(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 28 نيسان/أبريل 2016 07:25

أجب عن رسول الله

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أجب عن رسول الله حين تغدو الأمة قصعة يتداعى الأكلة عليها، و حين تتشرذم الأمة و تغدو نثراً، تتقاذفها رياح الفرقة و تطوح بها في غياهب التخلف و الانقسامات و التناحر، و حين تصبح الأمة بتاريخها و ماضيها و عراقة جذورها، ملكا لغيرها من الأمم توجه مسارها، و تتحكم في مقدراتها و تتدخل في نظام حياتها و تهز أمن منظومتها القيمية العقائدية، فإن ذلك يعني أنها توشك أن تصبح أمة بلا قوام و لا مضمون يبوأها مكاناً مهابا بين الأمم، فيكسرها الضعف و ينخر كيانها سوس الوهن، و تتلاعب بها الأهواء و العصبيات، و تتراخى سلسلة الإخاء و التوحد فيما بينها، و حين تسكت الأصوات الحكيمة التي ترتفع هنا و هناك، محذرة من آثار هذا الاستسلام المخجل، فلا تلقى إلا صداها الممزوج بالاستنكار و التشكيك و التهميش و الإسكات، فلا يبقى للأمة إلا فضاء عدوها المسموم، و سراب الأوهام الخادع، و تنهار مقومات بقاءها و تفردها، فتسقط هامدة جسدا بلا روح خواء من كل أسباب البقاء.

و لأننا أمة متميزة المنهج، ربانية التشريع فإن سنة الله فينا اقتضت ألا تقوم لنا قائمة و ألا تبقى لنا ريح طيبة تملأ رحاب الكون عدلا و رخاء و أمانا، إلا بإقامة شرعه، و التمسك بحبله المتين، و لكي تبقى الصلة بيننا و بين الله - تعالى -موصولة، و لكي لا يخيب رجاؤنا بحسن المآل و المصير، علينا أن ننافح عن عقيدتنا و وجودنا و مقدراتنا و كياننا، فالأمر يقتضي منا تسخير كافة جهودنا و إمكانياتنا، في خدمة ديننا الذي هو عصمة أمرنا و رفعة شاننا و قوام تميزنا، دون أن نستثني باباً واحداً من أبواب الرفعة إلا و طرقناه، و لا طريقنا يوقظ الأمة من غفلتها إلا و سلكناه، و لنا في رسولنا - صلى الله عليه و سلم - و أصحابه رضوان الله عليهم أسوة حسنة، و أنموذجاً مشرقاً، تاتلق سطور مجده و تشرق شمس حضوره أبد الدهر، حتى يرث الله الأرض و من عليها.

لقد فتح النبي القائد - صلى الله عليه و سلم - لأمته أبواب العمل، و خاض بهم لجج التميز، و حلق بهم على أشرعة التقوى و النيات الخالصة، و حط بهم في ساحات الدفاع عن دين الله، و إرساء دعائم التوحيد، و لم تكن المسيرة سهلة، و لا الدرب مفروش بالزهر و الريحان، و لكن الإخلاص القيادي، و التفاني في روح الفكرة التغييرية الجادة الرحيمة، و وضوح القصد، كل ذلك جعل من ذلك الجيل الفريد مثلا على الإبداع الرسالي، الذي قام بإرسائه جيل الصحابة رضوان الله عليهم، بحب خالص للفكرة، و إخلاص و همة عالية، من أجل إنجاح المشروع المتكامل الحكيم، الهادف إلى نزع مسحة الشقاء و المذلة عن وجه البشرية المبتلاة بعبادة غير الله في ذلك الزمان، و ما جره عليها ذلك النسق القاصر الظالم الجاهلي، القائم على العقائد الفاسدة و المؤلهة لغير الله جل شانه، و عبادة سواه من الخلق بكل أطياف المخلوقات و ألوانها، و لأن الرسالة شاملة، و الدرب صعب شاق، و العدو عنيد مكابر، و الفكر السائد فرعوني الوجه و اليد و العقيدة، فقد أطلق القائد المعصوم من الزلل العنان لأمته، كي تسخّر كل إمكانياتها في إرساء قواعد دينها الحنيف، و الجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الحق دون قيد او شرط، اللهم إلا ما كان مخالفا لثوابت الشرع باعثا للفتن مركسا للعمل و العاملين. فمن ميادين السيف و النزال، إلى مجالس الإقناع و الجدال، إلى آفاق الشعر الجزلة الندية المؤثرة، و عبر أعنّة البلاغة الساحرة، ركب الدعاة إلى الله أجنحة التبليغ بكل مجالاتها المتاحة، في ذلك الزمان، آخذين بزمام ما أتيح لهم من وسائل الإعلام و التأثير، ليكون ذلك درساً للأمة أن لا تدع مجالاً يخدم دينها، و ينصر فكرتها، و يقيم أمرها، و يقوي و يوضح حجتها، إلا و أخذته بقوة و التزام و جد و اصطبار.

تلك هي مكة و رمالها اللاهبة و ترابها الطاهر العابق بمسك الشهداء من آل ياسر و إخوانهم، ممن أطعموا دعوة الله لحومهم، و رووها بدمائهم، فأينعت جنان الرحمة بعد سنين معدودة، لتقول لكل مجاهد في سبيل الله، دمك امتداد دمائنا و عطر روحك مداد جراحنا، نحن شهداء الرأي و العقيدة، و الحرية المصادرة، و الإرهاب الفكري في زمن الفراعنة الممتد من أول الزمان إلى آخره، و لكن البشارة حية مستمرة (( صبرا يا آل ياسر فان موعدكم الجنة))، و تلك هي بدر ملحمة البطولة و الطعان، و التعبير الواضح عن الانتصار بالقوة على من بدأ بالاعتداء، فوجد الرد الرادع القوي، و أصبح الانتصار قصائد يترنم بها المغلوبون في انتظار سعة الإنصاف، و ها هو المنبر النبوي في المدينة، تنطلق من عليه أنوار الهداية و تسير من خلاله أمور الدولة، و في ساحته ينشد كبار الشعراء أبلغ القصائد، توحيداً و تمجيداً لله، و توضيحاً لأدق و أوسع مجالات الحياة الجديدة، و منه تنطلق جيوش الفتح، مؤتة و تبوك بوابة الشام و طريق بيت المقدس، و ترسل الرسائل الطيبة من محمد رسول الله إلى الملوك و الأمراء، و القائمين على أمور العباد، يدعوهم إلى ما أمره الله به، أن يخرج الناس من عبادة العباد، إلى عبادة رب العباد، و يفوض الدعاة من فقهاء الصحابة بالسير مع الوفود إلى ديارهم لتفقيههم في الدين، كي لا تكون جزئية صغيرة إلا واضحة، و لا حكما إلا مجلواً، إنها الأمانة يبلغها الأمين لأمته، وفق الأمر الذي لا يعرف احتمالات التأويل ( يا أيها النبي بلغ ما أنزل إليك من ربك) إنه باب آخر يطرقه الإسلام، حريصاً على أن تبقى كلمة الله مسموعة عليا مطاعة، محفوظة جيلاً بعد جيل، و تمتد الألسن الحاقدة تشحنها العقول الخرقاء، تمتد بالهجاء و الحط من شأن التغيير الجديد، و الفكر الوليد، و الصفحة الإنسانية الجديدة المشرقة، فيقوم الخطباء بدورهم و يتألق الشعر لآلئ في عقود منظومة بحبل الله، إنه سحر البيان، و جميل المعنى، إنها العقيدة التي أطاحت بما سواها من المعتقدات، و أحالتها رماداً لا أثر له في القلوب التي زكاها أهلها بالتوحيد، و صقلوها بالحب الخالص لرسولهم الحبيب، فانطلقت الألسن الذاكرة تمتدح الرسول - صلى الله عليه و سلم - بما هو له أهل، و تمجد الدين الحنيف بما يحمله من قيم و رحمات، و تخرس تلك الألسن الأفعوانية الحاقدة، و يسر الرسول - صلى الله عليه و سلم - و هو يرى البلغاء من أصحابه و الشعراء المبدعين يستخدمون موهبتهم بذكاء في الذب عن عرض رسولهم - صلى الله عليه و سلم -، و يدافعون عن عقيدتهم، و يقر هذا المنهج في أصحابه، بل و يدعوهم إلى التوسع في استخدامه، و ها هو حسان بن ثابت يقف طوداً أدبياً و بلاغياً شامخاً، ينافح عن الله و رسوله و يحظى، بوسام قل نظيره (( إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن الله و رسوله))، و يستمر التكريم حتى ينيبه الرسول - صلى الله عليه و سلم - في اجابة اهل الضلالة عنه فيقول له: (( اجب عن رسول الله)) و يكون التكليف الرفيع وقوداً لإبداعات ظلت على مر الأيام محطات دفاع عن رسولنا و ديننا و عقيدتنا، (( أنا لها يا رسول الله و الله ما يسرني به مقول بين بصرى و صنعاء)) و يبدع الشعراء من قلوبهم و تتألق كلماتهم دراً و لألاء و نور، إنه الأخذ بكل مجالات التبليغ و النصرة، و الطرق على كل أبواب الارتقاء كلها معاً، و كلها بنفس الأهمية، و كلها بذات التأثير، فإذا أردنا أن نتخلص من حالة الشرذمة و الضعف و التمزق الفكري، و حالة الاتهامات المتبادلة و إسقاط الخطأ أحدنا على الآخر، فانه لابد لنا من إعادة النظر في منهجية الرد و الإجابة عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، و تمحيص الوقائع و دراسة المنهج التبليغي التوحيدي الجامع الموحد في ذلك العهد الزاهر المشرق، الذي حسن تبليغه و بدع أداؤه، و خلص لوجه الله عمله و جهاده، و حتى صار الواحد فيه يحمل لواء الإجابة الشافية عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم -، و لكي يصبح كل منا أهل للرد و الإجابة و الدفاع عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - علينا أن ترتقي مراقي الهدى و نحث الخطأ إلى ذروات الجهاد بنوعيه الأصغر و الأكبر ( محمد رسول الله و الذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله و رضواناً).

الرابط: http://islamselect.net/mat/94773

قراءة 1851 مرات آخر تعديل على الجمعة, 29 نيسان/أبريل 2016 06:06