها.. و من ثم يقول: «فإن لم تفعل هذه الأشياء مجتمعة ف(دع عنك الكتابة لست منها... و لو سوّدت وجهك بالمِداد!)
و ما أجمل دعوته للأمانة في العلم في قوله: «و من بركة العلم كما يقال: عزْوُ القول إلى قائله...»
مستشهدا بمقولة للعلامة عبد الفتاح أبي غدة: «و إني قد التزمت في كتبي صغُرت أو كبُرت، عزْو كل خبر أو جملة، بل كل كلمة إلى قائلها مع تسمية المصدر و تعيين الجزء و الصفحة فيه، أداء للأمانة العلمية، و تمتينا للثقة بالمنقول!»
و في دعوته إلى العمل بما نقرأ و الانتفاع بما نستفيده من بين دفات الكتب يقول: «و صدقوا فالعلم يهتف بالعمل فإن أجاب و إلا ارتحل»
أما عن اقتناء الكتب و تمييز النافع منها عن سواه فيقول: «و لا تكن كحاطب ليل لا همّ له إلاّ الجمع دون تمحيص» ليضيف: «فالإسراف و المبالغة و الفوضى في جمع الكتب أشياء قد تحول بينك و بين المطالعة الرشيدة المثمرة.»
و لا بأس بهذه المقتطفات من نصائحه في هذا المجال: «.. قراءتك للكتاب ثلاث مرات أنفع و أكثر استيعابا لما فيه» «و اسمع ما قاله الإمام الشعبي و ما أدراك ما الإمام الشعبي، و هو يوصي أحد طلابه: إذا سمعت شيئا فاكتبه و لو في الحائط» «لا تكون قراءتك نافعة مثمرة إلا إذا تعاملت مع كل كتاب كما يتعامل رجال التحقيق و المخابرات مع المشكوك في أمرهم من المتهمين.. البحث عن التفاصيل التافهة.. و الدقة في تتبع كل ما يمكنه أن يدلهم على الحقيقة الضائعة.. تمرر عينيك على كل سطر و كل كلمة و كأنك تنشد ضالة فيها مصير إنسان و نجاته..»
و يدعو الأديب السِّملالي إلى الوسطية في النقد فيقول: « ثم يجب ألا يكون صاحب الكتاب عدوا من أعدائك لكي لا يغلبك الهوى على نفسك» ليستشهد بأقوال أهل العلم كمقولة البلقيني: الانتهاض لمجرد الاعتراض من جملة الأمراض.
و كم أعجبني نصحه حين يقول: «لا تكن ثرثارا مهذارا متلافا لهدوء من يحيطون بك، و كن في المجالس كأن على رأسك الطير، و لا تخض مع الخائضين في كل ما يتناولونه من موضوعات تافهة كما هو حال كثير من البطالين من أهل زماننا»
أما عن الصداقة والصديق فيقول أديبنا السِّملالي: «لا تكثر من الأصدقاء و لا تسرف في البحث عنهم، و ليكن الكتاب صديقك و صاحبك في السفر و الحضر، فهو المخلص الدائم، و الأنيس الملازم، إن أحسنت اختياره.»
و لكم أعجبني استشهاده بأبيات عنترة في غض البصر عن نساء الجيران (والقبيلة)، يقول عنترة:
و أغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
إني امرؤ سمح الخليقة ماجد لا أتبع النفس اللجوج هواها
و يعقِّب الربيعُ قائلا: «فانظر - حفظك الله - إلى قوله: لا أتبع النفس اللجوج هواها! فهل ترضى أن يكون أهل الجاهلية الأولى أفضل منك في كبح جماح النّفوس و الأهواء»
و إليك قارئي الكريم هذه الدّرر من وصايا الربيع لأبنائنا: «كن عاقلا... أتدري ما العقل؟! أن تكف أذاك عن المسلمين، و لا تتناول أعراضهم بالثلب، و لا تتبع عوراتهم، و تفرح بزلاتهم، و لا ترض بما لا ترضاه لنفسك و أهل بيتك.. و إياك أن تكون مفتاحا في الشر رأسا في إشعال الفتن و التحريش بين إخوانك، و ملء الصدور بالعداوة و البغضاء و ما إلى ذلك من الأفعال التي هي من خصائص إبليس..» معللا ذلك بقوله:
«فإن لي من العيوب ما يكفي لهلاك أمة، و لست عن نفسي راضيا حتى أتفرغ لذم المسلمين!»
و في الختام إن في كتاب (يا بُنيّ) من اللفتات التربوية، و الفوائد الأدبية، و التوجيهات الحكيمة الصائبة، ما يجعل من هذا الكتاب، أغلى و أثمن هدية يمكن لأب أن يقدمها لفلذة كبده في مناسبات الفرح و النجاح.
وإليك قارئي الكريم، هذه المتفرقات من وصايا الربيع في كتابه "يا بُنيّ" أوشِّي بها نهاية هذا المقال:
«حاول أن يكون جلوسك إلى كتابك كجلوسك إلى ضيف عظيم الشأن و الخطر» «القراءة الجادة للكتب هي أن تقرأ باهتمام متأملا متدبرا، و كأنك تبحث عن شيء نفيس ضائع لك بين السّطور و الكلمات»
«لا تفتح يومك بقراءة الجرائد اليومية، لكي لا يتسلل إلى قلبك اليأس، و يهجم عليك القلق، و تظن بربك الظنون»
«لاتجعل من مكتبة بيتك غابة للذئاب والثعالب، و لا تصاحب من الكتب إلا من كان صاحبه تقيا نقيا، لكي لا يصاب دماغك بانحراف أبدي يصعب على ذويك  و أحبتك انتشالك منه، لا سيما و أنت في بداية طلبك للعلم»

الرابط : https://www.djazairess.com/djelfa/11179

قراءة 935 مرات آخر تعديل على الإثنين, 25 أيار 2020 15:15