(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الإثنين, 27 آب/أغسطس 2018 16:30

هكذا أفهم الاختلاف

كتبه  الأستاذ عبد العزيز كحيل
قيم الموضوع
(0 أصوات)

أكره لكن ... : أكره الكفر، أما الكفار فأحبّ لهم الهداية و أرجو أن أكون ممّن يجلبونها لهم و أدعو الله أن يهديهم، لماذا ؟ لأنهم إخواني في الانسانية، من نفس التراب و الأبويْن، و لولا فضل الله عليّ لكنتُ مثلهم، فأنا أحبّ الهداية للناس جميعا، يسرّني أن يدخلوا  الجنة لا أن يُلقوا في النار ... هذا ما تعلمته من الهدي النبوي، ان أبغض الفقر و أحب الفقراء.

و أكره المعاصي، أما العُصاة فأشفق عليهم، أحاول دعوتهم إلى التوبة و أدعو الله أن يهديهم لتكثير سواد المسلمين و إغاظة الشيطان، لا أنتقص من قدرهم لأني أخشى أن تكون ذنوبي أبغض إلى الله من ذنوبهم، فلستُ راضيا عن نفسي حتى انتصب قاضيا عليهم، إنما أنا إنسان ضعيف و داعية بالحسنى.
الدنيا تموج بالاختلاف، هكذا خلقها الله تعالى، و بأضدادها تتمايز الأشياء، تختلف الأديان و الأفكار و الآراء و الثقافات و الميول و الأذواق و الألوان، فأعدّ هذا مصدر ثراء لبضاعتي العلمية و لرحلتي في الحياة الدنيا، لا أطلب من أحد أن يكون صورة طبق الأصل مني – حتى أبنائي – و لا أتعاون مع من يوافقني في كل شيء فحسب بل ألتقي مع أي كان في أي حيّز نتفق عليه لننجز عملا مفيدا نافعا إن لم يكن للإسلام فللبشرية، و أبقي أناقش و أحاور و آخذ و أردّ فيما اختلفنا فيه، و قد أغيّر رأيي و قد يغيّر الآخر رأيه، و الدنيا تتسع للجميع، و لو شاء الله لجعل البشر على دين واحد و رأي واحد و مذهب واحد، و إذًا لا تكون دنيا.
إنما أبغض الظلم و الظالمين و العدوان و المعتدين، مهما كان الظالم و مهما كان المظلوم، هنا أنتفض و لا أهادن، أقاوم  باليد و اللسان و القلب، لا أسكت و لا أتغافل، مهما كان دين الظالم و مذهبه، و هل للظلم دين أو مذهب ؟ و الجهاد في الاسلام ليس قتال الكافر و إنما قتال الظالم، أي هو انتصار للحق و العدل و الحرية ضد الجور و التسلط و القهر، أما العقيدة فلا يحاسُب عليها الناس في الدنيا – فضلا عن أن يقتَلوا – إنما أمرها إلى الله يوم القيامة، و قد عايش الرسول صلى الله عليه و سلم الأديان الموجودة و لم يحمل السلاح لجعلهم مسلمين بل لردّ عدوانهم الواقع أو الوشيك.
كلّ ما سبق هو ما يقتضيه القلب السليم و الفهم الصحيح و الإحساس بالمسؤولية نحو البشرية : " لتكونوا شهداء على الناس "، و لن تقوم لنا قائمة أخلاقية إلا إذا التزمنا بهذه الثقافة و أشعناها، و هذا هو الاسلام الذي شوه صورتَه التطرف و التشدد على غير بصيرة، رغم أن ذلك ما ينضح به القرآن و السنة ... إنها موازين الاعتدال و الوسطية الاسلامية.
·       ماذا يعني الاختلاف ؟ : إن اختلافي مع أي كان لا يعني أبدا أني أريد إلغاء وجوده أو أنه يمثل الشرّ المطلق و لا خير فيه إطلاقا، لا ثم لا، إنما تعلمت من كتاب الله و سنة نبيّه صلى الله عليه و سلم أن أرفض اعتداءه المادي و الفكري على عقيدة المسلمين و أرضهم، فهو حرّ إذا أصرّ على فكر أرى من وجهة نظري أنه مخالف للحقيقة، لكن أرفض أن يتوسّل بالدسائس و الألاعيب من أجل التشويش على منظومتنا الدينية و الأخلاقية و الثقافية و بثّ فكرته المخالفة لها.
أنا لا أكره اليهود لأنهم يهود و لكن لأنهم معتدون على أرضنا العربية الاسلامية، و المسالم منهم أعامله كإنسان اقتداء بالرسول صلى الله عليه و سلم.
يحقّ للمسيحي أن يبقى على مسيحيته و البوذي أن يتمسك ببوذيته و كذلك الهندوسي و السيخي و الملحد، فالله هو الذي يتولّى محاسبتنا و إياهم على عقائدنا و أعمالنا يوم القيامة، أما في الدنيا فنرفض عدوانهم، نرفض بثّ سموم التنصير بيننا ( و لو كان المنصّرون جادين و صادقين لوجب عليهم أن ينصّروا البلاد الغربية أولا لأنها تمخر في إلحاد صريح قبيح ).
أنا لا أطلب من الشيعة ألتخلّي عن دينهم و إنما أطلب منهم الكفّ عن إيذائنا من خلال الطعن في رموزنا الدينية من جهة و محاولة تحويلنا إلى التشيع من جهة أخرى، فلا شيء يؤلمنا كالتجنّي على أبي بكر و عمر و عائشة و الزعم ان القرآن الذي بين أيدينا ناقص، و بلادنا عاشت محصّنة ضدّ التشيع الذي حكمها رغما عنها زمن العبيديين، فلما رحل لم يبق له ظلّ و لا أثر و الحمد لله، تماما كما في مصر بعد الفاطميين.
و إذا رأى بعضهم أن يركبوا موجة إنكار السنة النبوية فهم لا يمثّلون أي خطر على مرجعيتنا و ثوابتنا و إنما تتصيّد دعايتهم ضعاف النفوس و المستوى الذين تستهويهم " المودة " الجديدة من اللباس و تسريحة الشعر إلى الأفكار الشاذة، فلا تعني مخالفتهم أننا نريد قتلهم بل نتوجّس منهم و نحذّر و ندعو الله أن يهديهم.
و خلافي مع الوهابيين الذين يسمون أنفسهم  " سلفيين " لا يجرّني إلى تكفيرهم، معاذ الله، و مشكلتي ليست مع عقيدتهم و إنما مع غلوّهم الذي يفسد صورة الاسلام و مع أخلاقهم المتنافية مع الهدي النبوي، أنا لا أدعو إلى اقتلاع جذورهم و لا أطالبهم بأن يصبحوا أشاعرة او مالكية، أنا أرفض محاولتهم تحويلنا إلى المذهب الحنبلي و الولاء لآل سعود و اتخاذ تقاليد عربية ( بل أعرابية ) معينة  أحكاما شرعية ملزمة.
مع كل هؤلاء أنا ألتزم القاعدة الذهبية " نتعاون فيما اتفقنا عليه و يعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه " ...و من رفض هذه القاعدة الشرعية الانسانية فقد أقصى نفسه.
·       ربح و خسارة : ماذا نربح و ماذا نخسر لو التزمنا هذه المعاني ؟ كان سيزول التطرف الديني و يربح المسلمون أكثر من غيرهم مساحات شاسعة على مستوى القلوب و المصالح، بل سيسود الوئام النسيج الاسلامي الداخلي الذي أنهكته النظرة السوداوية للدين و الحياة و الآخر مهما كان، فانتشر البغض " في الله " على حساب المحبة التي تدخل القلوب بغير استئذان، و ليس هناك شيء أفسد ثقافة التعايش مثل مفهوم " الولاء و البراء " حين تناوله من ليس له تصوّر مكتمل عن الاسلام فجعل منه معول هدم  لا يبقي و لا يذر.
قراءة 1243 مرات آخر تعديل على السبت, 01 أيلول/سبتمبر 2018 08:29