(function(i,s,o,g,r,a,m){i['GoogleAnalyticsObject']=r;i[r]=i[r]||function(){ (i[r].q=i[r].q||[]).push(arguments)},i[r].l=1*new Date();a=s.createElement(o), m=s.getElementsByTagName(o)[0];a.async=1;a.src=g;m.parentNode.insertBefore(a,m) })(window,document,'script','//www.google-analytics.com/analytics.js','ga'); ga('create', 'UA-60345151-1', 'auto'); ga('send', 'pageview');
طباعة
الخميس, 01 تشرين2/نوفمبر 2018 15:04

لا تلعب بدينك

كتبه  الأستاذة كريمة عمراوي
قيم الموضوع
(0 أصوات)

" إذا كنت لاعبا فإياك أن تلعب بدينك"

القرطبي رحمه الله

ليس بعد فوات الله تعالى ربح، و لا فوز و لا فلاح، إذا فزت بربك فلا يضرّك شيء.

هذا العمر، عمر واحد، إمّا أن تقضيه في طاعة، و إمّا أن تقضيه في معصية، و إمّا أن تنتقل بين الطاعة و المعصية، قال بعض أهل العلم " من ترك السنّة أكثر التنقل"، كل يوم له طريقة، كما يجتمع في المرء الواحد المعصية و الطاعة، تجتمع فيه العقوبة و النعيم، هذا هو رأس المال، ليس بعده شيء. الإنسان يحرص على هذا الدّين، ليس له عوض، كل شيء له عوض، العبد يعبد الله بما شرع مثال على ذلك : صلاة المسيء صلاته، فهو صحابي جليل أراد الخير، و لكن ما عرف حقيقة هذه العبادة على الوجه المشروع، فقال  له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ارجع فصلي فإنّك لم تصل).

 القصور في العلم ترد به العبادة رغم حسن النيّة، هذا يدل على أثر العلم في قبول العمل.

جاء في سورة العصر أمر الله تعالى بالصبر ( و تواصوا بالحق و تواصوا بالصبر)  العصر3، و الصبر يكون على العلم، و على الدعوة، و على العمل، و على كل ذلك، المسلم يصبر على الدين كله، الصبر هو حبس النفس، و يدلّ على القيام عليها، و أخذها بالعزيمة على ما يحقق المصلحة، الصبر يكون على مخالفة  هوى النفس، و يكون على تحقيق مصلحة، فهكذا كل من طلب شيئا عظيما يحتاج إلى صبر لتحقيق تلك المصلحة، و ينقسم إلى ثلاث أنواع : الصبر على طاعة الله، و من لا يصبر على الطاعة مختارا عابدا، صبر على جزائها معاقبا مقهورا، ليس له اختيار في هذه العقوبة قال الله تعالى:( اصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم) 16الطور، و هو في الحقيقة لا صبر له عليها، و هذه حقيقة شرعية على كل مسلم أن يستحضرها.

الثاني: هو الصبر على المحارم و المعاصي : الصبر على لذّة المعصية، و هذه المعاصي زيّنها الشيطان، و من حكمة الله أنّه ما حرّم شيئا إلاّ أحلّ شيئا آخر مكانه، المؤمن ثقته بثواب الله أعظم من ثقته بما في يده، و لهذا لما تنازل الحسن عن الخلافة لمعاوية جمعا لكلمة المسلمين، جاءه رجل يجهل بمراده فقال:" يا مخذّل المؤمنين" فقال الحسن:" خذلان الدنيا و لا خذلان الآخرة"  فأعطاه الله عز الدنيا و الآخرة، كما أخبر جدّه صلى الله عليه و سلم أنّه سيّد شباب الجنة مع أخاه الحسين، أما عز الدنيا فهو ممدوح على لسان كل مؤمن، قال ابن تيمية رحمه الله :" المهدي من نسل الحسن بن علي رضي الله عنه " خليفة في آخر الزمان يملأ الارض عدلا، بعد أن ملأت جورا و ظلما، و في الآخرة يجمعهم الله في الجنة، هكذا من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.

الثالث : الصبر على أقدار الله تعالى: الصبر على أقدار الله تعالى و هو غير النوعين الآخرين، المؤمن معرّض لهذه الأنواع الثلاثة، و هي اختبارات، فإذا صبر رفعه الله عزّ و جل، و الذي يصبر في هذه الثلاثة فهو المؤمن الممحّص.

 المؤمن العاقل ينظر إلى ماله عند الله تعالى، لا يلتفت إلى رضا الناس و إلى الدنيا، و إن كان هناك خذلان، فخذلان الدنيا و لا خذلان الآخرة، إذا كانت هناك فضيحة ففي قوم من الأقوام، و عصر من العصور، لكن يوم القيامة تكون على رؤوس الأشهاد ، في ملأ عظيم، يشهد هذا الأولون و الآخرون، و الأنبياء، فضيحة عظيمة، و ينصب لكل غادر لواء  الغدر، يقال هذه غدرة فلان ابن فلان، الرجل إذا عرف الحق يجب أن يصدع به و يردّ الباطل و من جاء به.

 جمع الله بين صفات المفلحين، و صفات الخاسرين في سورة العصر، و من تمسّك بالمسائل المذكورة فيها، و هي الإيمان و العمل الصالح و التواصي بالحق و التواصي بالصبر، نجا من الخسران، على قدر تكميله لهذه الخصال، و كان له الربح، و على قدر تقصيره كان له الخسران.

الأصل في الإنسان الخسران إلا من حقق هذه الخصال، و الأصل في الإنسان الضلال لقوله تعالى في الحديث القدسي ( يا عبادي كلكم ضال ألاّ من هديته فاستهدوني أهدكم).

تتحقق نجاة العبد بامتثال هذه السورة، الإيمان هنا يشمل كل شعب الإيمان، إذا حقق العبد الإيمان و العمل الصالح، و التواصي بالحق، و التواصي بالصبر، تحققت له النجاة و السعادة في الدنيا و الآخرة. اعلم رحمك الله  أن الدين ليس بتكليف، و هذا المصطلح ردّه بعض اهل العلم، قال تعالى ( ما جعل عليكم في الدين من حرج)الحج 78، و قال صلى الله عليه و سلم 5 إنّكم أمة أريد بكم اليسر و لم يرد بكم العسر) و هذا أصل مقرر عظيم و قال صلى الله عليه و سلم : ( أحب العمل إلى الله أدومه و إن قل)  أحب العمل إلى الله تعالى ما كان على وجه الاقتصاد، و التيسير، دون ما كان على وجه التكلّف، و التعنت، و التعمّق. العبادة مبناها على الاقتصاد، و ان يأخذ العبد من العمل ما يطيق، على وجه الاقتصاد و المقاربة.

بالاقتصاد يحصل الدوام، و المشقة سبب للانقطاع، و من انقطع فقد فاته الأجر، التكلّف يورث الملل، و الملل ينقص الأجر، أو يذهب به، كما جاء في الحديث القدسي : ( لا يمل الله حتى تملّوا) و الملل هنا هو قطع الأجر من الله تعالى.

الملل ينافي التنعم بالعبادة، و العبادة هي لذة  و سرور للعبد، و بقدر اللذّة يحصل له الأجر، و إذا كره العبد العبادة نقص أجره، على قدر كرهه للعبادة ينقص الأجر، أو يذهب به بالكلية،.

 قوله صلى الله عليه و سلم:( القصد القصد تبلغوا)أي تبلغوا رضا الله، و ما أردتم من العمل، و الاجر و الثواب.

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله:"  جميع ما تلقته الأمة من الرسول صلى الله عليه و سلم  حق لا باطل فيه، و هدى لا ضلال فيه، و نور لا ظلمة فيه، و شفاء و نجاة، و الحمد لله الذي هدانا لهذا و ما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله ".

قراءة 1667 مرات آخر تعديل على الخميس, 08 تشرين2/نوفمبر 2018 09:49