(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
السبت, 26 أيار 2018 09:55

أحبّوا الله من كل قلوبكم

كتبه  الأستاذة رقية القضاة من الأردن الشقيق
قيم الموضوع
(1 تصويت)
في شهر القرآن و ليالي القيام و نهارات الصيام، نستذكر وصية الرسول صلى الله عليه و سلم لأصحابه و هو يوصيهم بحب الله و رسوله و تلاوة كتابه آناء الليل و أطراف النهار.
 في أول خطبة له بالمدينة، خطب المصطفى صلى الله عليه و سلم في أصحابه فقال فيما قال: إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زيّنه الله في قلبه، و أدخله في الإسلام بعد الكفر، و اختاره على ما سواه من أحاديث النّاس، إنّه أحسن الحديث و أبلغه، أحبّوا من أحبّ الله، أحبّوا الله من كل قلوبكم، و لا تملّوا كلام الله و ذكره و لا تقس عنه قلوبكم، فإنه من يختار الله و يصطفي، فقد سمّاه خيرته من الأعمال، و خيرته من العباد، والصالح من الحديث، و من كل ما أوتي النّاس من الحلال و الحرام، فاعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا، و اتقوه حق تقاته، و اصدقوا الله صالح ما تقولون بأفواهكم، و تحابّوا بروح الله بينكم فإنّ الله يغضب أن ينكث عهده، و السلام عليكم و رحمة الله وبركاته.
 كانت الكلمات البليغة تستكين لها القلوب المؤمنة، و تترقبها لتعمل بمضمونها و تبادر إلى إنفاذها، و الصحابة يدركون أنه صلّى الله عليه و سلم لا ينطق عن الهوى، و يؤمنون حق الإيمان أن هذا الهدي هدي الله، و أنّه سبيل النجاة، و مبعث رضى الله و رسوله، و يدركون ان كلام الله هو من انتزعهم من ربقة الجهل و الجاهلية، و تلامس كلمات الحبيب قلوبهم الوجلى المخبته، أن يحبّوا الله؟ و أن يحبّوه من كل قلوبهم ؟ و أي شيء أحب إليهم من الله ؟ و هل بقي في قلوبهم الطيبة الطاهرة موضع لم يملأه حبّ الله و رسوله ؟  و أي هول تحمّلته أبدانهم و نفوسهم لأجل هذا الحب؟
 إذن فالمطلوب أن لا تبقى في قلبك مساحة إلا و ملأتها بمحبة الله، و أن يحّبوا من أحبّ الله ؟ و هل ائتلفت قلوبهم، و توثقت أخوّتهم، و افتدى أحدهم أخاه، و قاسمه ماله دون منّة و لا استكثار بهذا الحب ؟ لقد فاضت قلوبهم بحب الله و رسوله و المؤمنين، بفضل الله سبحانه، و ها هو رسول الله صلى الله عليه و سلم يؤكد لهم في أول خطبة له في المدينة أن ما هم عليه من حب الله و رسوله و من أحب الله هو طريق المؤمنين الأصفياء، أولئك اللذين باعوا لله أرواحا تعلّقت به و أبدانا أرهقوها في سبيله، و جعلوا من مشاعرهم مشاعل تهديهم إلى كل خير و تنير لهم الدرب الذي اختاروه بصدق منهجا و معاشا و معادا، و لتكون هذه الكلمات رسالة منه صلى الله عليه و سلم إلى أمته الباقية التي ستتلو هؤلاء الأطهار و تخلفهم على عهد الله و شرعه، و أن يتلوا كتاب الله ؟ و هل استقامت حياتهم و اطمأنّت قلوبهم إلّا بهذه الكلمات الطاهرة؟
 إنهم يصغون إلى الرسول صلى الله عليه و سلم بتصديق و إنابة و استسلام، و يدركون معنى كل كلمة يقولها و يلمسون أثرها في حياتهم، و كيف لا يختار المؤمن كلام الله على ما دونه من كلام النّاس ؟ فكلام البشر غثّه و سمينه، يظل كلاما بشريا، قابلا للخطأ و الصواب، و أحاديث الناس لا تعدوا ان تكون أحد أمرين صدق أو كذب، لغو أو مفيد، موزون بميزان الحسنات أو بميزان السيئات، فكيف لا ينبّه و يذكّر الرسول صلى الله عليه و سلم أمته، بأن تأخذ بخير الكلام و تدع ما سواه، و أن تتخذ من القرآن منهج حياة و طمأنينة قلوب، و شفاء أبدان، و تزكية نفوس، و جلاء همّ، و منجاة من النّار، و هو حق كلّه و هدى و خير [لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه].
و يحلّق بهم المختار صلى الله عليه و سلم في آفاق العمل الصالح و القربات الطيبة، يحبب إليهم تلاوة كتاب الله ليعرفوا من خلال آياته الكريمة حدود الحلال و الحرام، فيأخذوا الطيبات و ينتهوا عن الحرام، و يستبرؤا لدينهم و أعراضهم و مشاعرهم، فلا يقربوا ما حرم الله، و لا يحرّموا ما أحلّه لهم، و هم في هذا لا يمنحوا أنفسهم حق الخيرة من أمرهم إّذا ما قضى الله و رسوله أمرا، فحب الله و رسوله متمكن من مجامع القلوب، مقيم في أعماق النفوس، يحرس المشاعر و ينقيها و يطهّرها، فتسمو و ترتقي و تحلّق في عالم الطهر و اليقين و الرضى الكامل و التقوى هي المعيار الذي يقيسون به مقدار قربهم من الله، و محبتهم الخالصة له، فيعبدونه بغاية الإحسان و كأنهم يرونه، و يستشعرون معيته و يستحيون منه سبحانه حق الحياء، و هذا هو الحب الذي أراده لهم الله و رسوله، لكي يكونوا أهلا لحب الله و رضاه و عطاءه و فضله و جنته.
 و تمتد المعاني الطيّبة في الكلمات البليغة، لتشكّل منظومة من الحب المتصل، فحب الله و رسوله عقيدة مستقرّها سويداء الأفئدة، و نتائجها جميلة رائعة، فالحب يولّد الحب، فأحبوا الله و اصدقوه القول و العمل، و لا تكن المشاعر متناقضة مع الألسنة، و لتتوحد لغة القلوب و الأفواه، في حروف صيغة من الصدق و جبلت بالإخلاص و انطلقت بالطيّب من القول و الجميل من الفعل، و لتستشعروا روح الله في قلوبكم و لتتحابّوا بهذه الروح المباركة، و يظل خطاب الرسول صلى الله عليه و سلم، منارا لأمته، تهتدي به، كلما حلك ليل أيامها، و تشرذمت حلقاتها، فتعود لتتوحّد على حب الله و رسوله، و تجتمع على كلمته الطيبة، {كتاب الله} و تهتدي بخير الهدي{سنّة محمّد } صلى الله عليه و سلم، و تتوثّق عرى لحمتها على عهده و وعده ما استطاعت إلى ذلك سبيلا دون نقض لعهده و لا خلف لوعده، لتستحق امة الإسلام وسام المحبة و التآلف و التوادّ و التعاطف، فيما بينها، و ما حولها، فهي أمة المحبة و الرحمة و الخير الذي يتسع لكل بني البشر و يمتد ليحوط جميع الخلائق، و ليسمّى نبيها صلى الله عليه و سلم.{نبي الرحمة}.
[الّلهم ارزقنا حبّك و حبّ من أحبّك و شفّع فينا نبيّك يا رب العالمين] 
قراءة 2573 مرات آخر تعديل على الخميس, 07 حزيران/يونيو 2018 12:00